Central nervous system drugs

 

أدوية الجملة العصبية المركزية (مضادات الصرع)

توجيهات

السيطرة على الصرع:

تهدف معالجة الصرع إلى منع حدوث النوبات من خلال المحافظة على تراكيز فعالة من الدواء المضاد للصرع في البلاسما، لذا يعد ضبط الجرعة بعناية أمراً ضرورياً، ويجب أن تبدأ المعالجة بجرعات صغيرة تزاد تدريجياً إلى أن تتم السيطرة على النوبات أو تظهر تأثيرات فرط الجرعة.

يعتمد تحديد تواتر الجرعة غالباً على نصف عمر الدواء، ويجب أن تتم المحافظة عليه بأقل مستوى ممكن لتشجيع المريض على الامتثال للمعالجة. تعطى أغلب مضادات الصرع عند استخدامها بالجرعات الوسطية مرتين/يوم، أما الفينوباربيتال phenobarbital وأحياناً الفينيتوئين phenytoin فيمكن إعطاؤهما بجرعة مفردة عند النوم نظراً لنصف العمر الطويل لهذين الدوائين، ويمكن إعطاء الجرعات العالية مقسمة على 3 جرعات/يوم لتجنب حدوث الآثار الجانبية المرافقة للتراكيز البلاسمية العالية.

تجدر الإشارة إلى أن استقلاب مضادات الصرع لدى الأطفال الصغار يكون أسرع منه لدى البالغين، ومن هنا يكون من الضروري إعطاء الجرعات بتواتر أعلى وبكميات أكبر نسبةً إلى وزن الجسم.

 

 

المعالجة بالمشاركة الدوائية:

قد يكون من الضروري معالجة بعض الحالات باستخدام دوائين أو أكثر من مضادات الصرع بالتزامن، ولا يلجأ إلى ذلك إلا إذا ثبت فشل المعالجة المفردة التي استخدمت فيها أنواع مختلفة من الأدوية، ولكن يجب الانتباه إلى أن المعالجة بالمشاركة الدوائية تعزز حوادث السمية، ناهيك عن التداخلات الدوائية فيما بين مضادات الصرع (انظر جدول التداخلات الدوائية).

 

 

سحب مضادات الصرع:

يجب تجنب السحب المفاجئ لمضادات الصرع وبشكل خاص الباربيتورات والبنزوديازيبينات لأن ذلك قد يؤدي إلى حصول نوبات ارتدادية، لذا يجب إنقاص جرعة هذه الأدوية على مراحل (قد تستغرق عملية السحب عدة أشهر عند المعالجة بالباربيتورات).

يجب توخي الحذر عند التحول من نظام معالجة بأحد مضادات الصرع إلى نظام آخر، ويجب ألا يتم سحب الدواء الأول إلا بعد مرور مدة مناسبة على إدخال الدواء الثاني.

غالباً ما يكون هناك صعوبة في صنع القرار بشأن سحب جميع مضادات الصرع لدى مريض لا يعاني من النوبات، كما يكون هناك صعوبة في تحديد توقيت هذا السحب، ويعتمد ذلك على عوامل فردية خاصة بكل مريض، فحتى الأشخاص الذين لم يعانوا من النوبات منذ سنوات قد يكون لديهم خطر واضح لعودة النوبات بعد سحب الدواء.

يوصى عند سحب مضادات الصرع لدى المرضى المعالجين بأكثر من دواء واحد بعدم سحب أكثر من دواء واحد في كل مرة.

 

 

القيادة:

يسمح لمرضى الصرع بقيادة الآليات (ولكن ليس الحافلات العامة أو الشاحنات الضخمة) شريطة مرور سنة على الأقل دون حصول أي نوبة، أما إذا كانت النوبات لا تظهر إلا أثناء النوم فيشترط مرور 3 سنوات دون حصول أي نوبة أثناء اليقظة، أما المرضى المصابين بالنعاس فلا يسمح لهم بطبيعة الحال بقيادة السيارات أو تشغيل الآليات.

ينصح مرضى الصرع بعدم قيادة الآليات خلال سحب الدواء وخلال 6 أشهر بعد السحب.

 

 

الحمل والإرضاع:

قد تنخفض التراكيز البلاسمية الكلية لمضادات الصرع (خاصةً الفينيتوئين) خلال الحمل وفي المراحل الأخيرة منه على وجه الخصوص، في حين أن التراكيز البلاسمية الحرة قد تبقى في حدود معدلاتها (وقد ترتفع).

يحمل استعمال مضادات الصرع خطراً هاماً لحدوث تشوهات جنينية، ويتراجع هذا الخطر إذا كان العلاج مقتصراً على دواء واحد. يجب تنبيه النساء اللواتي يمكن حدوث الحمل لديهن إلى المخاطر المرافقة لتناول الكاربامازيبين carbamazepine والفينيتوئين phenytoin والفالبروات valproate والمتمثلة بحدوث تشوهات في الأنبوب العصبي لدى الجنين وظهور عيوب خلقية أخرى، ويجب توجيه النساء اللواتي يرغبن بالحمل لتلقي النصائح اللازمة من الطبيب المختص، أما النساء الحوامل فيجب أن يتلقين مشورة طبية وأن يخضعن إلى فحص جنيني (قياس الألفافيتوبروتين وإجراء مسح بالأمواج فوق الصوتية في النصف الثاني من الحمل).

توصى النساء الحوامل عادةً بتناول كميات كافية من الفولات قبل الحمل وخلاله لتلافي خطر إصابة الجنين بعيوب في الأنبوب العصبي، وتقدر هذه الكمية بـ5 ملغ/يوم، وقد تكون هذه الكمية مناسبة للنساء المعالجات بمضادات للصرع.

نظراً لخطر النزف الوليدي المرافق لاستخدام الكاربامازيبين، والفينوباربيتال، والفينيتوئين ينصح بإعطاء جرعات وقائية من الفيتامين K1 للأم قبل الولادة وللوليد.

يسمح بالإرضاع للأمهات اللواتي يتناولن مضادات الصرع بجرعات عادية، ويستثنى من ذلك النساء اللواتي يتناولن الباربيتورات وبعض مضادات الصرع الحديثة.

 

 

أدوية الصرع:

الكاربامازيبين carbamazepine: يعد الخيار الأول في علاج نوب الصرع الجزئي البسيط والمعقد، والنوب التوترية الرمعية الثانوية التالية للتفريغ البؤري.

يتمتع الدواء بهامش علاجي أوسع من الفينيتوئين، وتكون العلاقة بين جرعته وتراكيزه البلاسمية علاقة خطية، لذا تعد تراكيزه البلاسمية مؤشراً جيداً في تحديد الجرعة الفضلى من الدواء.

يتميز الكاربامازيبين بقلة آثاره الجانبية مقارنةً بالفينيتوئين والباربيتورات، وتكون حالات تشوش الرؤية والدوار وقلة الثبات من الآثار الجانبية المرتبطة بالجرعةً. يمكن الحد من ظهور الآثار الجانبية بتغيير مواعيد أخذ الدواء، كما يمكن الحد من ظهور الآثار الجانبية المرتبطة بالجرعة باستعمال المضغوطات ذات التحرر المضبوط.

يجب بدء المعالجة بالكاربامازيبين بجرعات منخفضة يتم رفعها تدريجياً بشكل بطيء بمعدل 100ـ200 ملغ كل أسبوعين.

 

اللاموتريجين lamotrigine: يستخدم لعلاج النوبات الجزئية ونوبات الصرع المعممة الأولية والثانوية التوترية الرمعية، كما يستخدم لعلاج النوبات الرمعية العضلية، ويمكن تجريب الدواء في الغيبوبة اللانمطية، والنوبات التوترية وغير التوترية في متلازمة لينوكس غاستو Lennox-Gastaut syndrome، وهو يستعمل إما كعلاج مفرد أو مساعد للأدوية الأخرى المضادة للصرع.

قد يسبب اللاموتريجين في حالات نادرة طفحاً جلدياً خطيراً خاصةً لدى الأطفال، لذا يجب ضبط جرعته بشكل دقيق.

قد يزيد الفالبروات valproate من التراكيز البلاسمية للاموتريجين، في حين تخفض مضادات الصرع المحرِّضة للأنزيمات الكبدية من تركيزه، لذا يجب توخي الحذر عند اختيار الجرعة البدئية المناسبة من الدواء وعند المعايرة اللاحقة، ويجب البدء بجرعات منخفضة من الدواء عندما تكون إمكانية حدوث التداخل غير معروفة.

