هل الضوضاء قدرنا ؟

ربطت الدراسات بين الضجيج والإجهاد والإصابة بأمراض كثيرة أخرى، منها أمراض الدورة الدموية والقلب والأمراض النفسية، لذا نلاحظ بأن تلك الانواع من الامراض منتشرة بكثرة في منطقتنا العربية التي تعاني بعض مدنها الكبرى أزمة سير حقيقية كما هو الحال في القاهرة وبيروت ودمشق.

بالإضافة إلى أنواع التلوث البيئية المألوفة يبقى هناك شكل من أشكال التلوث الذي يمكن أن يوصف بالخفي أو غير الملموس, فالبيوت تعج بآلات وأجهزة الصوت مثل أجهزة التكييف والغسالات والخلاطات وغيرها من الأجهزة الكهربانية أما خارج البيوت فالشوارع مكتظة بالعربات والشاحنات وآلات الحفر ومعدات البناء والمصانع. كل هذه المنظومة من الأصوات تسبب ما يسميه علماء البيئة بالتلوث الضوضائي الذي يحدث أضرارا سمعية عوضا عن الآثار النفسية والسلوكية التي تؤثر على تصرفات المرء وكفاءة وظائفة العضوية.

يشير علماء البيئة الى أن الدول الصناعية وضعت مقاييس ومواصفات لضبط الضوضاء والتحكم فيها لحماية الانسان وتنحصر هذه المقاييس بين 80 و90 ديسيبل كحد أقصى خلال فترة العمل ولمدة لا تزيد عن ثمان ساعات يوميا, ومن المعروف أن الديسيبل هي وحدة قياس شدة الصوت, ويمكن تقسيم مستوى الضوضاء إلى هادئة جداً كحفيف أوراق الأشجار الذي لا يتعدى مستوى الضوضاء فيه 30 ديسيبل، وفي البيئة الريقية لا يتعدى مستوى الضوضاء 60 ديسيبل.

وأكدت بعض الدراسات أن الضوضاء تؤثر على الصحة النفسية للإنسان فتؤدي إلى اضطرابات النوم والقلق وارتفاع ضغط الدم والتغيرات الفيزيولوجية والهرمونية التي تصيب الجسم، كما أوضحت أن الإنسان يحتاج إلى وجود محيط لا يتعدى مستوى الضوضاء فيه(30-50) ديسيبل حتى يتمكن من الاستغراق في النوم أو الراحة، وأنه لا يستطيع تحمل ضوضاء تفوق 85 ديسيبل.

وتشير دراسة حديثة ألمانية نشرت في برلين وأجريت على الأطفال وكانت النتيجة أن الضجيج يضعف مناعة الأطفال ويضعف قدراتهم على التعلم، ويقول العلماء أن آلية تأثير الضجيج السلبية على نظام المناعة غير مكتشف لحد الآن.

وبعيداً عن المدن الصناعية الكبرى التي تعاني من الضجيج نجد أن المدن العربية تعاني من الضجيج والضوضاء بشكل يفوق حدود المعقول.

ففي بيروت تبين الدراسات أن الضجة اليومية والطبيعية التي يتعرض لها الانسان في المدن والشوارع وفي أماكن العمل تصل الى 90 ديسيبل (أي ما يعادل صوت حافلة كبيرة) وهي تؤدي الى تشنجات عصبية وأرق مستمر.

وفي سورية مثلا وبعد أن كانت مدنها قبل فترة قصيرة نسبياً تتميز بالهدوء ولا يسمع بها إلا أصوات الباعة المتجولين وقليل من السيارات وبعض الصناعات اليدوية؛ تبدل الواقع الحالي وأصبحت مدنها وحتى الأرياف تعاني من نسبة عالية من الضجيج تتجاوز الحدود المسموح بها، حيث بينت أحدث الدراسات التي قامت بها هيئة الطاقة الذرية حول الضجيج أن متوسط مستويات الضجيج في معظم مناطق دمشق تتراوح ما بين 70 و80 ديسيبل وهذا الأمر ينطبق على الاماكن السكنية وحتى المستشفيات التي من المفترض أن تكون هادئة لتأمين الراحة للمرضى وأن يكون مستوى الضجيج فيها لا يتعدى الـ40 ديسيبل.

التعليقات

  • dr.joandr.joan عضو ماسي
    تم تعديل 2008/06/24
    شكراً ياقوت موضوع من الضروري الحديث عنو في عصر الصخب
    شكراً كتير
  • Dr.AhmadDr.Ahmad مدير عام
    تم تعديل 2008/06/24
    شكرا ياقوت

    يبدو فعلا أنو الضوضاء قدرنا لانو حاليا كل التطور المادي مرتبط بشكل أكيد مع ازدياد الضوضاء و لا سبيل لتخفيف ذلك
    إلا أن هناك طريقة تقدم حل جزئي لذلك و هي الاكثار من الاماكن الهادئة ( متنزهات أو ما شابه . ) عندها يمكن أن يفرغ الانسان الشحنات التي حملها في الضوضاء