القانون  
   القانون   
   ( 35 من 70 )  
  السابق   الفهرس   التالي  
  
 

 الفن العاشر أحوال الرئة والصدر

وهو خمس مقالات‏:‏

 المقالة الأولى الأصوات والنفس

 فصل في تشريح الحنجرة والقصبة والرئة

أما قصبة الرئة‏:‏ فهي عضو مؤلف من غضاريف كثيرة دوائر يصل بعضها على بعض فما لاقى منها منفذ الطعام الذب خلفه وهو المريء وجعل ناقصاً وقريباً من نصف دائرة وجعل قطعه إلى المريء ويماس المريء منه جسم غشائي لا غضروفي بل الجوهر الغضروفي‏:‏ منه إلى قدّام والتفّت هذه الغضاريف برباطات يجللها غشاء ويجري على جميع ذلك من الباطن غشاء أملس إلى اليبس والصلابة ما هو وذلك أيضاً من ظاهره وعلى رأسه الفوقاني الذي يلي الفم والحنجرة وطرفه الأسفل ينقسم إلى قسمين ثم ينقسم أقساماً تجري في الرئة مجاورة لشعب العروق الضاربة والساكنة وينتهي توزعها إلى فوهات هي أضيق جداً من فوهات ما يشاكلها ويجري معها‏.‏

فأما تخليقها من غضروف فليوجد فيها الانتفاخ ولا يلجئه اللين إلى الانطباق ولتكون صلابتها واقية لها إذا كان وضعها إلى قدام ولتكون صلابتها سبباً لحدوث الصوت أو معيناً عليه‏.‏

وتأليفها من غضاريف كثيرة مربوطة بأغشية ليمكنها الامتداد والاجتماع عند الاستنشاق والنفس ولا تألم من المصادمات التي تعرض لها من تحت وفوق ومن الانجذابات التي تعرض لها إلى طرفيها ولتكون الآفة إذا عرضت لم تتسع ولم تستمل وجعلت مستديرة لتكون أحوى وأسلم‏.‏

وإنما نقص ما يماس المريء منها لئلا يزاحم اللقمة النافذة بل يندفع عن وجهها إذا مددت المريء إلى السعة فيكون تجويفها حينئذ كأنه مستعار للمريء إذ المريء يأخذ في الانبساط إليه وينفذ فيه وخصوصاً والإزدراد لا يجامع النفس لأن الإزدراد يحوج إلى انطباق مجرى قيصبة الرئة من فوق لئلا يدخلها الطعام المار فوقها ويكون انطباقها بركوب الغضروف المتكئ على المجرى وكذلك الذي يسمى الذي لا اسم له‏.‏

وإذا كان الازدراد والقيء يحوجان إلى انطباق فم هذا المجرى لم يكن أن يكونا عندما يتنفس‏.‏

وخلق لأجل التصويت الشيء الذي يسمى لسان المزمار يتضايق عنده طرف القصبة ثم يتسع عند الحنجرة فيبتدئ من سعة إلى ضيق ثم إلى فضاء واسع كما في المزمار فلا بد للصوت من تضييق المحبس‏.‏

وهذا الجرم الشبيه بلسان وأما تصليب الغشاء الذي يستبطنها فليقاوم حدة النوازل والنفوث الرديئة والبخار الدخاني المردود من القلب ولئلا يسترخي بقرع الصوت‏.‏

وأما انقسامها أولاً إلى قسمين فلأنّ الرئة ذات قسمين‏.‏

وأما تشعبها مع العروق السواكن فليأخذ منها الغذاء‏.‏

وأما ضيق فوهاتها فليكون بقدر ما ينفذ فيها النسيم إلى الشرايين المؤدية إلى القلب ولا ينفذ إليها فيها دم الغذاء ولو ينفذ يحدث نفث الدم فهذه صورة قصبة الرئة‏.‏

أما الحنجرة‏:‏ فإنها آلة لتمام الصوت ولتحبس النفس وفي داخلها الجرم الشبيه بلسان الزمامر من المزمار‏.‏

وقد ذكرناه وما يقابله من الحنك وهو مثل الزائدة التي تشابه رأس المزمار فيتمّ به الصوت‏.‏

والحنجرة مشدودة مع القصبة بالمبريء شداً إذا همَ المريء للإزدراد ومال إلى أسفل لجذب اللقمة انطبقت الحنجرة وارتفعت إلى فوق واستند انطباق بعض غضاريفها إلى بعض فتمددت الأغشية والعضل‏.‏

وإذا حاذى الطعام مجرى المريء يكون فم القصبة والحنجرة ملتصقين بالحنك من فوق فلايمكن أن يدخلها من الحاصل عند المريء شيء فيجوز بها الطعام والشراب من غير أن يسقط إلى القصبة شيء إلاّ في أحايين يستعجل فيها بالإزدراد قبل استتمام هذه الحركة أو يعرض للطعام حركة إلى المريء مشوّشة فلا تزال الطبيعة تعمل في دفعه بالسعال‏.‏

وقد ذكرنا تشريح غضاريف الحنجرة وعضلها في الكتاب الأول‏.‏

وأما الرئة‏:‏ فإنها مؤلفة من أجزاء أحدها شعب القصبة والثاني شعب الشريان الوريدي والثالث شعب الوريد الشرياني ويجمعها لا محالة لحم رخو ما متخلخل هوائي خلق من أرقّ دم وألطفه‏.‏

وذلك أيضاً غذاؤها وهو كثير المنافذ لونه إلى البياض خصوصاً في رئات ما تم خلقه من الحيوان‏.‏

وخلق متخلخلاً ليتسع الهواء وينضج فيه ويندفع فضله عنه كما خلق الكبد بالقياس إلى الغذاء وهو ذو قسمين‏:‏ أحدهما إلى اليمين والآخر إلى اليسار والقسم الأيسر ذو شعبتين والقسم الأيمن ذو ثلاث شعب ومنفعة الرئة بالجملة الاستنشاق‏.‏

ومنفعة الاستنشاق إعداد هواء للقلب أكثر من المحتاج إليه في نبضة واحدة‏.‏

ومنفعة هذه الاعداد أن يكون للحيوان عندما يغوص في الماء وعندما يصوّت صوتاً طويلاً متّصلاً يشغله عن أخذ الهواء أو يعاف استنشاقه لأحوال وأسباب داعية إليه من نتن وغيره هواء معد يأخذه القلب‏.‏

ومنفعة هذا الهواء المعد أن يعدل بروحه حرارة القلب وأن يمدّ الروح بالجوهر الذي هو أغلب في مزاجه من غير أن يكون الهواء وحدة كما ظنّ بعضهم يستحيل روحاً كما لا يكون الماء وحده يغذو عضواً ولكن كل واحد منهما أما جزء غاذ وأما منقذ مبذرق‏.‏

أما الماء فلغذاء البدن وأما الهواء فلغذاء الروح وكل واحد من غذاء البدن والروح جسم مركب لا بسيط‏.‏

وأما منفعة إخراج الفضل المحترق من الروح وكل واحد من غذاء البدن والروح جسم مركب لا بسيط‏.‏

وأما منفعة إخراج الفضل المحترق من الروح وهو دخانيته والرئة لدخول الهواء البارد فإن هذا المستنشق يكون لا محالة قد استحال إلى السخونة فلا ينفع في تعديل الروح‏.‏

وأما تشعّب العروق والقصبة في الرئة فإن القصبة والشريان الوريدي يشتركان في تمام فعل النفس‏.‏

والشريان الوريدي والوريد الشرياني يشتركان في غذاء الرئة من الدم النضيج الصافي الجائي من القلب‏.‏

وأما منفعة اللحم فليسدّ الخلل ويجمع الشعب‏.‏

وأما تخلخله فليصلح للاستنشاق فإنه ليس إنما ينفذ الهواء في القصبة فقط بل قد يتخلص إلى جرم الرئة منه وفي ذلك استظهار في الاستكثار وليعين أيضاً بالانقباض على الدفع فيكون مستعداً للحركتين ولذلك ما تنتفخ الرئة بالنفخ‏.‏

وأما بياضه فلغلبة الهواء على ما يتغذى به ولتردده الكثير فيه‏.‏

وأما انقسامها باثنتين لئلا يتعطل التنفّس لآفة تصيب أحد الشقّين‏.‏

وكل شعبة تتشعّب كذلك إلى شعبتين‏.‏

وأما الخامسة التي في الجانب الأيمن فهي فراش وطيء للعرق المسمّى الأجوف وليس نفعه في النفس بكثير ولما كان القلب أميل يسير إلى الشمال وجد في جهة الشمال شاغل لفضاء الصدر وليس في اليمين فحسن أن يكون للرئة في جانب اليمين زيادة تكون وطاء للعروق فقد وقعت حاجة‏.‏

والرئة يغشيها غشاء عصبي ليكون لها على ما علمت حسن ما يوجّه فإن لم يكن مداخلاً كان مجللاً‏.‏

على أنّ الرئة نفسها وطاء للقلب بلينها ووقاية له‏.‏

والصدر مقسوم إلى تجويفين يفصل بينهما غشاء ينشأ من محاذاة منتصف القصّ فلا منفذ من أحد التجويفين إلى الآخر‏.‏

وهذا الغشاء بالحقيقة غشاءان وهو يتصل من خلف بالفقار ومن فوق بملتقى الترقوتين‏.‏

والغرض في خلقهما أن يكون الصدر ذا بطنين إن أصاب أحدهما آفة كمل الآخر أفعال التنفّس وأغراضه‏.‏

ومن منافعها ربط المريء والرئة وأعضاء الصدر بعضها لبعض‏.‏

وأما الحجاب فقد ذكرنا صورته ومنفعته في تشريح العضل فإنه بالحقيقة أحد العضل وهو من ثلاث طبقات المتوسّطة منها هي حقيقة الوتر الذي به يتمّ فعلها والطبقة التي فوقها هي كالأساس والقاعدة لأغشية الصدر التي تستبطنه والطبقة السافلة مثل ذلك لأغشية الصفاق‏.‏

وفي الحجاب ثقبان‏:‏ الكبير منهما منفذ المريء والشريان الكبير والأصغر ينفذ فيه الوريد المسمى الأبهر وهو شديد التعلّق به والالتحام‏.‏

 فصل في أمزجة الرئة وطريق سلامات أحوالها

نقول‏:‏ أما المزاج الحار فيدلّ عليه سعة الصدر وعظم النفس وربما تضاعف والنفخة والصوت وثقله وقلّة التضرّر بالهواء البارد وكثرته بالحار وأعراض عطش يسكنه النسيم البارد كثيراً من غير شرب وكثيراً ما يصحبه لهب وسعال‏.‏

