رأيتك تراني

رأيتك تراني

كنت غارقة بالحديث عن موضوع ليس أتفه منه شيء , لاسيما بنظر رجل, حين رأيتك..رأيتني..بل رأيتك تراني..وبينما كانت الحيرة بادية على وجهي , وأن أسأل صديقتي عن لون القرط الذي سأرتديه , أبصرت وبشكل جلي مشروع ابتسامة على ثغرك..أكنت تضحك على سخافتي آنذاك , أم كنت تبتسم من أجلي؟ لم يعد هذا مهما بل أنه لم يكن مهما في وقتها , فلم أجدك حينها أكثر من شاب نظر إلي وأراد أن يبتسم.
لن أنسى يوما جميلا وقفنا فيه متجاورين بانتظار دورنا في مقهى الكلية , وشعرت بالزهو الذي يراود كل أنثى عندما تدرك أن ثمة من يسلط نظراته عليها.. بدوت قصيرة أمام طولك الرائع , لكن طولي أعجبك..وأحسست كل الإحساس الأحمق أننا نبدو _ إن تجاوزنا فرق الطول _ كبالرينا تقف أمام عارض أزياء..
كم أحب صبحا عرضت علي فيه مساعدتي لفتح باب خزانتي و تغيير قفله , كم أحب سعادتك وأنت تعرف أنك تفيدني..ابتسامتك وأنت تقول لي بعد أن شكرتك: أهلا وسهلا! كم أعشق فكرة أن اسمع صوتك!
ذات نهاية دوام متعب , وأنا أجلس قريبة منك سمعت تبدي رأيك في أمر لا أتذكر سوى أنه يخص صديقك , وأتذكر جيدا أنه قال لك: لم يبق غيرك لتتكلم.. فثلاث قصص حب فاشلة تجعلك مغفلا قي هذا المجال.. لم يغب عن بالي يوما بريق عينيك عندما نظرت مسرعا باتجاهي , ولحظة تأكدت أني سمعت.. ضحكت بصوت عال لتوهمني بأن ذلك كله كان مزحة ثقيلة..
أكان الرجل الذي صرخ في وجهك في وسط الكلية والدك ؟! حتما كان هو..لكن بم هددك ولماذا.. لم يكن هذا شيء أفكر فيه وأنا أرى ألمك , حيث الجميع كان ينظر إليك .. خاصة انني كنت منهم..
كل ذلك لم يكن ذا قيمة , مقارنة بالنزهة التي التقيتك فيها ذات خميس ؛ كنا سبع فتيات يجمعنا شارع واحد وكل مابيننا علاقة جيرة رسمية.. يعود إلى جسدي وأنا أكتب كلماتي الآن الارتعاش الذي هزني لحظة أشارت ابنة جيراننا إليك , وقالت أنك خطيبها السابق!

أصرت أن تمر بجانبك لترى خاتم خطوبتها الألماسي الجديد , كنت قد وضعت يدك على رأسك و أطرقت به إلى الأرض..أنا الوحيدة التي نظرت إليك أثناء مرورنا الرهيب , و أنا الوحيدة التي فهمت معنى إطراقتك الحقيقي .. لشد مابدوت شاردا ومهموما , كم كانت عيناك نديتين آسرتين.
لم تكن المشكلة أنك كنت خطيبها بل أنها تركتك , كثيرا ماتحدثت عنك من قبل وإن لم تكن إحدانا قد رأتك .. أكان علي أن أعرف كل هذا دفعة واحدة .. أن أعرف أنك خطيبها الذي عانى انفصال والديه لأن أباه كان مجنونا سكيرا و معربدا ومازال , خطيبها الذي أخفى هذا عنها , أن أعرف أنك خطيبها الذي بكى عندما ردت إليه خاتمه .. أكان من المتوقع مني أن أحكم عليك بالسوء وأنت المعروف في كليتنا بأخلاقك , بذكائك اللافت وبرجوليتك الفاتنة؟!
رأيتك يوم الأحد في الكلية , تجاوزتك كأي طالبة عادية تتجاوز مشرفها , ماأشد صعوبة موقفك.. لم يكن بيدك أن تشرح لي , ولم يكن من حقي أن أسألك..
لم تمنحني الأيام بعد ذلك فرصة واحدة لأعرف إلى حال آل شعورك.. حتى قررت أن أخلق فرصتي.
اخترت أفضل مقعد يمكن أن آراك و أسمعك منه في المقهى , لم أشارك صديقاتي بأي حديث فجوارحي كلها كانت تخفق لك..
تنهدت تنهيدة يأس عندما أشار عليك زميلك أن تخطب ثانية , وانطلق يحدثك عن مدى راحته بعد زواجه.. حينها فقط تنبهت لوجودي.. تنبهت لعيني اللتين تعلقتا عليك , واطلت النظر إليهما , ثم ابتسمتُ بكل ثقة بينما كان مشروع ابتسامتك يتحول إلى ابتسامة كبيرة لا يمكن أن أخطأ فهمها ..
والآن ياعزيزي.. أدرك أنني جد محظوظة بك , جد سعيدة لوجودك إلى جانبي .. ومستبشرة كل البشرى بغدي معك ..
فأنا لم أرتكب خطأ عندما اقتنعت أنك الرجل الذي لاأرفض أن أترك كل شىء لأجله .. ليس فقط لأنني أحبك .. بل لأنك تستحق..

التعليقات

  • تم تعديل 2009/09/09
    كلمات رائعة وفي غاية الجمال , كتبت فاجدت واتممت , اعجبتني الصورة الفنية التي القيتها
    ودام قلمك .. ودمتي لنا ... وعاشت اناملك
    تقبلي مروري
  • تم تعديل 2009/09/09
    ما قدرت مر وما علق
    قصة حلوة كتير...

    talla
  • تم تعديل 2009/09/09
    كلامك رائع
    اعجبني بوح قلمكـ
    انك بالفعل ذات احساس راق شكرا لك
  • محمد حلبيةمحمد حلبية عضو ماسي
    تم تعديل 2009/09/09
    مشورة dr me على الكلمات الرقيقة ما شاء الله عليكي اطلاع أدبي واسع و لكن صناعة له بكل إحساس و رقي ..... بارك الله بك
  • تم تعديل 2009/09/09
    بشكركن كتير ياإخوان
    مروركن وتعليقكن أتحفني وزين الصفحة
    شكرا كتير
  • تم تعديل 2009/09/09
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .