مزيداً من الإهتمام بآداب اللغة العربية يا معشر العرب.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال شاعر النيل حافظ ابراهيم(1870م-1932م) على لسان اللغة العربية وهي تنعي حظها بين أهلها:


رجعت لنفسي فاتَّهمت حصاتي && وناديت قومي فاحتسبت حياتي


رموني بعقم في الشباب وليتني && عقمت فلم أجزعْ لقول عداتي


ولدت ولمَّا أجد لعرائسي &&رجالاً وأكفاءً وأدت بناتي


وسعت كتاب الله لفظاً وغاية && وما ضقت عن آيٍ به وعظات


فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة && وتنسيق أسماءٍ لمخترعات


أنا البحر في أحشائه الدّر كامنٌ && فهلْ ساءلوا الغواص عن صدفاتي


فياويحكم أبلى وتبلى محاسني && ومنكم وإن عز الدواء أساتي


فلا تكلوني للزمان فإنني && أخاف عليكم أن تحين وفاتي


أرى لرجال الغرب عزاً ومنعةً && وكم عزَّ أقوام بعزِّ لغات


أتوا أهلهم بالمعجزات تفنّناً && فياليتكم تأتون بالكلمات

هكذا قال الشاعر حافظ ابراهيم رحمه الله, يمثل بشعره فكراً ومنهجاً هاماً...

فمن الواجب علينا معشر المثقفين العرب أن نهتم بلغتنا العربية ونتقن قواعد اللغة من إعراب ونحو وبلاغة وعلم كلام ونثر وشعر وكتابة مقال بأسلوب شيق جذاب...الخ,,,

لم لا ونحن من حمل الأمانة ومن خصنا المولى باختيار العرب ولغتهم لنشر تعاليم الدين الحنيف..وباختيار النبي العربي,واللغة العربية مداداً ولغة للقرآن الكريم حتى قيام الساعة..

لغتنا العربية,لغة القرآن الكريم,قادرة على تعريب كل المفردات والمسميات بحياتنا اليومية وذلك لما تتصف بها من صفات حباها الله تعالى وحفظها إلى يوم القيامة بكتابه تعالى القرآن الكريم...

ومن قال بأنها غير قادرة على مواكبة العلم والطب وغير قادرة على تصدير الإشتقاقات اللغوية فهو بلاشك مخطىء تماماً...

يُدَرَّس الطب بسوريا قلب العروبة النابض منذ مائة سنة تقريباً باللغة العربية, وعلماء النفس وجدوا أنه يمكن حصول الفهم والإدراك للعلم بشكل ممتاز لو كان يدرس بلغة القوم..وتخرج آلاف الأطباء من سوريا وهم على فهم ووعي طبي وتفوق علمي ومتابعة للتخصصات بشكل لا غبار عليه...ولو رجعنا إلى تاريخنا الإسلامي لوجدنا ما يلي:


ولنأخذ أراجيز ابن سينا مثالا ,فلابن سينا سبع أراجيز في الطب هي:-


ا- أرجوزة في التشريح مطلعها:
الحمد الله على تهذيبي وعاصمي من أمم تهذي بي


2- أرجوزة في تدبير الصحة مطلعها:
الحمد الله اللطيف الكافي الواحد الفرد الحكيم الشافي


3- أرجوزة في الوصايا الطبية 71 بيتا مطلعها:
- أول يوم تنزل الشمس الحمل تشرب ماء فاترا على عجل


4- أرجوزة في المجربات الطبية في خمس وثلاثين ومائة بيت مطلعها:
بدأت باسم الله في النظم الحسن اذكر ما جربته طول الزمن


5- أرجوزة في الفصول التي فيها تناول الطعام مطلعها:
يقول راجي ربه ابن سينا ولم يزل بالله مستعينا


6- أرجوزة في حجر الذخيرة وتسمى أيضا أرجوزة في ألباه مطلعها:
يا سائلي عن وجع في الوسط ونقطة تأتي له لم تخطى


7- أما الأرجوزة السابعة أشهر الأراجيز وأطولها والمسماة بألفية ابن سينا في الطب ولو أنها تحتوي على ألف وثلاثمائة وعشرين بيتا وموضوعها حفظ الصحة ومطلعها:
الطب حفظ صحة برء مرض ومن سبب بدن عنه عرض
ونلاحظ أن ابن سينا ضمن المطلع أقسام الطب الخمسة- الأسباب (الايتولوجيا) وعلم المرض االباثولوجيا)، والأعراض (عنه عرض) والوقاية (حفظ الصحة) والعلاج (برء)


