التهاب العظم والنقي  OSTEOMYELITIS

التهاب العظم والنقْي الحاد ACUTE OSTEOMYELITIS

كان  التهاب العظم والنقي يعتبر مرضًا شائعًا وخطيرًا يصيب الأطفال، وكثيرًا ما كان قاتلاً. وقد تدنت نسبة حدوثه في السنوات الأخيرة في البلدان المتطورة، ربما بسبب تحسن الحالة الصحية العامة للأطفال، ولكن النسبة لم تتغير خلال العقود الحديثة. وفي نفس  الوقت، جعلت الصادَّات antibiotics المرض أقل خطرًا، وهو بالتأكيد  ليس مميتًا الآن، والشفاء منه محتوم.

          السببياتAetiology . تصل الجراثيم إلى العظم في تيار الدم. وقد تكون البؤرة الأولية واضحة على شكل حبَّةٍ  boil أو سحجةٍ مخموجة infected graze، وليس غريبًا عدم وجود مصدر واضح للخمج. ويندر أن يكون مرضًا ثانويًا ناتجًا عن السمدمية (إنتان الدم) septicaemia أو تقيح الدم (قيحمية) pyaemia الواضح. والأكثر شيوعًا أن يأخذ الخمج المحمول بالدم شكل تجرثم الدمbacteraemia .

          لقد أُوْحِيَ بأن تدني مقاومة المريض العامة، والرضحَ الموضعي local trauma قد يمهدان لهذا المرض، ولكن الدليل الذي يدعم هذه الإيحاءات ليس مقنعًا.

          والكائن الحي المسؤول في 80 بالمائة من الحالات هو العنقودية الذهبية Staphylococcus aureus، وهي مقاومة للبنسلين بشكل ثابت تقريبًا. والكائنات الحية الأخرى المسؤولة هي العِقديات streptococci والمكورات الرئوية pneumocci، والمستَدمية النزلية Haemophilus influenzae (وتشيع تحت سن 27 عامًا)، والعنقودية البيضاء staph. albus والسلمونيلة salmonella.

          المرضياتPathology . يبدأ المرض دائمًا أو دائمًا تقريبًا في الكُردوسmetaphysis ، وتتقدم عملية الخمج خلال سماكة القشرةcortex  عن طريق قنوات هافيرز*Haversian canals ، وتسبب في أثناء ذلك خثار thrombosis الأوعية في العظم. وعاقبة ذلك، أن يصاب قدر متباين من القشرة بالاحتشاء infarction في أثناء الوقت اللازم حتى يصل الخمج منطقة تحت السمحاق subperiosteal في العظم، وتتجمع في أول 24 إلى 48 ساعة بعد بداية الخمج نضحةٌ التهابية inflammatory exudate تحت السمحاق وترفع الغشاء عن العظم. ورفع السمحاق مؤلم. ولأنه غير مرن، تكون النضحة الالتهابية تحت توتر عالٍ. ونتيجة لذلك، تظهر لدى المريض علامات انسمام شديدة. ويتجمع القيح الواضح تحت السمحاق بعد 48 ساعة تقريبًا من بداية الأعراض.  ويندر أن تعبر العملية الالتهابية صفيحة النمو growth plate لأنها لا تحتوي على أوعية دموية ولأن السمحاق يرتكز في هذا المستوى ارتكازًا متينًا. وتتقدم العملية الالتهابية على طول النخاع medulla  مسببة خثاراتٍ وريديةً وشريانيةً في أثناء ذلك. وينساب القيح تحت السمحاق طوليًا ومحيطيًا حول العظم معًا، ويُنزَع السمحاق وتُقطع أوعيته. وهكذا تصبح مساحاتٌ متزايدة من القشرة محتشيةً infarcted بعد أن تصيبَها عملية الالتهاب.

          وفي غياب العلاج، ينفجر القيح خلال السمحاق في النهاية، وينساب بين العضلات، ويظهر تحت الجلد. وأخيرًا ينتفخ الجلد وينجُّ discharges   القيحُ من جيبٍ يصل بين العظم وسطح الجلد.