وأما المزاج البارد فيدل عليه صغر الصدر وصغر النفس والصوت وحدتهما والتضرر بكل بارد وكثر تولد البلغم فيها وكثيراً ما يتضاعف به النفس ويصحبه الربو والسعال‏.‏

وأما المزاج الرطب فيدل عليه كثرة الفضول وبحوحة الصوت والخرخرة وخصوصاً إذا كانت مع مادة وكانت مائلة إلى فوق والعجز عن رفع الصوت لا لضعف البدن‏.‏

وأما المزاج اليابس فيدلّ عليه قلّة الفضول وخشونة الصوت ومشابهته بصوت الكراكي وربما كان هناك ربو لشدة التكاثف وكل واحد من هذه الأمزجة قد يكون للرئة طبيعياً وقد يكون عرضياً ويشتركان في شيء من العلامات ويفترقان في شيء‏.‏

فأما ما يشتركان فيه‏:‏ فالعلامات المذكورة إلاّ ما يستثنى من بعد وأما ما يفترقان فيه فشيئان‏:‏ أحدهما أن المزاج إذا كان طبيعياً كانت العلامة واقعة بالطبع وإن كان عرضياً كانت العلامة له عرضية وقد حدث به إلا أن تكون العلامة من جنس ما لا يقع إلا بالطبع فقط فتكون علامة للطبيعي مثاله عظم الصدر أو صغره‏.‏

واعلم أنّ أخصّ الدلائل على أحوال الصدر والرئة النفس في حرّه وبرده وعظمه وصغره وسهولته وعسره ونتنه وطيب رائحته وغير ذلك من أحواله وكذلك الصوت أيضاً في مثل ذلك ومثل ما يدلّ الخناقي منه على أن الآفة في العضل الباسطة والأبحّ على أنها في العضل القابضة إن كانت الآفة في العضل والسعال والنفث والنبض‏.‏

وقد تبيّن لك كيفية دلائل النفس وكيفية دلائل الصوت وكيفية دلائل السعال وكيفية دلائل النفث‏.‏

وأما النبض وما يوجبه بحسب الأمزجة والأمراض فقد عرفت ذلك‏.‏

والرئة مجاورة للقلب والاستدلال من أحواله عليها أقوى والنبض أدلّ على ما يلي شعب العصبة من الرئة والسعال أدلّ على ما يلي القصبة ولحمية الرئة‏.‏

وإحساس اللذع والنخس دليل خاص على أن المادة في الأغشية والعضلات فإذا كان الانتفاث بسعال خفيف فالمادة قريبة من أعالي القصبة وما يليها وإن كانت لا تنفث إلا بسعال قوي فالمادة غائرة بعيدة وقد تصحب آفات أعضاء الصدر علامات من أعضاء بعيدة مثل الدوار في أورام الحجاب وحمرةَ الوجه في أورام الرئة‏.‏

 فصل في الأمراض التي تعرض للرئة

تعرض للرئة الأمراض المختصة بالمتشابهة الأجزاء والأمراض الآلية وخصوصاً السدد في عروقها وأجزاء قصبتها وخصوصاً العروق الخشنة وفي خلخلة جرمها وقد تكون لأسباب السدد كلها حتى الانطباق والأمراض المشتركة‏.‏و قد تكثر أمراض الرئة في الشتاء والخريف لكثرة النوازل وخصوصاً في خريف مطير بعد صيف يابس شمالي والهواء البارد ضارّ بالرئة إلا أن تكون متأذّية بالحر الشديد وكثيراً ما تؤدّي أمراض الرئة إلى أمراض الكبد كما تؤدي شدة بردها وشدة حرها إلى الاستسقاء وكذلك الحجاب‏.‏

 فصل في علاجات الرئة

لتتأمل ما قيل في باب الربو والتنفُّس ولتنتقل إلى غيره مما يشاركه في السبب من الأمراض وقد تراض الرئة بمثل رفع الصوت ومثل النفس النافخ لتلطف بذلك فضولها ولاستعمال الأدوية الصدريّة هيئة خاصة فإنها تجب أن تستعمل حبوباً ولعوقات في أكثر الأمر تمسك في الفم ويبلع ما يتحلل منها قليلاً قليلاً لتطول مدة عبورها في جواز القصبة ويتعاود فيتأدّى إلى القصبة والرئة وخصوصاً إذا نام مستلقياً وارتخت العضل كلها التي على الرئة وقصبتها‏.‏

وأقرب وجوه إمالة فضول الرئة هو الجانب الذي يلي المرء فذلك ينتفع بالقيء كثيراً إذا لم يكن هناك مانع‏.‏

 فصل في المواد الناشبة في الرئة

وأحكامها ومعالجاتها

المواد التي تحصل في الرئة قد تكون من جنس الرطوبة وقد تكون من جنس القيح وقد تكون من جنس الدم‏.‏

والمواد الحارة الرقيقة‏.‏

والمواد الناشبة في الرئة قد يعسر انتفائها أما لغلظها ولزوجتها فلا تتنفث وأما لرقتها فلا يلزمها الريح الدافعة إياها بالسعال بل تنعقد الرطوبة عن الريح فتباينها الريح غير قالعة وإما لشدة كثرتها وإذا كانت الأخلاط الصدرية غليظة فلا تبالغ في التجفيف بل اشتغل بالتليين والتقطيع مع تحليل بمداراة ويكون أهم الأمرين إليك التقطيع أي تكون العناية بالتقطيع أكثر منها بالتحليل واستعمل في جميع تلك الأدوية ماء العسل فإنه ينفذها ويجلو أو يلين وأنت تعرف طريق استعمال ماء العسل‏.‏

 فصل في الأدوية الصدرية المفردة والمركبة وجهة استعمالها

الأدوية الصدرية هي الأدوية التي تنقي الصدر وهي على مراتب‏.‏

المرتبة الأولى مثل دقيق الباقلا وماء العسل وبزر الكتان المقلو واللوز والشراب الحلو فإنه شديد التفتيح لسدد الرئة كما أنه شديد التوليد لسدد الكبد كما ستعلم علّته في باب الكبد‏.‏

ومن الباردات حب القثاء والقند والبطيخ والقرع‏.‏

وأما السمن فإن اقتصر عليه كان إنضاجه أكثر من تنقيته فإن لعق مع عسل ولوز مرّ كان إنضاجه أقلّ وتنقيته أكثر‏.‏

وأقوى من ذلك علك البطم واللوز المر وسكنجبين العنصل والحلبة والكُندر‏.‏

وتمر هيرون له قوة في هذه المعنى وأقوى من ذلك الكمّون والفلفل والكرسنّة وأصول السوسن وأصل الجاوشير والجندبيدستر بالعسل والعنصل المشوي مسحوقاً معجوناً بالعسل والقنطوريون الكبير والزراوند المدحرج والشونيز والدودة التي تكون تحت الجرار إذا جفّفت على خزف فوق الجمر أو في التنّور حتى تبيض وتخلط بالعسل وكذلك الراسن إذا وقع في الأدوية وماؤه شديد النفع والراوند من جملة ما يسهّل النفث والساليوس شديد المنفعة والبُلْبُوس نافع منقّ جداً خصوصاً النيء وبعده الذي لم يسلق إلا سلقة واحدة‏.‏

والزعفران يقوي آلات النفس جداً ويسهل النفس جداً وهذه الأدوية تصلح مشروبةً وتصلح ضماداً‏.‏

ومن الأدوية المركّبة‏:‏ حبّ أفلاطون وهو حبّ الميعة وشراب الزوفا بالنسخ المختلفة ودواء أندروماخس ودواء سقلنيادوس ودواء جالينوس وأشربة الخشخاش بنسخ ودواء مغناوس ودواء البلاذر بالهليلجات‏.‏

ومما ينفث الأخلاط الغليظة والمدة أن يؤخذ من السكبينج والمر من كل واحد مثقال قردمانا مثقالين أفيون مثقال جندبيدستر مثقال يعجن بشراب حلو الشربة منه نصف مثقال‏.‏

ومما جُرب‏:‏ هذا الدواء وصفته‏:‏ يؤخذ كندر أربعة ومر اثنين مع ثلاث أواق ميبختج يُطبخ كالعسل ويُلعق أو عصارة الكرنب بمثله عسلاً أو سلاقته يطبخان حتى ينعقد أو النار نار الجمر‏.‏

وأيضاً‏:‏ يؤخذ مرّ وفلفل وبزر الأنجرة وسكبينج وخردل يتخذ منه حبّ ويسقى منه غدوة وعشية عند النوم‏.‏

وأيضاً‏:‏ خردل درهم بورق تسع قراريط عصارة قثاء الحمار وأنيسون من كلّ واحد قيراط ومن الأدوية القوية في ذلك أن يؤخذ المحروث والخردل وبزر الأنجرة وعصارة قثّاء الحمار وأنيسون يجمع ذلك كله بعسل ويعجن به‏.‏

ومن الأخلاط المائلة إلى الحار حلبة أوقيتين بزر كتان أوقية ونصف كرسنّة نصف أوقية جوف حبّ القطن نصف أوقية ربّ السوس أوقيتين يلتّ الجميع بدهن اللوز ويجمع بعسل‏.‏

وأيضاً‏:‏ يؤخذ سبستان وتين أبيض وزبيب منزوع العجم وأصول السوسن وبرشاوشان يطبخ بالماء طبخاً ناعماً ويسقى منه وإن طبخ في هذا الماء بسفايج وتربد كان نافعاً‏.‏

واعلم أنه كثيراً ما يحتبس الشيء في الصدر وهو قابل للانتفاث إلا أن القوة تضعف عنه وحينئذ فيجب أن يستعان بالعطاس‏.‏

 فصل في كلام كليّ في التنفس

التّنفس يتمّ بحركتين ووقفتين بينهما على مثال ما عليه الأمر في النبض إلا أن حركة التنفس إرادية يمكن أن تغيَّر بالإرادة عن مجراه الطبيعي والنبض الطبيعي صرف والغرض في النفس أن يملأ الرئة نسيماً بارداً حتى بعد النبضات القلبية فلا يزال القلب يأخذ منه الهواء البارد ويردّ إليه البخار الدخاني إلى أن يعرض لذلك المستنشق أمران‏:‏ أحدهما استحالته عن برده بتسخين ما يجاوره وما يخالطه واستحالته عن صفاته بمغالطة البخار الدخاني له فحينئذ يزول عنه المعنى الذي به يصلح لاستمداد النبض منه فيحتاج إلى إخراجه والاستدلال منه‏.‏

وبين الأمرين وقفتان واستدخاله - وهو الاستنشاق - يكون بانبساط الرئة تابعة لحركة أجرام يطيب بها حين يعسر الأمر فيها وإخراجه يكون لانقباض الرئة تابعة لحركة أجرام يطيف بها‏.‏

والنفس عند العامة هو المخرج وعند الأطباء وفي اصطلاح ما بينهم تارةً المخرج كما عند العامة وتارة هذه الجملة كما أن النبض عند العامة هو الحركة الانبساطية وعند الأطباء فيه اصطلاح خاص على النحو المعلوم فيه وحركة النفس المعتدل الطبيعي الخالي عن الآفة يتمّ بحركة الحجاب فإن احتيج إلى زيادة قوة لما ليس يدخل إلا بمشقة أو لتقوي النفس ليخرج نفخه شارك الحجاب في هذه المعونة عضل الصدر كلها حتى أعاليها أو لا بد فبعض السافلة منها فقط فإن احتيج إلى أن يكون صوتاً لم يكن بد من استعمال عضل الحنجرة فإن احتيج إلى أن يقطع حروفاً ويؤلف منه كلام لم يكن بدّ من استعمال عضل اللسان وربما احتيج فيها إلى استعمال عضل الشّفة‏.‏

وكما أنّ في النبض عظيماً وصغيراً وطويلاً وقصيراً وسريعاً وبطيئاً وحاراً وبارداً ومتواتراً ومتفاوتاً وقوياً وضعيفاً ومنقطعاً ومتّصلاً ومتشنّجاً ومرتعشاً وقليل حشو العروق وكثيره وأموراً محمودة وأموراً مذمومة ولكلِّ ذلك أسباب كل ذلك دليل على أمر ما ولها اختلاف بحسب الأمزجة والأسنان والأجناس والعوارض البدنية والنفسانية كذلك للنفس هذه الأمور المعدودة وما يشبهها ولكلّ أمر منها فيه سبب وكل أمر منها دليل‏.‏

فمن النفس عظيم ومنه صغير ومنه طويل ومنه قصير ومنه سريع ومنه بطيء ومنه متفاوت ومنه متواتر ومنه ضيّق ومنه واسع ومنه سهل ومنه عسر ومنه قوي ومنه ضعيف ومنه حار ومنه بارد ومنه مستوٍ ومنه مختلف‏.‏

ومن أصناف النفس ما له أسماء خاصة مثل النفس المنقطع والنفس المضاعف والنفس المنتصب والنفس الخناقي والنفس المستكره في الفترات كما يكون في السكتة ونحوها‏.‏

والآفات التي تعرض في آلات النفس فيدخل منها آفة في النفس إما أن يكون في أعضاء النفس أو في مباديها أو فيما يشاركها بالجوار‏.‏

وأعضاء النفس هي الحنجرة والرئة والقصبة والعروق الخشنة والشرايين والحجاب وعضل الصدر والصدر نفسه فإن الآفة قد تكون في الصدر نفسه إذا كان ضيقاً صغيراً فيحدث لذلك في النفس آفة وأما مباديها فالدماغ نفسه والنخاع أيضاً لأنه منشأ للحجاب فإنه ينبت أكثر من الزوج الرابع من عصب النخاع وتتصل به شعبة من الخامس والسادس والعصب الجائي إليها‏.‏

وأما الأعضاء المشاركة بالجوار إليها فكالمعدة والكبد والرحم والإمعاء وسائر الأحشاء وتلك الآفات إما سوء مزاج مضعّف حار أو بارد أو رطب أو يابس أيا كان ساذجاً أو بمادة من خلط محتبس أو منصبّ إليه كثيراً أو لزجاً أو غليظاً والمدة والقيح من جملتها أو من ريح أو بخار وإما مرض آلي من فالج أو تشنج أو انحلال فرد من تصدع أو تعفن أو تقرّح أو تأكل أو من ورم بارد أو حار أو صلب أو من وجع‏.‏

وأنت تعلم مما نقصه عليك أن النفس قوي الدلالة وجار مجرى النبض بعد أن تراعى العادة فيه كما يجب أن تراعي الأمر الطبيعي المعتاد في النبض أيضاً‏.‏

 فصل في النفس العظيم والصغير وأسبابه ودلائله

النفس العظيم‏:‏ هو النفس الذي ينال هواء كثيراً جداً فوق المعتدل وهو الذي تنبسط منه أعضاء النفس في الجهات كلها انبساطاً وافر العظم ما يستنشق‏.‏

والصغير الضيق يكون حاله في ذلك بالضد فيصغر ما يستنشق وكذلك في جانب الإخراج‏.‏

وأسباب النفس العظيم هي‏:‏ أسباب النبض العظيم أعني الثلاثة المذكورة فقد يظن أن الصغير هو الذي يتم بحركة الحجاب فقط وذلك ليس صحيحاً على الإطلاق فإنه - وإن كان قد يكون ما يتم بحركة الحجاب وحده صغيراً - فربما كان ذلك معتدلاً فإن المعتدل لا يفتقر إلى حركة غير الحجاب إذا كان الحجاب قويّ القوة وربما كان النفس صغيراً فإن كانت الأعضاء الصدرية كلها تتحرك إذا كانت كلها ضعيفة فلا يفي الحجاب وحده بالنفس المحتاج إليها ولا إن كانت الحاجة إلى المعتدل بل يحتاج أن يعاونه الجميع ثم لا يكون بالجميع من الوفاء باستنشاق الهواء وإخراجه الواقع مثلهما عن الحجاب وحده لو كان سليماً صحيحاً قوياً لأنه ليس واحد من تلك الأعضاء يفي بانبساط تام ولا بالقدر الذي إذا اجتمع إليه معونة غيره حصل من الجميع بسط للرئة كاف معتدل وذلك لضعف من القوى أو الضيق من المنافذ كما يعرض في ذات الرئة لكن يجب أن يكون عظيم النفس معتبراً بمقدار ما يتصرّف فيه من الهواء مقبولاً ومردوداً ولن يتمّ ذلك إلا بحركة جامعة من العضلة الصدريّة وما يليها ثم لا تنعكس حتى تكون كلها تتحرك فيه العضل كلها فهو نفس عظيم بل إذا تحِركت كلها الحركة التي تبلغ في البسط والقبض تصرفاً في هواء كثير‏.‏

والصغير هو على مقابلته وقد يبلغ من شدّة حركة أعضاء النفس للاستنشاق أن تتحرك منبسطة من قدّام إلى الترقوتين ومن خلف إلى عظم الكتفين ومن الجانبين إلى معظم لحم الكتف وربما استعانت بالمنخرين بل تستعين بهما في أكثر الأحوال وقد يختلف الحال في الانقباض أعظم وذلك بحسب المادة التي تحتاج إلى أن تخرج الانقباض والكيفية التي تحتاج أن تعدل بالإدخال والانبساط فأيهما كانت الحاجة إليه أمس كانت الحركة التي تحبسه أزيد فإن احتيج إلى إطفاء اللهيب كان الانبساط عظيماً وإذا اتفق في إنسان إن كان غير عظيم الاستنشاق بل صغيره ثم كان عظيم الإخراج للنفس كان ذلك دليلاً على أن الحرارة الغريزية ناقصة والغريبة الداخلة زائدة‏.‏

والأسباب في تجشم هذه الأعضاء كلها للحركة بعنف أربعة‏:‏ فإنها إما أن تكون بسبب عظيم الحاجة لالتهاب حرارة في نواحي القلب وإما لسبب في العضل المحركة من ضعف في نفسها أو بمشاركة الأصول ومثل ما هو في آخر الدق والسل وفي جميع المدة فإنها تضعف القوّة أو لعلة إليه بها خاصة أو بمشاركتها المذكورة فيما سلف عن تشنج يعرض لها أو فالج أو سوء مزاج أو ورم ووجع أو غير ذلك يعرض للعضل عن الانبساط مثل امتلاء المعدة عن أغذية أو رياح إذا جاوز الحد فحال بين الحجاب والانبساط فلم ينبسط هو وحده‏.‏

وإما لضيق المنافذ التي هي الحنجرة وجداول القصبة والشرايين وما يتصل بها من منافذ النفس مثل التخلخل الذي في الرئة فإنها إذا امتلأت أخلاطاً كثرت فيه السدد أو عرض فيها الورم وهؤلاء كأصحاب الربو وأصحاب المدة وأصحاب ذات الرئة‏.‏

وأما الغفلة مع حاجة أو قلّة حاجة حتى طالت المدة بين النفسين فاحتيج إلى نفس عظيم يتلافى ما وقع من التقصير مثل نفس ومن جملة هذه الحاجة عظم نفس النائم لأنه يكثر فيه البخارات الدخانية ويغفل فيه النفس عن إرادة إخراج النفس إلى أن يكثر بها الداعي فيخرج لا محالة عظيماً وكذلك نفس من مزاج قلبه ليس بذلك الحاد المتقاضي بالنفس فيدافع إلى وقت الضرورة ويتلافى بالعظم ما فاته بالمدافعة العلامات التي يفرّق بها بين أسباب حركة الصدر كله إن كان ذلك بسبب كثرة الحاجة وتكون القوة قرية كان النفس كثيراً في إدخاله وفي نفخه ويكون ملمس النفس حاراً ملتهباً والنبض أيضاً عظيماً دالاً على الحرارة وتكون علامات الالتهاب موجودة في الصدر والوجه والعينين وفي اللسان في لونه وخشونته وغير ذلك فإن لم يكن ذلك ولم تكن القوة ساقطة وكأنها لا يمكنها البسط التام فالسبب الضيّق في شيء مما عددناه‏.‏

وأما إن كانت الأعضاء كلها تحاول أن تتحرّك ثم لا تتحرك حركة يعتد بها ولا تنبسط البسط التام مثل ما يروم ما لا يكون ويعول كل التعويل على المنخرين ولا يكون هناك عند الرد نفخة فالقوّة المحرّكة التي للعضل مؤفّة وإذا كان الضيق من رطوبة في القصبة وما يليها كان مع العلامات في النفس خرخرة واحتاج صاحبه إلى تنحنح وهو زيادة علامة على علامة الضيق الكلي وإن لم يكن ذلك كان السبب أغوص من ذلك وإذا حدث الضيق الخرخري دفعة فقد سالت إلى الرئة مادة من النوازل أو سال إلى الرئة أولاً ثم إلى القصبة ثانياً مدة وقيح من عضو‏.‏

 فصل في النفس الشديد

هو الذي يكون مع عظمه كأن القوة تتكلف هناك فضل انزعاج للإدخال والنفخ بالإخراج فيكون مع العظم قوة هم‏.‏

فصل في النفس العالي الشاهق‏:‏ هو الصنف من النفس العظيم الذي يفتقر فيه إلى تحريك أعالي عضل الصدر ولا تبلغ الحاجة فيه إلى تحريك الحجاب وأسافل عضل الصدر وكثيراً ما يحدث هذا النفس في الحميات الوبائية‏.‏ فصل في النفس الصغير

تعرف أسبابه للمعرفة بأسباب العظيم على سبيل المقابلة وقد يصغر النفس بسبب الوجع إذا حال الوجع بين أعضاء التنفس وبين حركاتها وقد يصغر النفس الضيق وإذا اقترن به التثاؤب دل على موت الطبيعة وإذا اقترن به التواتر دل على وجع في أعضاء التنفس وما يليها من المعدة ونحوه مثل قروحها وأورامها‏.‏

العلامات‏:‏ علامات أسباب النفس الصغير المقابلة لأسباب النفس العظيم معلومة بحسب المقابلة وأما الذي يكون صغره عن الوجع لا عن الضيق فيدل عليه وجود الوجع وإن صاحب الوجع لو احتمل ارجع وصبر عليه أمكنه أن يعظم نفسه ومع ذلك فقد يقع في خلال نفسه نفس عظيم تدعو الحاجة إليه وإلى احتمال الوجع أو تصيب الحاجة فيه غفلة من الوجع والكائن عن الضيق بخلاف ذلك كله‏.‏

النفس الطويل هو الذي يطول فيه مدّة تحريك الهواء في استنشاقه ورده لتتمكن القوة من التصرف في الهواء الكثير وربما منع عن العظيم السريع وجع أو ضيق فأقيم الطول في استيفائه المبلع المستنشق مقام العظيم السريع‏.‏

 فصل في النفس القصير

هو مخالف للطويل وإذا قرن به التواتر كان سببه وجعاً في آلة التنفس وما يليها وإذا قرن به التفاوت دل على موت الغريزة‏.‏

 فصل في النفس السريع

هو الذي تكون الحركة فيه في مدة قصيرة مع بلوغ الحاجة لا كالقصير والصغير والسبب فيه شقة الحاجة إذا لم يبلغ الكفاية فيها بالعظم إما لأن الحاجة فوق البلوغ إليه بالعظم وإما لأن العظم حائل مثل ما قيل في النبض‏.‏

وذلك الحائل إما في الآلة وإما في القوة قد تكون السرعة في إحدى الحركتين أكثر منها قي الأخرى مثل المذكور في النفس العظيم‏.‏

 فصل في النفس البطيء

هو ضد السريع وضد أسبابه وقد يبطئ الوجع إذا كان العضو المتنفّس يحتاج إلى أن يتحرك برفق وتؤدة‏.‏

 فصل في النفس المتواتر

هو الذي يقصر الزمان بينه وبين الذي قبله‏.‏

ومن أسبابه شدة الحاجة إذا لم ينقض بالعظم والسرعة لأنها أكثر من البلوغ إليه بهما لأن دونهما حائلاً من وجع أو ورم أو ضيق لمواد كثيرة أو انضغاط أو انصباب قيح في فضاء الصدر أو شيء آخر من أسباب الضيق‏.‏

وأنت تعرف الفرق بين الواقع بسبب الحاجة والواقع بسبب الوجِع وغير ذلك مما سلف لك في باب العظيم‏.‏

والنفس المتواتر على ما شهد أبقراط يستتبع آفة لتجفيف الرئة وأتعاب أعضاء النفس فيما يليها‏.‏

 فصل في النفس البارد

يدل على موت القوة وطفء الحرارة الغريزية واستحالة مزاج القلب إلى البرد وهو أردأ علامة في الأمراض الحادة وخصوصاً إذا كان معه نداوة فتتمّ دلالته على انحلال الغريزية‏.‏ فصل في النفس المنتن

هو داخل في البخر ويفارق سائر أصناف البخر بأن تلك الأصناف قد تروح النتن في غير حال التنفس وهذا إنما ينتن عندما يخرج النفس وهذا يدل على أخلاط عفنة في أعضاء التنفس إمّا القصبة وإما الرئة إذا عفن فيها خلط أو مدة‏.‏  فصل في الانتقالات التي تجري بين النفس

العظيم والنفس السريع والنفس المتواتر و أضدادها

لقد علمت أن الحاجة إذا زادت ولم يكن لها حائل عظم النفس فإن زادت أكثر أسرع فإن زادت أكثر تواتر فإذا تراجعت الحاجة نقص أولاً التواتر ثم السرعة ثم العظم وكذلك إذا قلّ الحول والمنع وإذا فقد التراجع في المعاني الثلاثة وجد التفاوت أكثر ثم الإبطاء ثم الصغر فيكون الخروج عن الطبيعي إلى الصفر أقلّ من إلى البطء وأليهما أقل منه إلى التفاوت‏.‏

واعتبر هذا في الانبساط والانقباض جميعاً تحسب اختلاف الحاجتين المذكورتين اختلافاً في الزيادة والنقصان وإذا كان السبب في الانبساط أدعى إلى الزيادة كان الزمان الذي قبل الانبساط أقصر وإذا كان مثل ذلك السبب في الانقباض كان زمان السكون الذي قبل الانقباض أقصر والنفس المتتابع السريع يتبع ورماً حاراً وضيقاً عن سدة‏.‏

 فصل في النفس المتحرّك أي المحرك للرئة

هذا النفس يدلّ على خور من القوة أو ضيق شديد خانق في الذبحة أو جمع مدّة وانصبابها أو خلط‏.‏

سوء التنفس يعم الأحوال الخارجة عن الطبيعة في التنفس التي لا تتبع أعراضاً صحية بل أعراضاً مرضية آلية وذلك مثل عسر البول وضيق النفس وتضاعف النفس وانقطاع النفس ونفس الانتصاب‏.‏

وقد يعرض لأنواع سوء المزاج والامتلاء والسدد ومجاورة ضواغط وأورام وأوجاع ولموانع للحركة ولقروح في الحجاب ونواحي الصدر وسقوط القوة من أمراض ناهكة وحمّيات حادة وبائية وسموم مشروبة‏.‏

وكل سوء تنفس وضيقه وعسره لمادة فإنه يزداد عند الاستلقاء ويكون وسطاً عند الاضطجاع على جنب ويخف مع الانتصاب‏.‏

وفي الخوانيق الداخلة يمتنع عند الاستلقاء أصلاً‏.‏

 فصل في ضيق النفس

هو أن لا يجد الهواء المتصرف فيه بالنفس منفذاً في جهة حركته إلا ضيقاً لا يتسرّب فيه إلا قليلاً قليلاً‏.‏

وأسبابه إما أورام في تلك المنافذ التي هي الحنجرة والقصبة وشعبها أو الشرايين وفي نفس خلخلة الرئة وجرمها‏.‏وأشد أورامها تضييقاً للنفس ما كان صلباً أو أخلاط كثيرة فيها غليظة أو لمزجة أو مائية تجتمع في الرئة أو انطباق يعرض لها من ضاغط مجاور من ورم حار في كبد أو معدة أو طحال أو أخلاط منصبة في الفضاء لاستسقاء أو غيره مثل ما يكون من انفجار أورام في الجوف الأسفل تحول دون الانبساط أو تكاثف عن يبس أو قبض أو عن برد يصيب الرئة والحجاب أو عن سبب في العصب والحجاب وهو أولى بأن يسمى عسر النفس أو عن أبخرة دخانية تضيق مداخل النفس في المواضع الضيقة‏.‏

وقد يكون سبب ضيق الصدر فلا تجد الأعضاء المنبسطة للنفس مجالاً وقد يكون بسبب البُحران وعلامة له إذا مالت المواد عن الأورام الباطنة إلى فوق وقد يكون عسر النفس وضيقه بسبب سيلان المواد عن الأورام الباطنة منتقلة إلى نواحي الرأس وتُنذر بأورام خلف‏.‏

الأذنين إن كان الأمر أسلم أو في الدماغ إن كان أصعب‏.‏

العلامات‏:‏ علامات الأورام الخناقية قد سلفت لك‏.‏

وأما علامة الورم الذي يكون في نفس الرئة فالوجع الثقيل وفي العضلات والحجب الصدرية الوجع الناخس الباطن وهو أقوى وأشدّ والظاهر وهو أضعف‏.‏

وأما في غضاريف الرئة فالوجع الذي فيه مصيص وربما أدى إلى السعال وإن كانت حارة فالحمى‏.‏

وعلامات الخناقية معروفة تشتدّ عند الاستلقاء وأما علامات امتلاء الأخلاط فإن كانت في القصبة فالنفث والشوق إلى السعال والانتفاع به مع انتفاث الشيء بأدنى سعال ومع خرخرة وإن كانت في الرئة كان الحال كذلك إلا أن السعال يأخذ من مكان أغور ولا يكون خرخرة إلا بقدر ما يصعب من المنفث وإن كان في الفضاء فثقل ينصبّ من جانب إلى جانب مع تغيّر الاضطجاع ثم يبدو النفث ولا يكون فيه مع ضيق النفس سعال يعتدّ به‏.‏

 فصل في النفس المختلف

النفس يختلف مثل أسباب اختلاف النبض ويكون اختلافه منتظماً وغير منتظم‏.‏ فصل في النفس المتضاعف

هو من أصناف المختلف وهو النفس الذي يتمّ بالانبساط فيه وهو الفحم أو الانقباض وهو التغيّر بحركتين بينهما وقفة كنفس الصبي إذ بكى فيكون فيه فحم إذا انبسط وتغير إذا انقبض‏.‏

وسببه إما حرارة كثيرة فلا ينتفع بما استنشق بل يوجب ابتداء حد في الزيادة وإما ضعف في آلات النفس المعلومة يحوج إلى استراحة في النفس وإما لسوء مزاج مسقط للقوّة أو مجفّف أو مصلب للآلة وهو الأكثر وإما لوجع فيها أو في مجاوراتها أو ورم‏.‏

والمجاورات مثل الحجاب والكبد والطحال‏.‏

والكبد أشدّ مشاركة من الطحال وإما لمرض آلي مما قد عدّ مراراً أو كثرة تشنج كائن أو يكون وهذا النفس علامة رديئة في الأمراض الحادة والحمّيات الحادة‏.‏

وأما إذا عرض من برد فإنه مما يشفيه الحمّى‏.‏ فصل في النفس المنتصف

فصل في النفس العسر

هو أن تكون التصرّف في الهواء شاقاً كان ضيّق أو لم يكن ضيق‏.‏

والسبب في آفات أعضاء التنفس على ما قيل في غيره وربما كان لسبب كلهيب ناريّ يغلب على القلب ويكون لبرد مميت للقوة المحركة أو آيف لهما كما يعرض عند برد الحجاب بسبب تبرده من طلاء أو غيره وقد يكون لسوء مزاج يعرض للحجاب مثل برد من الهواء أو برد من ضماد يوضع عليه لسبب في نفسه أو لسبب في المعدة والكبد فيقع هو في جوار ذلك الضمّاد ولا يجود انبساطه وقد يكون لسدّة فيحتبس عندها الريح المستنشق ويحتاج إلى جهد حتى ينفتح‏.‏وهذا مخالف للضيق وربما كانت السدّة ورماً وقد يكون لدواء مسهّل أثاره ولم يسهل أو لحقنة حادّة لم تسهّل وكذلك إذا لم يبلغ الفصد في ذات الجنب الحاجة ويجب أن تقرأ ما كتبناه في آخر قولنا في ضيق النفس ههنا أيضاً‏.‏

 فصل في انتصاب النفس

هو النفس الذي لا يتأتى لصاحبه إلا أن ينتصب ويستوي ويمدّ رقبته مداً إلى فوق فينفتح بسببه المجرى ولا يستطيع أن يحني العنق لأنه يضيّق عليه النفس كما يضيق على منجذب الرقبة نحو خلف وكذلك لا يقدر أن يحني الصدر والصهر إلى خلف‏.‏

وإذا أزال هذه النصبة وخصوصاً إذا استلقى عرض له أن تنطبق منه أجزاء الرئة بعضها مع بعض فتسدّ المجاري لأنها في الأصل في مثله تكون مسدودة في الأكثر وإنما فيها فتح يسير يبطله ميلان الأجزاء بعضها على بعض‏.‏

وقد يكون ذلك الإنسداد عارضاً في الحميات ونحوها لأبخرة مائية ورطوبات متحلبة وقد تكون بالحقيقة لأخلاط مالئة وسادة وأورام أو لأن العضل مسترخية فإذا لم تتحلّ إلى ناحية الرجل بل تدلّت إلى ناحية الظهر والصدر ضغطت‏.‏

 فصل في كلام كلّي في نفس الطبائع والأحوال

في نفس الأسنان

أما الصبيان فإنهم محتاجون إلى إخراج الفضول الدخانية حاجة شديدة لأن الهضم فيهم أكثر وأدوم وليست حاجتهم إلى التطفئة بقليلة وقوتهم ليست بالشديدة جداً لأنهم لم يكملوا في أبدانهم وقواهم فلا بد من أن يقع في نبضهم تواتر وسرعة شديدان مع عظم ما ليس بذلك الشديد‏.‏

وأما الشبان فنفسهم أعظم ولكن أقل سرعة وتواتراً إذا الحاجة تبغ فيهم بالعظم‏.‏

وأما الكهول فنفسهم أقلّ في المعاني الزائدة من نفس الشبان وليس في قلّة نفس المشايخ وأما المشايخ فنفسهم أصغر وأبطأ وأشدّ تفاوتاً لما لا يخفى عليك‏.‏ فصل في نفس الممتلئ

من الغذاء ومن الحبل والاستسقاء وغيره

نفسهم إلى الصغر لأن الحجاب مضغوط عن الحركة الباسطة ولما صغر نبضهم لم يكن به من سرعة وتواتر وإن كانت القوة كافية أو تواتر وحده إن كانت منقوصة‏.‏

 فصل في نفس المستحم

أما المستحم بالحار فإنه يعظم نفسه للحاجة ولين الآلة ويسرع ويتواتر للحاجة وأما المستحمّ بالبارد فأمره بالعكس‏.‏

 فصل في نفس النائم

إذا كانت القوّة قوية فإن نفسه يعظم ويتفاوت للعلة المذكورة في باب النبض ويكون انقباضه أعظم وأسرع من انبساطه لأن الهضم فيه أكثر‏.‏

 فصل في نفس الوجع في أعضاء الصدر

هو كما علمت مما سلف منا لك بيانه إلى الصغر والقصر وربما تضاعف وربما عسر وقد يبطؤ إذا لم يكن تلهب وتواتر كما علمت ويكون صغره وقصره أكثر من بطئه لأن داعيه إلى الاحتباس وقلة الأنبساط أكثر من داعية إلى الرفق والتأدي بعظم الإنبساط أشدّ من التأدي بالسرعة فإن التهب القلب وسخن لم يكن بد من سرعة وإن تؤدىّ بها‏.‏

 فصل في نفس من ضاق نفسه لأي سبب كان

ونفس صاحب الربو‏:‏ يحتاج أن يتلافى ما يكون بالضيق تلافياً من جهة السرعة والتواتر لأي سبب كان في أكثر الأمر فيكون نفسه صغيراً ضيقاً متواتراً ونفس صاحب الربو مما يشرح في بابه‏.‏ فصل في نفس أصحاب المدة

قد يتكلّفون بسط الصدر كله مع حرارة ونفخة ولا يكون هناك عظم ولا موجبات القوّة لأنّ صاحب هذه العلة يكون قد أمعن في الضعف والقوة في أصحاب ذات الرئة والربو باقية‏.‏فصل في أصحاب الذبحة والاختناق‏:‏ يكون مع بسط عظيم ومع سرعة وتواتر للحاجة وغور المادة لا يكون لهم نفخة‏.‏

 فصل في كلام مجمل في الربو

الربو علة رئية لا يجد الوادع معها بداً من تنفس متواتر مثل النفس الذي يحاوله المخنوق أو المكدود‏.‏

وهذه العلّة إذا عرضت للمشايخ لم تكد تبرأ ولا تنضج وكيف وهي في الشباب عسرة البرء أيضاً‏.‏

وفي أكثر الأمر تزداد عند الاستلقاء وهذه العلّة من العلل المتطاولة ولها مع ذلك نوائب حادة على مثال نوائب الصرع والتشنّج‏.‏

وقد تكون الآفة فيها في نفس الرئة وما يتّصل بها لتلحّج أخلاط غليظة في الشرايين وشعبها الصغار ورواضعها وربما كانت في نفس قصبة الرئة وربما كانت في خلخلة الرئة والأماكن الخالية وهذه الرطوبات قد تكون منصبّة إليها من الرأس خصوصاً في البلاد الجنوبية ومع كثرة هبوب الرياح الجنوبية وتكون مندفعة إليها من مواضع أخرى وقد تكون بسبب توليدها فيها بردها فتبتدئ قليلاً قليلاً وقد تكون بسبب خلط ليس في الرئة وشرايينها بل في المعدة منصبّاً من الرأس والكبد أو متولداً في المعدة والبُهر الحادث عند الإصعاد هو لمزاحمة المعدة للحجاب ومزاحمة الحجاب للرئة وقد تكون الكبد إذا بردت أو غلظت معينة على الربو‏.‏

وهذه الأخلاط قد تؤذي بالكيفية وقد تؤذي بالكمّية والكثرة وقد تكون في النادر من جفاف الرئة ويبسها واجتماعها إلى نفسها وقد تكون من بردها وقد تكون لآفة مبادئ أعضاء التنفّس من العصب والنخاع والدماغ أو نوازل تندفع إليها منها وقد تكون بمشاركة أعضاء مجاورة تزاحم أعضاء النفس فلا ينبسط مثل المعدة الممتلئة إذا زاحمت الحجاب وقد يعرض بسبب كثرة البخار الدخاني إذا احتقن في الرئة وصار إليها وقد يكون بسبب ريح يحتقن في أعضاء التنفّس ويزاحم النفس وقد يكون بسبب صغر الصدر فلا يسع الحاجة من النفس ويكون ذلك آفة جبلية في النفس كما يعرض في الغذاء من صغر المعدة وقد يشتدّ الربو فيصير نفس الانتصاب وكثيراً ما ينتقل إلى ذات الرئة‏.‏

العلامات‏:‏ إن كان سبب الربو أخلاطاً ورطوبات في القصبة نفسها كان هناك ضيق في أول التنفس مع تنحنح ونحير واحتباس مادة واقفة وثفل مع نفث شيء من مكان قريب‏.‏

وإن كانت الأخلاط عن نزلة كان دفعة وإلا كان قليلاً قليلاً‏.‏

وإن كانت في العروق الخشنة دام اختلاف النبض خفقانياً وربما أذى إلى خفقان يستحكم ويهلك‏.‏

وأكثر نبض أصحاب الربو خفقاني وإن كان خارج الفضاء كيف كان لم يكن سعال وإن كان بمشاركة المبادئ دل عليه ما مضى لك وإن كان بمشاركة المجاورات دلّ عليه إزدياده بسبب هيجان مادة بها وامتلاء يقع فيها وإن كان عن نزلات دلّ عليه حالها وإن كان عن انفجار مدة دفعه إلى أعضاء التنفس دل عليه ما تقدّم من ورم وجمع ثم ما حدث عن انفجار إن كان عن يبس دلّ عليه العطش وعدم النفث البتة وأن يقلّ عند تناول ما يرطّب واستعمال ما يرطّب وإن كان بسبب ريح دل عليه خفّة نواحي الصدر مع ضيق يختلف بحسب تناول النوافخ وما لا نفخ له وإن كان بسبب برد مزاج الرئة وكما يكون في المشايخ فإنه يبتدئ قليلاً قليلاً ويستحكم‏.‏

علاج الربو وضيق النفس وأقسامه‏:‏ أما الكائن عن الرطوبات فالعلاج والوجه فيه أن يقبل على إفناء الرطوبات التي في رئاتهم بالرفق والاعتدال وإن علمت أن الآفة العارضة فيها هي الكثرة فاستفرغ البدن لا محالة بالإسهال ويجب أن تكون الأدوية ملطّفة منضّجة من غير تسخين شديد يؤدي إلى تجفيف المادة وتغليظها ولهذا لم يلق الأوائل في معاجين الربو أفيوناً ولا بنجاً ولا يبروحاً اللهم إلا أن يكون المراد بذلك منع نزلة إذا كثرت بل ولا بزرقطونا إلا ما شاء الله ولذلك يجب أن تتعهّد ترطيب المادة وإنضاجها إذا كانت غليظة أو لزجة ولا تقتصر على تلطيف أو تقطيع ساذج بل ربما أدى عنفه وعصيان المادة إلى جراحة في الرئة فإن جميع ما يدر يضرّ هذه العلة من حيث يدرّ لإخراجه الرقيق من الرطوبة وإذا أحسست مع الربو بغلظ في الكبد فيجب أن تخلط بالأدوية الصدرية أدوية من جنس الغافت والأفسنتين‏.‏

والذي يجمع بين الأمرين جمعاً شديداً هو مثل قوّة الصبغ والزراوند أيضاً وإذا كان المعالج صبياً فيجب أن تخلط الأدوية بلبن أمه وتكفيهم الأدوية المعتدلة مثل الرازيانج الرطب مع اللبن‏.‏

ومما يعين على النضج والنفث مرقة الديك الهرم‏.‏

ومن التدبير النافع لهم أن يستعمل دلك الصدر وما يليه بالأيدي والمناديل الخشنة خاصةً إذا كان هناك نفس الانتصاب دلكاً معتدلاً يابساً من غير دهن إلا أن يقع إعياء فيستعمل بالدهن ويجب أن يستعمل في بعض الأوقات القيصوم والنطرون ويدلك به دلكاً شديداً‏.‏

وإن كانت المادة كثيرة فلا بد من تنقية بمسهل متّخذ من مثل بزر الأنجرة والبسفانج وفثاء الحمار وشحم الخنظل‏.‏

ومن التدبير في ذلك بعد التنقية والقيء استعمال الصوت ورفعه متدرّجاً فيه إلى قوة وطول‏.‏

ومن التدبير في ذلك استعمال القيء المتّصل وخصوصاً بعد كل الفجل وشرب أربعة دراهم من البورق مع وزن خمس أواق من شراب العسل وذلك إذا قويت العلّة‏.‏

صعب الأمر‏.‏

والخربق الأبيض نافع جداً وهو في أمراض الصدر مأمون غير مخوف‏.‏

والأصوب أن يؤخذ قطع من الخربق فيغرز في الفجل ويترك كذلك يوماً وليلةً ثم ينزع عنه ويؤكل ذلك الفجل وأيضاً يؤخذ من الخردل فيغرز في الفجل ويترك كذلك يوماً وليلةً ثم ينزع عننه ويؤكل ذلك الفجل وأيضاً يؤخذ من الخردل والملح من كل واحد وزن درهم ومن البورق الأرمني نصف درهم ومن النطرون دانق يسقى في خمسة أساتير ماء وعسلاً ومقدار العسل فيه أوقية‏.‏

ومن التدبير في ذلك إدامة تليين الطبيعة ويعينهم على ذلك تناول الكبر المملّح قبل الطعام والطريخ العتيق ومرقة الديك الهرم مع لبّ القرطم واللبلاب والسلق فإن لم يلن بذلك سقي ماء الشعير شديد الطبخ فيه قليل أو فربيون‏.‏

والأفتيمون شديد النفع في هذه العلة‏.‏

فإن اتخذ من ماء طبخ فيه الأفتيمون ماء عسل‏.‏

كان شديد النفع وكذلك ليتناول منه مثقال بالميبختج‏.‏

وكذلك طبيخ التين والفوذنج والسذاب في الماء يتخذ منه ماء العسل‏.‏

وأيضاً طبيخ الحلبة بالتين السمين مع عسل كثير يستعمل قبل ومن التدبير في ذلك رياضة يتدرّج فيها من بطء إلى سرعة لئلا تحدث فيهم المعاجلة اختناقاً لتحريكها المادة بعنف‏.‏

وأما اغتذاؤهم فيجب أن يكون بعد مثل ما ذكرناه من الرياضة ويكون خبزهم خبزاً نضيجاً متوبلاً من عجين خمير ونقلهم الملطّفات التي يقع فيها حبّ الرشاد وزوفا وصعتر وفوذنج ودسومة أطعمتهم من شحوم الأرانب والأيايل والغزلان والثعالب خاصةً ولا سيما رئاتها فإن رئة الثعلب دواء لهذه العلة إذا جفف وسُقي منه وزن درهمين‏.‏

وكذلك رئة القنفذ البري‏.‏

وأما لحمانهم فمثل السمك الصخوري النهري دون الآجامي ومثل العصافير والحجل والدرّاج‏.‏

ومرقة الديوك تنفعهم‏.‏

وقد يقع لسان الحمل في أغذية أصحاب الربو‏.‏

وأما شرابهم فليكن الريحاني العتيق الرقيق القليل المقدار فأما إذا أرادوا أن يكثروا النضج ويعينوا على النفث فليأخذوا منه الرقيق جداً‏.‏

وشراب العسل ينفعهم أيضاً‏.‏

وفي الخمور الحلوة المعانة بأشياء ملطفة تضاف إليها منفعة لهم لما فيها من الجلاء والتليين والتسخين المعتدل‏.‏

ويجب أن يساعدوا بين الطعام والشراب ولا يرووا من الماء دفعة بل دفعات وأما الأمور التي يجب أن يجتنبوها فمن ذلك الحمّام ما قدروا وخصوصاً على الطعام والنوم الكثير وخصوصاً نوم النهار‏.‏

والنوم على الطعام أضرّ شيء لهم إلا أن يصيبهم فترة شديدة وإعياء وحرارة فليناموا حينئذ نوماً يسيراً ويجب أن يجتنبوا كلَ حبة فيها نفخ وأن يجتنبوا الشراب على الطعام كان ماء أو شراباً‏.‏

والأدوية المسهلة القوية التي تلائمهم فمثل أن يسقوا من الجاوشير وشحم الحنظل من كل واحد نصف درهم بماء العسل أو جندبادستر مع الأشقّ وحب الغاريقون لا بد من استعماله في الشهر مرتين إذا قويت العلة‏.‏

ونسخته‏:‏ غاريقون ثلاثة أصل السوسن واحد فراسيون واحد تربد خمسة أيارج فيقرا أربعة شحم حنظل وأنزلوت من كل واحد درهم مر درهم تعجن بميبختج والشربة وزن درهمين‏.‏

وأيضاً شحم حنظل نصف مثقال أنيسون سدس مثقال يعجن بالماء ويحبّب ويستعمل بعد استعمال الحقنة الساذجة قبله بيوم وهي التي تكون من مثل ماء السلق ودهن السمسم والبورق وما يجري مجرى ذلك‏.‏

وأيضاً شحم الحنظل دانقين بزر أنجرة درهم أفتيمون نصف درهم يعجن بماء العسل وهو شربة ينتظر عليها ثلاث ساعات ثم يسقون أوقية أو ثلاث أواق ماء العسل‏.‏

وأيضاً شحم حنظل والشيح بالسوية بورق نصف جزء وأصل السوسن جزء ويحبّب‏.‏

والشربة منه من نصف درهم إلى درهمين ينتظر ساعة ويسقى نصف قوطولي ماء العسل‏.‏

وأيضاً خردل مثقال ملح العجين نصف مثقال عصارة قثّاء الحمار نصف مثقال يتّخذ منه ثمانية أقراص ويشرب يوماً قرصاً ويوماً لا وليشربه بماء العسل فإن هذا يليق الطبيعة وينفث بسهولة‏.‏

وأما سائر الأدوية فيجب أن ينتقل فيها ولا يواصل الدواء الواحد دائماً منها فتألفه الطبيعة‏.‏

وأيضاً بين الأدوية والأبدان مناسبات لا تحرك إلاّ بالتجربة فإذا جربت فالزم الأنفع‏.‏

ويجب أن تراعي جهة مصب المادة فإن كان من الرأس فدبر الرأس بالعلاج المذكور للنوازل مع تدبير تنقية الخلط وربما وقع فيها المخدرات‏.‏

والطين الأرمني عجيب في منع النوازل‏.‏

وأما تفاريق الأدوية فمثل دواء ديسقوريدس ومثل الزراوند المدحرج يسقى منه كل يوم نصف درهم مع الماء أو مثل سكبينج مع شراب والأبهل وجوز السرو وأيضاً الفاشرستين والناشر أربعة دوانيق ونصف بماء الأصول وأيضاً الخل المنقوع فيه بزر الأنجرة مراراً أو وزن درهمين بزر الحرف مقطّراً عليه دهن لوز حلو أو أصل الفوّة نصف وربع مع سكنجبين عنصلي فإن سكنجبين العنصل نافع جداً‏.‏

والعنصل المشوي نفسه خصوصاً مع عسل وزراوند مدحرج والفوتنجين والشيح والسوسن وكمافيطوس وجندبادستر‏.‏

وأيضاً مطبوخ قنطوريون والقنطوريون بصنفيه نافع لهم في حالين‏:‏ الغليظ عند الحركة وفي الابتداء والرقيق عند السكون وفي الأواخر يتّخذ لعوقا بعسل‏.‏

وأيضاً علك الأنباط وحده أو مع قليل عاقرقرحا وبارزد وجاوشير قوي جداً من هذه العلّة إلا أنه مما يجب أن تتّقى غائلته العظيمة بالعصب‏.‏

ودواء الكبريت شديد النفع لهذا‏.‏

وأيضاً يؤخذ من الحرف والسمسم من كل واحد ثلاثة دراهم ومن الزوفا اليابس سبعة دراهم والشربة بقدر المشاهدة وأيضاً رئة الثعلب يابسة خمسة فوتنج جبلي أربعة بزر كرفس وساذج من كل واحد ثمانية حماما وفلفل من كل واحد أربعة بزر بنج اثنان ويؤخذ عصارة بصل العنصل بمثلها عسلاً ويعقد على فحم ويسقى منه بنطرون قبل الطعام ومثله بعده‏.‏

وأيضاً فوتنج وحاشا وإيرسا وفلفل وأنيسون يعجن بعسل ويستعمل قدر البندقة بكرةً وعشية‏.‏

وأيضاً فوتنج وحاشا وإيرسا وفلفل وأنيسون يعجن بعسل ويستعمل قدر البندقة بكرةً وعشية‏.‏

وأيضاً جعدة وشيح أرمني وكمافيطوس وجندبادستر وكندر وزوفا من كل واحد مثقال يخلط بعسل وهو شربتان‏.‏

أو بورق أربعة فلفل أبيض اثنان أنجدان ثلاثة أشقّ اثنان يعجن بميبختج‏.‏

والشربة منه قدر باقلاة بماء العسل‏.‏

أو جندبادستر وزراوند مدحرج وأشقّ من كل واحد درهمان فلفل عشر حبات تخلطه بربّ العنب‏.‏

والشربة مقدار باقلاة في السكنجبين‏.‏

وأيضاً فراسيون وقسط وميعة وحب صنوبر من كل واحد مثقال جعدة وجندبادستر من كل واحد مثقال فلفل أبيض وعصارة قثاء الحمار من كل واحد نصف يعجن بعسل والشربة منه قدر باقلاة بماء العسل المسخّن‏.‏

وأيضاً خردل وبورق من كلّ واحد جزآن وفوتنج نهري وعصارة قثاء الحمار من كل واحد جزء يعجن بخلّ العنصل‏.‏

والشربة منه مقدار كرسنّة بماء الشهد على الريق‏.‏

وأيضاً شيح وأفسنتين وسذاب معجوناً بعسل أو تطبخ هذه الأدوية بعسل أو يعقد السلاقة بالعسل‏.‏

والأول يسقى بالسكنجبين أو طبيخ الفوتنج باللبن وخصوصاً إذا كان هناك حرارة‏.‏

واعلم أن الراسن وماءه شديد النفع من هذه العلة‏.‏

ومن الأدوية القوية فيها‏:‏ الزرنيخ بالراتينج يتّخذ منه حبّ للربو ويسقى الزرنيخ بماء العسل أو الكبريت بالنمبرشت‏.‏

ومن الأدوية الجيدة القريبة الاعتدال‏:‏ الكمون بخلّ ممزوج وهو نافع جداً لنفس الانتصاب وأيضاً لعاب الخردل الأبيض بمثله عسل يطبخ لعوقاً ويستعمل وعند شدة الاختناق وضيق النفس يؤخذ من البورق أربعة دراهم مع درهمين من حرف مع خمس أواق ماء وعسلاً فإنه ينفع من ساعته وهو نافع من عرق النسا والأدهان التي تقطر على أشربتهم دهن اللوز الحلو والمرّ ودهن الصنوبر‏.‏

والمروخات فمثل دهن السوسن ودهن الغار يمزج به الصدر وكذلك دهن الشبث‏.‏

وأما التدخّن‏.‏

فبمثل الزرنيخ والكبريت يدخّن بهما شحم وأيضاً الميعة السائلة والبارزد والصبر الأسقوطري‏.‏

وأيضاً زرنيخ وزراوند طويل يسحقان ويعجنان بشحم البقر ويتخذ منه بنادق ويبخّر منه بدرهم عشرة أيام كل يوم ثلاث مرات‏.‏

وأما الكائن من الربو وضيق النفس بسبب أبخرة دخانية يستولي على القلب وعن أخلاط تكون في الشرايين فقد ينتفع فيهما بالفصد وأولاه من الجانب الأيسر‏.‏

وأما الكائن بسبب الريح فالقصد في علاجه أمران‏:‏ أحدهما تحليل الريح برفق وذلك بالملطّفات المعلومة والثاني تفتيح السدد ليجد العاصي عن التحليل منها منفذاً‏.‏

ومما ينفع ذلك التمريخ أيضاً بدهن الناردين ودهن الغار ودهن السذاب‏.‏

ومن الأضمدة النافعة الشبث والبابونج والمرزنجوش مطبوخات يُكمّد بها الصدر والجنبان‏.‏

ومن المشروبات الشجرينا والأمروسيا وأيضاً السكبينج والجاوشير الشربة من أيهما كان مثقال‏.‏

وأما الكائن من الربو وضيق النفس بسبب النوازل فيجب أن يشتغل بعلاج منع النوازل وتفتيت ما اجتمع‏.‏

وأما المظنّون من ضيق النفس أنه بسبب الأعصاب وهو بالحقيقة ضرب من عسر النفس ومن سوء النفس ليس من باب ضيق النفس فقد ذكرنا علاجه في باب عسر النفس‏.‏

وأما الكائن عن النفس فينفع منه شِرب ألبان الأتن والمعز والعصارات والأدهان الباردة المرطبة ودهن اللوز في الإحساء الرطبة والشراب الرقيق المزاج وهجر المسخّنات بقوة والمحللات والمجففات مما عملت‏.‏

ويوافقهم الأطلية المرطّبة والمراهم والمروّخات الناعمة‏.‏

وأما ضيق النفس الكائن بسبب الحرارة ويوجد معه التهاب فيجب أن يستعمل فيها المراهم المبردة والقيروطات المبرّدة وهو بالحقيقة ضرب من سوء النفس لا ضيق النفس وشراب البنفسج وماء الشعير نافع فيه‏.‏

وأن الكائن عن البرد فالمسخنات المشروبة والمطلية وطبيخ الحلبة بالزيت نافع‏.‏

 فصل في سائر أصناف سوء النفس

إن كان السبب في سوء التنفس حرارة القلب استعملت الأدوية المبردة مشروبة وطلاء وإن كان السبب كثرة البخارات التي في القلب نفسه أو التي تأتي الرئة من مواضع أخرى فافصد الباسليق واستعمل الاستفراغ بماء الجبن المتخذ بالكسنجبين مع أيارج فيقرا واستعمل دلك اليدين والرجلين‏.‏

وإن كان السبب رطوبة معتدلة إلا أنها سادة فاستعمل ما يجلو مثل حب الصنوبر والجوز والزبيب وينفع من سوء التنفّس الرطب سكّرجة من ماء الباذروج أو من ماء السذاب‏.‏

وإن كان السبب رطوبة غليظة فاستعمل المنقيات المذكورة القوية الجلاء كالعنصل والزوفا ونحوه‏.‏

ونرجع إلى ما قيل في باب الربو وما عدّ في الصدريات وإن كانت الأبخرة والرطربات تأتي من مواضع أخرى عولج الدماغ منها بعلاج النزلة وتنقية الرأس إلا أن تكون النزلة من ضعف جوهر الدماغ فلا علاج له وعولج ما يأتي من مواضع أخرى بعد الفصد والاستفراغ وتقبل على تقوية الصدر بمثل الزراوند والأسقورديون والاسطوخودس والديافود الساذج والمقوى نافعان جداً في تقوية الرأس‏.‏

وإن كان بسبب الأعصاب فاستعمل ما يقوّيها ويقوّي الروح مثل الأدهان العطرية‏.‏

وإن كان الورم في المريء أو سوء مزاج عولج ذلك بما قيل في بابه‏.‏

وإن كان بمشاركة المعدة نقّيت المعدة وقوّيت بما نذكره في بابه‏.‏

وإن كان من برد فاستعمل مثل الشجرينا والأمروسيا والأنقرديا‏.‏

وإن كان من يبس فاستعمل مثل الفانيذ باللبن الحليب وما قيل في أبواب أخرى‏.‏

وإن كان من رياح استعملت الكمّادات المذكورة في باب الربو والضمّادات وغيرها‏.‏

واعلم أن الزعفران من جملة الأدوية النافعة من سوء التنفس وعسره لتقويته آلات التنفّس وتسهيله للنفس حسبما ينبغي‏.‏

 فصل في عسر النفس من هذه الجملة ومعالجاته

إن كان ذلك من رطوبة فان جالينوس يأمر بدواء العنصل المعجون بالعسل في كل شهر مرتين والشربة ستة وثلاثون قيراطاً واليوم الذي يأخذ فيه لا يتكلّم ولا يتحرك قبل ذلك اليوم بيومين وفي الساعة السابعة يتناول الخبز بالشراب الممزوج وبالعشي صفرة البيض مع لب الخبز ومن الغد فروجاً صغيراً يتخذ منه مرقاً ويستحم من عشية الغد‏.‏

فإن لم يزل بهذا استعمل معجون البسذ ودواء أندروماخس خصوصاً إذا تطاولت العلة‏.‏وإن كان السبب من الرأس استعمل غسل الرأس كل أسبوع مرتين بصابون وبورق ويستكثر من المعطسات ويتغرغر برب التوث مع الصبر والمر يستعمل رياضة التمريخ على الظهر ويستعمل ربط الساق مبتدئاً من فوق إلى أسفل ويستعمل المنقيات المذكورة وحباً بهذه الصفة وهو أن يؤخذ شيح وقضبان السذاب وحشيش الأفسنتين يحبّب كل يوم حبتين كالحمص وبعد السكنجبين وخصوصاً العنصلي‏.‏

وأيضاً يؤخذ جندبادستر وشيح من كل واحد جزء أفسنتين وكمون من كل واحد نصف جزء ويحبّب كالحمص‏.‏

ولعوق الكرنب جيد لهم‏.‏

وأيضاً يؤخذ كلس العلق الذي تحت الجرار إذا أحرق في كوز خزف حتى يترمد ويخلط بعسل ويستعمل منه كل يوم ملعقة‏.‏

وهذه الوجوه كلها تنفع إذا كان السبب عصبياً‏.‏

وأما إن كان من حرارة فهذا القرص نافع جداً وهو أن يؤخذ ورد ستبة أصل السوسن أربعة عشرة أمير بارس اثنان لك وراوند مصطكى وصمغ وكثيراء ورب سوس وبزر الخبازي من كل واحد درهم عصارة الغافت وعصارة الأفسنتين والسنبل الأنيسون وبزر الرازيانج من كل واحد ثلاثة دراهم زعفران نصف درهم بزر الخيار والقثاء والقرع والبطيخ من كل واحد درهم ويجب أن يستعمل الاستفراغ بما يخرج الأخلاط الحارة‏.‏

وأما إن كان بسبب ضعف منابت العصب أو آفة فيجب أن يعالج بما يقوي الروح الذي في العصب والأدهان الحارة العطرة مثل دهن النرجس والسوسن والرازقي والأدهان المتخذة بالأفاويه والقيروطيات المتخذة من تلك الأدهان ودهن الزعفران‏.‏

والزعفران نفسه غاية في المنفعة‏.‏وإن كان السبب ضربة أصابت منابت تلك لأعصاب عالجت بما ينبغي من موانع الورم‏.‏

 المقالة الثانية الصوت

الصوت فاعله العضل التي عند الحنجرة بتقدير الفتح ويدفع الهواء المخرج وقرعه وآلته الحنجرة والجسم الشبيه بلسان المزمار وهي الآلة الأولى الحقيقية وسائر الآلات بواعث ومعينات وباعث مادته الحجاب وعضل الصدر ومؤدّي مادته الرئة ومادته الهواء الذي يموج عند الحنجرة‏.‏

وإذا كان كذلك فالآفة تعرض له أما من الأسباب الفاعلة وأما بسبب الباعث للمادة‏.‏

وآفته إما بطلان وإما نقصان وإما تغيّر بحوحة أو حدّة أو ثقل أو خشونة أو ارتعاش أو غير ذلك‏.‏وكل واحد من هذه الأسباب إنما يعتلّ إما لسوء مزاج مفرد أو مع مادة وخصوصاً من نزلة تعرض للحنجرة أو لما يعرض لها من انحلال فرد أو انقطاع أو ورم أو وجع أو ضربة أو سقطة‏.‏

وقد تكون الآفة فيه نفسه وقد تكون بشركة المبدأ القريب من الأعصاب التي تتشظى إلى تلك العضل ومباديها أو البعيد كالدماغ وقد تكون بشركة العضو المجاور من أعضاء الغذاء أو أعضاء النفس أو المحيط بهما من البطن والصدر والمتصل بهما من خرزة الفقار أو من الحنك فإن تغيره إلى رطوبة أو إلى يبوسة وخشونة قد تغيّر الصوت‏.‏

ومن هذا القبيل قطع اللهاة واللوزتين فإن صاحبها إذا صوت أحسّ كالدغدغة القوية الملجئة إلى التنحنح وربما انسدت حلوقهم عند كل صياح‏.‏

وأما من جهة المؤدّي فإن الصوت يتغير بشدة حر الرئة أو بردها أو رطوبتها وسيلان القيح إليها من الأورام أو سيلان النوازل إليها أو يبوستها‏.‏

فالحرارة تعظم الصوت والبرودة تخدره وتصغّره واليبوسة تخشنه وتشبهه بأصواب الكراكي والرطوبة تبحّه والملاسة تعدّل الصوت وتملّسه‏.‏

وإذا امتلأت الرئة رطوبة ولم تكن القصبة نقية لم يمكن الإنسان أن يصوت صوتاً عالياً ولا صافياً لأن ذلك بقدر صفاء الرئة والحنجرة وضد صفائها‏.‏

وقد يختلف الصوت في ثقله وخفته بحسب سعة قصبة الرئة وضيقها وسعة الحنجرة وضيقها وإذا اشتدت الآفات المذكورة في الأعضاء الباعثة والمؤدية بطل الصوت ولم يجب أن يبطل الكلام فإن الكلام قد يتم بالنفس المعتدل كرجل كان أصاب عصبه الراجع عند الحاجة إلى كشفه بالحديد برد فذهب صوته والآخر عولج في خنازير فانقطعت إحدى العصبتين الراجعتين فانقطع نصف صوته‏.‏

وإذا كانت الآفة بالعضل المثنية صار الصوت أبح وإذا كانت بالعضل المحرّكة الباسطة كان الصوت خناقياً بل ربما حدث منه خناق وإذا كانت بالعضل المحرّكة القابضة صار الصوت نفخياً وإذا بطل فعلها بطل الصوت وإذا حدث فيها استرخاء غير تام وحالة شبيهة بالرعشة ارتعش الصوت وإذا لم تبلغ الرطوبة أن ترخي أبحت الصوت فالبحّة إذا عرضت تعرض عن رطوبة ولو كثرت قليلاً أرعشت ولو كثرت كثيراً أبطلت‏.‏

وقد يبح الصوت لسعة آلات التصويت فيحدث بها إعياء أو تورّم وتوتّر‏.‏

وأردؤه ما كان على الطعام وقد يبح للبرد الخشن وللحر المفرط بما ييبسان المزاج وكذلك السهر والأغذية المخشنة ويبح لكثرة الصياح وتجلب بلة بسببها إلى الطبقة المغشية للحلق والحنجرة‏.‏

والبحوحة التي تعرض للمشايخ لا تبرأ وإذا كان الصيف شمالياً يابساً‏.‏

وخريفه جنوبي مطير فإن البحوحة تكثر فيه‏.‏

والدوالي إذا ظهرت كانت كثيراً من أسباب صلاح الصوت‏.‏

واعلم أن الناقهين والضعاف والمتخاشعين المتشبهين بالضعفاء لقلّة قوتهم كأنهم يعجزون عن التصريف في هواء كثير فيضيقون الحنجرة حتى يحتد صوتهم وإذا اجتهد الضعيف أن يوسع حنجرته ويثقل صوته لم يسمع البتة‏.‏

علاج انقطاع الصوت‏:‏ إن كان لسوء مزاج في بعض العضل أو آفة عولج بما يجب في بابه مما علمته ومن أحس بابتداء انقطاع الصوت وجب أن يبادر بالعلاج قبل أن يقوى فيأخذ من صفرة بيضة مسلوقة وسمسماً مقشراً ولبناً حليباً من كل واحد ملعقة ويسقى بالماء كل يوم ثلاثة أيام‏.‏

ويجب أن يتحسى ما ينطبخ في باطن الرمانة الأمليسية الحلوة المطبوخة المدفونة في رماد حار وتؤخذ عنه إذا لانت ويقلع أعلاها ويصبّ ما فيها بالمخوض ويصب فيه قليل ماء السكر ويشرب‏.‏

وإن كانت من رطوبة في العضل القريبة من الحنجرة أو الحنجرة بالغت في الإرخاء ولا يكون هناك وجع ويكون كدورة وثقل فيجب أن يؤخذ تين يابس وفوتنج ويطبخان ثم يخلط الصمغ العربي المسحوق بسلاقتهما حتى يصير كالعسل ويلعق أو يؤخذ مرّ وزعفران بعقيد العنب أو يؤخذ زعفران ثلاثة دراهم ونصف ربّ السوس وكُندر من كل واحد درهم يجمع برب العنب أو بعسل ويعقد أو يؤخذ من الزعفران واحد ومن الحلتيت نصف ومن العسل ثلاثة يطبخ حتى ينعقد ويحبّب ويمسك تحت اللسان‏.‏

ولعوق الكرنب نافع لهم أيضاً‏.‏

ومضغ قضبان الكرنب الرطب وتجرعّ مائه قليلاً قليلاً نافع‏.‏

وإذا لم ينجع لعوق الكرنب جعل عليه قليل حلتيت ودقيق الكرسنة والحلبة والكراث الشامي والنبطي والبصل وعصارته والثوم والفستق والعنب الحلو الشتوي نافعة‏.‏

وأيضاً يؤخذ الزنجبيل المربى باللبن البالغ في التربية ويدق حتى يصير مثل المح ويلقى عليه نصفه دار فلفل مسحوقاً كالكحل وربعه زعفران كذلك ومثل الجميع نشاء ويسحق ويعجن بالطبرزد المحلول المقوم أو بالعسل وهو منقّ جداً‏.‏

ومن الأغذية ما يقوي الجنين مثل الأكارع خصوصاً أكارع البقر يأكل منها العصب فقط وخصوصاً بعسل أو مطبوخة بالعسل وإن كان من يبس وخصوصاً بمشاركة المري وعلامته أن لا يكون مع البحّة عظم بل صغر وحده وصفاء ما ويكون مع خشونة ووجع فيجب أن يؤخذ عند النوم ملعقة من دهن بنفسج طري مذاب بالسكّر الطبرزد وينفعه لعاب بزرقطونا بماء سكّر كثير والأغذية المرطّبة الملينة ومرق الدجاج إسفيذباجات ومرق البقول المعلومة والتين نافع لانقطاع الصوت كان من رطوبة أو يبوسة ودواء التين المتّخذ بالفوتنج والاستلقاء نافع لضعف الصوت وبحّته‏.‏

قد علمت أسباب البحة فاعلم أن من بُحَّ صوته فيجب أن يجتنب كل حامض مالح خشن وحاد حريف إلا أن يريد بذلك العلاج والتقطيع فيستعملها مخلوطة بأدوية ليّنة فإن عرضت البحة من كثرة الصياح أخذ التين والنعنع والصبر أجزاء سواء ويعجن بالميبختج ويتحسّى من لباب القمح وكشك الشعير ودهن اللوز والزعفران ويستعمل طلاء العنب‏.‏وينفعه ما قيل في انقطاع الصوت خصوصاً دواء الحلتيت بالزعفران وإن كان هناك حرارة فرق السرمق والخيار وماء الشعير وحبّ القثاء واللوز والنشاء‏.‏

وإن كان السبب برداً انتفع أيضاً بدواء الحلتيت والزعفران المذكور وأن يأخذ من الخردل المقلو ثلاثة دراهم ومن الفلفل واحداً ومن الكرسنة ومن اللبني والقنّة من كل واحد أربعة دراهم ويتخذ منه حباً ويمسكه تحت اللسان أو يأخذ من المرّ وزن درهمين ومن اللبان عشرة وتجمع بطلاء‏.‏

وإن كان من صياح وتعب انتفع بالحمام انتفاع سائر أصناف الأعياء وتنفعهم الأغذية المرخّية والمغرية كاللبن وصفرة البيض النيمبرشت بلا ملح والأطرية والاحساء المعروفة ومرق السرمق والخبازى وما أشبهه والحبوب المتخذة من النشاء والكثيراء وربّ السوس والصمغ والحبوب اللّينة المنضجة فإنه إن كان كالورم تحلل بها‏.‏

وكذلك الغراغر واللعوقات اللّينة من جملة ما يعالج به الخوانيق الحارة‏.‏

وكذلك الاحساء التي تجمع إلى التغرية جلاء بلا لذع مثل المتخذ من دقيق الباقلا وبزر الكتّان‏.‏

وأقوى من ذلك صمغ البطم ويجب لصاحب هذه البحة أن يهجر الشراب أصلاً وخصوصاً في الابتداء‏.‏

وإذا كان ورم‏:‏ فإذا تقادم شرب الشراب الحلو‏.‏والفجل المطبوخ والمري ينفعهم‏.‏

وإن كان من رطوبة فلا بدّ من الجوالي المذكورة في انقطاع الصوت‏.‏

وجميع تلك الأدوية تنفعه والأحساء المتخذة من دقيق الباقلاء وفيها دقيق الكرسنّة نافعة في هذا الباب‏.‏

ودقيق الكرسنّة نافع والأشياء التي في الدرجة الأولى من الجلاء وكذلك الأطرية واللبن ثم السمن وعقيد العنب وأصل السوس وربّه ثم الباقلا بالعسل وطبيخ التين ثم المرّ والعنصل وما يجري مجراها وإن كانت هذه البحوحة الرطبة من النوازل أعطى صاحبها الخشخاش وربّه ومما يصفّي الصوت الخشن والكدر مضغ الكبابة‏.‏ومن الأدوية المزيلة للبحوحة ماء رمان حلو مغلي ثم يقطر عليه دهن البنفسج ويقوّم‏.‏

كلام في الأدوية الحافظة لملاسة الصوت المخشنة له‏:‏ هي الباقلا وحبّ الصنوبر والزبيب والتين والصمغ والحلبة وبزر الكتّان والتمر وأصل السوس واللوز وخصوصاً المرّ وقصب السكر والسبستان وشراب العسل بالميبختج المذكور بعد‏.‏ومن الأدوية الحارة المرّ والحلتيت والفلفل والبارزد واللبان وعلك البطم والفوتنج واللبني والراتينج وخل العنصل إذا لم يكن من حرارة ويبس وأصول الجاوشير‏.‏

ومن الأدوية الباردة حبّ القثاء والقرع والنشاء والكثيراء والصمغ ولعاب بزرقطونا والجلاب وربّ السوس‏.‏وصفرة البيض من أصلح المواد لتركيب سائر الأدوية بها وكذلك اللبن الحليب‏.‏

  السابق   الفهرس   التالي