تتطلب الجراحة في وحدة العناية النهارية تسهيلات مُحدَّدَة، مع
تنظيم اختيار المريض بعناية قبل العملية، وتقديم هذه الخدمة
من قبل هيئة متمرسة مُلِـمـَّـة بشكل خاص بتدبير الألم بعد
العملية الجراحية، وإخراج المريض المبكر من المستشفى. وقد
تلائم الجراحة في وحدة العناية النهارية نسبة قد تصل إلى 50
بالمائة من المرضى الذين تُجْرَى لهم عمليات جراحية منتخبة، مع
العلم بأن هذه النسبة تختلف بين التخصصات. ويتطلب الأمر قدرًا
كبيرًا من التخطيط والأدوات والموارد في أثناء مرحلة إنشاء
الوحدة، وبمجرد الانتهاء من إنشائها، تتضح فوائدها الاقتصادية
من دون أدنى شك. ووحدة العناية النهارية لا توفر البيئة
الملائمة للجراح غير المتمرس ولا لتعليم حيثيات التقنية
الجراحية.
الأهداف
OBJECTIVES
يجب أن لا يتعرض المريض الذي تم إدخاله من أجل الجراحة في وحدة
العناية النهارية
إلا إلى الحد الأدنى من تعطيل حياته الخاصة، ويجب أن يكون
لائقـًا ليستعيد نشاطه ويعود إلى عمله مبكرًا. وتقع على
الجراح الذي يقوم بحجز موعد لمريض لإجراء جراحة في وحدة
العناية النهارية مسؤوليةُ التأكد من ملاءمة نوع التخدير
المقترح، والتأكد من أن أحوال المريض الاجتماعية تتناسب مع
خروجه مبكرًا. ويجب على الجراح التأكد من أن وحدة العناية
النهارية تعمل تحت إشراف إدارة ذات كفاية عالية، وأنها تقدم
للمريض معلومات دقيقة مكتوبة، مع ملخص مفصل بعد العملية
الجراحية يوجه للطبيب العام حتى يتمكن من متابعة تدبير المريض
في بيئته الاجتماعية في أقرب فرصة ممكنة.
التعريف
DEFINITION
تُعَرَّفُ حالة العناية النهارية الجراحية بالحالة التي يتم
إدخالها من أجل الاستقصاء أو الجراحة التي لايخطط لها المبيت،
والتي تحتاج لتوافر تسهيلات الإنعاش. ولا يشمل هذا التعريف
الحالات الصغرى التي تُجْرَى تحت التخدير الموضعي ولا تحتاج
لسرير داخل المستشفى، كما لا تشمل العمليات المحدودة التي تجري
في قسم الطوارئ والإسعاف. وتُقَدِّمُ وحدة العناية النهارية
الرعاية لحالات تحتاج لإدخال وإخراج تامَّيْن، بدعم كامل من
ممرضات متدربات وهيئة مساندة، وجناح للعمليات.
وقد يشارك الجراحَ في الوحدة زملاءه الذين يجرون
التنظير الداخلي endoscopy،
والتفريج عن الألم المزمن، وفحوصات الأشعة، والذين يقدمون
المعالجة الدَمَواتيةِ hematological
treatment
والمعالجة الورمية oncological
treatment.
وهذا يتطلب تخطيطـًا مسبقـًا وحجز أيام محددة تُجْرَى خلالها
الإجراءات الجراحية. ويضمن الاستعمالُ الفعال لأسرّة وحدة
العناية النهارية الجراحية توفير أسرّةَ المرضى الداخليين،
التي تستعمل أو تحجز لحالات أكثر تعقيدًا.
تاريخ تطورها
HISTORY OF DEVELOPMENT
تمت ولادة الجراحة في وحدات العناية النهارية مع مطلع
القرن العشرين، مع أن قِلَّةً من المتحمسين كانوا نشيطين قبل
هذا الوقت، خاصة وليم مورتن William
Morton،
الذي اكتشف التخدير بالايثر ether
anaesthesia،
وكان يُجري عمليات جراحية على مرضى العناية النهارية قبل ذلك
بخمسين عامًا (الجدول 62-1). أما جيمس نكول
James Nicoll،
جراح الأطفال في المستشفى الملكي لمرضى الأطفال في جلاسجو،
اسكتلندا، فقد قدَّم تقريرًا عن خبرته خلال تسع سنوات في علاج
7392 طفلاً في العيادات الخارجية لحالات متنوعة مثل العَلَم
harelip
(الشفة المشقوقة) والفتق hernia.
على أن تلك الوحدات كانت تميل لأن تكون معزولة، ولم يتم تبني
مفهوم الجراحة في الوحدات النهارية بشكل عام إلا بعد انتهاء
الحرب العالمية الثانية. وقد بين إيرك فاركهارسون
Eric Farquaharson
عام 1951 بأنه يمكن تَبَنِّي نفس المبادئ لإجراء جراحة الفتق
على البالغين وتحت التخدير الموضعي. وكان فاركهارسون أول من
أدرك بأنه يمكن استعمال هذا النوع من الجراحة لحل مشكلة قوائم
الانتظار الطويلة في الخدمات الوطنية البريطانية الطبية
الغِـرَّة. وأكثر من ذلك، بدأ يُكَوِّنُ سياسة التقييم الحذر
للمريض، مقرونًا بالتعاون مع الممارسين العامين، ومع رعاية
المجتمع المحلي. وتابع س. ف. بكلي C.V
Buckley
- جراح آخر من أدنبرة، ااسكتلندا، هذا النهج، وأكد على جوانب
عمل الفريق. فأثبتت دراسته صحة أسس الاختيار، وأكدت أنه يمكن
إخراج 95 بالمائه من المرضى في نفس يوم الجراحة. وكانت نسبة
المضاعفات أقل من 10 بالمائة، وأغلبها مضاعفات صغرى، وكانت
المضاعفة الوحيدة المُهَدِّدةُ للحياة هي انصمام رئوي غير
مميت في ثلاث حالات، ومن المحتمل أن تحدث هذه المضاعفات بعد
خروج المريض من عنبر المرضى التقليدي. وتشير المتابعة طويلة
الأمد إلى أن حدوث الفتق الراجع ليس أعلى من المتوقع في مجموعة
من المرضى الداخليين.
الجدول (62-1) علامات تاريخية في جراحة الوحدة
النهارية. |
1864 |
استعمل وليم مورتن
Wiliam
Morton
(بوسطن، الولايات المتحدة الأمريكية) الإيثر لمرضى
جراحة الوحدة النهارية. |
1909 |
قدَّم جيمس نكول
James
Nicoll
(جلاسكو، اسكتلندا) تقريرًا حول تجربته لمدة 9
سنوات مع 7392 طفلا، عولجوا كحالات جراحية في
الوحدة النهارية. |
1951 |
أجرى إيرك فاركهارسون
Eric
Farqauharson
(أدنبرة، ااسكتلندا) جراحة فتق على البالغين تحت
التخدير الموضعي على أساس حالات نهارية. |
1985 |
وضع س.ف، بكلي
C.V
Buckley
(أدنبرة، ااسكتلندا) سياسة لتوسيع نطاق جراحة
العناية النهارية. |
1985 |
نشرت كلية الجراحين الملكية، انجلترا، دليلاً
لجراحة الوحدة النهارية
Guidelines for Day Care Surgery. |
وانتشرت في أمريكا الشمالية خلال عشرين السنة
الماضية وحدات سَيْرِيَّة ambulatory
units
متخصصة في ‘إجراء واحد، ولكنها تختلف عن الوحدات ذات الأهداف
المتعددة التي أنشئت في بريطانيا خلال السنوات العشر الماضية.
وعلى سبيل المثال تتخصص عيادة الدكتور شولدايس
Shouldice clinic
في تورونتو في جراحة الفتق، ولكن بسبب سفر كثير من المرضى
لمسافات طويلة، تتوافر فيها إمكانات لبقاء المريض لأيام عديدة
بعد العملية الجراحية.