          ويدعى احتشاءُ العظم في التهاب العظم والنقي الحاد الوشيظَ sequestrum. ويكوِّن السمحاقُ المرفوع حول الوشيظ عظمًا جديدًا يدفن العظم الميت في داخله. وتدعى كتلة العظم الجديدة المغلـِّفة هذه الكساء العظمي involucrum. وفي الأماكن التي يمر منها القيح عبر السمحاق تاركًا العيوبdefects ، تنشأ الجيوب التي يمثلها في الكساء العظمي ثـقوب تدعى المذارق cloacae (لاتينية = منزح = drain). ونشأة مثل هذه الحالة المرضية المتقدمة نادرًا ما تشاهد الآن، لأن العلاج الحديث، إذا كان وافيًا وأُعطيَ في الوقت المناسب، يُجهِض المرضَ قبل تكوّن القيح، وبالتأكيد قبل أن يموت مقدار كبير من العظم.

          وهناك عاملان وراء حدوث الحالة المزمنة في هذا المرض: وجود العظم الميت المخموج الذي لايمكن ارتشاقه resorption؛ ووجود تجويـفٍ في الخراج داخل العظم لايمكن طمسُه لأن له جدرانًا قاسية من العظم لا يمكن إزالتها. ونتيجة لذلك، لاتتمكن آليات الجسم الدفاعية السويَّة (الكريات البيضاء والأضداد antibodies) بالاشتراك مع ما يعطى من الصاد ات للعلاج، من الوصول إلى الجراثيم في العظم. وبالتالي، يكون احتمال الرجعة موجودًا دائمًا بالرغم من أن عملية المرض قد يتم تعقيمها في العظم الحيّ.

          الظواهر السريريةClinical features . الألم هو العَرَض الذي يظهر به المرض. ومن الأمور الأساسية تدوين التاريخ المرضي لكي يحدَّد وقت ظهور شكوى الألم الموضعي الأوَّلي تحديدًا دقيقًا. وأهمية هذه الظاهرة في التاريخ المرضي، ستبحث ثانية تحت عنوان المعالجة. وفي بعض الأحيان يُعطَى تاريخ إصابة رضحية مما يحجب التشخيص الحقيقي. وتتزايد شدة الألم تدريجيًا، ويصبح الطفل محمومًا وسُمِيَّا بشكلٍ متزايد وبسرعةٍ تعتمد على سميَّةِ الكائن الحيّ الخمجي infective organism وفَوْعَتِه virulence. ومن الأمور العادية أن تطلب الأم النصيحة الطبية خلال 48 ساعة من ظهور أول عَرَض.

          العلامات الجسديةPhysical signs . العلامة الجسدية الأساسية هي الإيلام الموضعي localised tenderness. وعندما يقوم الطبيب بفحص الطفل للمرة الأولى، يجده هيوجًاirritable  في الغالب ويمتعض من الفحص. ويتحتم على الطبيب أن يكون صبورًا، ويجسُّ طرف الطفل بهدوء حتى يتمَّ تعيين المنطقة ذات الإيلام الأشدِّ بدقة. فإذا كان الإيلام فوق كردوس metaphysis العظم الطويل، يجب افتراض تشخيص التهاب العظم والنقي (ومعالجته)، حتى يثبت عكسُ ذلك. وقد يحتوي المفصل المجاور على الانصبابeffusion  مشيرًا إلى احتمال وجود التهاب المفصل القيحي suppurative arthritis في التشخيص التفريقي. ولكن المفصل نفسه ليس مؤلمًاtender . ومع أن الطفل يقاوم حركة الطرف، فإنه يمكن بشيءٍ من الصبر، رؤية المفصل وهو يسمح ببعض الحركة. وهذا يختلف عن المفصل القيحي حيث لا يُسمح بالحركة مطلقًا. وتكون درجة الحرارة مرتفعة، وغالبًا ما ترتفع ارتفاعًا كبيرًا تصاحبه زيادة سرعة النبض. وبعد بضعة أيام من ظهور أول عَرَض، يمكن الكشف عن تورم ملحوظ مع الحرارة والإيلام. وبالنهاية تصبح منطقة الخراج متموجة fluctuant  وتكون هكذا في ذلك الوقت.

          ومن الأمور الأساسية المطلقة إجراء مزرعة للدم قبل بدء المعالجة بالصادَّات. ويجب فحص الطفل بدقة بحثًا عن بؤرة أولية محتملة للخمج، فإذا وجدت، وجب أخذ مزرعة منها.

 

          الاستقصاءات الخاصةSpecial investigations . الاستقصاءات الأخرى ليس لها قيمة تشخيصية في المرض المبكر. فسرعة تثقل الكرياتESR  وتعداد الكريات البيضاء مرتفعان عادة، ولكن ذلك ليس خاصًا بالحالة تمامًا.

          الأشعة Radiology. ليس هناك ظواهر شعاعية شاذة في الأيام القليلة الأولى من الخمج. وبمضي الوقت، يمكن مشاهدة عظم جديد يترسب في السمحاق المرفوع، ولكن هذه العلامة لاتظهر حتى تمر 10 أيام من بداية المرض، وعند ذلك تكون واضحة سواء تم  تعقيم المرض أم لم يتم: وتعتمد تمامًا على وجود ارتفاعٍ في السمحاق أو عدمه. وقد يحدث أيضًا تخلخلٌ rarefaction في العظم نتيجة التبَيُّغ الموضعيlocal hyperaemia  بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. ولكن ذلك لايميز أيضًا استمرار التهاب العظم والنقي من المرض المعقَّم. وسيتم بحث مظاهر التهاب العظم والنقي المزمن الشعاعية لاحقًا في هذا الفصل.

          تفرس العظم النظائري Isotope bone scanning بمركبات فوسفونات موسومة بتيكنيشيوم99m مفيد في حالات يصعب فيها التشخيص، ولا يجب استعماله إذا أدى الاستقصاء إلى تأخير المعالجة في حالات تشخيصُها واضح. وقد يساعد:

                  ·   إذا كان هناك صعوبة في تعيين الموقع.

                  ·   إذا وجب تمييز خمج العظم من خمج الأنسجة الرخوة المحاذية.

               ·       إذا وجب تمييز خمج المفصل من التهاب زليلي عابر.

    واستخدامه محدود في الوِلدان neonates.

          المعالجةTreatment . يتم إدخال الطفل إلى المستشفى، ويوضع الطرف في جبيرة بطريقة تسمح بالوصول بسهولة إلى منطقة الإيلام، حيث ترسم حدودها فوق الجلد.

          وإذا عوين المريض خلال 48 ساعة من ظهور أول عَرَض، يتم البدء بإعطاء الصادَّات مباشرة بعد أخذ العينات اللازمة لإجراء مزرعة للدم. والتهاب العظم والنقي من الأمراض القليلة التي يُسوَّغ فيها البدء بمعالجتها بالصادَّات من دون انتظار نتيجة حساسية الجراثيم، وهي خصوصية تنجم عن أن المرض يمكن أن يتعقم خلال 48 ساعة، مع ضمان الشفاء التام. وإذا فشل التعقيم، أو إذا لم تتم محاولة ذلك خلال تلك الفترة، فقد يصبح المرض مزمنًا، وتنشأ بذلك إعاقةٌ طوال العمر، وسببٌ محتمل للوفاة. والغالبية العظمى من الجراثيم المعزولة من التهاب العظم والنقي هي العنقوديات الذهبية Staph. aureus، ويجب إعطاء كلوكساسيللين cloxacillin بجرعة مقدارها 200 مغم/كغم من وزن الجسم، بجرعات موزعة، زرقًا في الوريد حتى يتحسنَ الطفل سريريًا، وتختفيَ الحمى وتقلَّ العلامات الموضعية. وبعدها يمكن إعطاء فلوكلوكساسيللين flucloxacillin 100 مغم/كغم وزن عن طريق الفم يوميًا. ويمكن إعطاء بينزايل بنسلين إذا تم عزل العقديات أو المكورات الرئوية ولكن، بما أنها نادرة نسبيًا، وأنها عادة ما تكون حساسة للكلوكساسيللين، فلا داعٍ لاستعماله في البداية. وقد يضاف سيفالوسبورين cephalosporin أو حمض فيوسيديك fusidic acid أو إريثرومايسين بدلا منه  إلى المرضى المفرطين حسًّا hypersensitive للبنسلين. والمستدمية النزليةH. influenzae  كائن حي مسؤول عن الإصابة عند الأطفال دون سن الثالثة، ويصيب بشكلٍ خاص العظام  الصغيرة في اليدين والقدمين. ويوصى الآن بإعطاء أمببسيللين 150 معم/كغم وزن يوميًا. ولسوء الحظ، تَخلق المقاومة للصادَّات مشكلات بين الكائنات الحية المسببة لالتهاب العظم والنقي. فالعنقوديات تقاوم عادة البنزايل بنسلين والأمبيسيللين. ومعظم ذراري strains المستدمية النزلية H. influenzae حساسةٌ للأمبيسيللين في الوقت الحاضر، ولكن إذا اعتبر فشل استجابتها نتيجةً لكائنات حية مقاوِمة، وجب تغييره بكلورامفينيكول chloramphenicol، مع أخذ الإحتياطات الموضحة في الفصل السادس. ويمكن تغييره  بصادَّات أخرى حسبما تستدعيه اختبارات الحساسية.

          وإذا فحص المريض  بعد 48 ساعة أو أكثر من بداية حدوث الأعراض الأولى، فإن احتمال وجود القيح أمر واقع. فإذا كان موجودًا، يمكن تعقيمه بالصادَّات، ولكن المبادئ العامة الجراحية تنطبق على العظم كما تنطبق على الأنسجة الأخرى، وهي أن الخراج بحاجة إلى تفريغ جراحي. وقد يصعب الكشف عن وجود القيح أو يستحيل، لأن حدوث التموجfluctuation  يتأخر. إذ لايمكن بيان التموج في المراحل المبكرة من تكوين الخراج لأن غشاءَ السمحاق متوترٌ، والعظمَ المصاب غالبًا ما يكون أعمق من العضلات، والمنطقةَ مؤلمةٌ جدًا ولاتسمح بجسِّها بقوة. لذلك يجب أن يعتمد الجراح على انطباعه العام حول وخامة المرض، كما أن معرفة مدة المرض قد تكون حاسمة في تقرير معالجة المريض مبدئيا إما بالصادَّات أو بجمع هذا العلاج مع شق incision المنطقة المسببة للإيلام.

          وإذا تقرر الاعتماد على العلاج بالصادَّات فقط، على اعتبار أن القيح ليس موجودًا، وجب إعطاءُ الصادَّات ومراقبةُ تأثير هذا العلاج في العلامات السمِّية، وفي الإيلام الموضعي بشكل دقيق جدًا. فإذا كانت الصادَّة تسيطر على المرض ولم يكن هناك قيح، فإن درجة الحرارة ستخف وتصبح سويَّة خلال يومين أو ثلاثة أيام، وسيختفي الإيلام بشكلٍ متنامٍ. ومن جهة أخرى إذا لم تكن الصادَّة مناسبة لحساسية الكائن الحي، أو إذا وجد القيح، فمن المحتمل أن تستقر الحرارة، ولكن ليس في درجتها السويَّة، إذ يستمر حدوث ارتفاعاتٍ تصل إلى 38 symbol 176 \f "Symbol" م. فإذا حدث ذلك، وجب استكشاف منطقة الإيلام جراحيًا، أملاً بتفريغِ القيح إذا تم العثور عليه، والحصولِ على الكائن الحي لزراعته وتحديد حساسيته.

          العملية الجراحيةOperation . تجرى العملية تحت التبنيج العام، ويسبقها استنزاف exsanguination الطرف، برفعه واستعمال عاصبة منفوخةinflated tourniquet ، وينفَّذ شقّ فوق منطقة الإيلام، ويتابع الشقّ حتى العظم، حيث يوجد القيح عميقـًا تحت السمحاق. ثمّ يفتح تجويف الخراج تمامًا، ويفرَّغ القيح، وتؤخذ مسحة منه للزراعة والحساسية في هذه المرحلة. وهناك اختلاف حول ما إذا وجب أن يتبع العمليةَ ثقبُ القشرةcortex  حتى يمكن نزح أيِّ قيحٍ قد يكون موجودًا في التجويف النخاعي، إلى السطح. ثم يغلق الجرح بخياطة متقطعة فوق مَنزِحٍ drain مغلقٍ ومعقَّم وماصّ. ويستمر إعطاء الصادَّات ووضع الجبيرة بعد العملية.

          المضاعفاتComplications . ويمكن تقسيمها إلى نوعين: عامة وموضعية؛ فالمضاعفات العامة هي إنتان الدم (إنتانمية)septicaemia  وتقيح الدم (قيحمية)  pyaemiaاللذان ربما سبباً حدوث خراجات نقيلية metastatic abscesses. وأيُّ مضاعفة منهما قد تكون قاتلة إذا لم يتم السيطرة عليها. وقد ينشأ مرض النشواني amyloid على أنه مضاعفة لالتهاب العظم والنقي المزمن (لاحقًا).

