مقدمة    introduction

علم الجنين Embryology. تتكون البروستاة من الإحليل البدائي كسلسلة من البراعم الظهارية الصلبة التي تتكون فيها قنوات خلال أسابيع. وتصبح اللحمةُ المتوسطةُ mesenchyme المحيطةُ النسيجَ العضلي والضام للغدة، وتلعب دورًا مهما في تمايز ظهارة البروستاة. وفتحات نبيبات سكين* Skene’s tubules التي تقع على جانبي إحليل الأنثى تماثل البروستاة.

            التشريح الجراحي Surgical anatomy. لقد بني التقسيم الحالي للبروستاة إلى مناطق مختلفة على ما قام به مكنيل* (الشكل 59-1). ولقد بين أنها تقسم إلى منطقة محيطية تقع في أكثرها في الخلف ومنها تبدأ سرطانات متوسطة تقع خلف لمعة الإحليل وفوق القناتين الدافقتين أثناء مسارهما في البروستاة، وهاتان المنطقتان تشابه بيضة موضوعة في كأس خاص. وهناك أيضًا منطقة انتقالية حول الإحليل، يبدأ منها معظم تضخم البروستاة الحميد . وتوجد خلايا عضل أملس في جميع أنحاء البروستاة، غير أن لها في الجزء العلوي من البروستاة وعند عنق المثانة (المَصَرَّة الداخلية) وظيفة جنسية إذ تقفل عند الدفق. وقطع هذه الأنسجة أثناء عملية استئصال البروستاة هو السبب في الدفق الرجوعي retrograde ejaculetion. أما العضلة المخططة لمَصَرَّة الإحليل القاصية فتقع عند موصل البروستاة بالإحليل الغشائي وشكلها مثل حذوة الحصان وأغلبها يقع في الأمام وتتميز تمامًا من عضلة أرضية الحوض (الشكل 59-1).

وتقع غدد المنطقة المحيطية (الشكل 59-2) المبطنة بظهارة عمودية في السدى stroma الليفي العضلي، وتفتح قنواتها الطويلة المتفرعة في الأخاديد الخلفية الوحشية على جانبي الأكيمة المنوية veromontanum. وأما غدد المناطق الانتقالية فهي أقصر وغير متفرعة. وتفتح كل هذه القنوات مع القناتين الدافقتين العامتين والقنوات البروستاتية، في الإحليل المنوي. ولا عجب إذن إن التهاب البروستاة يصعب القضاء عليه.

            ويبدأ تضخم البروستاة الحميد في المنطقة الانتقالية حول الإحليل، وأثناء زيادة حجمها، تُضْغَطُ المنطقة المحيطية الخارجية للبروستاة التي تصبح محفظة كاذبة. وهناك أيضًا محفظة تشريحية خارجية ليفية حقيقية. ويقع خارجها تكثـُّـف من اللفافة الحوضية الداخلية تعرف بغمد اللفافة الحوضية الداخلية المحيطة بالبروستاة periprostatic sheath of endopelvic fascia. وتقع الضفيرة الوريدية البروستاتية الوافرة ما بين المحفظة التشريحية وغمد البروستاة. ويتصل غمد البروستاة بلفافة دينونفيلير* التي تفصل البروستاة وأغطيتها عن المستقيم.

            أما الحزم العصبية المستقلة التي تغذي أجسام القضيب بالأعصاب المستقلة، فهي قريبة جدًا من الناحية الخلفية الوحشية لمحفظة البروستاة، وهناك خطر عليها من الأذى أثناء الاستئصال الجذري للمثانة والبروستاة وكذلك استئصال البروستاة الجذري. والكي الغافل لهذه الأعصاب بنافذ الحرارة diathermy قد يكون السبب في العنانة الانتصابية بعد استئصال البروستاة عبر الإحليل.

            الفيسيولوجيا Physiology. للبروستاة وظيفة جنسية بحتة، ففي الحيوانات التي لها حياة جنسية فصلية، تكون البروستاة رديمية rudimentary إلا أثناء فصل التزاوج. (ضمور البروستاة عند البالغين العاديين بعد الخصي كان يعرفه جون هنتر*).

                التأثيرات الهرمونية المجموعية (الصماوية) وعوامل النمو المحلية Systemic hormonal influences (endocrine) and local growth factors (paracrine and autocrine). يتحكم في نمو البروستاة عدد من الهرمونات المحلية والمجموعية التي لا تعرف وظيفتها بالدقة بعد. والتستوستيرون testesterone تفرزه خلايا ليديج* الخصيوية تحت ضبط الهرمون الملوتن الذي تفرزه الغدة النخامية الأمامية بتحكم من الهرمون المحرر للهرمون الملوتن الوطائي hypothalamic luteinising hormone. ويتحول تيستوستيرون إلى 5-ثنائي هيدروتيستوستيرون 5-dihydrotestosterone بواسطة أنظيم 5-ألفا ريدَكتيز 5-alpha reductase الموجود بتركيزات عالية في البروستاة والجلد المحيط بالأعضاء التناسلية. وتفرز هرمونات ذكرية (أندروجين) أخرى من القشرة الكظرية، لكن تأثيراتها قليلة. وتفرز ستيرويدات إستروجينية من القشرة الكظرية أيضًا، وفي الذكر المسن، قد يلعب ذلك دورًا في زعزعة التوازن الدقيق بين 5-ثنائي هيدرو تيستوسترون وعوامل النمو المحلية الببتيدية، وهذا يزيد من خطر تضخم البروستاة الحميد. وزيادة مستويات الإستروجين في المصل، بعملها على الوطاء، تقلل من افراز الهرمون المحرر للهرمون الملوتن (أي الهرمون الملوتن) وبذا تقلل من مستويات تيستوسترون في المصل، ولذا فإن جرعات دوائية من الإستروجين تسبب ضمور الخصيتين والبروستاة بتخفيض التيستوستيرون.

            والببتيدات الأخرى التي تعمل محليًا تفرز من الظهارة البروستاتية وخلايا سدى اللحمة المتوسطة mesenchymal stroma استجابة للهرمونات الستيرويدية. وهذه تشمل عامل نمو بشروي، وعوامل نمو مشابهة للأنسولين، وعامل نمو الأرومة الليفية fibroblast وعوامل النمو المحولة ألفا وبيتا. وهذه لا شك تؤدي دورها في النمو الطبيعي والشاذ للبروستاة، ولكن وظائفها غير واضحة حتى الآن.

            تطور وإفراز مستضد البروستاة النوعي والفوسفاتيزات الحمضية Elaboration and secretion of prostate specific antigen (PSA) and acid phosphatases. مستضد البروستاة النوعي هو بروتين سكري، سيرين بروتييز serine protease، وقد تكون وظيفته لتسييل المني، غير أنه مؤشر لمرض البروستاة. ويقاس بالمقايسة المناعية، والحد الأعلى العادي له هو حوالي  4 نانومول/مل، ويرتفع مستواه في الرجال الذين لديهم نقائل سرطانة بروستاتية إلى أكثر من 30 نانومول/مل، وينخفض إلى مستويات متدنية بعد نجاح اجتثاث الأندروجين. أما الذين لديهم سرطانة بروستاة محدودة وموضعية فيكون مستوى المستضد في المصل حوالي 15نانومول/مل أو أقل. ومع أن المستضد هو مؤشر يعتمد عليه لمراقبة تطور المرض، الا أنه غير خاص أو حساس عند التشخيص التفريقي لسرطانة البروستاة في مراحلها الأولية وتضخم البروستاة الحميد، لأن المرضين يوافقان مستضدًا بحدود 4-12 نانومول/مل. ولقد فاق قياسُ المستضد قياسَ الفوسفاتيز الحمضي في المصل.