أذيات العصف BLAST INJURIES

آلية أذيات العصف المتفجرة Mechanism of expolsive blast injuries. يؤدي الضغط الانفجاري الذي يصاحب انفجار القنابل أو قذائف المدفعية  إلى تمزق أغطيتها، وتتشكل الشظايا التي تطير بسرعات عالية. وتسبب هذه الشظايا في الأنسجة التي تخترقها أذىً أوسع بكثير من أذى العيارات، لانها غير مستقرة وتمزق الأنسجة عندما تطير بسرعة عالية بطراز عجيب. إضافة إلى ذلك، يصحب جميعَ الإنفجارات موجةُ عصفٍ معقدة. ومكوِّنا هذه الموجة هما موجة ضغط عصفية blast pressure wave مع طور ايجابي وسلبي، وتحرك الهواء الكبير mass movement of air (الشكل 3-7).

ويستمر طور الضغط الايجابي لموجة العصف أجزاء قليلة من الميلي ثانية، ولكنه قد يرتفع قريبا من مكان الانفجار إلى ما يزيد على 1000 رطل لكل إنش مربع (6894 kN/m2).  وحيث إن غشاء طبلة الأذن يتمزق عند 20 رطلاً لكل انش مربع (138 kN/m2)، فمن الواضح أن تأثيرات هذه الانفجارات على جسم الإنسان قد تكون مدمرة، خاصة في الأماكن المحدودة. ومثل موجات الصوت، تنساب موجات العصف فوق أي عائق وحوله، وتؤثر على أي شخص يحتمي خلف الجدران. ويعرف الضغط الذي يؤثر على هذا الشخص بالضغط العارضي incident pressure، (ويعرَّف بمستوى الضغط عندما يتقاطع مع اتجاه جبهة صدمة العصف بزاوية 90SYMBOL 186 \f "Arial Euro").  ويتعرض أي شخص يقف أمام الجدار أيضًا في مواجهة الانفجار إلى التأثيرات الإضافية للضغط المنعكس reflected pressure.

ومدى الطور السلبي لموجة الضغط أقل من مدى الطور الايجابي، والزمن اللازم أقل بكثير.

 التحرك الكبير للهواء Mass movement of air. وينتج عن تمدد الغازات الكبير في قلب الانفجار، والذي يزيح الهواء بسرعة عالية. وتسبب حركة الهواء الكبيرة هذه ريح العصف blast wind، ويمكن أن تسبب تلاشي disintegration الجسم بشكل تام، وقد تسبب في الانفجارات الاخف بترًا رضحيًا. ويكون أي شخص يقف خلف جدار ما محميًا من تأثير ريح العصف ما لم ينهار الهدف أو المبنى مما يؤدي إلى إصابة هرسية.

وتنتقل موجات الانفجار بسرعة أكبر وإلى مسافة أبعد في الماء، لأنه وسط أكثر كثافة من الهواء. لهذا تكون إصابات العصف في الماء أشد بكثير مما تكون في الهواء إذا تساوت المسافات.

وعندما تنتقل جبهة الضغط من وسط إلى آخر أقل كثافة، يحدث تشَدُّفٌ في الأنسجة. وتكون الأسناخُ الرئويةُ pulmonary alveoli والأحشاءُ المعوية المملوءة بالغازات، وكلا البنيتين  فيهما سطح يفصل بين السائل والغاز، عرْضَةً للأذى وبشكل خاص في الأمواج العصفية.

             معالجة أذيات العصف Management of blast injuries. إن أكثرَ الأعضاء عرضة للإصابة بموجات العصف هي طبلة الأذن والرئتان والسبيل المعدي المعوي gastrointestinal tract. ويجعل الصممُ الذي يصيب ضحايا العصف نتيجة تمزق الغشاء الطبلي الاتصالَ معهم صعبًا. ويجب فحص المصابين بعناية، حيث إن الكثيرين منهم مصابون بجروح عديدة. وتختلف معالجة هذه الجروح قليلاً عن تلك الناجمة عن جروح القذائف. وفي كثير من الأحيان، تكون الأنسجة الرخوة شديدة التلوث بالحطام العضوي، لأن قوة الانفجار تفتح مستويات الأنسجة وتدفع الأجسام الغريبة فيها إلى مسافات بعيدة عن الجرح. ويصحب بعضَ الحالات جروحٌ عديدة وصغيرة في أحد الأطراف. وليس عمليًا دائمًا أن تستكشف جميع الجروح استكشافًا تامًا. ويجب إعطاء الجروح العميقة الأولوية في المعالجة بسبب عواقب الانتان الخطيرة. وفي كثير من إصابات العصف، لا يستطيع المرء التأكد من استئصال الجرح تمامًا، وعليه يكون من الضروري ترك جميع جروح العصف مفتوحة في نهاية العملية الأولية وتنفَّذ الخياطة الأولية الآجلة بعد 4-7 أيام.  