          وتشمل المضاعفات الموضعية:

               ·       إصابة المفصل إصابة ثانوية إذا وقع خطُّ المشاشة epiphyseal line داخل المفصل، مثل مفصل الورك وعلاقته بالتهاب العظم والنقي في عظم الفخذ الداني.

               ·       الكسور التلقائيةspontaneous ، وهي نادرة، شريطة أن يكون الطرف في جبيرة، والمرض يعالج علاجًا وافيًا.

               ·       التشوُّه، وهو نادر بشكل يدعو إلى الدهشة.

               ·       التهاب العظم والنقي المزمن.

          التشخيص التفريقي Differential diagnosis. التهاب المفصل القيحي الحاد Acute suppurative arthritis. والإنتان هنا يوجد داخل المفصل، وبذلك لايسمح للمريض بأيّ حركة في المفصل. أما في الانصباب الودي sympathetic effusion الذي يرافق التهاب العظم والنقي، فيمكن الحصول على نطاق محدود من حركة غير مؤلمة عادة، إذا تمت معاينة المريض بهدوء. كما أن الإيلام الشديد يقع قرب نهاية العظم في التهاب العظم والنقي، بدل أن يكون فوق المفصل في التهاب المفصل القيحي.

          التهاب المفصل الرثوي الحاد Acute rheumatic arthritis. وهو عادة متعدد المفاصل وسريع الزوال fleeting، ويحدث في أيّ مفصل. وهناك تاريخ مرضي لالتهاب الحلق sore throat، وتوجد في الغالب علامات قلبية وعائيةcardiovascular .

          المفصل المدمَّى Haemarthrosis. ويحدث في الناعور haemophilia. فالمريض معروف عادة بأنه منعور haemophiliac،  ويكشف الرشف، إذا كان ضروريًا، عن وجود الدم.

          البَثَع Scurvy. يوجد فوق الدميومات تحت السمحاقية subperiosteal haematomata إيلامٌ شديد، وقد يتم الخلط بينها وبين التهاب العظم والنقي إذا كانت قريبة من المشاشة.

          الطفحيّات الحادة والحمى التيفية Acute exanthemas and typhoid fever. يمكن الشك بهذه الحالات بناء على  حالة المريض السميَّة الشديدة التي قد تصل إلى درجة السباتcoma . فإذا أحدث الجسُّ  الحَذِرُ في منطقةٍ محدودةٍ فوق نهاية العظام الطويلة أنينًا وحركاتٍ تعبِّر عن الاستياء، فيجب أخذ التهاب العظم والنقي  بعين الاعتبار. فالحمى التيفية سبب محتمل في الطفل المصاب بفقر الدم المنجلي sickle cell anaemia.

          ورم يوينج Ewing's tumour. انظر الفصل 18.

التهاب العظم والنقي الرضحي الحاد

Acute traumatic osteomyelitis

تنشأ هذه الحالة نتيجة الجروح المخموجة مثل الكسور المركبة compound fractures، والجراحة على العظام. والاضطرابات البنيوية constitutional disturbances فيها أقل شدة مما هي في التهاب العظم والنقي (الخمجي) الحاد؛ لأن الجرح المسؤول يوفر نوعًا ما من النزح drainage. ويتألف العلاج من فتحِ الجرح فتحة أوسع، ونزعِ العظم الميت، وإعطاءِ الصادَّات. ويعتمد منع حدوث هذه الحالة على علاج الكسور المركبة علاجًا أوليًا وافيًا (انظر الفصل 14)، وعلى الالتزام بشروط التعقيم الجراحية.

التهاب العظم والنقي تحت الحاد Subacute osteomyelitis

هناك اختلافات واسعة في الظهور السريري لالتهاب العظم والنقي الحاد، وتُرى منه أشكال أقل شدة. وقد ينجم ذلك عن تحول فوعة virulence الجرثومة المسببة، أو زيادة مقاومة الثويِّ host، أو استعمال الصادَّات. وقد تكون هناك علامات قليلة، ولكن الإيلام الموضعي موجود دائمًا.

          ويجب أن تشمل الاستقصاءاتُ تعدادَ دم كامل ومزرعةً للبول وصورَ الأشعة المناسبة، كما أن سرعة التثفل ESR مهمة في تزويد أساس مرجعي للمعالجة التي تـُـنـَـفـَّذ على نفس الأسس المستدعاة في التهاب العظم والنقي الحاد.

التهاب العظم والنقي المزمن

CHRONIC OSTEOMYELITIS

المرضيات Pathology. قد يتطور التهاب العظم والنقي الحاد من منشأ دموي haematogenous إلى التهاب العظم والنقي المزمن، إذا لم تتوافر المعالجة المبكرة، أو لم تكن وافية، مما يؤدي إلى موت العظم المخموج ليتكون الوشيظsequestrum  (الشكل 17-1). وقد يحدث المرض في شكلين. ومرضيات النوع الشائع بدرجة أكبر التي تصاب بها كتلة كبيرة من العظم (الشكل 17-2)، قد تم بحثها في أثناء بحث التهاب العظم والنقي الحاد. وقد تم خفض نسبة حدوث هذه الحالة بدرجة كبيرة عن طريق علاج الخمج الحاد علاجًا حديثًا، إلا أن بعض الحالات بقيت بصفتها ذكرى عصر ما قبل الصادَّات، وربما يحدث في المسقبل أكثر من ذلك، إذا لم يعالج الخمج الحاد معالجة وافية.

          أما النوع الثاني فهو مايعرف بـ خراج برودي* Brodie's abscess. والخمج في هذا الشكل  من المرض محصورٌ تمامًا بحيث يكوِّن خراجًا مزمنًا داخل العظم يتألف من القيح أو النسيج الحبيبي  granulation tissue ذي الشكل الهلامي الذي يحيط به عظمٌ تصلبيsclerotic bone . وقد تتكون الآفة نتيجة إنتان دموي (إنتانمية) مقيِّح pyogenic شفي منه المريض، مخلـِّـفـًا وراءَه خراجًا في العظم قد يستمر لسنوات طويلة. ومن ناحية ثانية يمكن أن يوجد عند مريضٍ عُرِف أنه أصيب بالتهاب العظم والنقي (ليس إنتانًا دمويًا) في عظام أخرى غير تلك التي اكتشف فيها خراج بردوي.

 

 

الشكل 17-1 التهاب العظم والنقي المزمن في عظم الفخذ مع تجويف يحتوي على وشيظsequestrum .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

          الظواهر السريريةClinical features . قد يبقى التهاب العظم والنقي هامدًا مدة أشهر أو سنوات ولكن  سَوراتٍ exacerbations حادةً أو تحت حادةٍ، قد تحدث من وقت لآخر. وينبئ عن قدوم السورة حدوثُ وعكةٍ بنيوية constitutional upset، ودليلٌ موضعي يبلغ أوجه بنجيح القيح discharge of pus، غالبًا من جيب سابق. وقد تبين الصور الشعاعية وشيظًا sequestrum، وقد تبين صورة الجيب sinogram تجويف الخراج في العظم (الشكل 17-3).

 

  الشكل 17-2 التهاب العظم والنقي المزمن في ساعد طفل نتيجة خمجٍ مختلط (عنقودية ذهبية staph. aureus، وعِقدية مقيِّحة strept. pyogenes). (قسم الأشعة، مستشفى رويال لندن، لندن.)

 

الشكل 17-3 خراج برودي Brodie' abscess في نهاية الظنبوب السفلى، توضح شريطًا من التصلب sclerosis  يحيط بمنطقة شفيفة في المركز

 

 

 

 

.

 

          ويسبب خراج بردوي ألمًا موضعيًا متقطعًا، وأحيانًا انصبابًا عابرًا في المفصل المجاور في أثناء إحدى السورات. وقد يبين الفحص إيلامًا وسماكة في العظم. والصور الشعاعية تشخص المرض. ويختلف مقدار تصلب العظم، ويتراوح بين تصلبٍ كثيفٍ يمتد إلى مسافة كبيرة حول التجويف، وتصلبٍ خطيٍّ رفيعٍ على الحدِّ الفاصل بين الخراج والعظم الإسفنجي cancellous bone، وهو الأكثر شيوعًا.

