الملانوم الخبيث    MALIGNANT MELANOMA

الملانوم الجلدي ورم خبيث ينشأ من الخلايا الملانية في البشرة. وكان أول وصف له في كتابات أبقراط Hippocates في القرن الخامس قبل الميلاد. وكان يعتبر ورمًا نادرًا لا يمكن التنبؤ بسلوكه. ويتباين بين التقهقر التلقائي spontaneous regression والتطور السريع والوفاة. على أي حال فالمرض ليس نادرًا الآن.

ومعدل زيادة نسبة حدوث الملانوم أعلى من أي سرطان يصيب العِرْق الأبيض باستثناء سرطان القصبة bronchogenic carcinoma. لقد تضاعفت نسبة حدوثه كل 10 سنوات في البلدان القريبة من خط الإستواء وكل 10-15سنة في المناطق الأكثر اعتدالاً. وقد تضاعفت النسبة أربع مرات في استراليا ومرة واحدة في النرويج وبريطانيا وأمريكا وكندا في السنوات الثلاثين الأخيرة. ولم تلاحظ هذه الزيادة في النسبة في سرطانات الجلد الأخرى. كانت النسبة في عام 1980، 40 لكل 100000 نسمة في كوينزلاند وأستراليا بينما هي 4 بالمليون في اسكتلندا. وهو سبب كل الوفيات من سرطان الجلد تقريبًا.

وتتباين نسبة حدوث الأورام عند البالغين التي تنشأ في شامات الخلية الملانية الحميدة. وبغض النظر عن عدم الثقة بذاكرة المريض، فإن الأرقام قد تكون مضللة لأن المرضى وبعض الأطباء يفشلون في تمييز الشامة الحميدة من مرحلة ما قبل الغزو preinvasive في الملانوم الخبيث. وعلى الأرجح أن ينشأ ما بين ثلث ونصف الملانومات كلِّها من شامات حميدة موجودة لسنوات طويلة. ولا يبدي الملانوم أيَّ ميل لأحد الجنسين على وجه العموم.

وهناك دليل قوي الآن على أن زيادة التعرض لأشعة الشمس وراء الزيادة السريعة لسرطان الجلد هذا بشكل رئيسي. ويجب طرح السؤال حول ما إذا كانت النسبة المتزايدة حقيقية أم نتيجة خدعة فحسب، بسبب التشخيص الأكثر. ويُثْبِت الاتجاه الزمني الملحوظ أن الزيادة حقيقية. ومن المعروف تمامًا أن الإشعاع الشمسي، وهو الآن أخطر بكثير نتيجة تراجع طبقة الأوزون، مرتبط بجميع سرطانات الجلد. والأصل العرقي والطقس والعوامل الاقتصادية الاجتماعية ونمط الحياة كلـُّها عوامل خطورة تتفاعل مع التعرض للشمس. والدليل الآخر المتعلق بالتعرض للشمس  هو أن المرضى الذين يعانون من حالات مرضية مثل المهق albinism وجفاف الجلد الاصطباغي xeroderma pigmentosa، مستعدون لتكوُّن الملانوم. وتنشأ نسبة ما في نمش هاتشنسون Hutchinson's freckle (انظر فيما بعد).

المرضيات Pathology. قدَّم كلارك* وزملاؤه في عام 1975 نظريةَ ‘طور النمو  الشُعـِّي radial growth phase’ لوصف التكاثر غير النموذجي للخلايا الملانية في داخل البشرة الذي يسبق تطور غزو الأدَمة (طور النمو العامودي) في جميع الملانومات باستثناء الملانوم العقيدي. ومن الناحية السريرية، يتميز طور النمو الشُعـِّي بانتشارٍ مترقٍ نابذٍ centrifugal في بقعة مستوية مصطبغة، تسبق حدوث عقيدة الورم، كما يُشاهد في طور النمو العمودي. وتسمح الظواهر النسيجية لهذا العنصر داخل البشرة، بأن يكون هناك تمييز بين النمش الخبيث lentigo maligna والملانوم السطحي المنتشر superficial spreading melanoma، مع أنه يمكن مشاهدة ظواهر كلا النوعين في نسبة ضئيلة من الحالات. ويمكن تمييز الأنواع السريرية الخمسة التالية:

                   · نمش خبيث lentigo maligna

                   · سطحي منتشر superficial spreading

                   · عقيدي nodular

                   · نمشي طرفي (قمي) acral-lentiginous

                   · لاملاني amelanotic

 

مستويات كلارك

الشكل 10-24 مستويات كلارك Clark's levels.