اذن الأمر لم يتوقف عند علمائنا العرب عند تأليف الكتب فحسب ..
ولو لم يؤلف ابن سينا إلا القانون فى الطب لكفاه
وما أدراكم ما قانونه فى الطب والذى قال عنه الطبيب الشهير وليام أوسلر بأنه أشهر كتاب طبي على الإطلاق


ويعد هذا الكتاب فريدا من نوعه، إذ يمثل وثيقة تحوي كل علوم الطب منذ أقدم الأزمنة (كالطب الفرعوني والإغريقي والهندي) وحتى عصر ابن سينا. وتميز هذا الكتاب بعرضه مواضيع الطب وفق خطة منهجية قريبة جدا لما تتبعه الكتب الطبية المدرسية الحديثة، خصوصا فيما يتعلق بطريقة سرد الأمراض من حيث التعرض لتصنيف الأمراض ثم ذكر أسبابها وأعراضها وعلاماتها وسرايتها، ثم ذِكْر علاجها وإنذارها. ويمكننا القول بأن حسن ترتيب كتاب القانون فضلا على شموليته جعلاه الأكثر انتشارا في الأوساط العلمية الطبية في كل من الشرق والغرب وذلك حتى أواخر القرن السابع عشر.


وضع ابن سينا هذا الكتاب ولما وجد أن همم الطلاب قاصرة عن تعلمه كاملا أراد أن ييسر الأمر عليهم فاختصره فى ألفيته , وقد وضعت عدة شروحات لهذه الأرجوزة، أشهرها التي وضعها العالم الفيلسوف ابن رشد والذي توفي سنة 595 هـ – 1198 م. وترجمت هذه الأرجوزة إلى اللغتين اللاتينية والعبرية.
و قسّم ابن سينا أرجوزته إلى قسمين؛ الأول نظري، والثاني عملي.


ولنأخذ مثلا جزءا من الأرجوزة يتحدث فيه عن الطفل في بطن أمه:


الطفـل يحفـظ ببطـن أمــــه .. كي لا يُصيبَ آفةً في جسمه
فاحتط على الحامل في معدتها .. كي لا ترى الفسادَ في شهوتها
ويُصلَحُ الـــدمُ ويُنْقــَى الفضْلُ .. ذاك الذي يكون منه الطفـــل
إن هاجها الدمُ فلا تَفْصِدْها .. بل بالبرود والتطافي اقصدهـــا
أو هــاجها خلط فلا تُسهلها ..بل بتلطف لـــه عامـلها


وهكذا نرى أن ابن سينا قام باختصار الطب فى زمانه ( أو لنقل أساسياته ) فى قصيدة يحفظها الطلاب يتعلمون فيها أساسيات الطب ويدرسون شروحها وتطبيقاتها .


تخيلتنا ونحن ندرس الطب بهذه الطريقة ..
أبيات رشيقة جميلة نحفظها نلخص فيها الكثير من المعلومات التى يشق علينا تذكرها .. ويكون الأهم لدينا هو معرفة الشرح وفهم التطبيقات
ربما تكون تجربة لطيفة
وأخيرا ..
هذه لغتنا .. نظنها غير قادرة على استيعاب بعض المصطلحات وهى هى نفسها تلك التى امتطاها أجدادنا وخاضوا بها كل علم .. واخترقوا بها كل جدار




للموضوع تكملة......

:

التعليقات

  • د.مفدى زهور عديد.مفدى زهور عدي عضو ذهبي
    تم تعديل 2010/05/21
    تكملة للموضوع...