 

الفينوباربيتون phenobarbitone: فعال في معالجة نوبات الصرع الجزئي والنوبات التوترية الرمعية، وقد يكون له تأثير مهدئ عند البالغين، ويسبب اضطرابات سلوكية وزيادة في الحركة لدى الأطفال. يمكن تجريب الدواء لمعالجة الغيبوبة اللانمطية ونوبات الصرع التوترية وغير التوترية، وقد تظهر لدى سحب الدواء نوبات ارتدادية. تعد مراقبة التراكيز البلاسمية للفينوباربيتال أقل فائدة من غيره من الأدوية بسبب تطور التحمل للدواء.

 

الفينيتوئين phenytoin: فعال في علاج نوبات الصرع الجزئي والنوبات التوترية الرمعية، وهو يملك هامشاً علاجياً ضيقاً، والعلاقة القائمة بين جرعته وتراكيزه البلاسمية ليست خطية، فقد تؤدي زيادة صغيرة في الجرعة إلى حدوث ارتفاعات كبيرة في التراكيز البلاسمية تترافق بآثار جانبية سمية وخطيرة. تساعد مراقبة التراكيز البلاسمية للفينيتوئين في تصحيح جرعته، فقد يؤدي نسيان بعض الجرعات أو حدوث أي تغير بسيط في امتصاص الدواء إلى تغير ملموس في هذه التراكيز.

قد يتسبب الفينيتوئين بظهور أعراض العد، والسحنة الغليظة، والشعرانية، وفرط التنسج اللثوي، لذا لا يفضل استخدامه لدى المرضى اليافعين.

 

فالبروات الصوديوم sodium valproate: فعال في السيطرة على نوبات الصرع التوترية الرمعية وخاصةً في حالة الصرع الأولي المعمم، ويعد الخيار الأول في الصرع الأولي المعمم، والغيبوبة المعممة، والنوبات الرمعية العضلية، ويمكن تجريبه في الغيبوبة اللانمطية وفي النوبات التوترية وغير التوترية، وتقترح نتائج التجارب المضبوطة المجراة على مرضى الصرع الجزئي أن فالبروات الصوديوم يتمتع بفعالية مساوية لفعالية الكاربامازيبين والفينيتوئين.

لا تعد التراكيز البلاسمية لفالبروات الصوديوم مؤشراً جيداً لفعالية الدواء، لذا ليس من الضروري إجراء مراقبة روتينية لهذه التراكيز.

يمتلك الدواء طيفاً واسعاً من التأثيرات الاستقلابية، وقد يكون له تأثيرات جانبية مرتبطة بالجرعة.

 

البنزوديازيبينات benzodiazepines: يستخدم الكلونازيبام clonazepam أحياناً في علاج النوبات الجزئية أو النوبات التوترية الرمعية، إلا أن الآثار الجانبية المهدئة للدواء قد تكون واضحة، ويمكن استخدام الكلوبازام clobazam كدواء مساعد في معالجة الصرع، إلا أن فعالية هذه المركبات البنزوديازيبينية وغيرها تتضاءل بشكل واضح بعد أسابيع أو أشهر من المعالجة المستمرة.

 

أدوية أخرى:

الأسيتازولاميد acetazolamide: هو مثبط لأنزيم carbonic anhydrase، يعد خياراً دوائياً من المرتبة الثانية في حالات الصرع الجزئي والنوبات التوترية الرمعية، وهو فعال في نوبات الغيبوبة اللانمطية، والنوبات التوترية وغير التوترية.

البيراسيتام piracetam: يستعمل كعلاج مساعد في النوبات القشرية الرمعية العضلية. (راجع نشرة الدواء في قسم أدوية الباركنسونية والاضطرابات المشابهة)

 

 

 

أدوية الجملة العصبية المركزية (مضادات الذهان والهوس)

توجيهات

مضادات الذهان antipsychotic drugs:

تعرف الأدوية المضادة للذهان أيضاً باسم "المهدئات العصبية" وهي تقوم بتهدئة المريض دون التأثير في الوعي أو إحداث إثارة معاكسة. تستخدم هذه الأدوية لفترة قصيرة لتهدئة المرضى مهما كان السبب الإمراضي النفسي المستبطن (حالة فصام، أذية دماغية، حالة هوس، هذيان سمي، أو اكتئاب هياجي)، كما تستخدم لفترة قصيرة لتخفيف القلق الشديد.

تقوم مضادات الذهان في الحالات الفصامية بتخفيف الأعراض الذهانية المزهرة florid psychotic symptoms كاضطرابات التفكير، والهلوسات، والأوهام، والوقاية من نكسها، وعادةً ما يستجيب مرضى الفصام الحاد لهذه الأدوية بشكل أفضل من المرضى ذوي الأعراض المزمنة، وقد تكون هذه الأدوية أقل فعالية لدى المرضى المنعزلين وغير المبالين، إلا أنها تملك في بعض الأحيان تأثيراً منشطاً، إذ يمكن للهالوبيريدول haloperidol مثلاً أن يحسّن حالة مريض مصاب بفصام حاد مرّ بفترة انعزال أو بفترة صمت وانعدام حركة ويعيده إلى وضعه الطبيعي كإنسان نشيط يسلك سلوكاً اجتماعياً سوياً.

قد تكون المعالجة طويلة الأمد لدى مرضى الفصام المشخص ضرورية حتى بعد النوبة الأولى من المرض لمنع تحول الحالة المرضية الظاهرة إلى حالة مزمنة.

يجب أن يتم سحب الدواء المضاد للذهان بصورة تدريجية وتحت المراقبة الدقيقة لتفادي خطر النكس السريع أو حدوث متلازمات السحب الحادة.

 

الكلوربرومازين chlorpromazine: لا يزال هذا الدواء واسع الانتشار بالرغم من الطيف الواسع لآثاره الجانبية. يمارس الدواء تأثيراً مهدئاً واضحاً، وهو مناسب لمعالجة المرضى العنيفين دون إحداث حالة من الذهول، ويمكن للدواء أن يسيطر على حالة الهياج لدى كبار السن دون إحداث أي مشاكل. يفيد الدواء أيضاً في السيطرة على الفواق المعند والغثيان والقياء في العلل الانتهائية في حال فشل الأدوية الأخرى أو عدم توفرها.

البيموزيد pimozide: أقل إحداثاً للتهدئة من الكلوربرومازين، وينصح بإجراء تخطيط كهربية القلب قبل البدء باستخدامه وتكرار إجراء هذا التخطيط سنوياً، ويجب إعادة تقييم الحاجة للمعالجة في حال تطاول فترة QT. يوصى بأن يتم سحب الدواء أو إنقاص جرعته بإشراف الطبيب، وبتجنب إعطاء البيموزيد مع الأدوية الأخرى التي تطيل زمن QT مثل بعض مضادات الملاريا ومضادات اضطراب النظم وبعض مضادات الهيستامين، وتجنب إعطائه مع الأدوية التي تؤدي إلى خلل التوازن الشاردي (بشكل خاص المدرات).

السولبيريد sulpiride: يسيطر الدواء بالجرعات العالية على الأعراض المزهرة الإيجابية، ولكنه بالجرعات المنخفضة يملك تأثيراً منبهاً لدى المرضى الفصاميين المنعزلين اللامبالين.

الفلوفينازين fluphenazine والهالوبيريدول haloperidol: يتمتعان أيضاً بأهمية علاجية، غير أن الأعراض الجانبية خارج الهرمية تحد من استعمالهما. قد يفضل استخدام الهالوبيريدول للسيطرة السريعة على حالة الذهان مفرط النشاط، وهو أقل إحداثاً لانخفاض الضغط من الكلوربرومازين، ويستخدم بشكل شائع للسيطرة على الهياج لدى المسنين، على الرغم من ارتفاع نسبة حوادث آثاره الجانبية خارج الهرمية، ويستخدم أيضاً للسيطرة على الفواق المعند والعرّات tics.

الثيوريدازين thioridazine: يعد هذا الدواء خياراً من المرتبة الثانية في علاج الفصام لدى البالغين.

 

الأعراض خارج الهرمية لمضادات الذهان:

تعد الأعراض خارج الهرمية extrapyramidal symptoms أكثر الآثار الجانبية لمضادات الذهان إثارةً للقلق وهي تحدث بشكل متواتر لدى استخدام الهالوبيريدول haloperidol والمشتقات الفينوتيازينية (كالكلوربرومازين chlorpromazine، والفلوفينازين fluphenazine)، ويكون من السهل تمييز هذه الأعراض ولكن لا يمكن توقعها بشكل دقيق لأنها تعتمد على الجرعة، ونوع الدواء المستخدم، وعلى استعداد المريض.

تتضمن الأعراض خارج الهرمية:

1ـ أعراض الباركنسونية (بما فيها الرعاش): تظهر بشكل أكثر شيوعاً لدى البالغين والمسنين، وقد تظهر بصورة تدريجية.

2ـ خلل التوتر dystonia وخلل الحركة dyskinesia: تظهر بشكل أكثر شيوعاً لدى الأطفال أو البالغين الشباب وبعد إعطاء جرعات صغيرة.

3ـ تعذر الجلوس akathisia (التململ restlessness): يظهر بشكل مميز بعد الجرعات البدئية الكبيرة، وقد يشابه اشتداد الحالة المعالجة.

4 - عسر الحركة الآجل tardive dyskinesia (حركات لا إرادية منتظمة للوجه والفك واللسان): يتطور عادةً في المعالجة طويلة الأمد أو لدى استعمال الدواء بجرعات عالية، ولكن يمكن أن يتطور في المعالجة قصيرة الأمد بجرعات منخفضة، وقد يظهر لفترة قصيرة بعد سحب الدواء المضاد للذهان.

تزول أعراض الباركنسونية بسحب الدواء، وتفيد الأدوية المضادة للمسكارين (البنزهكزول benzhexol، البروسيكليدين procyclidine) في تثبيط هذه الأعراض، ولكن لا يوجد ما يبرر استخدامها بشكل روتيني لأن أعراض الباركنسونية لا تظهر لدى جميع المرضى المعالجين بمضادات الذهان، ولأن هذه الأدوية قد تؤدي إلى ترقي عسر الحركة الآجل.

يعد عسر الحركة الآجل بصورة خاصة إحدى المشاكل المقلقة، فقد يكون هذا العرض غير قابل للتراجع لدى سحب المعالجة، وتكون معالجته غير فعالة عادةً، مع ذلك يقترح بعض المصنِّعين أن سحب الدواء لدى ظهور العلامات الأولى لعسر الحركة الآجل (حركة اللسان الدودية الخفيفة) قد يوقف التطور الكامل للحالة.

يظهر عسر الحركة الآجل بصورة شائعة خاصةً لدى المرضى المسنين، لذا يجب أن تتم معالجتهم بعناية ويجب مراقبة هذه المعالجة بصورة منتظمة.

يعد انخفاض ضغط الدم والتداخل مع تنظيم حرارة الجسم من الآثار الجانبية المرتبطة بالجرعة، وقد تسبب حالات خطرة من الوهط وانخفاض الحرارة أو ارتفاع الحرارة لدى المسنين.

تتظاهر المتلازمة الخبيثة للدواء المضاد للذهان neuroleptic malignant syndrome بارتفاع الحرارة، وتقلبات في سويات الوعي، وتيبس عضلي، وخلل في وظيفة الجملة العصبية المستقلة مع شحوب، وتسرع قلب، وتقلقل ضغط دم، وتعرق، وسلس بولي، وهي من الآثار الجانبية النادرة ولكنها قد تكون مميتة لدى استخدام بعض الأدوية، ويستوجب ظهورها إيقاف المعالجة بسبب عدم وجود معالجة فعالة مثبتة لها.

 

مضادات الهوس antimanic drugs:

تستخدم الأدوية المضادة للهوس للسيطرة على الهجمات الحادة والوقاية من عودتها.

البنزوديازيبينات benzodiazepines: تستخدم في المراحل البدئية من المعالجة إلى أن يحقق الليثيوم تأثيره العلاجي الكامل، ويجب عدم استخدام هذه المركبات لفترات طويلة بسبب خطر حدوث الاعتماد.

مضادات الذهان antipsychotics: تتم السيطرة على هجمة الهوس الحادة باستخدام أحد الأدوية المضادة للذهان لأن تأثير الليثيوم المضاد للهوس لا يظهر إلا بعد مرور بضعة أيام. يمكن إعطاء الليثيوم بالتزامن مع مضادات الذهان ويتم سحب هذه الأخيرة بصورة تدريجية عندما يبدأ تأثير الليثيوم بالظهور، وفي إجراء بديل يمكن البدء باستعمال الليثيوم حالما يستقر مزاج المريض باستخدام مضادات الذهان.

يجب الانتباه إلى أن الجرعات العالية من الهالوبيريدول haloperidol والفلوفينازين fluphenazine قد تكون خطرة إذا ما استخدمت مع الليثيوم.

الكاربامازيبين carbamazepine: يستخدم الكاربامازيبين للوقاية من الاضطراب ثنائي القطب (الاضطراب الهوسي الاكتئابي) لدى المرضى غير المستجيبين للمعالجة بالليثيوم، ويبدو أن الدواء يتمتع بفعالية خاصة لدى المرضى الذين تكون دورات المرض الاكتئابي الهوسي لديهم سريعة (4 نوب عاطفية أو أكثر في العام).

الليثيوم lithium: تستخدم أملاح الليثيوم في معالجة الهوس والوقاية منه، والوقاية من الاضطرابات ثنائية القطب (اضطراب الهوس الاكتئابي)، وفي الوقاية من الاكتئاب الناكس (الاكتئاب وحيد القطب).

يعتمد قرار الإعطاء الوقائي لليثيوم على إمكانية النكس لدى المريض والفائدة المرجوة مقابل الأخطار المحتملة.

يترافق الاستعمال طويل الأمد لليثيوم باضطرابات درقية وقصور في الذاكرة والقدرة المعرفية، لذا يجب أن تبدأ المعالجة طويلة الأمد فقط بعد التقييم الدقيق لأخطار المعالجة وفوائدها، والمراقبة المنتظمة للوظيفة الدرقية. يجب أن تقيم الحاجة إلى المعالجة المستمرة بصورة منتظمة، ويجب أن يداوم المريض على الليثيوم مدة 3ـ5 سنوات فقط إذا كان هناك فائدة من المعالجة.

تجدر الإشارة إلى أن الليثيوم غير مناسب للاستخدام لدى الأطفال.

التراكيز المصلية: تملك أملاح الليثيوم هامش أمان علاجي ضيق لذا يجب عدم وصفها إلاّ بعد معايرة تراكيز الليثيوم المصلية. يجب أن تضبط تراكيز الليثيوم بحيث تحقق تركيزاً مصلياً يساوي 0.4ـ1 ملمول/لتر في العينات المأخوذة بعد 12 ساعة من آخر جرعة (0.4 ملمول/لتر عند كبار السن وعند استخدام جرعات الصيانة)، ويجب تحديد المجال المثالي لكل مريض بشكل مفرد.

قد يسبب فرط جرعة الليثيوم (عندما تتجاوز تركيز الليثيوم في المصل عادةً 1.5 ملمول/لتر) موت المريض، وتتضمن الآثار السامة أعراض الرعاش، والرنح، وعسر التلفظ، والرأرأة، والأذية الكلوية، والاختلاجات، ويستدعي ظهور هذه الآثار الخطرة إيقاف المعالجة، وإعادة تحديد تركيز ليثيوم المصل، واتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة سمية الليثيوم. قد يكفي في الحالات المتوسطة سحب الليثيوم وإعطاء كميات وافرة من الصوديوم والسوائل لمعاكسة حالة السمية، أما الحالات التي يتجاوز فيها تركيز الليثيوم المصلي 2 ملمول/لتر فتتطلب علاجاً إسعافياً.

سحب الدواء: يجب عند إيقاف المعالجة بالليثيوم إنقاص جرعة الدواء بصورة تدريجية خلال بضعة أسابيع، ويجب أن يحذر المريض من خطر النكس إذا ما أوقف المعالجة بصورة مفاجئة.

 

 

 

أدوية الجملة العصبية المركزية (المنومات ومزيلات القلق)

توجيهات

تملك معظم مزيلات القلق (المهدئات) تأثيراً منوماً عند إعطائها ليلاً وتملك معظم المنومات تأثيراً مهدئاً عند إعطائها خلال النهار. توصف هذه الأدوية بشكل واسع ولكنها قد تحدث تحملاً واعتماداً جسدياً ونفسياً، وقد يصعِّب ذلك من مهمة سحب الدواء بعد المعالجة المنتظمة لأكثر من بضعة أسابيع، لذا يجب أن يُحتفظ بالمنومات ومزيلات القلق للاستخدام في الأنظمة العلاجية قصيرة الأمد لتخفيف الحالات الحادة بعد إثبات العوامل المسببة.

تعد البنزوديازيبينات benzodiazepines أكثر المنومات ومزيلات القلق شيوعاً، في حين لم يعد ينصح باستعمال الأدوية القديمة مثل الميبروبامات meprobamate والباربيتورات barbiturates لأنها تسبب تأثيرات جانبية وتداخلات دوائية أكثر من البنزوديازيبينات وتكون أكثر خطورة عند استخدامها بجرعات زائدة.

 

 

التأثيرات التناقضية paradoxical effects للمنومات ومزيلات القلق:

يمكن تسجيل زيادة تناقضية في العدائية hostility والعدوانية aggression لدى المرضى الذين يتناولون البنزوديازيبينات، وتتراوح التأثيرات بين الثرثرة والاهتياج والتصرفات العدوانية والمعادية للمجتمع، ويمكن التخفيف من هذه التأثيرات بضبط الجرعة زيادةً أو نقصاناً. يمكن كذلك ظهور تأثيرات تناقضية أخرى تتمثل بازدياد القلق والاضطرابات الإدراكية الحسية.

 

 

الاعتماد dependence والسحب withdrawal:

يجب أن يتم سحب البنزوديازيبينات بصورة تدريجية لأن السحب المفاجئ قد يسبب اضطراباً وهوساً تسممياً واختلاجات أو حالة شبيهة بالرعاش الانفعالي، ويكون احتمال حدوث تأثيرات قوية أكبر غالباً عند سحب الباربيتورات بصورة مفاجئة.

قد تتطور متلازمة سحب البنزوديازيبين في أي وقت خلال فترة 3 أسابيع من إيقاف تناول البنزوديازيبين إذا كان مديد التأثير، ويمكن أن تتطور هذه المتلازمة في غضون بضع ساعات بعد إيقاف تناول البنزوديازيبين إذا كان قصير التأثير. تتميز متلازمة السحب بحدوث أرق، وقلق، ونقص شهية، ونقص وزن، ورعاش، وتعرق، وطنين، واضطرابات إدراكية، وقد تكون هذه الأعراض شبيهة بالشكوى الأصلية، وقد تدفع الطبيب إلى وصف المزيد من هذه الأدوية، وقد تستمر هذه الأعراض لعدة أسابيع أو أشهر بعد إيقاف البنزوديازيبينات.

يمكن سحب البنزوديازيبينات على مراحل وذلك من خلال إنقاص الجرعة بمقدار ثمن الجرعة اليومية (أو بمقدار يتراوح بين عشر الجرعة وربعها) كل أسبوعين، وفيما يلي أحد أنظمة السحب المقترحة للمرضى الذين يجدون بعض الصعوبة:

1ـ يحوَّل المريض إلى جرعة يومية مكافئة من الديازيبام diazepam1، ويفضل أن تعطى الجرعة ليلاً.

2ـ تنقص جرعة الديازيبام كل أسبوعين بمقدار 2 أو 2.5 ملغ في كل مرة، وإذا ظهرت أعراض الانسحاب يتم المحافظة على الجرعة إلى أن تتحسن الأعراض.

3ـ تنقص الجرعة بصورة إضافية، ويتم ذلك كل أسبوعين أو بتواتر أبطأ عند الضرورة2، إذ يفضل أن يتم السحب ببطء أكثر من أن يتم بسرعة.

4ـ يوقف الدواء كلياً.

تتراوح المدة اللازمة لسحب الدواء بين 4 أسابيع إلى سنة أو أكثر.

يمكن أيضاً الاستفادة من العلاج الشوراني counselling عند سحب البنزوديازيبين، ويقتصر استخدام حاصرات بيتا على الحالات التي تفشل فيها الوسائل الأخرى، كما يقتصر استخدام مضادات الاكتئاب فقط على حالات الاكتئاب السريري أو الاضطراب الهلعي، ويجب تجنب مضادات الذهان التي قد تفاقم أعراض السحب.

 

1 الجرعات التقريبية المكافئة لجرعة 5 ملغ من الديازيبام:

الكلورديازيبوكسيد 15 ملغ

اللورازيبام 0.5 ملغ

النيترازيبام 5 ملغ

الأوكسازيبام 10 ملغ

2 يمكن ضبط إنقاص الجرعة حسب الجرعة البدئية ومدة المعالجة وقد تتراوح بين 500 مكغ و2.5 ملغ.

 

 

المنومات hypnotics:

يجب قبل وصف الأدوية المنومة إثبات حالة الأرق ومعالجة الأسباب المستبطنة عند الإمكان.

يمكن حدوث أرق عابر لدى الأشخاص الذين ينامون عادةً نوماً سوياً وجيداً بسبب عوامل دخيلة كالضجيج، أو تغيير العمل، أو التغيير الذي يولده اختلاف الوقت في النظم البيولوجية للجسم عند الطيران السريع من منطقة لأخرى، ويجب عند وصف الدواء المنوم في هذه الحالة اختيار دواء سريع الإطراح من الجسم وإعطائه بجرعة واحدة أو جرعتين فقط.

يرتبط الأرق قصير الأمد عادةً بمشكلة انفعالية أو بمرض شديد، ويستمر هذا الأرق لأسابيع معدودة وقد يعاود من جديد، ويمكن تدبير هذا الأرق بإعطاء دواء منوم ولكن لمدة لا تزيد عن 3 أسابيع (يفضل إعطاؤه لمدة أسبوع فقط)، ويفضل استعمال الدواء بشكل متقطع مع إهمال بعض الجرعات.

نادراً ما يعالج الأرق المزمن بالمنومات، وهو غالباً ما ينتج عن الاعتماد الخفيف الذي يسببه الوصف العشوائي (غير المدروس) للأدوية المنومة، وتعد الاضطرابات النفسية مثل القلق، والاكتئاب، وسوء استخدام الأدوية، وتناول الكحول من الأسباب الشائعة لهذه الحالة.

يعد اضطراب النوم من المظاهر الشائعة جداً في الأمراض الاكتئابية، ويجب في هذه الحالة معالجة الشكوى النفسية المستبطنة وتكييف نظام تناول الدواء لتخفيف الأرق (على سبيل المثال يوصف الأميتريبتيلين amitriptyline لمعالجة الاكتئاب، ويمكن لهذا الدواء أن يحرض النوم إذا أخذ ليلاً).

من الأسباب الأخرى للأرق هي القيلولة خلال النهار، بالإضافة إلى مجموعة من الأسباب الجسدية مثل الألم، والحكة، وضيق التنفس.

 

ملاحظات على استخدام المنومات:

1ـ يجب عدم وصف المنومات بشكل عشوائي أو بشكل روتيني، ويجب ادخارها للاستعمال في الأنظمة العلاجية القصيرة لحالات الشدة النفسية الحادة.

2ـ يتطور التحمل تجاه تأثيرات المنومات في غضون 3ـ14 يوم من الاستعمال المستمر، ويتمثل العائق الأساسي أمام الاستعمال طويل الأمد للمنومات في أن سحب الدواء يؤدي إلى معاودة الأرق وتسريع متلازمة السحب، كما أن الفعالية على المدى الطويل ليست مضمونة.

3ـ في الحالات التي لا يمكن فيها اجتناب الاستعمال المديد للمنومات يجب إيقاف المعالجة حالما يكون ذلك ممكناً، ويحذر المريض من إمكانية اضطراب النوم لبضعة أيام عند إيقاف الدواء قبل العودة إلى الوضع الطبيعي، كما أن انقطاع النوم بالأحلام الناشطة وزيادة نوم الريم REM (حركة العين السريعة) قد يستمر لعدة أسابيع.

4ـ يجب تجنب استخدام المنومات لدى المسنين الذين لديهم خطر الإصابة بالرنح والتخليط الذهني، والمسنين المعرضين للوقوع والتعرض لأذية.

5ـ ليس هناك ما يبرر وصف المنومات للأطفال باستثناء بعض الحالات كالرعب الليلي والمشي أثناء النوم.

 

 

1 - البنزوديازيبينات benzodiazepines:

يستخدم الديازيبام diazepam (أو البنزوديازيبينات الأخرى مديدة التأثير) في معالجة الأرق المترافق مع قلق نهاري ويعطى لذلك بجرعة ليلية واحدة.

يمارس النيترازيبام nitrazepam تأثيراً مديداً، وقد يكون له تأثيرات ثمالية تظهر في اليوم التالي، ويجب الانتباه إلى تراكم الجرعات المتكررة من الدواء.

يؤثر اللورازيبام lorazepam لوقت قصير ويسبب تأثيراً خمارياً قليلاً أو معدوماً (آثار شبيهة بالآثار التي تظهر عند الإسراف في تناول الكحول)، وتكون متلازمة الانسحاب شائعة عند استخدام هذا الدواء (تكون هذه المتلازمة بشكل عام أكثر شيوعاً عند استخدام البنزوديازيبينات قصيرة التأثير).

 

 

2 - الكلورال ومشتقاته chloral and derivatives:

استخدم الكلورال هيدرات chloral hydrate ومشتقاته بشكل شائع كمنومات لدى الأطفال، ولكن ليس هناك أدلة مقنعة على فائدة هذه المنومات لدى المسنين، وقد أصبح دورها كمنومات محدوداً للغاية في الوقت الراهن.

 

 

3 - مضادات الهيستامين antihistamines:

تحتوي العديد من المستحضرات المنومة التي تصرف دون وصفة طبية (otc) على مضادات الهيستامين بسبب تأثيرها المهدئ، وبما أن كمية مضاد الهيستامين تكون قليلة في هذه المستحضرات فإن فعاليتها تكون محدودة في إحداث النوم. بشكل عام تعد مضادات الهيستامين أقل فعالية من البنزوديازيبينات والمنومات والمهدئات الأخرى حتى عند إعطائها بجرعات عالية، ويتراجع التأثير المهدئ لهذه الأدوية بعد أيام قليلة من الاستمرار بالمعالجة.

يعد البروميتازين promethazine مناسباً للاستعمال لدى الأطفال، وهو يستخدم بشكل واسع كدواء مساعد في التخدير العام لإحداث النعاس والوقاية من الغثيان والقياء الناتج عن استخدام الأدوية المخدرة والمسكنات الأفيونية.

 

 

مزيلات القلق anxiolytics:

على الرغم من الاستخدام الواسع للبنزوديازيبينات لدى الأشخاص الذين تظهر لديهم أعراض مرتبطة بالشدة النفسية والحزن أو المصابين بأمراض وظيفية غير خطيرة فإن استخدام هذه الأدوية ليس مبرراً في العديد من الحالات.

يجب أن تتم المعالجة بمزيلات القلق بأقل جرعة ولأقصر فترة زمنية ممكنة، ويحصل الاعتماد غالباً لدى المرضى ذوي السوابق لإساءة استعمال الأدوية أو الكحول أو لدى المرضى الذين لديهم اضطرابات شخصية واضحة.

لا تكون البنزوديازيبينات ملائمة للاستخدام لدى الأطفال لمعالجة الاكتئاب والذهان المزمن، ويجب أن يقتصر استخدام مزيلات القلق لدى الأطفال بشكل عام على حالات القلق الحادة التي يسببها الخوف (قبل الجراحة مثلاً).

تستعمل مضادات الذهان أحياناً وبجرعات منخفضة في حالات القلق الشديد نظراً لتأثيرها المهدئ، ولكن يجب تجنب الاستخدام طويل الأمد لهذه المركبات لأنها قد تسبب عسر الحركة الآجل tardive dyskinesia. من جهة أخرى فقد أجيز استخدام بعض مضادات الاكتئاب في معالجة القلق والاضطرابات المشابهة.

 

 

1 - البنزوديازيبينات benzodiazepines:

توصف البنزوديازيبينات للتخفيف قصير الأمد (2ـ4 أسابيع فقط) لحالات القلق الشديدة التي قد تترافق بالأرق والتي تعرض المريض لضوائق غير مرغوبة أو تسبب عجز المريض، أو في الأمراض النفسية الجسدية العضوية أو النفسية قصيرة الأمد. لا تعد هذه الأدوية ملائمة للمعالجة قصيرة الأمد للقلق الخفيف.

تمتلك مركبات (الديازيبام diazepam، الألبرازولام alprazolam، البرومازيبام bromazepam، الكلورديازيبوكسيد chlordiazepoxide، الكلوبازام clobazam، الكلورازيبات clorazepate) تأثيراً طويلاً، وقد تتسبب الجرعات المتكررة منها بتراكم نواتجها الاستقلابية، ويكون المسنون والمصابون بالاعتلال الكلوي أو الكبدي أكثر الفئات عرضةً لظهور آثارها الجانبية، أما المركبات ذات التأثير الأقصر كاللورازيبام lorazepam والأوكسازيبام oxazepam فإنها تفضل لدى مرضى القصور الكبدي لكنها تحمل خطراً أكبر لظهور أعراض السحب.

يمكن استعمال البنزوديازيبينات كاللورازيبام بجرعة 3ـ5 ملغ/يوم أو الكلونازيبام بجرعة 1ـ2 ملغ/يوم في الاضطرابات الهلعية (المترافقة أو غير المترافقة برهاب الميادين agoraphobia) المقاومة للمعالجة بمضادات الاكتئاب (ولكن لم يرخص هذا الاستطباب لأي من الدوائين المذكورين)، ويمكن من جهة أخرى استخدام أحد البنزوديازيبينات كإضافة قصيرة الأمد في بداية المعالجة المضادة للاكتئاب وذلك لمنع الترقي البدئي للأعراض.

يعطى الديازيبام وريدياً لضبط الهجمة الهلعية، إذ يكون تأثيره سريعاً لدى إعطائه بهذا الطريق، ولكنه قد يسبب التهاباً وريدياً خثارياً لذا لا يلجأ إليه إلا عند فشل الإجراءات البديلة، أما طريق الحقن العضلي فلا يملك أي أفضلية على الطريق الفموي.

 

 

2 - حاصرات بيتا beta blockers:

لا تؤثر حاصرات بيتا (مثل البروبرانولول propranolol) في الأعراض النفسية كالقلق والتوتر والخوف وإنما تنقص الأعراض العائدة إلى الجملة المستقلة كالخفقان والتعرق والرعاش، لذا توصف هذه المركبات لدى الأشخاص ذوي الأعراض الوظيفية المسيطرة وقد يمنع ذلك بدوره بدء الخوف والقلق، أما الأشخاص ذوي الأعراض الفيزيولوجية النفسية المسيطرة فلا تظهر هذه المركبات أي فائدة لديهم.

 

 

 

 

أدوية الجملة العصبية المركزية ( مضادات الاكتئاب)

توجيهات

تعد مضادات الاكتئاب فعالة في علاج الاكتئاب الرئيسي من الدرجات المتوسطة إلى الشديدة بما فيه الاكتئاب الرئيسي المترافق مع مرض وظيفي، وهي فعالة كذلك في الاكتئاب الجزئي (وهو اكتئاب مزمن بدرجة أقل)، بينما لا تكون هذه الأدوية فعالة في علاج أشكال الاكتئاب الحاد الخفيفة ولكن يمكن تجريبها في الحالات المعندة على المعالجة النفسية.

 

 

اختيار الدواء المضاد للاكتئاب:

تتضمن الزمر الأساسية من مضادات الاكتئاب:

- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات tricyclic antidepressants والأدوية المشابهة.

- مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية selective serotonin reuptake inhibitorsم(SSRIs)

- مثبطات أنزيم المونو أمينو أوكسيداز monoamine

oxidase inhibitorsم(MAOIs)

وإلى جانب هذه الأدوية الأساسية يوجد عدد من مضادات الاكتئاب المدخلة حديثاً في المعالجة والتي لا يمكن تصنيفها ضمن هذه الزمر.

يقوم اختيار مضاد الاكتئاب اعتماداً على متطلبات كل حالة بشكل مفرد، وعلى وجود حالة مرضية أخرى، أو اتباع معالجة مزامنة، أو وجود خطر الانتحار، وعلى استجابة المريض السابقة للمعالجة المضادة للاكتئاب، وبشكل عام تفضل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات ومثبطات إعادة قبط السيروتونين على مثبطات خميرة المونو أمينو أوكسيداز لأن هذه الأخيرة قد تكون أقل فعالية وتبدي تداخلات خطرة مع بعض الأغذية والأدوية.

تعد مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات خيارات مناسبة لمعالجة الاكتئاب لدى أغلب المرضى، ويمكن في الحالات التي يُخشى فيها من الآثار الجانبية المحتملة للمعالجة استخدام أحد مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية أو أحد أفراد مضادات الاكتئاب الحديثة.

تتميز الأدوية المشابهة لمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (مثل الترازودون trazodone) عن مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات القديمة (مثل الأميتريبتيلين amitriptyline) بأن الآثار الجانبية المضادة للمسكارين (كجفاف الفم والإمساك) تحدث بتواتر أقل، كما تتميز بانخفاض خطر السمية القلبية عند استخدام جرعة مفرطة.

تظهر مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية تحملاً أفضل من الأدوية القديمة، مع ذلك لا تخول هذه الميزة اختيار هذه الأدوية كخيار علاجي من المرتبة الأولى بشكل دائم. من جهة أخرى تتميز مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية بأنها أقل إحداثاً للآثار الجانبية المضادة للمسكارين مقارنةً بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات القديمة، وتكون سميتها القلبية في حالات فرط الجرعة أقل أيضاً.

يفضل استخدام مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية عندما يكون هناك خطر واضح لزيادة الجرعة بشكل متعمد، أو عند وجود حالات مرضية مزامنة تفرض عدم استعمال مضادات الاكتئاب الأخرى، مع ذلك تمتلك مثبطات إعادة قبط السيروتونين آثاراً جانبية مميزة، وتعد الآثار الجانبية الهضمية كالغثيان والقياء شائعة الحدوث.

قد تكون مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات أكثر فعالية من مثبطات إعادة قبط السيروتونين ومثبطات خميرة المونو أمينو أوكسيداز في الحالات الشديدة لدى مرضى المشافي، والحالات التي تستلزم زيادة الفعالية إلى حدها الأعظمي، بينما تكون مثبطات المونو أمينو أوكسيداز أكثر فعالية من مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات لدى المرضى غير المستشفين المصابين بالاكتئاب اللانمطي.

يترافق المرض الاكتئابي غالباً بالقلق، وقد يكون العرض المميز للحالة، مع ذلك فإن استخدام دواء مضاد للذهان أو مزيل للقلق قد يضلل التشخيص الحقيقي لذا يجب استخدام هذه الأدوية بحذر لدى مرضى الاكتئاب، ولكنها قد تفيد كأدوية مساعدة لدى المرضى المُثارين.

 

 

تدبير الحالة:

يجب مراجعة حالة المريض كل 1ـ2 أسبوع عند بداية المعالجة المضادة للاكتئاب، ويجب الاستمرار بالمعالجة لمدة لا تقل عن 4 أسابيع (6 أسابيع لدى المسنين) قبل التفكير بتبديل الدواء إذا ارتأى الطبيب قلة فعالية الدواء، وفي حال حدوث استجابة جزئية تكمل المعالجة لمدة أسبوعين آخرين (قد يحتاج المسنون مدة أطول لتحقيق الاستجابة).

بعد هدأة الحالة يجب متابعة العلاج بمضاد الاكتئاب بنفس الجرعة لمدة 6 أشهر على الأقل (12 شهر لدى المسنين)، ويجب أن يستمر المرضى الذين لديهم سيرة لنكس حالة الاكتئاب في تلقي المعالجة الصيانية (لمدة 5 سنوات على الأقل وقد يمتد ذلك إلى أجل غير محدد)، ويعد الليثيوم خياراً بديلاً فعالاً من المرتبة الثانية في المعالجة الصيانية.

قد تكون مشاركة دوائين مضادين للاكتئاب خطيرة، ونادراً ما يكون هناك ما يبرر هذه المشاركة إلا في الحالات التي تتم تحت مراقبة الطبيب المختص.

 

 

فشل الاستجابة:

إن فشل الاستجابة لدورة علاجية بدئية بأحد مضادات الاكتئاب قد يستلزم زيادة جرعة الدواء أو التحول إلى زمرة أخرى من مضادات الاكتئاب، أو استعمال أحد الأدوية المثبطة لخميرة المونو أمينو أوكسيداز في حالات الاكتئاب اللانمطي.

قد يتطلب فشل المعالجة بمضاد الاكتئاب الثاني إضافة الليثيوم، أو المعالجة النفسية، أو معالجة بالتخليج الكهربي electroconvulsive therapy.

 

 

السحب:

يؤدي إيقاف المعالجة بمضاد الاكتئاب (خاصة مثبطات المونو أمينو أوكسيداز MAOIs) بشكل مفاجئ بعد الاستعمال المنتظم لمدة 8 أسابيع أو أكثر إلى ظهور أعراض معدية معوية كالغثيان والقياء والقهم تترافق بصداع، ودوار، وقشعريرة وأرق وأحياناً بهوس خفيف وقلق هلعي وتململ حركي شديد، لذا يجب أن يتم خفض الجرعة بصورة تدريجية على مدى 4 أسابيع ويمكن إطالة هذه المدة إذ تطورت أعراض الانسحاب (6 أشهر لدى المرضى الذين خضعوا لمعالجة صيانة طويلة الأمد).

يجدر التنبيه إلى أن مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية تترافق بمتلازمة سحب نوعية.

 

 

القلق:

يتضمن تدبير القلق الحاد بشكل عام استعمال مركب بنزوديازيبيني، ويمكن في حالات القلق المزمن (الذي يمتد فترة أكثر من 4 أسابيع) استعمال مضاد الاكتئاب قبل استعمال المركب البنزوديازيبيني. يعالج القلق المعمم غير المستجيب للبنزوديازيبينات بمضادات الاكتئاب، وقد تكون مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية فعالة في اضطرابات القلق النوعية.

 

الاضطرابات الهلعية:

تستخدم مضادات الاكتئاب بشكل عام لمعالجة الاضطرابات الهلعية والرهابية، وقد أجيز استخدام الكلوميبرامين clomipramine للحالات الرهابية والوسواسية، وتؤخذ المعالجة بأحد البنزوديازيبينات بالاعتبار في الاضطرابات الهلعية (المترافقة أو غير المترافقة مع رهاب الخلاء) المقاومة للمعالجة المضادة للاكتئاب.

 

1ـ مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات والأدوية المشابهة:

تضم هذه الزمرة مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة والأدوية ذات البنية المؤلفة من حلقة واحدة أو حلقتين أو 4 حلقات والتي تتمتع بخواص مشابهة.

تشمل مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة: الأميتريبتيلين amitriptyline، الكلوميبرامين clomipramine، الإيميبرامين imipramine، النورتريبتيلين nortriptyline، أما مضادات الاكتئاب ذات البنية المشابهة فتضم: المابروتيلين maprotiline والترازودون trazodone.

تعد هذه الأدوية فعالة في معالجة الاكتئاب داخلي المنشأ endogenous depression المترافق مع تغيرات حركية نفسية وفيزيولوجية كفقدان الشهية واضطراب النوم، ويكون تحسن النوم غالباً أول التأثيرات المفيدة ظهوراً.

قد لا يظهر تأثير مضادات الاكتئاب قبل مرور أسبوعين على بدء المعالجة، لذا تعالج الحالات الشديدة التي لا تستحمل تأخير المعالجة بالتخليج الكهربي.

تعد بعض مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات أيضاً فعالة في تدبير الاضطراب الهلعي، وقد يكون لبعض أفرادها دور في بعض أنماط الآلام العصبية والبوال الليلي لدى الأطفال.

 

الجرعة: تفشل المعالجة بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات والأدوية المشابهة في تحقيق الاستجابة لدى حوالي 10ـ20 من المرضى، وقد تعود هذه الإخفاقات إلى عدم استخدام جرعة كافية من الدواء، لذا يجب استخدام جرعات عالية بصورة كافية لضمان فعالية المعالجة ولكن دون الوصول إلى حد السمية، أما الجرعات المنخفضة فيجب أن تستخدم كجرعات بدئية لدى المسنين.

يسمح نصف العمر الطويل لمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات بتناول هذه الأدوية مرة واحدة/يوم لدى أغلب المرضى (جرعة ليلية عادةً)، ويكون من غير الضروري بالتالي استخدام الأشكال ذات التحرر المضبوط.

 

الاختيار: يمكن تقسيم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات والأدوية ذات البنية المشابهة إلى أدوية تملك خواص مهدئة ملحوظة، وأدوية تملك خواص مهدئة ضعيفة. يستجيب المرضى المصابون بالهياج والقلق بشكل أفضل للمركبات ذات الخواص المهدئة (الأميتريبتيلين، الكلوميبرامين، المابروتيلين، الترازودون)، بينما تفيد المركبات ذات التهدئة القليلة (الإيميبرامين، النورتريبتيلين) لدى المرضى المنعزلين واللامبالين.

 

الآثار الجانبية: على الرغم من الفعالية النسبية والأمان النسبي الذي تتمتع به مركبات الإيميبرامين والأميتريبتيلين إلا أن التأثيرات الجانبية القلبية والمضادة للمسكارين الناتجة عنها تفوق التأثيرات الناتجة عن المركبات الأخرى مثل الترازودون.

يؤدي استعمال مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات أحياناً (وبشكل خاص الأميتريبتيلين) إلى حدوث اضطرابات نظمية وحصار قلبي، ويشكل ذلك عامل خطورة للموت المفاجئ لدى المرضى الذين يعانون من أمراض قلبية، ويترافق استعمال هذه الأدوية أحياناً باختلاجات (وبشكل خاص مع المابروتيلين) ويوصى بتوخي الحذر لدى وصفها لدى مرضى الصرع لأنها تخفض عتبة الاختلاج. تتضمن الآثار الجانبية الأخرى لمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات: نعاس، جفاف الفم، تشوش الرؤية، إمساك، احتباس البول وتعرق.

يجب أن يشجع المرضى على الاستمرار بالمعالجة إذا ما تطور بعض التحمل للآثار الجانبية.

تنخفض حوادث الآثار الجانبية بإعطاء الدواء بجرعات منخفضة في البداية ومن ثم زيادتها بصورة تدريجية مع مراعاة الحاجة إلى تحقيق استجابة علاجية جيدة بأسرع وقت ممكن. يكتسب إدخال المعالجة بصورة تدريجية أهمية خاصة لدى المرضى المسنين، إذ يكون هؤلاء المرضى معرضين للإصابة بالدوار أو الغشي نظراً للتأثيرات الخافضة للضغط لهذه الأدوية، كما أنهم معرضون لحدوث انخفاض في صوديوم الدم.

يترافق استعمال جميع الأدوية المضادة للاكتئاب عادةً بحدوث انخفاض صوديوم الدم ويجب أن يؤخذ ذلك بالاعتبار لدى جميع المرضى الذين يتطور لديهم نعاس أو تخليط ذهني أو اختلاجات لدى استعمال مضادات الاكتئاب.

 

 

2 - مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية (SSRIs):

تعمل أدوية الفلوكسيتين fluoxetine، والفلوفوكسامين fluvoxamine، والسيرترالين sertraline على تثبيط إعادة قبط السيروتونين (5 هيدروكسي تريبتامين) بشكل انتقائي، ومن هنا جاءت تسمية هذه الزمرة من مضادات الاكتئاب.

يوصى بتوخي الحذر عند استخدام مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية لدى مرضى الصرع، ولدى المرضى الخاضعين لجلسات التخليج الكهربي، والمرضى الذين لديهم سيرة مرضية للهوس، والأمراض القلبية، والداء السكري، والزرق مغلق الزاوية، وسيرة للاضطرابات النزفية، والقصور الكبدي والكلوي، وفي الحمل والإرضاع، ويجب تجنب استخدامها إذا لم تكن الحالة الصرعية مضبوطة بشكل جيد، وإيقاف المعالجة بها عند تطور الاختلاجات.

يجب عدم سحب مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية بصورة مفاجئة، إذ يترافق ذلك بصداع، وغثيان، ودوار، وقلق، ويجب تجنب استخدامها إذا دخل المريض في الطور الهوسي.

تتميز هذه الأدوية بأنها أقل إحداثاً للتهدئة مقارنةً بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، كما أن تأثيراتها القلبية والمضادة للمسكارين أقل أيضاً.

يجب الانتباه إلى أن تناول مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية قد يضعف الأداء المهاري لدى المريض.

يجدر التنبيه إلى ضرورة عدم البدء باستخدام مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية حتى مرور أسبوعين على إيقاف استخدام مثبطات أنزيم المونو أمينو أوكسيداز، ويجب بالمقابل عدم البدء باستخدام مثبطات أنزيم المونو أمينو أوكسيداز حتى مرور أسبوع على الأقل على إيقاف تناول مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية (أسبوعين في حالة السيرترالين و5 أسابيع في حالة الفلوكسيتين).

 

 

3 - مثبطات أنزيم المونو أمينو أوكسيداز:

تعد مثبطات أنزيم المونو أمينو أوكسيداز (كالإيزوكاربوكسازيد isocarboxazid، الفينيلزين phenelzine، الترانيل سيبرومين tranylcypromine) أقل استخداماً من مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات والأدوية المشابهة ومن مثبطات إعادة قبط السيروتونين والأدوية المشابهة بسبب خطر تداخلاتها الدوائية والغذائية، ولكن يعتقد أن المرضى الرهابيين والمكتئبين الذين يعانون من مظاهر غير نمطية، مراقية، وهيستريائية يستجيبون بشكل أفضل لمثبطات المونو أمينو أوكسيداز.

 

 

 

أدوية الجملة العصبية المركزية (أدوية الدوار والقياء)

توجيهات

توصف مضادات القياء فقط عندما يكون سبب القياء معروفاً لأنها قد تؤخر التشخيص خاصةً لدى الأطفال. يعتمد اختيار مضاد القياء على سبب القياء:

1ـ مضادات الهيستامين antihistamines (مثل السيناريزين cinnarizine، السيكليزين cyclizine، البروميتازين promethazine): فعالةً في معالجة الغثيان والقياء الناتجين عن العديد من الحالات المستبطنة، حيث يستفاد من تأثير مضادات الهيستامين من الجيل الأول على الجملة العصبية المركزية في معالجة الغثيان والقياء الناتج عن الحركة أو السفر motion sickness والوقاية منه، وتبدي هذه الأدوية بشكل عام فعالية مضادة لداء الحركة أضعف من فعالية مضادات الكولين مثل السكوبولامين.

قد تفيد مضادات الهيستامين أيضاً في معالجة الغثيان والقياء في الاضطرابات الدهليزية مثل داء منيير Meniere's disease والأشكال الأخرى للدوار.

لا تتوفر أدلة على أفضلية أيٍّ من هذه الأدوية على الآخر من حيث الفعالية، ولكنها تختلف في مدة تأثيرها وآثارها الجانبية (النعاس والآثار الجانبية المسكارينية).

 

 

2ـ الفينوتيازينات phenothiazines (مثل الكلوربرومازين chlorpromazine): تؤثر مركزياً من خلال حصر المنطقة المثيرة للمستقبل الكيميائي، وهي تتمتع بأهمية خاصة في معالجة الغثيان والقياء المرافقين للأمراض الورمية المنتشرة، والمعالجة الشعاعية، والقياء الناتج عن استخدام بعض الأدوية مثل الأفيونات، والمخدرات العامة، والأدوية السامة للخلايا، ولكنها قد تتسبب بظهور حالات من خلل التوتر خاصةً لدى الأطفال. تتوفر بعض الفينوتيازينات بشكل تحاميل شرجية، وتفيد هذه الأشكال في حالات القياء المعند أو الغثيان الشديد.

تفيد بعض الأدوية الأخرى المضادة للذهان مثل الهالوبيريدول haloperidol أيضاً في تخفيف الغثيان.

 

 

3ـ الميتوكلوبراميد metoclopramide: يملك تأثيراً مشابهاً لتأثير الفينوتيازينات، إلى جانب تأثيره المباشر على الطريق المعدي المعوي. قد يتفوق الميتوكلوبراميد في فعاليته على الفينوتيازينات في حالات القياء المرافقة للأمراض المعدية العفجية والكبدية والصفراوية، وهو ذو فعالية محدودة في إيقاف الغثيان والقياء التالي للعمليات الجراحية عند إعطائه بجرعة 10 ملغ، وقد تراجع حالياً استخدامه بجرعات حقنية عالية في معالجة الغثيان والقياء المرافق لاستخدام الأدوية السامة للخلايا.

كما هو الحال بالنسبة للفينوتيازينات قد يسبب الميتوكلوبراميد تفاعلات حادة من خلل التوتر dyskinesia تتضمن تشنجات وجهية وعضلية هيكلية ونوبات شخوص البصر، وتكون هذه الآثار الجانبية أكثر شيوعاً لدى الشباب (خاصةً الفتيات والنساء الشابات) والطاعنين في السن، وتظهر عادةً بعد فترة قصيرة من بدء المعالجة بالميتوكلوبراميد وتختفي في غضون 24 ساعة من إيقاف المعالجة.

يجب أن يقتصر استخدام الميتوكلوبراميد لدى المرضى دون 20 سنة على معالجة القياء المعند معروف السبب، والقياء الناتج عن المعالجة الشعاعية والمعالجة بالأدوية السامة الخلايا، وللمساعدة في التنبيب المعدي المعوي، والتمهيد للتخدير، ويجب أن تحدد جرعة الميتوكلوبراميد على أساس وزن الجسم.

 

 

5ـ الدومبيريدون domperidone: يؤثر في المنطقة المثيرة للمستقبل الكيميائي، وهو يستخدم لتخفيف الغثيان والقياء وبشكل خاص للحالات المرافقة للمعالجة السامة للخلايا. يتميز الدومبيريدون على الميتوكلوبراميد والفينوتيازينات بأنه لا يحدث تأثيرات مركزية كالتهدئة وتفاعلات خلل التوتر لأنه لا يعبر الحاجز الدموي الدماغي. يستخدم الدومبيريدون في داء باركنسون خلال بدء المعالجة بالأبومورفين apomorphine ويمكن استخدامه لمعالجة القياء المحرَّض بالليفودوبا والبروموكريبتين، والقياء العائد للاستخدام الطارئ لمانعات الحمل الهرمونية.

 

 

6ـ الأوندانسيترون ondansetron: من الضادات النوعية للسيروتونين والتي تؤثر من خلال حجب مستقبلات 5HT3 في الطريق المعدي المعوي والجملة العصبية المركزية. يتمتع الأوندانسيترون بأهمية كبيرة في تدبير الغثيان والقياء لدى المرضى الذين يتلقون أدوية سامة للخلايا، وعقب العمليات الجراحية، وهو لا يملك خواص مضادة للدوبامين لذا لا يؤدي استخدامه إلى ظهور تأثيرات خارج هرمية.

 

 

7ـ الديكساميتازون dexamethasone: يتمتع بتأثيرات مضادة للقياء، ويستخدم لمعالجة القياء الناجم عن المعالجة الكيميائية للسرطان إما بمفرده أو بالمشاركة مع الميتوكلوبراميد، أو اللورازيبام، أو أحد ضادات السيروتونين النوعية.

 

 

القياء خلال الحمل:

يكون الغثيان والقياء في الثلث الأول من الحمل بشكل عام خفيفاً ولا يتطلب معالجة دوائية، أما إذا كان القياء شديداً ـ كما في بعض الحالات النادرة ـ فيمكن اتباع معالجة قصيرة الأمد بأحد مضادات الهيستامين كالبروميتازين promethazine، ويمكن استخدام الميتوكلوبراميد metoclopramide ولكنه يبقى خياراً من المرتبة الثانية، وإذا لم تهدأ الأعراض خلال 24ـ48 ساعة يجب استشارة الطبيب المختص.

التقياء الحملي hyperemesis gravidarum هو حالة أكثر خطورة تتطلب إعاضة وريدية للسوائل والشوارد وتتطلب أحياناً دعماً غذائياً، ويجب تقديم إضافات من الثيامين thiamine (فيتامين B1) لإنقاص خطر الاعتلال الدماغي الفرنيكي wernicke’s encephalopathy.

 

 

الغثيان والقياء التاليين للعمل الجراحي:

يعتمد حدوث الغثيان والقياء بعد العمل الجراحي على عدة عوامل بما فيها نوع المخدر المستخدم أثناء العملية، ونوع الجراحة ومدتها، وجنس المريض. تهدف المعالجة في هذه الحالة إلى منع حدوث القياء والغثيان بعد العمل الجراحي، وتتضمن الأدوية المستخدمة لهذا الهدف: بعض المشتقات الفينوتيازينية، والميتوكلوبراميد، وحاصرات مستقبلات 5HT3 (الأوندانسيترون)، ومضادات الهيستامين (مثل السيكليزين cyclizine)، والديكساميتازون، ويمكن تدبير الحالات المعندة بمشاركة دوائين يؤثران في موقعين مختلفين.

يجب الانتباه إلى أن جرعة 10 ملغ من الميتوكلوبراميد محدودة الفعالية في إيقاف الغثيان والقياء التاليين للعمل الجراحي، وإلى أن الجرعات الحقنية العالية تسبب تأثيرات جانبية كثيرة.

 

داء الحركة (داء السفر) motion sickness:

تعطى مضادات القياء في هذه الحالة للوقاية، ويعد الهيوسين hyoscine أكثر الأدوية فعاليةً لهذه الغاية حيث يطبق بشكل لصقات عبر الأدمة توضع قبل السفر بعدة ساعات لتؤمن فعالية مديدة، وتكون مضادات الهيستامين المهدئة أقل فعالية بقليل من الهيوسين ولكنها أفضل تحملاً، ويفيد استخدام البروميتازين promethazine في الحالات التي يرغب فيها الحصول على تأثير مهدئ، ولكن يفضل بشكل عام استخدام مضادات الهيستامين الأقل إحداثاً للتهدئة مثل السيكليزين cyclizine والسيناريزين cinnarizine، أما مضادات القياء الحاصرة للمستقبلات 5HT3 (الأوندانسيترون)، والدومبيريدون، والميتوكلوبراميد، والفينوتيازينات (باستثناء البروميتازين) فإنها غير فعالة في تدبير داء الحركة.

 

 

الاضطرابات الدهليزية الأخرى:

يهدف تدبير الاضطرابات الدهليزية إلى علاج السبب المستبطن وعلاج أعراض اختلال التوازن والغثيان والقياء المرافقين لها، أما الغثيان والدوار المرافقين لداء منيير وجراحة الأذن الوسطى فقد يكون من الصعب علاجها.

يستخدم البيتاهيستين betahistine ـ وهو مضاهئ للهيستامين ـ لإنقاص الضغط اللمفاوي الداخلي من خلال تحسين الدوران الصغري، وقد أجيز استخدامه لعلاج الدوار والطنين وفقدان السمع المرافق لداء منيير.

قد يفيد استخدام المدرات البولية بمفردها أو بالمشاركة مع تقييد الوارد من الملح في تدبير الدوار المرافق لداء منيير، وتكون مضادات الهيستامين (مثل السيناريزين cinnarizine)، والفينوتيازينات فعالة في الوقاية والمعالجة.

 

 

المعالجة الكيميائية السامة للخلايا:

يشكل الغثيان والقياء عرضين مزعجين لدى العديد من المرضى الذين يتلقون معالجة كيميائية وبشكل أقل لدى المرضى الذين يتلقون معالجة إشعاعية بطنية، وقد تقود هذه الأعراض إلى رفض المريض إكمال المعالجة، وهي إما أن تكون حادة (تظهر خلال 24 ساعة من المعالجة)، أو متأخرة (تظهر لأول مرة بعد أكثر من 24 ساعة من المعالجة)، أو استباقية (تظهر قبل الجرعات المتعاقبة).

تختلف قابلية الإصابة بالغثيان والقياء من مريض إلى آخر، ويعد المرضى دون سن الخمسين، والنساء، والمرضى القلقون والمرضى المصابون بداء الحركة أكثر الفئات عرضةً للإصابة بالغثيان والقياء، وتزداد قابلية الإصابة بالغثيان والقياء مع تكرار التعرض للجرعات الكيميائية.

الوقاية من الأعراض الحادة:

- لدى المرضى ذوي الخطر المنخفض لحدوث القياء: تسبق المعالجة باستخدام أحد المشتقات الفينوتيازينية الفموية، أو الدومبيريدون وتستمر هذه المعالجة حتى 24 ساعة بعد المعالجة الكيميائية.

- المرضى ذوي الخطر الأعلى لحدوث القياء: يمكن استخدام الديكساميتازون (6ـ10 ملغ فموياً) بمفرده أو مع اللورازيبام قبل بدء المعالجة.

- المرضى ذوي الخطر المرتفع لحدوث القياء أو عندما تكون المعالجات الأخرى غير فعالة: تستخدم ضادات المستقبلات 5HT3 (الأوندانسيترون) بالمشاركة مع الديكساميتازون في أغلب الأحيان، وتتمتع هذه الأدوية بفعالية عالية في السيطرة على القياء المبكر، وتستخدم كبديل للجرعات الوريدية العالية من الميتوكلوبراميد.

الوقاية من الأعراض المتأخرة:

يعد الديكساميتاون الخيار الأول في الوقاية من الأعراض المتأخرة، وهو يستخدم بمفرده أو بالمشاركة مع الميتوكلوبراميد، وتكون ضادات المستقبلات 5HT3 أقل فعالية في الوقاية من الأعراض المتأخرة.

الوقاية من الأعراض الاستباقية:

تعد السيطرة الجيدة على الأعراض الطريقة المثلى للوقاية من الأعراض الاستباقية، وقد تفيد في هذه الحالة إضافة اللورازيبام إلى مضادات القياء بسبب تأثيره المحدث لفقد الذاكرة، والمهدئ والمزيل للقلق.

 

 

الشقيقة:

تساهم مضادات القياء مثل الميتوكلوبراميد metoclopramide، والدومبيريدون domperidone، ومضادات القياء المضادة للهيستامين، ومضادات القياء الفينوتيازينية في تخفيف الغثيان المرافق لهجمات الشقيقة، ويمكن إعطاء هذه الأدوية بالحقن العضلي أو بالطريق الشرجي عند حدوث القياء. يتمتع كل من الميتوكلوبراميد والدومبيريدون بميزة إضافية وهي قدرتها على تحفيز الإفراغ المعدي والحركة التمعجية للأمعاء، وتعطى هذه المركبات بجرعة مفردة عند بدء الأعراض.