 

وهناك أربعة معالم تستعمل في الدرجات النسيجية، وأهمها عمق الغزو الذي يقاس بالسماكة (الشكل 10-24). ويصحب التقرحَ ومعدلَ الانقسام الفتيلي المرتفع إنذارٌ prognosis سيء. وتقاس السماكة بمقياس مجهري بصري (ميكروميتر) من قمة الطبقة الحُبَيْبِية في البشرة إلى أكثر خلايا الملانوم عمقًا داخل الأدَمة (بريسلو* Breslow، 1975). وهناك دليل جيد على أن سماكة الورم مقياس إنذاري أفضل من مستوى الغزو، وأكثر استنساخًا reproducible أيضًا من قبل مختلف الباحثين. فالآفات التي تقل سماكتها عن 0.76 مم لها إنذار مؤاتٍ، إلا أنه بشكل متناقض، يكون  لبعض الملانومات الرقيقة إذا وجدت فيها مناطق تقهقر regression، خطورة انتقال كبيرة، افتراضًا بأن الآفة كانت في وقت ما في السابق سميكة بدرجة تمكنها من الانتقال.

الظواهر السريريةClinical features .

الملانومات السطحية المنتشرة Superficial spreading melanomas، وتعتبر أكثر الأنواع شيوعًا في معظم المناطق (64 بالمائة). وقد تحدث في أي جزء من الجسم، وقطرها، عادة، أكبر من 0.5 مم. والنمط الملون المتباين والحافة غير المنتظمة خاصيتان مميزتان، والآفة مجسوسة عادة.

ملانوم النمش الخبيث Lentigo maligna melanoma، ويوصف أيضًا بأنه نمش هتشنسون* الملانومي Hutchinson's melanotic freckle وهو أقل الملانومات شيوعًا (7-15 بالمائة) وأقلها خباثة. ويحدث أكثر ما يمكن في الوجه عند الناس فوق سن الستين. ويحدث في أي مكان في الجسم يتعرض للشمس حسب المعتاد. ويبدأ بالظهور كبقعة غير منتظمة مستوية مصطبغة لونُها بُنِّي تنمو ببطء شديد على مدى 10-15 سنة، ويتقدم ويتقهقر في مناطق مختلفة. كما أن هناك اختلافًا كبيرًا في لون الورم الواحد من بني إلى أسود فاتح. وتـُعرَف التغيرات الخبيثة بزيادة السماكة ونشأة عقيدات ورمية منفصلة. وقد تكبر في النهاية إلى 5 سم، كما أن حياطها غير المنتظم كثيرًا، من الخصائص المميزة (الشكل 10-25).

الشكل 10-25 ملانوم خبيث يبين الحافة غير المنظمة المميزة.

الملانوم العقيدي Nodular melanoma. وهذا أكثر الأنواع خباثة، ويحدث في حوالي 12-25 بالمائة من الحالات، ويظهر في المجموعات العمرية الأصغر. وقد يحدث في أي مكان في الجسم، وهو دائمًا مجسوس ومحدب عادة. ولونه كثيرًا ما يكون متجانسًا وهو عادة أزرق أو رمادي أو أسود. ويُحدَّد بشكل حاد عما حوله من الأنسجة، وله سطح أملس وحياط غير منتظم. وقد تظهر التقرحات مبكرًا، وتؤدي إلى النزِّ والنزف.

الملانوم النمشي الطرفي (القمي) Acral-lentiginous melanoma. وهذا يحدث في الراحتين أو الأخمصين ويشمل أيضًا ملانوم تحت الظفر subungal (الشكل 10-26). وهو أكثر نوع شائع من الملانومات في اليابان. ويحمل إنذارًا سيئًا مثل الملانوم العقيدي.

 

الشكل 10-26 ملانوم خبيث تحت الظفر.