الجهاز السمعي Auditory system. يؤذي العصفُ السمعَ بطرق ثلاث. فقد يكون هناك تمزقٌ في الغشاء الطبلي، أو خلع العظيماتossicles ، أو تأذي الأذن الداخلية. ويصاحب الإصابة الأخيرة صمم دائم أحيانًا.

الرئة Lung. إن حركة جدار الصدر السريعة إلى الداخل الناجمة عن موجة العصف، قد تسبب تكدم الرئة ولكنها لا تترك أية علامات خارجية. وقد يكون التكدم البسيط لاأعراضي ويشخَّص فقط بالصور الشعاعية. ويصاحب التكدمَ الشديد وجودُ الدم في الأسناخ alveoli وأنسجة الرئة (الشكل 3-8). وتتكون  الوذمة oedema خلال بضع ساعات، وقد يحرِّض على ظهورها فرطُ إعطاء سوائل الكهارل الوريدية. وفي الحالات الشديدة، يعاني المريض من سعال مع قشع رغوي مصبوغ بالدم frothy bloodstained sputum وضيق نفس   وشعور عام بالخوف. ويبين تحليل غازات الدم نقص أكسجة hypoxia شريانية وارتفاع ضغط ثاني أكسيد الكربون pCO2. وقد تكشف صور الصدر الشعاعية في المراحل الأولى التكدمَ في جانب واحد من الرئة في الغالب (الشكل 3-9). وعندما تتكون الوذمة، يمكن أن تشاهد عتامة opacity أو مظهر كالزغب fluffy appearance حول نَقِيرَيْ hilum الرئتين جميعًا.

المعالجة Management. يجب مراقبة جميع ضحايا الانفجارات بعناية، خاصة إذا أصيبت طبلة الأذن. ويجب أن تعاد صورة الصدر الشعاعية خلال أول 48 ساعة. ويعطي المصاب الأكسجين مع تفادي إعطاء السوائل الوريدية المفرطة. إن الستيرويداتsteroids  مفيدة إذا تمَّ استنشاق غازات سامة. وقد يستدعي تحليل غازات الدم الحاجة للمساعدة بالتهوية بضغط موجب، مع ضغط انتهائي موجب في أثناء الزفير positive expiratory end-pressure.

أذية العصف في الجهاز المعدي المعوي Blast injury of the gastrointestinal system. تشيع إصابة الأحشاء المليئة بالغاز أكثر في الانفجارات تحت الماء مما تشيع في الانفجارات في الهواء الطلق. وقد يحدث ثقبٌ في المعدة أو الأعور caecum. والصورة السريرية عبارة عن ألم في البطن تصاحبه علامات تهيج الصفاق peritonism، مع وجود غاز تحت الحجاب في الغالب. وهذا يستدعي فتحًا مستعجلاً للبطن.

جروح العصف في العين Blast wounds of the eye. غالبًا ما تُغفَل إصابات العين عند الفحص السريري الأولي. لذلك كان من المهم أن ننتبه إلى أنَّ النزف تحت الملتحمة subconjunctival haemorrhage الذي يصحب أذية العصف، ينبىء عن وجود مشكلة مستبطنة أشد خطورة مثل انثقاب المقلة eyeball بأجسام غريبة. ويجب فحص الحدقة pupil بعناية، وكذلك يجب استقصاء أي انفتال  distortionفي القزحية iris.

العوامل الأخرى التي تزيد من المراضة والوفيات morbidity and mortality بعد أذية العصف من القنابل هي الحروق الحرارية والكيماوية التي تصحبها، واستنشاق الغازات السامة والدخان.