    الأراجيز الطبية

    الأراجيز الطبية
    يعتبر الشعر الفن الرئيس الذي برع فيه العرب، حيث كان في المقدمة بالنسبة لما أنتجته البشرية جمعاء. فهو ديوانهم، سجلوا فيه أنسابهم، وأشواقهم وعشقهم، وتاريخهم.
    وكنت في كتابي دراسات فلسفية جمالية عن الحصان العربي برهنت على أن الشعر مأخوذ من إيقاع ضربات حوافر الحصان، ومن إيقاع مسيرات الإبل.
    ولقد ساعدهم على ذلك ذاكرة قوية، وموهبة فطرية. وربما كان من العوامل المساعدة أيضا كثرة تنقلاتهم الشيء الذي لا يسمح بالتدوين والكتابة، لأن المكتبات تحتاج إلى استقرار، وإلى أبنية لاحتواء الكتب، وهذا ما رأيناه في فصل المكتبات. كما أن تفشي الأمية فيما بينهم منعتهم من الكتابة. هذا وتمتاز اللغة العربية بالأفعال الثلاثية الشيء الذي يسهل النظم نسبياً.
    ومن المعلوم أن الشاعر كان مرآة القبيلة الفكري، وكان ينعت بكلب الحي (أي القبيلة) لأنه حارسها ولأنه كان يرد على كل من يحاول أن ينال منها.
    كان كبار الأطباء العرب موسوعيين. وذلك لأن مجال الطب كان غير متسع، وغير متخصص كما هو اليوم. لذا نراهم قد زاولوا الكتابة والفلسفة والشعر والموسيقى ... الخ.
    ولا نستطيع طبعاً أن نصفهم بالشعراء، لأنهم لم يبدعوا، بل استعملوا بحر الرجز الملقب بحمار الشعراء، عن حق. لأنه كالحمار سهل الركوب، وليس كالحصان الذي يتطلب ركوبه خبرة وتجربة.
    لذلك كانت الأرجوزات أو الأراجيز التي سكب فيها هؤلاء العلماء علمهم. وهذه خصوصية لاتوجد عند أي من شعوب العالم قاطبة.
    وعلى رأس هؤلاء الأطباء الكبار الشيخ الحسين عبد الله بن سينا. فإلى جانب قصيدته العينية الشهيرة التي يصف فيها النفس والتي مطلعها :

    هبطت إليك من المكان الأرفعورقــاء ذات تعـــــزز وتمنع.
    له قصائد في مواضيع مختلفة، كموضوع المرأة، والمعروف أنه كان عندما ينتهي من عمله يستدعي القيان والحسان من النساء ويشرب الخمر، ويقضي الليالي الحمراء كما يقال.
    قال في المرأة (1):
    أسجيه الجفون أكل نجودسجاياها ستعرن من الرحيق.
    هي الصهباء مخبرها عدووإن كانت تناغي عن صديق
    وقال أيضاً:
    وقلت دموع عيني دون سعدىعلى أطلال ما وجدت سبيلا
    على جفني لسعدى فرض دمعأقمت له به قلبي كفيلا
    عقدت لها الوفاء وإن عقديهو العقد الذي لن يستحيلا
    وكان الشيخ فخوراً متعاظماً، عن حق وفخر واستحقاق، مما زاد في حسد الحساد، وكيدهم ورغبتهم في تدميره. فكان يصفهم بقوله:
    عجباً لقوم يحسدون فضائليمابين شبابي إلى عذالي
    عتبوا علي فضلي وذموا حكمتيواستوحشوا من نقصهم كمالي
    إني وكيدهم وما عتبوا بـه ٍكالطود يحقر نطحه الأوعال
    فهو يشبه حُساده بالوعل الذي يحطم قرونه إذ يحاول نطح وتكسير الصخر القاسي، ثم يزيد في احتقارهم وتحقيرهم فيقول :
    سيان عندي أن يروا أن فجروافليس على أمثالهم قلم
    وللحقيقة فلقد مضى أكثر من ألف سنة على هذا الشعر فأين هؤلاء الحساد التافهون ؟ وأين أشباه العلماء من الناقدين ؟ ذهبوا جميعاً إلى غير رجعة بينما يظل الشيخ الرئيس، رئيساً وعلماً وعبقرياً من أعلام الفكر الإنساني بحيث يقارنه بعض الأوروبيين بعبقري عصر النهضة ليونارد دو فانسي.
    وللشيخ الرئيس قصيدة في العشق الصوفي يقول فيها :
    هبت نسيم وصالكم سحــــرابحدائق للشوق في قلـبي
    فاهتز غصن العقل من طربفتناثرت درر من الحــب
    وبدت شموس الوصل خارقةلشعاعها السرادق القـلب
    فبقيت لاشـيء أعـانيــــهإلا ظننـــــت بأنه ربـــــي
    إن من النذالة والسفالة، والجبن والدناءة أن تطعن ميتاً. وهكذا عندما توفي (أو بالأحرى انتحر ابن سينا)(2) راح الحساد يقولون فيه أقبح القول، وهاكم نموذجاً من هذا الكلام :
    رأيت ابن سينا يعادي الرجال(3)وبالحبس مات أخس ممات
    فلم يشف ما ناله بالشفاولم ينج من موتهبالنجاة
    أما أشهر قصيدة لابن سينا فهي الأرجوزة في الطب، التي مطلعها :
    الحمد لله الملك الواحد رب السماوات العلي الماجد

    وللموضوع تكملة..\
  • د.مفدى زهور عديد.مفدى زهور عدي عضو ذهبي
    تم تعديل 2010/05/21
    تكملة....

