مَتى تبْدَأُ التَّرْبِيَةُ؟

وجيهةوجيهة مشرفة منتدى تربية الأطفال
تم تعديل 2011/03/22 في تربية الأطفال


مَتى تبْدَأُ التَّرْبِيَةُ؟
هناك بعض الآباء والأمهات يهملون أولادهم حتى ينفرط عقدهم، ويفلت زمامهم إلى سنٍ بعيدة عن زمن التعلم والتأدب بعدما تتميع منهم الشخصية ويتشبعون بمعاني الاستهتار وعدم الانضباط، وذلك من جراء فهم خاطئٍ لمعنى الحنان والرحمة بالصغار.
وفي الأثر: [ لاعب ولدك سبعاً وأدبه سبعاً وصاحبه سبعاً ثم اترك حبله على غاربه ]. ففي هذا الأثر الحكيم بيان لثلاثة مراحل من عمر الولد، ولكل مرحلة ما يناسبها من التعامل:

أ – المرحلة الأولى:

وتبدأ بعد الولادة إلى سن السابعة، وفيها ينزل الوالدان- بطبيعة الحال – إلى مستوى خيال الطفل وتصوراته، ويلعبان معه إيناساً لنفسه، ودفعاً للأزمات النفسية الناجمة عن سوء التعامل معه أو اتخاذ العنف والخشونة منهجاً وسبيلاً.

ب – المرحلة الثانية:
ومع سن السابعة يحين أوان التأديب التربويِّ المتاح بكل وسيلةٍ ممكنةٍ ومقبولةٍ - شرعاً - إما بالوعظ أو التعليم أو الثواب أو العقاب، وسائر طرائق التأديب والتقويم؛ لأن الناشئ في هذه المرحلة يقبل كل ما يعرض عليه ثم يسير على هداه، والتأديب في تلك السن أمرٌ نهائيٌّ راسخٌ في نفسية الولد أو الفتاة، لا يتغير ولا يتأتى له النسيان مهما مرت الأيام والليالي بل والسنوات.
نلمح ذلك من حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: { مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع } (أبو داوود 495).
فبناء على هذا الأساس التربوي النبوي الحكيم تبدأ المرحلة الثانية – كما سلف – في طورها الطبيعي الفطري الذي يمكن أن يلم الناشئة من خلاله مهارات الأدب والفهم والاستعداد للتقويم بعد ذلك.
فإذا أهمل الناشئ لأكثر من ذلك دون رعاية أو تأديب فإن أثر التربية يكون معدوما، قال الله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } (النور: 58 – 59) ، ونجد في هذا النص القرآني الحكيم أن التأديب يجب أن يبدأ مبكراً من قبل أن يبلغ الأطفال الحلم ، وذلك من خلال إلقاء الأمر عليهم بوجوب الاستئذان في أوقاتٍ محدودةٍ، وهذا التأديب الأولي يعد تدريباً واستعداداً للمرحلة التي تلي مرحلة الطفولة حيث المسؤولية الكاملة.
وفي مرحلة الطفولة يقبل الصبي والفتاة ما يعرض لهما من الآداب والتوجيهات، يقول عمر بن أبي سلمة – رضي الله عنه – : كنت غلاماً في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم – وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: { يا غلام، سمّ الله، وكلْ بيمينك، وكلْ مما يليك }. فما زالت تلك طعمتي بعد. (البخاري576 بسند صحيح) .
لهذا نرجو الاستفادة من النصوص السابقة في توطين الأدب نفس الصبي والفتاة، وهما في سن الصبا قبل أن يشتد العود، ويصبح تغيير الحال من المحال، والتعليم في الصغر – كما قيل – كالنقش على الحجر.

ج – المرحلة الثالثة:
وبعد سن البلوغ أو نحو الرابعة عشرة من عمر الغلام أو الفتاة تبدأ مرحلة المصاحبة، ولعل المقصود بها أحد أمرين أو كلاهما معاً:
الأول: المصاحبة بمعنى التلازم وعدم الإغفال أو الترك؛ لأن الصبي أو الفتاة قد دخلا في سن المراهقة الخطير، فلا بد له من عينٍ تحرسه، وموجهٍ يوجهه دائماً إلى الصواب، ويحذره من المخاطر.
الثاني: بمعنى الصداقة والألفة والصراحة وعدم التكتم للمشاكل والهروب منها في محاولة لحلها متى ما وُجدت.
وكلا الأمرين من قيام الصداقة بين الوالدين والولد أو التلازم وعدم الإغفال، كلا الأمرين مطلوبٌ بإلحاح.

الشابُّ تخطّى مرحلة التربية
قد لا يدرك الكثيرون أنه لا يوجد شيء اسمه تربية الشباب؛ لأن الشاب قد وصل إلى ما يقارب مرحلة النضوج الجسدي، وظن أنه بلغ الكمال في كل شيء.
وقد يحاول الوالدان سلوك طرائق التهذيب للأبناء بعد ولوج مرحلة الشباب، ومن المتوقع أن تبوء هذه المحاولات بالفشل الذريع؛ لأن أوان التربية قد فات.
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه :

حرّضْ بنيك على الآدابِ في الصغر ِ كيما تقرَّ بهم عيناك في الكبرِ
وإنما مثلُ الآدابِ تجمعُها في عنفوانِ الصبا كالنقشِ في الحجر


فالشاب لا يُربّى ولا يُؤدّب ولكن يُوجّه برفق وحكمة.

التعليقات

  • عاشقة العلومعاشقة العلوم عضو ماسي
    تم تعديل 2011/03/19
    فعلا هذه هي المشكلة في مجتمعنا
    فالتربية تبدأ منذ الولادة
    مشكورة على الطرح المتميز
  • ميرةميرة المشرفة العامة
    تم تعديل 2011/03/20
    مشكووورة وجيهة على الموضوع الحساس ..وخاصة بهالوقت الي بيشترك فيه كتييير من العوامل ..
    مع تربية الأهل ..
    وممكن نذكر مرحلة من التربية بتكون قبل الولادة ..؟؟؟
    ومسؤوليتها تقع على كاهل الأب لوحده ..؟؟؟
    وهي ..
    إختيار الزوجة الصالحــــــــــة ...
  • Dr.AhmadDr.Ahmad مدير عام
    تم تعديل 2011/03/22
    سبقتيني ميرة بالكلام .. يسلموا و حقيقة هاد أهم جزء بالتربية كلها لانو لو صلح الاختبار صلحت التربية فيما بعد و لو فسد الاختبار فسدت التربية