 

لاملاني Amelanotic. وقد يكون لون الآفة في هذا الشكل زهريًا ولكن المعاينة الدقيقة تبين عادة بعض الاصطباغ عند القاعدة (الشكل 10-27). ويبدو أن الملانوم اللاملاني يحمل إنذارًا أسوأ حتى من الملانوم المصطبغ العقيدي. وقد يظهر كثيرًا بنقائل العقد اللمفية الناحِيَّة.

 

الشكل 10-27 ملانوم لاملاني: لاحظ الاصطباغ الضئيل في قاعدة الورم.

 

التمييز السريري Clinical recognition. الملانوم الخبيث يكاد يكون غير معروف قبل البلوغ. ويجب الاشتباه بنشأة الخباثة في شامة ما إذا حدثت إحدى التغيرات التالية: تغير الحجم أو الحياط oueline أو اللون أو الارتفاع أو خصائص السطح أو الأنسجة المحيطة أو حدوث النخز أو الحكة أو النزيف. وأكثر مكان شائع عند الإناث هو الساق وعند الذكور الجذع من الأمام والخلف. وعند البانتو Bantu، يكون أخمص القدم أكثر موقع معرض، ولكن الورم قد يظهر في الراحتين أو المناطق الأخرى غير المصطبغة ولا ينشأ في الجلد الأسود في بقية الجسم لأسباب غير مفهومة. ويظهر الملانوم نادرًا في العين أو السحايا أو المناطق الموصلة بين الجلد والأغشية المخاطية، مثل الشرج والفم.

التشخيص Diagnosis. كان التشخيص في الماضي قليلاً من الناحية السريرية. وأدى وعي الأطباء الآن بزيادة  الملانوم الخبيث إلى التشخيص المبكر. ولخطورة التشخيص الخاطىء جانبان: إن معالجة الآفة الخبيثة معالجة صحيحة سوف تتأخر مما يؤدي إلى الانتشار؛ أو إن المعالجة قد تسبب عاهات مزوِّقة غير ضرورية ووخيمة في الآفة الرقيقة المبكرة. واللجوء إلى خزعة الشق incisional biopsy مستنكر بسبب استحالة معرفة المرحلة النسيجية الدقيقة، حيث يتم تحديد المعالجة بناء على المظهر النسيجي.

 وهناك حالات عديدة قد تشبه الملانوم الخبيث، مثل الثؤلول المثيّ seborrhoeic wart وسرطان الخلية القاعدية المصطبغ والحُبَيْبُوم granuloma وآفات توسع الشُعـِّيرات والوعاؤوم والوعاؤوم الخثاري. وأكثر حالات يصعب تمييزها هي الشامات المركبة والموصلة وأورام المنسِّجات histiocytomas. وفي جميع الحالات المشكوك بأمرها، يجب تنفيذ خزع استئصالي excisional biopsy ودراسة المظهر النسيجي بمقاطع البرافين والصبغات الخاصة إذا لزم الأمر.

الانـتـشار Spread. قد ينتشر الملانوم الخبيث بالامتداد الموضعي أو الأوعية اللمفية أو تيار الدم. وقد تصل خلايا الورم إلى العقد اللمفية الناحِيَّة بالانصمام embolism، ولكن ربما يشاهد أيضًا الانتشار بالتوغل permeation اللمفي، مُحْدثـًا توابع satellite موضعية (الشكل 10-28 أ) و/أو ترسبات ‘على الطريق in transit’ بين النمو الأولي والعقد الناحِيّة (الشكل 10-28 ب). وقد تظهر الوذمة اللمفية lymphoedema الثانوية، (انظر الفصل 13). وتشاهد نقائل محمولة بالدم في الرئتين والكبد والدماغ والجلد ونادرًا في العظام. وقد تصيب أيضًا مناطقَ غيرَ معتادة مثل الأمعاء الدقيقة والقلب والثديين. والترسبات الثانوية سوداء بشكلها النموذجي، ولكنها تحتوي في بعض الأحيان على قليل من الملانين أو لا تحتوي عليه، حتى لو كان الورم الأولي مصطبغًا اصطباغًا شديدًا. وقد تسبب الإصابة الحَشَوية الواسعة بيلة ملانيّة melanuria.

 

 

(أ)

(ب)

الشكل 10-28 ملانوم خبيث. (أ) عقيدات تابعة نموذجية. (ب) عقد لمفية ناحيّة متضخمة جدا (في الأربيه).

 

تعيين المراحل Staging. يتألف نظام تعيين المراحل السريري البسيط من الآتي:

مرحلة 1 Stage I. الورم الأولي فقط.

مرحلة 2 Stage II. إن وجود توابع satellites أو ترسبات ‘على الطريق in transits’ تجعل الآفة مرحلة 2أ، بينما يعرف تضخم العقد اللمفية الناحِيّة بمرحلة 2ب. وقد تكون الآفة في مرحلة 2أب مع توابع وتضخم العقد اللمفية الناحية.

مرحلة 3 Stage III. انتشار المرض فعلاً أبعد من العقد اللمفية الناحِيّة، مسببًا مرضًا منتثرًا واسعًا.

          الاستقصاءات Investigations. لا توجد طريقة لتشخيص الملانوم الخبيث غير الفحص النسيجي. وليس هناك بديل عن الخبرة. ومن المحزن، أنه بعد التشخيص، لاتوجد الآن طريقة لتوثيق وجود نقائل مجهرية micrometastases. فتقييم الملانوم المنتقل يعتمد على السيرة المرضية والفحص السريري الدقيقين. وتـُـطـْـلـَب التفريساتُ scans كثيرًا كأحد وسائل تقييم النقائل الروتينية، مع أن حصيلة النقائل الخفية قليلة جدًا. وليس لتصوير الأوعية اللمفية أيّةُ فائدة بسبب الأخطاء الإيجابية والسلبية  معًا. وتفرُّس التصوير المقطعي المحوسب computerised tomography scanning وتخطيط الصدى ultrasonography متدنيا النوعية specificity والحساسية sensitivity، إلا في الحالات المثبتة.

المعالجةTreatment . ليس هناك من شك في أن معالجة الملانوم الخبيث الصحيحة هي الاستئصال ‘الكافي’ مع إغلاق العيب إما بصورة أولية أو بالتطعيم الجلدي. والمشكلة تكمن فيما يشكـِّل الاستئصال ‘الكافي’! وكان هاندلي* Handley أول من دعا إلى الاستئصال الواسع في عام 1907 بناء على الدراسات المرضية وعلى تواتر التوغل اللمفي الأدمي النابذ centrifugal dermal lymphatic permeation في الجلد المحيط. وينصح الجراحون بهامش استئصال قدرُه 5 سم حول الملانوم الخبيث الأولي، وبالتأكيد، إن هذا النوع من الجراحة حدَّد نسبة الرجعة الموضعية بحوالي 5 بالمائة. ومع ذلك، إن الاستئصال الأدنى في الملانومات ذات الانذار الجيد لم يثبت أنها زادت الرجعة الموضعية. وفي الحقيقة أن هامشَ استئصال قدرة 2 سم استئصال قياسي الآن.

العوامل التي تؤثر في تخطيط المعالجة Factors in planning treatment. ليس هناك بديل عن الخبرة عند التفكير في ملانومٍ خبيث محتمل، ومعالجتِه. ويمكن للمراقب المدرب في غالبية الحالات، أن يضع التشخيص، بإبداء رأيه سواء أكانت الآفة سطحية أم منتشرة أم عقيدية، وأن يقدِّر مستوى الغزو وسماكة الآفة بالجس. ويُفْضَّل أن يعاين الجراح الآفة الأولية ويكون مسؤولاً عن المعالجة المبدئية تمامًا بعد استئصال الآفة الأولية بالفعل. وإذا كانت الآفة قد استؤصلت فعلاً، ويجب الحصول على وصفها من المريض والطبيب الذي حوَّله، كما يجب مراجعة الشرائح النسيجية.