          ويكون إزمان chronicity خراج برودي نتيجةً لخصائص العظم الفيزيائية، لأن الخراج لا يندمل أبدًا بانهيار جدرانه كما يحدث  في الأنسجة الرخوة، وفوق ذلك يقتل الخمج جدران الخراج العظمية القاسية، ويـُسْـتـَـفـَـُّز ترسب العظم  الجديد، وبذلك تُمنع الكرياتُ البيضاء، والأضدادُantibodies  والصادَّات من الوصول إلى محتويات التجويف.

          المعالجةTreatment . تتألف معالجة سورات التهاب العظم والنقي المزمن من تثبيت الطرف وإعطاء الصادَّات. وغالبًا ما تختفي السورات بهذا العلاج لتعود ثانية في وقت لاحق من العمر.

          ومن أهداف التدخل الجراحي في التهاب العظم والنقي المزمن، استئصال العظم الميت وطمس الحيز الميت. ويمكن الكشف عن العظم الميت على شكل وشيظٍ sequestrum بسبر الجيب، أو بصور الأشعة. وأَرْفِـِيَةُ (جمع رِفاء) seams العظم الميت المنتشر في داخل العظم الحيّ، لايمكن اكتشافها بشكل مؤكد، وإنما يـُشَـكُّ بوجودها إذا أظهرت الصور الشعاعية منطقة من التصلب. وتعطى الصادَّة المناسبة (يتم اختيارها في ضوء حساسية الكائن الحي المسؤول) لبضعة أيام قبل الجراحة. ويتم الوصول إلى العظم عادة عن طريق نـَـدْبـَة قديمة، وتُنزَع الأنسجة الرخوة عن العظم، ويُزال الكساء العظمي involucrum ليتم الوصول إلى الوشيظ. وإذا وجد التجويف، يتم إزالة جدرانه المتدلية بمبضع عظمي osteotome حتى تتصحنsaucerised ، ويُنزع العظم التصلبي جملةً en bloc إذا كان ذلك عمليًا. ويُنزَح الجرح ثم يُغلَق بطريقة تطمس الحيز الميت إلى أقصى حدّ. وتشمل الطرق الحديثة في تناول هذه المشكلة غرز خَرَزاتٍ مشرَّبةٍ بجينتامايسين gentamycin-impregnated beades عقب إنضارdebridement  المنطقة المصابة. وتُنزَع هذه الخرزات بعد 14 يومًا، ويُدمل الحيز بحشوِ التجويف بقِطَعٍ من العظم الإسفنجي أو يُعبَّأ بسديلةٍ flap  عضلية موضعية.

 

          ويصعب جدًا أن نضمن أن الجراحة ستشفي التهاب العظم والنقي الذي يصيب كتلة كبيرة من العظم، إذ إن التدخل الجراحي يجب ألاّ يؤخذ باستخفاف، إلا إذا كان وجود الوشيظ sequestrum معروفًا. فإذا كان هناك وشيظ، وتمت إزالته، فإن الجيوب ستنغلق غالبًا، وقد يشفى المرض. وإذا وُجد تجويف أو تصلب فقط ولم يوجد وشيظ في العظم، فإن محاولة التصحين saucerisation قد تفشل، وتترك خلفها جيبًا. وهناك كثير من المرضى، من الأفضل لهم أن يحتفظوا بالجيب والضمادات بصورة دائمة إذا كان النجيج dischange طفيفًا، وتتم السيطرة عليه بسهولة بالتضميد. ويُخشى من حدوث مرض النشواني amyloid فقط إذا استمر نجيج القيح غزيرًا لبضع سنوات.

          وينصح بالبتر إذا تكررت السورات كثيرًا أو كانت طويلة، حتى يتخلص المريض من عناء الإعاقة في فترات متكررة، وحتى يتم إحباط ظهور مرض النشواني.

 

                ويجب أن يعالج خراج برودي Brodie's abscess بتفريغه جراحيًا وكشط تجويفه، تحت غطاء من الصادَّات، ويعقب ذلك حشوُ التجويف بقِطَعٍ من العظم الإسفنجي إذا كان متوسط الحجم.


 

*  كلوبتون هافيرزClopton Havers ، 1650-1702. اختصاصي تشريح وطبيب، لندن.

* سير بنيامين بروديSir Benjamin Brodie ، 1783-1862. جراح، مستشفى سانت جورج، لندن، إنجلترا.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة