الوذمة اللمفية LYMPHOEDEMA

تنتج الوذمة اللمفية من تجمُّعِ السوائل في جوبة السوائل خارج الخلايا خارج الأوعية extracellular extravascular compartment؛ وفي الأطراف، تتجمع السوائل بشكل رئيسي في الأنسجة تحت الجلد. وتوجد علامة  الانطباع pitting السريرية عند الضغط على الجزء السفلي من الظنبوب في الوذمة اللمفية المبكرة مثلما هي موجودة في الوذمة الناتجة عن الضغط الرجوعي (الوذمة الوريدية)، أو نتيجة عوامل مصاحبة للفشل البطيني الأيمن، وكذلك الأسباب العديدة لنقص بروتينات البلازما. وبمرور الوقت، تصبح الوذمة اللمفية وذمة غير منطبعة non pitting بشكل مميز، إذ إن سماكة الأنسجة تحت الجلد نتيجة النسيج الليفي تزداد سوءًا بسبب التهاب الأوعية اللمفية والتهاب الهلل الراجع من الدرجه المتدنية.، وقد تكون الوذمة اللمفية ولادية أو مكتسبة.

الوذمة اللمفية الولادية Congenital lymphoedema

يعتمد تصنيف الوذمة اللمفية الولادية السريري (مرض ميلروي* Milroy's disease) على العمر الذي تظهر فيه؛ فـالوذمة اللمفية الولادية lymphoedema congenita موجودة عند الولادة، وتظهر الوذمة المبكرةlymphoedema praecox  عند البلوغ، والوذمة الآجلة lymphoedema tarda[1] عند البالغين، ولكن الحالة تصنف بشكل شائع تبعًا لنتائج تصوير الأوعية اللمفية:

نقص التنسج أو اللاتنسج Hypoplasia or aplasia، وهما أكثر شذوذين ولاديين شائعين يسببان الوذمة اللمفية، إذ يقل عدد الأوعية اللمفية والعقد اللمفية التي تنزح الطرف المصاب عادة في الفخذ حيث يُظلَّل opacify وعاء واحد أو اثنان بدل خمسة أو أكثر عادة (الشكل 13-6). ويصيب نقصُ التنسج أحيانًا الأوعيةَ والعقد اللمفية جنيب الأبهر وفي الحوض، ولكن ذلك أقل شيوعًا (الشكل 13-7). وقد يكون نقصُ التنسج اللمفي من الموجودات العارضية incidental findings في المرضى الذين يتم فحصهم بتصوير الأوعية اللمفية في القدم، لتعيين مرحلة مرض خبيث؛ ويشيع على الأرجح بدرجة أكثر بكثير من الوذمة اللمفية السريرية الفعلية.

ويمكن تشخيص نقص التنسج بكلِّ ثقةٍ إذا أُقْنِيَ وعاءٌ لمفي وتم بيان هذه الشذوذات، ولكنه يستحيل أحيانًا أن يوجد وعاء لمفي تحت الجلد في الطرف المصاب، ويشخص هؤلاء المرضى على أنهم يعانون من "لاتنسج لمفي lymphatic aplasia".

الطمس الرجوعي Retrograde obliteration. ربما يبين تصوير الأوعية اللمفية أن الأوعية الرئيسية مسدودة في الجزء السفلي من الطرف في المرضى المصابين بوذمــة لمفية لأمد طويــل، ويفترض أنّ أصلــها ولادي؛ وهذه الظـاهرة تُعزَى إلى "طمس رجوعي" أو "زوال خلفي die-back" لأوعيةٍ لمفيةٍ حِمْلـُها مفرط. وتساهم هذه العملية على الأرجح في الزيادة التدريجية في التورم، التي تعتبر احدى ظواهر الوذمة اللمفية الشائعة.

دوالي الأوعية اللمفية Varicose lymphatics، وهي سبب نادر للوذمة اللمفية الولادية. فالأوعية اللمفية متوسعة ومتعرجة، وغالبًا ما تصحب الحالةَ نواسيرُ شريانيةٌ وريديةٌ ولادية.

الوذمة اللمفية المكتسبة (الوذمة اللمفية الثانوية)

Acquired lymphoedema (secondary lymphoedema)

وينجم هذا الشكل من الوذمة اللمفية عن الانسداد، ويبين تصويرُ الأوعية اللمفية في هذه الحالات انسدادَ الأوعية اللمفية الرئيسية مع "جريان خلفي من الأدمة dermal back flow" إلى الأوعية اللمفية تحت الجلد (الشكلان 13-8 و13-9). وأسباب الوذمة اللمفية الانسدادية هي:

SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الرضح trauma، كاستئصال الأوعية اللمفية الإبطية في استئصال الثدي الجذري.

SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الخمج الحاد المتكرر، كما يحدث في الذين يمشون حفاة الأقدام.

SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h  الخمج الجرثومي المزمن، مثل التدرن وخمج الفطريات، والخمج المزمن في عنق الرحم أو حتى في الرحم نفسه، وكذلك الاحتشار الطفيلي parasitic infestation، مثل داء الخيطيات filariasis.

SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h  المرض الخبيث المتقدم.

ويؤدي انسداد الأوعية اللمفية المطوَّل أيضًا إلى "زوال خلفي die-back"  في الأوعية المصابة، وبالتالي يتحرك موقع الانسداد قاصيًّا، وهذا ما يفسر طبيعة الوذمة اللمفية الانسدادية المترقية. وتتسارع العملية بخمج الأنسجة الرخوة والتهاب الأوعية اللمفية. وقد يحرِّض على حدوث الوذمة اللمفية التهابُ الأوعية اللمفية في بعض المرضى المصابين بنقص تنسُّج الأوعية اللمفية الولادي الطفيف.

التشخيص التفريقي للوذمة اللمفية Differential diagnosis of lymphoedema. إن الوذمة بالجانبين bilateral في الساقين بحاجة إلى فحوصات لاستبعاد الأسباب القلبية والكلوية والاستقلابية (نقص بروتينات الدم). وقد يتم الخلط بين الوذمة اللمفية بجانب واحد unilateral وتلك التي تنجم عن خثار الوريد العميق deep vein thrombosis أو انضغاط الوريد او تضيقه stricture، خاصة الوريد الحرقفي الأصلي common iliac في الجهة اليسرى (الشكل 13-10) (كوكيت* Cockett). والعملياتُ التي تحرك الانشعاب الأبهري aortic bifurcation إذا كان سبب الانضغاط، أو اجراءُ فتحِ الانسداد الوريدي مباشرة أو رأبِ الوريد venoplasty، مازالت تحت التجربة.

معالجة الوذمة اللمفية Treatment of lymphoedema

ملطِّفة Palliative. الراحة في السرير ورفع الطرف والصادَّة antibiotic الملائمة أمور مهمة في جميع الهجمات الالتهابية. وحتى بين الهجمات، يجب أن ينام المريض وأسفلُ السرير مرفوعٌ، وقد يحتاج إلى استعمال ضغط كافٍ من جوارب مرنة، مثل SigvarisSYMBOL 210 \f "Symbol". كما أن إدرار البول المتقطع الذي تُحْدِثه الأدوية المدرة الحديثة مفيدٌ أيضًا. ويمكن أيضًا وضع مضخة ضغط متقطع للطرف إذا توافرت.

الجراحة Surgery. وتُدَّخَر لتلك الحالات التي يوجد فيها إعاقة شديدة. وإحدى العمليات الجراحية العديدة هي إزالة كل الأنسجة الشاذة تحت الجلد ثم تغطية الأجزاء العميقة المكشوفة  بطُعْمٍ جلدي مشطور split skin graft (عملية السلخ flaying operation). وهناك طريقة أخرى يُطْمَر فيها الجزء الأدمي dermal من الجلد الزائد مثل لفّة الكعك السويسري Swiss roll cake على طول الساق كلِّه حتى تتمكن الأوعية اللمفية تحت الأدمة من تنظيم نفسها طولانيًا وبالتالي تساعد في النزح (الشكل 13-11). وقد فشلت العمليات الأخرى التي تسعى لتحويل اللمف خلال اللفافة العميقة deep fascia بنزع أشرطة منها (عملية كوندوليون* Kondoleon's operation)، أو عبر المنطقة المسدودة بجسرٍ يتألف من سويقة جلدية skin pedicle، مع أن جسرًا من المساريق mesentry واللفائفي ileum المجرد من المخاطية، يُجَرَّبُ الآن (كنمونث* Kinmonth) في المراحل المبكرة؛ وخلاف ذلك يصعب تقليل كتلة النسيج الكبيرة تحت الجلد.

المفاغرة اللمفية الوريدية Venous lymphatic anastomoses (جراحة مجهرية microsurgery). حققت المعالجة بمفاغرة الأوعية اللمفية المتوسعة مع الأوردة نجاحًا جزئيا. فقد تم مشاهدة بعض التحسن في أولئك المرضى الذين تعقب الوذمةُ اللمفية عندهم إما تسليخَ العقد اللمفية بالجملة block dissection أو مداواتَها بالاشعة (اوبرين* O'Brian). ولكن لا يمكن التنبؤ بنتائج هذه العملية دائمًا.

الجَزْر الكيلوسي Chylous reflux

عندما يكشف تصوير الأوعية اللمفية جريان الكيلوس الحليبي جريانًا خلفيًا backflow من الصهريج الكيلوسي cisterna chyli، مع توسع الأوعية اللمفية، مما يؤدي إلى حدوث حويصلات ونواسير كيلوسية جلدية في الأطراف، فإن ربطَ الأوعية اللمفية واستئصالها في جدار البطن الخلفي قد تشفي الجَزْر، ولكن الوذمة اللمفية تبقى.