  وإذا تأكد التشخيص السريري نسيجيًا وكانت الآفة رقيقة، عندئذ تكون الخزعة الاستئصالية شافية (الشكل 10-29). ويُزاد الهامش في الورم الذي يكاد أن يجس إلى  2 سم، وبالنسبة للملانوم العقيدي الواضح الذي تزيد سماكته على 1.5 مم، فيجب إجراء استئصال واسع بمسافة 3 سم حول الآفة مع أنسجة تحت الجلد المستبطنة، ولكنه لا يشمل اللفافة العميقة. أما بالنسبة للآفات التي تُجَسّ، فإذا كان هناك أيُّ شك حول التشخيص، فيجب على المرء انتظار مقاطع البرافين، ومن ثم استئصال النَدْبَة مع هامش معين بناء على سماكة بريسلو Breslow. إن الفترة الزمنية بين الخزعة الاستئصالية والاستئصال الحاسم لاتبدو أنها تؤثر في النتيجة سواء أكانت أقل أو أكثر من ثلاثة أسابيع. وفي بعض الأماكن، مثل الوجة، يمكن تقليل كمية الجلد المستأصلة لغايات مزوِّقة. ومن الضروري التأكيد على أن أيَّ آفة يُشْتَبة أنها ملانوم خبيث، يجب ألاّ تـُحلـَق أو تُكوى أو تجرف، لأنه يتم تدمير الدليل الحيوي مما يجعل المريض يعود طبيبه فيما بعد بمرض منتثر.

وتُسْتَعْمَلُ في بعض المراكز، تروية الطرف المعزول isolated limb perfusion (الشكـل 10-30)، وهي معالجة راسخة للمرض الراجع في الطرف، وبشكل اتقائي لأورام الأطراف ذات الإنذار السيء. وإذا قورن المرضى بأقرانهم التاريخيين، فإنهم يتمتعون بفترة أطول خالية من المرض ويبقون مدة أطول على قيد الحياة. وقد تـُنتَقى أورام تزيد سماكتها على 1.7 مم من دون دليل على مرض عُقَدي لهذا النوع من المعالجة الاتقائية. ويستعمل عقار ميلفالان melphalan وحده، وتـُنـَفـَّذ التروية عادة بدرجة حرارة أكثر من 40° مئوية.

معالجة المرض بمرحلة 2(أ). لقد استعملت طرق عديدة

 

(أ)

(ج)

(ب)

الشكل 10-29 خزعة استئصالية لملانوم خبيث. (أ) يجب أن يترك محيط هامشي من الجلد السويّ بناء على خصائص الورم الفيزيائية (انظر المتن). (ب) يجب ازالة الأنسجة تحت الجلد حتى اللفافة العميقة على ألا تشملها.(ج) خياطة تحت الجلد لإغلاق الجرح تعطي نتائج مزوِّقة ممتازة.

مختلفة بنجاحات متباينة. والمعالجة الموضعية باستخدام المبضع أو الليزر أو المسبار القرِّي cryoprobe، فعالة جميعًا إذا لم يكن العبء المرضي كبيرًا. وقد تكون المداواةُ بالأشعة، باستعمال الكترونات سطحية، مفيدة أيضًا. كما أن تروية الطرف المعزول أثبتت أنها أكثر معالجة فعالة لهذه المرحلة من المرض. وقد يتوقع المرءُ استجابةً تامةً نسبتُها 45 بالمائة، واستجابةً جزئيةً نسبتُها 40 بالمائة.

معالجة المرض بمرحلة 2(ب). من المقبول عمومًا أن العقد اللمفية الناحِيَّة إذا كانت متضخمة ومتينة كان تسليخها dissection العلاجي مدعوًّا. ويوصى بتسليخ الرقبة الجذري مع استئصال النكفية السطحي للأورام الأولية في الرأس والعنق. ويجب تنفيذ تسليخ إبطي بالجملة en block مع العضلة الصدرية الصغيرة pectoralis minor عند إصابة العقد الإبطية، ويوصى عموما في مرض الأربية groin الايجابي بتسليخ العقد الأربية الفخذية inguinofemoral والحرقفية السدادية ilio-obturator. وإذا لم يكن هناك يقين حول طبيعة العقد اللمفية المتضخمة، ربما في المرحلة المبكرة بعد الجراحة، أو إذا كان هناك خمج ما، عندئذ يجب أخذ رُشافة إبرة دقيقة fine needle aspirate.

 

مبدل حرارة / مؤكسج 

الشكل 10-30 طريقة تنفيذ تروية الطرف المعزول باستعمال العاصبة.

