التهاب المريء  OESOPHAGITIS

يمكن أن يكون التهاب المريء حادًّا، ويعقب الحرق والسمط scalds، أو يكون خمجيًا infective (منتشرًا من البلعوم)، أو هضميًا peptic، ويكون أحيانـًا رضحيًا نتيجة استعمال أنابيب المعدة لمدة طويلة. وقد يكون التهاب المريء مزمنًا. وأهم أسبابه جزر reflux عصارة المعدة الهضمية الذي يصحب الفتق الفرجوي الانزلاقي sliding hiatal hernia. وقد يسببه جزر العصارة القلوية alkaline الناجم عن فغر مريئي اثناعشري oesophago-duodenostomy، أو فغر مريئي صائمي oesophago-jejunostomy من دون استعمال عروة روو* في Y (Roux-en-Y loop). ويشيع الجزر reflux في أثناء الحمل ويختفي بعد الولادة.

المرضيات Pathology. تبلغ التغيرات المرضية ذروتها في الجزء الأسفل من المريء. والتغيرات الأساسية هي فقدان الظهارة، وتغييرها بنسيج حبيبي granulation tissue نزفي. وتظهر الأعراض غالبًا أثناء النهار، إلا أن التلف الناجم عن جزر العصارة المعدية إلى المرىء يتم أثناء الليل، لأن وضع الاستلقاء يسمح برجوع العصارة الهاضمة إلى المريء. وحالما يبدأ الالتهاب في ظهارة المريء، يظهر فرط نشاط العصب الحائر، وتنقبض عضلات المريء الطولانية، فتجرُّ معها فؤاد المعدة إلى أعلى باتجاه الصدر، كما تزداد حموضة المعدة. وبهذه الطريقة يدخل التهاب المريء إلى حلقة مفرغة، إذ إن مزيدًا من الالتهاب يؤدي إلى توتر العضلات الطولانية، وهذا يزيح فؤاد المعدة إلى أعلى، مما يسبب قَلـَـس الحمض regurgitation، ويزيد الالتهاب سوءًا. وهناك احتمال كبير بأن الجزر الشائع الحدوث أثناء الحمل، ينجم عن تكوين فتق فرجوي مؤقت نتيجة زيادة الضغط داخل التجويف البطني، وبعد الولادة يختفي هذا الفتق المؤقت، وربما يعود للظهور من جديد في سنوات العمر المتقدمة، وتكون معاودته غير ملازمة للحمل. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الهرمونات التي يرتفع مستواها في أثناء الحمل، مثل البروجستيرون، قادرة على أن تسبب استرخاء العضلات الملساء، وأن تقلل توتر المَصَرَّة المعدية المريئية.

الظواهر السريرية Clinical features. يعتبر التهاب المريء الجزري reflux oesaphagitis أكثر آفات المريء شيوعـًا، ولكن أعراضه ليست دائمـًا واضحة المعالم.

الألم Pain. في أغلب الحالات، يكون الألم السبب المباشر لجيئة المريض. ويبرز الألم بداية خلف القص retrosternal، ولكنه سرعان ما يشع إلى ما بين لوحتي الكتفين، وينتشر إلى أسفل أي في الطرفين العلويين، أو إلى الرقبة وباتجاه الأذن. والألم الرجيع referred كثيرًا ما يشبه الذبحة، وهو نتيجة التعصيب الودي sympathetic innervation. ويميل الألم للحدوث عندما يخلد المريض للنوم، ويسبب للمريض أرقـًا (وهذا مغاير لألم قرحة الاثناعشر الذي يصحِّي المريض من نومه العميق في الساعة الثانية صباحـًا تقريبـًا). وينفرج الألم بالجلوس منتصبـًا، وبتناول الأدوية القلوية.

حرقة الفؤاد Heartburn وهي من الأعراض التي يشيع حدوثها مع قَلـَـس حمض مرٍّ أو سائل حارق.

عسر البلع Dysphagia.  يشكو المريض من أن الطعام يقف أو (ينحشر) في ناحية أسفل المريء. وهذا من أعراض التهاب المريء الكثيرة الحدوث، ويظهر عسر البلع قبل تَكَوُّنِ أي تضيّق في المريء. وعلى الأغلب فإنه يدل على الوذمة oedema والتشنجspasm . وأما في المراحل المتقدمة من هذا المرض، فيصبح عسر الهضم مستمرًا، ويزداد سوءًا بسبب تضيق المريء.

الدم الخفي Occult blood.  ويوجد في براز نسبة كبيرة من المرضى.

فقر الدم الثانوي Secondary anaemia. وهو ليس نادرًا. ويمكن استجلاء حقيقة التهاب المريء في بعض الأحيان، عن طريق استقصاء مرضى فقر الدم، حيث يتضح بأن التهاب المريء هو أحد أسباب فقر الدم الكامنة.

التشخيص Diagnosis. عند إجراء فحص بُلـْـعَة الباريوم، تتضح معالم الفتق الفرجوي الانزلاقي الذي يسبب التهاب المريء، كما تتضح معالم تضيق المريء إذا كان قد تَكَوَّنَ بالفعل. ويؤكد تنظير المريء التشخيص. ويكون الغشاء المخاطي في أسفل المريء مخمليًا وقرمزيًا وسريع النزف. إضافة لما تقدم، يمكن رؤية باحات بيضاء في مواقع الالتهاب، وهذه تدل على توسف الظهارة desquamating epithelium. وتشاهد مظاهر المريء الطبيعية، والفتق الفرجوي، والتضيق والتقرح في الأشكال 43-33 إلى 43-40.

العلاج Treatment. ويوجه لعلاج السبب، خاصة الفتق الفرجوي (انظر لاحقـًا). وحديثًا، ثبت أن ضواد مستقبلات هـ2 H2 receptor antagonists - رانيتيدين ranitidine وسيمتيدين cimetidine (زانتك Zantac وتاجاميت Tagamet) - عوامل مساعدة ومفيدة في العلاج، وثبت أن استعمالها على المدى الطويل آمن. وتبين بأن الأومبرازول omeprazole (لوزك Losec) ‘مُغْلِق مضخة البروتون proton pump blocker’ أكثر فاعلية.