[FONT="]في محراب العزلة[/FONT]
[FONT="]
في محرابها جلست اليوم .. تشعل شموعاً وردية ... في رأسها تعوم الأفكار و تومض الذكريات .. افترشت الأرض و أسدلت جفنيها .. قد جفت أحداقها منذ أيام حتى غدت عصيّة الدمع ... ما في رأسها أشبه بالهواء ... لا أفكار و لا كلمات .. مجرد فراغ فقط.. أخفت عينيها بشعرها البني المنسدل .. أخفتهما من نور الشموع ... فخجلها منعها حتى من رؤية ضياء هذه الشمعات الصغيرة ... جاوز الوقت منتصف الليل لكن مرور الساعات لم يعنِ لها شيئاً فكل إحساس بوجودها ضاع دون سبب ... على هذا الأرضية الخشنة استلقت كالرضيع الخائف الذي لا يدري ما يدور حوله... مررت يدها عبر شعرها ببرود ثم وضعت يدها على ركبتها و قربتها بتثاقلٍ نحو صدرها... تنهدت بهدوء و لم تقو على الحراك بعدها ... إنها وحيدة هكذا منذ أيام ... اعتزلت الكون في لحظة قرار ... و هي الآن وحدها تراقب الدنيا من بعيد ... أرادت أن يتوقف العالم و ينعدم عندها الإحساس ... لكن هيهات أن لا ينبض قلبها الأنثوي ذاك بكل ضروب المشاعر و الأحاسيس .... هيهات أن تتحرر من وزر إثمٍ كهذا... [/FONT]
[FONT="]أرادت أن تمحو العالم .. أرادت أن تقتلع الماضي من الوجود .. أرادت أن تخفي خيبتها في ستار هذه العزلة... وزّعت نظراتها بين الجدران و غرقت في دوامة الأفكار الجوفاء مجدداً ... كل الأبواب كانت أمامها تنتظر منها خطوةً واحدةً فقط لتغدو في عالم آخر ... عالمٌ تتذكر فيه كيف كان طعم الحياة الحقيقي ... لكن كل جوارحها كانت معلقةً بذلك الباب القابع خلفها .. ذلك الباب الذي تحاول بشدة ألا تسمح له بالانغلاق... ترقب منه أملاً مستحيلاً.. هي هنا يملؤها شعورٌ قاتمٌ بالذنب إن هي أغلقت ذلك الباب و خطت خطوة نحو الأمام ... قد رسمت لنفسها حياةً رائعةً خلف ذلك الباب... و مجرد تفكيرها بإغلاقه يعني إعدام تلك الروعة ...تلك الفكرة ترعبها حتى الموت ... تخاف أن تغلق الباب ثم تكتشف لاحقاً أنها قتلت حياتها في لحظة قرار بالاستمرار.... وقفت بتثاقل و اقتربت من ذلك الباب اللعين مترنحة خائرة القوى ... لم تجرؤ أن تفتحه و خافت أن تغلقه ... تهاوت إلى الأرض و أجهشت بالبكاء... كيف تقوى على اتخاذ مثل هذا القرار... كيف تخرج من هذا المحراب... في قرارة نفسها تعلم يقيناً أنه لا بدّ لها من قرار... كل الأبواب أمامها تعدها بغدٍ أفضل من حاضرها هذا... و بابها ذاك خلفه حياة رائعة للغد مع كثير من ألم الماضي و الحاضر ...هي ليست من ضعاف النفوس ... هي فقط حائرة بين طريقين... قد اتخذت مسبقاً قرارها بالاستمرار في الحياة رغم كل ما يمر به البشر ... لكنها لا تدري أي الطريقين أفضل للاستمرار .. من يدري كيف ستجد ذلك الطريق... هي وحدها صاحبة القرار... عقلها يقودها نحو الأبواب المضيئة أمامها و قلبها يبقيها معلقةً بذلك الباب تنتظر أن ترى نوراً خافتاً يصدر من خلف ظلمته لتفتحه على مصراعيه و تجري في الطريق نحو النور... قد طال انتظارها لذلك النور ... طال كثيراً حتى ما عادت تقوى على الانتظار أكثر ... عقلها يخبرها أنها لن ترى نوراً خلف هذا الباب فقد انتظرت كفايتها حتى هذا اليوم ... و قلبها يعدها بأنها سترى النور إن انتظرت قليلاً بعد ... عقلها يريها أن الحياة خلف تلك الأبواب أفضل ... و قلبها يحذره أن الحياة خلف هذا الباب لا تشبها في الروعة أي حياةٍ خلف تلك الأبواب ... عقلها يعرف أن عذاباتها خلف تلك الأبواب محدودة و عذابها خلف ذلك الباب غير معروف النهاية و قلبها يعدها بالسعادة الأبدية رغم ما ستذوقه من عذابات خلف هذا الباب... مسحت دموعها بيدها و جلست في زاوية محرابها... ضمت ركبتيها إلى صدرها و أخفت وجهها عن نور الشموع ... أسلمت روحها للنوم بعد عناء العراك بين عقلها و قلبها ... أرادت أن تخرس الأصوات حولها و لا تسمع غير الصمت ... من يدري قد يعطيها الصمت جواباً... فتملك ذلك القرار و تخرج أخيراً من المحراب بعد عناء الانتظار... ليس مهماً أي الأبواب ستختار ... المهم أن تخطوة خطوة واحدة نحو الأمام و هذا أهم ما في القرار...[/FONT]
Ph.Sama
التعليقات
اول شي حبيت اسم الموضوع و حبيت تصصوير صراع النفس البشرية باسلوب ادبي جميل..
بس المضمون غامض شوي وممكن كل شخص يفهمو من وجهة نظره ...ويمكن هيدا سر الموضوع ...
انا حسيت انو في صراع بين الانتحار وبين المواجهة ...وواضح انو في خوف وعدم جرأة على الاختيار ...بس بتخيل انو بالنهاية رح تفتح باب الشرفة وتنتحر !!!
وأنا توقعت صعوبة الاختيار بين الحياة بغياب المحب ..وبين انهاء حياتها بلحظة ضعف ..؟؟؟
بس في شي عجيب بيني وبينك ..
أنا بتوقع الأمل موجود بأضيق الزوايا ..؟؟؟ متل ما صورتي تمااام ..؟؟
و بنتظر الفرج بآخر شدة المحنة ..
كلنا يمر بهذه اللحظات مع اختلاف الاسباب والنتائج
فأنا مثلا تخيلته صراعا بين نسيان الماضي والاقبال على المستقبل وبين العيش في اطار هذا الماضي الذي نعتبره جزءامن حياتنا ولا ندري ان كان نسيانه افضل لوجودنامن تذكره
مشكورة سما موضوع جميل وبالنسبة الي مميز
انا لو كنت مكانها بحكم عقلي ... أكيد بحكم أني شب و لو كان القارئ بنت رح تحكم العاطفة و تختار الباب الضيق ما هيك ميرة ؟؟؟ ههههه
ربما لأنه عكس شيئا مني دون استئذان في الوقت الذي ظننت فيه أن حمى العقل قد أصابت كل البشر دونما استثناء
تكمن العقدة سما في أن المدافعين عن صدق القلوب ياتوا قلة في هذا العالم المنطقي لدرجة الهوس لم يعد الناس يتكلمون عن التوازن بين العقل والعاطفة .العقل المعبود الأول والاحساس خرافة من الماضي واي شخص تسول له نفسه الاستماع لقلبه مجنون بحكم الأكثرية. السعادة ثورة هرمونات والحزن جين طافر الأمل كذبة اليائس والحب تصوير افلاطوني للمصالح الخيال عالم محرم والحاسة السادسة علامة مميزة لرواد مشفى المجانين وكثير من التعارف الحمقاء وضعها الناس لعقلنة المشاعر
لم تعد قصص الخيال تثيرنا وحكايات المعجزات تثير شكوكنا بينما نضحك ملأ افواهنا على خرافة الحب العذري
لكن أتعلمين هناك بشارة قد لا يبدو الأمر بهذا السوء طالما أن التحجر في عالمنا لا يزال يبقي على كلمة انسـان
ما شاء الله موهبة أدبية تانية .. حكيم بدي ساوي حملة مطالبة بالموقع لتنشرلنا شي من كتاباتك .. مافي مجال ... شو رأيكم جميعا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أنا بعرف إني مقصر بهالناحية انشالله قريبا بنزل شي وبتعطيني رأيك