ونشرت كلية الجراحين الملكية في انجلترا، لأول
مرة، عام 1985 دليلها لجراحة الوحدة النهارية
Guidelines for Day Care Surgery،
وتم تحديث ذلك الدليل عام 1992. ووفر هذا الدليل قاعدة ذهبية
للجراحين، ونقطة مرجعية تمكـِّنهم من إنشاء وحداتهم الخاصة،
ابتداءً من تسهيلات الإقامة وانتهاءً باختيار المريض،
والإجراءات الروتينية قبل العملية، والتخدير والإنعاش بعد
العملية الجراحية، وإدارة الوحدة . وسيضمن إنشاء الرابطة
البريطانية للجراحة النهارية British
Assoation of Day Surgery،
التي أنشئت عام 1990، التأكد من أن هذه الإرشادات قد صُقِلَتْ
ووحُدِّثَتْ في ضوء التطورات الجديدة في التقنيات الجراحية.
وازداد الاهتمام بالجراحة في وحدات العناية
النهارية في التسعينيات، ويمكن تَعَلـُّمُ الدروس من ذلك.
أولاً وفرت حكومة المملكة المتحدة الإمكانات اللازمة. ثانيـًا،
تـَـبَنـَّـتْ كلية الجراحين الملكية في انجلترا سياسة نشطة
لنشر دليلها. وتم تحويل مفهوم جراحة العناية النهارية الى أمر
واقعي بسيط، ويمكن إعادة تطبيقه، وتم التركيز على التخطيط
بعناية، وعلى التحضير والإدارة، مما أدى إلى تحول ممارسة
الجراحة في عدد كبير من المستشفيات إلى وحدات العناية
النهارية.
الإمكانات (التسهيلات)
FACILITIES
وأما فوائد جراحة العناية النهارية فهي:
·
أقل إرباكـًا لحياة المريض الخاصة.
·
العودة المبكرة للعمل والنشاط الطبيعي.
·
إزالة القلق أثناء الانتظار الطويل في قوائم الانتظار.
·
إنقاص نسبة حدوث الأخماج المكتسبة في المستشفى
hospital-acquired infections
·
إنجاز حجم كبير من الجراحة قليلة المخاطر.
·
مجدية اقتصاديـًّا cost effective.
·
لها فوائد نفسية خاصة عند الأطفال.
ويجب أن تُشَكـِّلَ جراحة العناية النهارية
جانبـًا مهمًّا من عملِ كل جراح، وهي ليست تخصصـًا فرعيـًا في
الجراحة. ويجب أن يكون الوصول للوحدة سهلاً. ويمكن أن تقام
وحدة الجراحة النهارية في مركز مستقل بالقرب من مُجَمَّع
مستشفى. وبديل ذلك، يمكن أن تفرض الظروف المحلية اندماج المركز
مع مستشفى عام. والملامح الأساسية لهذا التجهيز، بغض النظر عن
موقع إنشائه، هي كما يلي:-
منطقة الاستقبال Reception
area
(الشكل
62 -1). بما أن الوحدة مستقلة، فإن وجود بهو استقبال مستقل
ذاتيـًا أمر ضروري. وهنا تستكمل إجراءات الدخول الرسمية،
وَتُجْرى ترتيبات الخروج بعد الجراحة. ويجب أن تكون كبيرة بحيث
تتناسب مع التدفق المستمر للمرضى مع أقربائهم.
منطقة الغيار Changing
area
(الشكل 62-2). وهناك حاجة لمساحة مخصصة لخزائن أو حاويات
فردية لملابس المرضى، مع تسهيلات ملائمة تساعد المعوَّقين. ولا
حاجة للحمامات، إذ يُطْلَبُ من المريض الاستحمام قبل الإدخال.
|
الشكل 62-1
بهو الاستقبال. (باذن من المدير التنفيذي
لمستشفى ليفربول الملكي الجامعي.) |
|
الشكل 62-2
غرفة تبديل الملابس.
(باذن من المدير التنفيذي لمستشفى ليفربول الملكي
الجامعي.) |
|
|
الشكل 62-3
جناح جراحة العناية النهارية. (باذن من المدير
التنفيذي لمستشفى ليفربول الملكي الجامعي.) |
|
جناح جراحة العناية النهارية
The day case surgical ward
(الشكل 62-3). وهو جناح يتكون عادة من 20 سريرًا، أو حيزًا
لعربة ترولي trolley spaces،
ويتراوح المدى ما بين 10 -30 سريرًا. ويمكن خدمة مريض ونصف لكل
سرير يوميـًا، في 240 يومًا في السنة، في وحدة جراحة نهارية
منسقة، بنسبة إشعال لا تتجاوز 80 بالمائة. ويجب أن يزيد ما
يُنْجَزُ سنويًا في وحدة من 20 سريرًا على 5750 مريضًا. وتهدف
كلية الجراحيين الملكية إلى إجراء 50 بالمائة من العمليات
المنتخبة على أساس العناية النهارية. وهذا يعني أن وحدة من 20
سريرًا يخصص لها غرفتا عمليات، يجب أن تعادل مستشفى تُجْرَى
فيه سنويًا ما مجموعه 12 ألف عملية جراحية من جميع الاختصاصات.
وعندما تكون هناك إمكانية لتأخير خروج المرضى من المستشفى
لأسباب طبية أو اجتماعية، يمكن لفندق مرضى أن يوسع منظور
الجراحة النهارية في المستقبل.
غرفة التخدير The
anaesthetic room.
وهي منطقة لفحص المريض قبل العملية وتقييمه من قبل الجراح
واختصاصي التخدير. ويجب أن تكون كبيرة بدرجة كافية للسماح
بحركة عربات الترولي، وإعطاء التخدير الموضعي والعام. ويجب أن
تكون مواصفاتها مثل أية غرفة عمليات، وتشمل إنارة جيدة، وغازات
مزودة بالأنابيب. وأجهزة للتخلص من الغازات، وجهازًا مفرِّغـًا
للهواء vacuum
وأجهزة أساسية للمناطرة monitoring
وللتخدير.
غرفة
العملياتOperating theatre
ويجب
تصميمها للتعامل مع مزيج من الحالات، يقارب 12 مريضًا لكل قاعة
عمليات، ويجب إعطاء الأفضلية لقائمة بعد الظهر لحالات التخدير
الموضعي، وذلك لتجنب إنعاش مرضى التخدير العام في المساء.
وتحتاج وحدة عناية نهارية من 20 سريرًا لقاعتين خاصتين من
قاعات العمليات، وذلك خلال ساعات العمل الطبيعية. ويجب أن تكون
المتطلبات المادية والمواصفات مطابقة لتلك المطلوبة في بيئة
المستشفى العام، بما في ذلك طاولة العمليات، وجهاز الإنفاذ
الحراري diathermy
وعربات ترولي الغيار، وجهاز التخدير، وأدوات المناطرة
monitoring،
على أن تساندها عربات ترولي لقاعتي العمليات، وعددها 4 عربات
لما قبل العمليات، و6 عربات لما بعد العمليات وتحتاج التخصصات
الفرعية لأدوات إضافية مثل الإرواء
irrigation
لجراحة المسالك البولية، والتصوير التلفزيوني لجراحة العظام،
والتعتيم لجراحة الأنف والأذن والحنجرة، وأدوات للتنظير. وتؤدي
زيادة استعمال جراحة العناية النهارية إلى زيادة نطاق هذه
الأدوات الأساسية.
غرفة الإنعاش The recovery
room
(الشكل 62 -4). بالرغم من أن أغلب جراحة العناية النهارية هي
جراحة صغرى، إلا أن توافر الخدمات الواصلة بالأنابيب في نطاقها
الكامل، وأدوات الإنعاش وأدوات المناطرة والتهوية، يعتبر
إلزاميـًا. وقد تقسم هذه المنطقة إلى منطقة الإنعاش المباشر
بعد العملية، وإلى منطقة جلوس ينتظر فيها المرضى مرافقيهم قبل
الخروج من الوحدة.
|