الخلد والقدر

وجيهةوجيهة مشرفة منتدى تربية الأطفال



الخلد والقدر


حكايا


في إحدى الحقول البرية كان يعيش خلد ضمن قصره الأرضي المكون من عدد كبير من الأنفاق. منذ أن قام الخلد ببناء هذه الممرات العديدة وضع لنفسه مسافة معينة لا يتجاوزها. هذه المسافة كانت تشكل حدود مستعمرته. حدود قام بتعيينها مع الوقت بناء على القصص التي كان يسمعها عن العالم الخارجي وبشكل عشوائي إلى حد كبير.

طالما كان الخلد ضمن هذه الحدود كان يحس بالأمان لأن لا عدواً يمكن أن يغدره ويفترسه. مع مرور الزمن بدأ الطعام ينقص في المستعمرة التي بناها الخلد. في البداية لم يعر الخلد انتباهاً للموضوع. كان يقول لنفسه لا بأس ما يزال هناك ما يكفيني لكي أقتات وفي كل الأحوال بقائي هنا أضمن من الخروج والتعرض للهجوم من قبل أحد أعدائي.

لم يكن الخلد قد صادف عدواً حقيقياً في يوم من الأيام، لكنه سمع قصص كثيرة عن شراسة الحيوانات المفترسة. خوفه من هذه الحيوانات كان يكفي لكي يزيح من عقله أي فكرة غبية بالذهاب والتحقق من صحة ما يروى له.

لكن الطعام بدأ يقل بشكل كبير والوضع أصبح صعباً جداً. الخلد والذي كان يصعب عليه اتخاذ قرار بمغادرة هذه المستعمرة والبحث عن رزقه في مكان آخر لم يتوانى عن اتخاذ قرارات حاسمة أخرى. في البداية بدأ يخفف من كمية الطعام الذي يتناوله. من يأكل القليل يكتفي بالفتات. لكن ما كان يأكله لم يعد يقيته لكي يتحرك ضمن المستعمرة. لذا جاء قراره الحاسم الثاني بأن لا يتحرك كثيراً. فمن يبقى في مكانه يستهلك القليل من الطاقة ولا حاجة له بالطعام.

مع مرور الأيام بدأ الخلد يضعف ويضعف حتى أصبح عاجزاً عن الحركة. لكن عقله ما يزال ينبهه إلى خطورة ترك مستعمرته ومواجهة أعدائه من الحيوانات المفترسة التي لم يرها قط.

قبل أن يلفظ الخلد أنفاسه الأخيرة. قال لنفسه بصوت عال:
- في كل الأحوال ما كان لي أن أفعل أي شيء. النتيجة واحدة كنت سأموت في كل الأحوال. هذا قدري وعلى أن أقبله.

ثم أغمض عينيه وفارق الحياة.


.............................


التعليقات

  • ميرةميرة المشرفة العامة
    تم تعديل 2011/11/30
    حلو الاستسلام للموت ..!!!