    ومن الأراجيز المعروفة والمشهورة أرجوزة ابن زهر التي يصف وينتقد فيها كتاب حيلة البرء لجالينوس.
    حيلة البرء صدفت لعليليترجى الحياة أو لعليله
    فإذا جاءت المنية قالت :حيلة البرء، ليست في البرء
    وللرازي قصيدة في مصير الروح بعد الموت، يقول فيها :
    لعمري ما أدري وقد آذن البلىبعاجل ترحال إلى أين ترحالي
    وأين محل الروح بعد خروجه من الهيكل المنحل والجسد البالي ؟
    ولشرف الدين الرحبي قصيدة طويلة :
    سهام المنايا في الورى ليس تمنعفكل له يوما وأن عاش مصرع
    كل وإن طال المدى سوف ينتهيإلى مقر لحد في ثرى منه يودع
    ومن الذين قرضوا الشعر من الأطباء، ابن بطلان الذي يقول :
    ولا أحد يبكي لميتتيسوى مجلسي في الطب والكتب باكيا
    وفي كتابه دعوة الأطباء(4) وموضوعه أن طبيباً يدعو زميلاً له فيسأله عن هويته فيدعي أنه طبائعي أي طبيب طب عام، ثم جرائحي، ثم كحال ثم صيدلاني. وفي كل مرة يبدأ ببيتين من الشعر. فيقول الطبائعي :
    اعذرني رب من حصر وعي ومن نفس أعالجها علاجا.
    ومن زلات نفسي فاغتفرهافإني لا أطيق لها لجاجا
    ويقول الكحال :
    مريض العيون بلا علةومكتحل الطرف لم يكتحل
    شكا حسنه قبح أفعالهفأثر في وجنتيه الخجل
    ويقول الفاصد :
    فصدت عرقاً تبتغي صحةألبسك الله به العافية
    فأشرب بهذا الكأس ياسيديمستمعاً من هذه الجارية
    واجعل لمن أهداكها زورةتحظى بها في الليلة التالية
    ويقول الطبيب:
    قالت له النفس كن طبيباًتقني على الناس بالذهاب
    تأخذ مال العليل قهراثم تؤاتيه إلى التراب
    ويروى أن أحد الشعراء قال :
    جس الطبيب يدي جهلاً فقلت لهإليك عني فهذا يوم بحرانــي
    فقال لي ما الذي تشكو فقلت لهأشكو إليك هوى من بعض جيراني
    فقام يعجب من قولي وقال لهمإنسان سوء فداووه بإنسان
    فأجابه طبيبه :
    ومابك علة تشكي لطبهولكن المليح له دلال
    والأمثلة على هذا كثيرة. وكتاب ابن أبي أصبيعة مليء بمثل هذه الأمثلة بل وأكثر. وليس هذا قصدنا، بل الإشارة إلى استعمال الشعر كوسيلة تعليمية طبية.
    إن للشعر مزايا متعددة، فهو أولاً يختصر معاني كثيرة في بيت واحد، ولكن لهذه المزية بعض الشطط لأن الرغبة في اختصار الفكرة في بيت واحد يجعلها صعبة الفهم أحياناً، خاصة بالنسبة للطالب المبتدئ، لذا نجد كتباً تحاول شرح هذه الأبيات، كما فعل ابن رشد حينما شرح أرجوزة ابن سينا.
    ثانياً : أنها سهلة الحفظ، ولذلك استعمل العلماء بحر الرجز. وهو معروف بإيقاعه وقصره ونغمته الموسيقية. وهي صفات تساعد على بقاء القصيدة محفورة في ذاكرة الطالب حسب القول المعروف " العلم في الصغر، كالنقش على الحجر". وما زالت بعض أبيات ألفية ابن مالك ترن في ذاكرتي حتى الآن، وكنت قد حفظت بعضاً منها عرضاً.
    ولقد انتشرت هذه الطريقة في كل العلوم وعند كل العلماء، فاستعملها النحويون واللغويون والفقهاء والخطاطون ... إلخ.
    وكان الشيخ الرئيس يجيب على أسئلة مرضاه من علية القوم بالشعر. وهكذا عندما شكى له الوزير أبو طالب العلوي آثار بثر بدا على جبهته ونظم شكواه شعراً :
    صنيعة الشيخ ومولانا وصاحبهوغرس أنعامه بل نشء نعمته
    يشكو إليه أدام الله مدتهآثار بثر تبدى فوق جبهته
    فامنن عليه بحسم الداء مغتنماًشكر النبي له مع شكر عترته
    فأجابه ابن سينا بوصفة منظومةشعراً استعملها الوزير فشفي، وهي:
    الله يشفي وينفي ما بجبهتهمن الأذي ويعافيه برحمته
    أما العلاج فإسهال يقدمهختمت به آخر أبياتي بنسخته
    وليرسل العلق المصاص يرشف دم القذال ويغني عن حجامته
    واللحم يهجره إلا الخفــيف ولايدني إليه شراباً من مدامته
    والوجه يطليه ماء الورد معتصراًفيه الخلاف مدفاً وقت هجعته
    ولا يضيق منه الـــرز مختنـقاًولا يسجن أيضاً عن سخطته
    هذا العلاج ومن يعمل به سيــرىآثار خير يكفي أمر علته
    ويروى أن ابن التلميذ عالج الشاعر أبا القاسم علي بن أفلج، وحماه عن بعض المأكل، فكتب إليه الشاعر يقول :
    أنا جوعان فأنقذني من هذه المجاعـة
    لا تقل لي ساعة تصيرمالي حين ساعــة
    ... اليوم لا يقبــــلفي الخبز شناعـــة
    فأجابه ابن التلميذ بأبيات شعر لطيفة منها :
    هكـــذا أديــــان مــثلييتشاكون المجاعة
    غير أني لست أعطيكمنبرا بشناعة
    وأعتقد أن العرب هم الذين بدأوا في استعمال الشعر في التعليم. رغم أن مدرسة باليرمو، اعتمدت تقليداً للعرب، بعض الأشعار الطبية، ولكن لا يمكن مقارنتها بالأشعار العربية الطبية.
    ولابد لنا أن نذكر أرجوزة الشيخ الرئيس ابن سينا :
    الحمد لله الملك الواحدرب السماوات العلي الماجد
    سبحانه منفرداً بالقـدممخرج موجوداتنا من عدم
    يفيض نوره على عقولـناحتى بدا النفس من معقولنا
    قد خلق بفضله الإنسانافضله بالنطق واللسانـا
    حتى يقول :
    والشعراء أمراء اللسـنكما الأطباء ملوك البــدن
    هذا يسن النفس بالفصاحةوذا يطلب الجسم بالنصاحه
    وهذه أرجوزة قد اكتمـلفيها جميع الطب علما وعمل
    فهأنا مبتدىء بنظمه منثور ما حفظته من علم
    أي أنه يريد وضع كل ما جاء في القانون من علم في هذه الأرجوزة فيعرف الطب قائلاً :
    الطب حفظ صحة، برء مرضمن سبب في بدن عنه عرض
    وفي العمل في " الشرايين" نجده يصف طريقة فصد الشريان وبتره، ويصف أيضاً طريقة إرقاء الدم بكيِّ الشريان وربطه فيقول:
    وامنعه بالربط أو المكواءعن نزف ما يجري من الدماء
    وداومه تدويه الجراحـــةحتى ترى صاحبه في راحـــــة
    وتسمى الأرجوزة في الطب أوألفية ابن سينا، رغم أن عدد أبياتها يجاوز الألف بكثير.
    ولقد لاقت نجاحاً كبيراً في الشرق والغرب، وترجمت إلى اللاتينية في القرن الثالث عشر الميلادي بعنوان : Cantica Avicennae.
    ولقد طبعت باللغة العربية في أواسط القرن التاسع عشر في الهند.
    وكان ابن زهر يفضلها على القانون، ويقول إنها اشتملت على أهم قواعد الطب، وأنها تقوم مقام جملة كتب في هذه الصناعة. ونجد في بعض المخطوطات مقدمة كتبها الشيخ الرئيس نثراً، وفيها يشرح السبب الذي دعاه إلى وضعها، فيقول : " لما جرت عادة الحكماء وفضلاء القدماء بخدمة الملوك والأمراء والخلفاء والوزراء ورؤساء القضاء والفقهاء، بتصنيف المنثور والمنظوم، وتواليف الصنائع والعلوم، لا سيما شعراء الأطباء، فإنهم كثيراً ما نظموا الأراجيز وألفوا الكتب والمراجع, ليبني كلهم من راجزهم وما هو من عاجزهم، فجريت على سنن القدماء، واتبعت سنة العلماء....



    نستنتج من كل ماذكر أننا جديرون بحمل الرسالة وإكمال المسيرة التي حملها أجدادنا من علماء وأطباء أفذاذ,فهلمَّ معاً يا إخوتي..نتابع المنهج القويم ونمشي على الصراط المستقيم...

    ودمتم برحمة الرحمن الرحيم ذي الجلالة والعزة الكريم..
  • dr.Hazemdr.Hazem مدير عام
    تم تعديل 2010/05/21
    رائع جداً!! عن جد دكتور حسستين بأهمية لغتنا و عراقتها ..بس لاتلومنا دكتور على عدم فهمنا الجزء الكبير منها لأننا شغلنا بأمور الدراسة و العلم و إن شاء الله كل شي بعود متل ماكان ...

    عن جد دكتور إنت ثروة للعيادة و بتمنى نكون عند حسن ظنك..
  • د.مفدى زهور عديد.مفدى زهور عدي عضو ذهبي
    تم تعديل 2010/05/21
    سعدت لقراءتك ما كتبت, وآمل بأن يقرأ ما كتبت جميع الأخوة إداريين وأعضاء,فبتشجيعكم ومتابعتكم واهتماماتكم يزداد منتدانا إثراء وغنى ولاشك بأن للجانب الثقافي والأدبي مكانة واهتمام في هذا المنتدى الأغر..لك تحياتي وشكري دكتور حازم....والتواصل هام بين الأجيال وكلنا يستفيد من الآخر..
  • cer44cer44 عضو مميز
    تم تعديل 2010/05/21
    شكرا دكتور على الموضوع ..... لا تلومنا الذنب كله يقع على استاذة اللغة العربية ...ومنهاج التدريس الذي لحد الان يعتمد الاساليب التقليدية واساليب العصور الوسطى .... ونسوا او تناسوا ان العصر عصر الصوت والصورة ...
  • د.مفدى زهور عديد.مفدى زهور عدي عضو ذهبي
    تم تعديل 2010/05/21
    لا لوم على أحد بل دعوة عامة لمزيد من الإهتمام باللغة العربية, وطبعاً أوجه جزيل شكري للعاملين والنشطاء بهذا المنتدى على تقديمهم للعلوم الطبية عبر النت وباللغة العربية السليمة...جهد رائع يستحق وساماً ومن نجاح إلى نجاح..وإلى تميز وتقدم. وشكرا لك.
  • TAMMAMTAMMAM عضو ذهبي
    تم تعديل 2010/05/22
    مشكور جدا دكتور فعلا ينقصنا كثير من الاهتمام باللغة العربية ومع ذلك ربنا سبحانه وتعالى قال "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم " هو حق كتب من الله هنالك العربي والانكليزي والفرنسي وووووو ...... وهنالك السوري والمصري واليمني والسعودي والتونسي والمغربي ووووو وهنالك الحموي والحمصي والحلبي ووووووو ..... لذلك لن أستغرب كثيرا

    ولا لوم على أحد أقول" أركب الباص " لم " عربيتها أركب الحافلة " من يقول كذلك " لا أحد ......... بعدنا عن عربيتنا وما يجمعنا بها هو القرآن العربي يقول عليه الصلاة والسلام ........... أحبو العرب لثلاث خصال ........لأن القرآن عربي وأنا عربي و لغة أهل الجنة العربية .أو كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .......

    شكرا للموضوع الجميل دكتور ........... وان شاء الله موفق
  • د.مفدى زهور عديد.مفدى زهور عدي عضو ذهبي
    تم تعديل 2010/05/26
    شكرا لإضافتك أخ تمام ودمت بخير
  • ريميريمي مشرفة المنتدى الثقافي و الأدبي
    تم تعديل 2010/06/05
    كلمآت تستحق الوقوف طويلآ ..
    فشكرا لنبض قلمك ومعلوماتك ..
  • د.مفدى زهور عديد.مفدى زهور عدي عضو ذهبي
    تم تعديل 2010/06/05
    بارك الله بك اخت ريمي ولك مني كل مودة وشكر.