إن تناول معالجة العقد اللمفية الناحِيَّة غير المصابة سريريًا مثيرٌ لجدلٍ كبيرٍ لسنوات عديدة. ولم يتم الوصول إلى حلٍّ مُرْضٍ على الرغم من العدد الكبير في الدراسات المنشورة. وتبقى استطباباتُ indications التسليخِ الاتقائي للعقد اللمفية بالجملة prophylactic lymph node block dissection وتوقيتُه موضعَ اختلاف. والآن، هناك اتفاق منشأه استخدام المرحلة المجهرية microstaging، يقرُّ بأن تسليخ العقد اللمفية المختار ليس مسوَّغًا في مرضى مستوى الخطورة عندهم ضئيل low-risk patients (أقل من 1 مم أو في مستويي كلارك 1 أو 2). وبما أن التسليخ بالجملة block dissection يحمل مراضةً morbidity متوسطة، وأنه لايبدو أنَّ تَرْكَ العقد حتى تُصاب سريريًا يشكل أيّ أذىً، يختار معظم الجراحين في المملكة المتحدة سياسة المراقبة. ومع ذلك، إذا وقع ملانوم أولي بالقرب من العقد اللمفية المعنية، بحدود 5 سم،  فإنه منطقي أن يتم اختيار سياسة انتقائية واستئصال العقد بعمليةٍ واحدةٍ بالجملة. وإذا لم يستطع المريض أن يلتزم بالمراجعة المنتظمة وكانت الآفة سميكة، يصبح التسليخ الاتقائي مدعوًّا على الأرجح.

معالجة المرض بمرحلة 3. إن إنذارَ المرضى المصابين بملانوم خبيث نقيلي سيءٌ جدًا. ويموت 50 بالمائة من المرضى خلال سنة من ظهور أول نقيلة. وقد استعمل في المرض الواسع الانتشار علاجٌ كيماوي بدواء واحد أو أدوية عديدة. وتعادل نسبة الاستجابة  للفينديزين vindesine (a vinca alkaloid) 25 بالمائة ويشبه بذلك الـداكاربازين dacarbazine (DTIC) إذا استعمل وحده. وللفينديزين تأثيرات جانبية قليلة بالمقارنة مع الداكاربازين، وهو دواء سام جدًا، ولهذا يستعمل كخط أول في معالجة المرض المجموعي systemic. وقد يضاف الإنترفيرون interferon إذا لم تكن هناك استجابة له. وتعالج النقائل الحَشَوية جراحيًا. وقد استخدم إنترلوكين-2 interleukin-2 حديثًا حيث استجاب له حوالي 40 بالمائة من المرضى.

الملانوم الخبيث غير الجلدي Noncutaneous malignant melanoma. قد ينشأ الملانوم في الملتحمة، ويمكن علاجها أحيانًا بنجاح بالمداواة بالأشعة بحذر. أما الملانومات التي تنشأ في الأغشية المخاطية الأخرى مثل الفم واللسان (انظر الفصل 31) أو قناه الشرج، فهي خطيرة جدًا ونادرًا ما تشفى. ويظهر الملانوم في المشيمية choroid سريريًا لأنه يُعشي البصر، ويُعالَج بقلع العين. وبما أن هذا العضو ليس له نزح لمفي، فإن ملانوم المشيمية ينتشر بتيار الدم، مما يؤدي إلى ترسبات حشوية بكثرة وقد تكون كبيرة، خاصة في الكبد. وقد لا تظهر هذه النقائل إلا بعد مرور سنين عديدة من إزالة الورم الأولى (انظر الفصل 29).


 

*  و. هـ. كلارك W. H. Clark، معاصر. اختصاصي علم الأمراض، الولايات المتحدة الأمريكية.

*  أ. بريسلو A.  Breslow، معاصر. اختصاصي علم الأمراض، الولايات المتحدة الأمريكية.

* سير جوناثان هاتشينسون Sir Jonathan Hutchinson، 1828-1913. جراح، مستشفى لندن، انجلترا. وصف النمش الميلانومي عام 1892.

* و. س. هاندلي W. S. Handly، جراح، مستشفى ميدلسيكس، لندن، انجلترا.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة