الأورام الخبيثة MALIGNANT TUMOURS

تختلف سرطانة الشرج عن سرطانة المستقيم في البنية النسيجية، والسلوك وطرق المعالجة. والسبب الرئيسي لهذا الاختلاف، هو سهولة الوصول إليها وحساسيتها ووفرة نزحها اللمفي بشقيه السطحي والعميق. وتنشأ 70 بالمائة من الأورام الشرجية في قناة الشرج وأما الـ 30 بالمائة الباقية فهي سرطانة خلايا حرشفية صدفية ناشئة في حتار الشرج anal verge.

سرطانة الخلايا الحرشفية Squamous-cell carcinoma. وبسبب الموقع السطحي لهذه الآفة، كثيرًا ما يدركها المريض، وبذلك يعود الطبيب في مرحلة مبكرة. ولكن هناك استثناءات، وهي أحيانًا:

                   · تتكون سرطانة التشعيع في الشرج، وفي جلد حول الشرج لمريض كان قد عولج من دون حكمة بالأشعة السينية المصفاة قليلاًا من أجل حكة شرجية. ويصبح التهاب الجلد التشعيعي المزمن مألوفًا لدى المريض، لدرجة أنه كثيرًا لايدرك بأن لديه سرطانة وأن هذه السرطانة قد حدثت فوق ذلك الالتهاب.

                   · ويحدث في الحلمات البسيطة (الثؤلولات الشرجية) تحول سرطاني (الشكل 54-2).

                   · وتتكون سرطانه حرشفية الخلايا في مسار ناسور شرجي طال بقاؤه.

وأيضًا تتم لقية الأورام الخبيثة التالية في قناة الشرج ولكنها نادرة.

السرطانة شبه القاعدية Basaloid carcinoma. وتسمى أيضًا السرطانة المَذْرقية cloacogenic carcinoma. وهي ضرب من السرطانة الحرشفية غير المُتَقَرِّنَة non-keratininsing. وقد تنتقل إلى الغدد اللمفية، وتكون درجة خباثتها عالية، وهي ليست حساسة جدًا للتشعيع.

السرطانة المخاطية البشرانية Mucoepideroid carcinoma. وينشأ الورم بالقرب من موصل الخلايا الحرشفية العمودية، وهي سرطانة متوسطة. وليست جيدة التقرن، وحساسة للأشعة.

 

الشـــــكل54-39 حليمات شرجية مهملة وقد تحولـــــت إلى خبيثــة.

الشـــــكل54-40 مـلانوم خبيـث في قناة الشرج. (السيد ب. توماس، كالوشي، زامبيا.)

 

سرطانة الخلية القاعدية Basal-cell carcinoma. مثلها مثل سرطانات الخلية الحرشفية الحقيقية التي تصيب حتار الشرج، فهي أورام جلدية، وتتصرف على هذا الأساس.

الملانوم Melanoma. يجيء ورم الشرج الملاني على شكل كتلة طرية سوداء تضرب إلى الزرقة، ويمكن الخلط بينها وبين الباسور المتخثر، وللأسف تشق على هذا الأساس. ويُحَرِّضُ هذا الرضح، الذي يعقبه رضح التغوط، على حدوث النقائل. وإذا ترك الورم من دون تدخل، يتقرح ويتغير لونه من أزرق إلى أسود. وعاجلاًا ما تصبح العقد اللمفية الأربية مصابة بالنقائل. وإذا لم يستأصل الورم في مرحلة مبكرة، فإنه ينتشر عبر تيار الدم. والورم مقاوم للتشعيع، وإنذاره سئ جدًا (الشكل 54-40).

الظواهر السريرية Clinical features

يمكن أن يحدث سرطان الشرج في أي عمر، ولكن  تتم لقيته عادة خلال العقدين السادس والسابع. وهو نادر، ويشكل حوالي 2 بالمائة من جميع السرطانات القولونية المستقيمية. وتشمل أعراضه النزف المستقيمي، والنجيج المخاطي، والزحار tenesmus، والإحساس بكتلة في الشرج، وتغير في عادة الخروج. وأحيانًا تكون جيئة المريض بكتلة في المنطقة الأربية ناجمة عن نقائل في العقد اللمفية.

وقد يكشف الفحص المستقيمي النقاب عن كتلة متقرحة، ويابسة، ومؤلمة ونازفة في قناة الشرج أو في حتار قناة الشرج. وقد تنفطر من خلال قناة الشرج لتظهر على الجلد حول الشرج، أو تكون جيئتها من خلال ناسور شرجي نازح ومزمن.

 

الحالات المؤهِّبة Predisposing conditions

يبدو أن هناك علاقة بين اللقموم (الورم اللقمي) chondylomata الذي يسببه فيروس الحلمة البشري human papilloma virus وبين سرطان الشرج. وبالمثل، فالمرض أكثر انتشارًا في المرضى المصابين بفيروس عَوَز المناعة البشري HIV. واقترحت عدة تقارير وجود نسبة حدوث أعلى لسرطان الشرج بين المرضى المصابين بمرض كرون.

 

علاج السرطانة الحرشفية في الشرج والقناة الشرجية

Treatment of squamous cell carcinoma of the anus and anal canal

أورام حتار الشرج Tumours of the anal verge. يكفي الاستئصال الموضعي الواسع، بمسافة لا تقل عن 2.5 سم من النسيج من على جميع جوانب الآفة المستأصلة، للحصول على الشفاء من آفات الخلايا الحرشفية الصغيرة التي تصيب حتار الشرج. ويكون الانتشار اللمفي إلى العقد الأربية، ولذلك يجب مراقبة هذه العقد بعناية. فإذا أصيبت بالنقائل، يصبح من الضروري إزالة العقد من منطقة واحدة أو كلتا المنطقتين الأربيتين وذلك بواسطة التسليخ بالجملة block dissection. ويحمل هذا بين ثناياه إنذارًا مقبولاًا بالنسبة للشفاء.

 

أورام القناة الشرجية Tumours of the anal canal. لا يزال العلاج التقليدي لسرطانة قناة الشرج هو الاستئصال البطني العجاني abdomino-perineal excision، متضمنًا إزالة الورم مع منطقة واسعة حول الشرج. وإذا كانت أو متى أصبحت العقد اللمفية الأربية مصابة بالنقائل، يجرى تسليخ جذري radical dissection للأربيتين. وبالرغم من أن هذه العملية مبنية على قاعدة من المبادئ المرضية الصحيحة، إلا أن الحاجة لفغر القولون الدائم مع المراضة المصاحبة لها، قد شجعت الجراحين على محاولة استعمال طريقة أكثر تحفظـًا في البداية.

وقد استعملت المداواة بالأشعة لمدة طويلة في علاج أورام صغيرة مختارة. وطبق هذا باستعمال حزمة شعاعية خارجية external beam، وتقنيات خلالية interstitial techniques وتقنيات داخل التجويف intracavitary techniques (باك*). وقيل بأن حوالي 50 بالمائة من الأورام التي عولجت بهذه الطريقة قد اجتثت، مما جعل الاستئصال البطني العجاني في مرحلة لاحقة غير ضروري (كوان* Quan). وفي المرضى الذين يظهرون نقائل في العقد اللمفية الأربية، هناك داع لإجراء التسليخ الأربي بالجملة، إضافة إلى المداواة بالأشعة.

وبشكل سريع، أصبح العلاج الكيماوي والمداواة بالأشعة مجتمعين - ما يسمى بالتشعيع الكيماويchemoradiation  - الذي وصفه حديثـًا نيجرو* Nigro، العلاج المفضل لجميع أورام قناة الشرج. ويُعْطَي المريض 5-فلورويوراسيل 5FU ومايتومايسين mitomycin مجتمعين لمدة أسبوع واحد تقريبـًا. واستعمل بعض المؤلفين جمعـًا من البليوماسين bleomoycin وسيسبلاتينم cisplatinum وأدريامايسين adriamycin. ويعقب العلاجَ الكيمياوي المداواةُ بالأشعة التي تُعْطَى على مدار 3-7 أسابيع. ويعاد فحص المريض بعد توقف العلاج بأربعة أسابيع إلى ستة أسابيع. فإذا بقي ورم واضح، يجرى استئصال بطني عجاني. وأما إذا كانت الاستجابة للمعالجة جيدة، فتستأصل الندبة. وإذا أظهر فحص الندبة المجهري عدم وجود سرطانة مجهرية، يتابع المريض بعناية. وللمعالجة تأثيرات جانبية غير سارة: فبسبب المداواة بالأشعة، يعاني أغلب المرضى من التهاب المستقيم proctitis، والتهاب جلد العجان. وأما قلة البيض leucopenia وقلة الصُفَيحات thrombocytopenia فهما كثيرتان، وذلك نتيجة العلاج الكيماوي. ويجب تحذير جميع المرضى من احتمال حدوث الحَاصَّة alopecia. وبغض النظر عن ذلك، يستجيب حوالي ثلثي المرضى للتشعيع الكيماوي، ويتجنب هؤلاء الإجراءات الجراحية الكبرى. كما أن حوالي 90 بالمائة من المرضى أحياء وبخير بعد سنتين من العلاج. ويمكن استخدامه لجميع الأورام، ولو أن الأورام التي يبلغ قطرها 5 سم أو ما يزيد، ذات معدل إخفاق أعلى. وبالرغم من أن كثيرًا من هذه الأورام الكبيرة  يرجح أن تؤدي في نهاية المطاف إلى استئصال بطني عجاني، فإن من المحتمل أن علاجها أوليـًا بالتشعيع الكيماوي هو الأفضل، وذلك لأنه قد يجعل الجراحة اللاحقة أسهل.

وفي المرضى الواهنين ذوي الآفة المتقدمة، فقد يكون فغر القولون المعطل للوظيفة defunctioning colostomy العلاج الوحيد المتوافر، وذلك من أجل تفريج الأعراض العصيبة مثل سلس البراز.


 

*  جورج توماس باك George Thomas Pack، أستاذ الجراحة السريرية سابقـًا، كلية طب نيويورك، نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية.

* س. هـ. ك. كوان S.H.Q. Quan، معاصر، جراح، جامعة ولاية وين، ديترويت، ميتشغان، الولايات المتحدة الأمريكية.

* ن. نيجرو N. Nigro، معاصر. جراح، جامعة ولاية وين، ديترويت، ميتشغان، الولايات المتحدة الأمريكية.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة