الإحباط وكيفية مواجهته

الرجل البخاخالرجل البخاخ عضو ماسي
تم تعديل 2009/05/03 في الطب النفسي Psychiatric
الإحباط Frustration:

الإنسان لديه دوافع كثيرة ومتنوعة ، وهيوراء كل نوع من أنواع السلوك ، فتدفعه إليه وتحرضه عليه ، وتوجهه له ، وهي لا تختلففي النوع فحسب ، بل تختلف كذلك من حيث الشدة ، ومن حيث اتصالها بسلامة الذات وكيانالشخصية 0 والواقع أن الشخص يشعر بالسعادة والسرور حينما يستطيع إشباع الدوافع ويصلإلى غرضه 0 ولكنه يشعر بالضيق عندما يوجد هناك ما يعيق إشباع ذلك الدوافع ، فإذاكان الدافع ملحا والعائق قويا اشتد وزاد الضيق ، وإن كان العائق مانعا في النهايةمن الوصول إلى تحقيق غرض الدافع شعر الإنسان بالخيبة والفشل 0إن هذا الموقف مشحونبإمكانات متعددة ، فالإحباط الذي ينتهي إليه دافع الفرد أو دوافعه ، لا ينتهي إلىالاستسلام دائما ، بل كثيرا ما ينتهي إلى أشكال من السلوك يمكن أن ينطوي بعضها علىالعدوان ، ويمكن أن ينطوي بعضها الآخر على نزوع إلى محاولات جديدة أو إلى حالات منالاضطراب 0

معنى الإحباط وتعريفه :
هناك صعوبة من وضع تعريف إجرائيلأننا نظر إلى الإحباط على أنه :
ــ حالة انفعالية يرافقها شعور بالفشل 0
ــموقف Situation أو موقف مثير يتضمن مثيرات رغبة 0
والموقف الإحباطي حقيقة هو ،موقف تهديد للشخصية ، وهذا الموقف الإحباطي يضمن ثلاثة عناصر أساسية وهي :
1
ـالعنصر الأول : هو الشخص Person ، أي دوافعه ورغباته ( التي تدفعه للقيام بسلوك مامن أجل إشباعها ) 0
2
ـ العنصر الثاني : هو موضوع الدافع أو الرغبة ، أي الشيءالذي يرضي الدافع ويشبع الحاجة ( مثل الطعام في حالة الجوع ، والماء في حالة العطش، والاحترام في حالة الحاجة للتقدير ) 0
3
ـ العنصر الثالث : وهو العائق الذييعيق الشخص ويمنعه من بلوغ الشيء ( الحافز ) الذي يشبع الدافع والرغبة مثل ( عوائقالزمان والمواعيد ، والمكان ، والواقع ، والأخلاق ، والظروف الاجتماعية والمادية ) 0
إذن العناصر الثلاثة في الموقف الإحباطي هي :
1
ـ الدافع أو الرغبة 0 2ـموضوع الدافع أو غرضه 0 3ـ العائق 0
إذن يمكننا أن نعرف الإحباط بأنه : الحالةالانفعالية التي يمر بها الفرد حين يدرك وجود عائق يمنعه من إشباع دافع لديه أوتوقع مثل هذا العائق في المستقبل ، مع ما يرافق ذلك من تهديد وتوتر نفسي 0
بينما يعرفه ( الرفاعي ، 1987 ) بأنه : عملية تتضمن إدراك الفرد لعائق يعوقإشباع حاجة له ، أو توقع حدوث هذا العائق في المستقبل ، مع تعرض العضوية من جراءذلك لنوع ما من أنواع التهديد 0
خصائص ومتغيرات الإحباط :
1
ـ قد يكونالموقف الإحباطي خاصا بفرد بعينه ، مثل : فشل الطالب في الاختبار 0 وقد يكون الموقفالإحباطي عاما يحدث لعدد من كبير من الأفراد والجماعات مثل : ( هبوط أسعار الأسهم ،أو مجاعة ، أو كارثة ) 0
2
ـ إن إدراك الفرد للموقف الإحباطي يعتمد على عدة عواملوهي : قوة الدافع وشدته ، وطول مدة إعاقته وتكرارها 0 فكلما كان الدافع قويا ( كالدوافع العضوية مثلا ) وكلما طالت مدة إعاقته كان تأثير الإحباط أشد وأسوأ 0
3
ـ كلما كانت ثقة الفرد بنفسه وبيئته كبيرة ، كان تأثير الإحباط أقل 0
4
ـالموقف الإحباطي نسبي ، فالذي يعتبر إحباطا قويا لشخص ما ، قد لا يكون كذلك بالنسبةلشخص آخر ، بل ربما يكون باعثا على الرضا 0 ومثاله : الشخص الذي اعتاد على التدخينولم يجده يمر بموقف إحباطي شديد في حين عدم وجود التبغ يبعث على الرضا عند غيرالمدخن 0 ومثله يقال عن الشخص الذي اعتاد تناول القهوة صباحا ولكنه لم يجدها فيالمنزل فإنه يمر بإحباط شديد ، في حين عدم وجود القهوة ليس له مثل هذا الأثر عندشخص آخر لم يعتد تناول القهوة صباحا 0
5
ـ الفشل والإحباط ربما يقودان إلى النجاح 0 وذلك لأن الإحباط يعتبر بمثابة إثارة للسلوك وتحريض له 0 إن الكثير من الناسيأخذون عبرة من فشلهم ليكون دافعا لهم للنجاح في المستقبل 0 وهذا القول يصدق علىحالات الفشل الأولى فقط مثل : ( رسوب الطالب لمرة أو مرتين يدفعه لمزيد من الجهد ) ، أما تكرار الفشل أكثر من ذلك فيقود إلى العكس حيث يؤدي إلى نوع من اليأس والقنوطوالإكتئاب 0

أنواع الإحباط :
1
ـ الإحباط الأولي والإحباط الثانوي :
ــ الإحباط الأولي Primary Frustration هو الحالة التي يمر بها الفرد عندمايلح عليه دافع ما ، أو حاجة ما ، ولكن موضوعه أو غرضه ( الشيء الذي يشبعه ) غيرموجود أساسا ومثاله إنسان عطشان في الصحراء ولا يجد ماء 0
ــ الإحباط الثانوي Secondary Frustration ، فهو الحالة التي يمر بها الفرد عندما يلح عليه دافع ما ،ويكون غرضه وموضوعه موجود ، ولكن هناك عائق يمنعه من بلوغه 0 ومثاله الشخص الجائعبعد عودته من العمل إلى المنزل ، ووجد أن الطعام على النار ولم ينضج بعد 0
2
ـالإحباط السلبي والإحباط الإيجابي :
كما قلت أن الإحباط : ينطوي على إدراك الفردلعائق يمنعه من إشباع دافع لديه ويرافق ذلك نوع من التهديد والتوتر 0 وهذا التهديدأو التوتر قد يكون شديدا ، وقد يكون بسيطا 0 فإذا كان التهديد شديدا سمي الإحباطإيجابيا 0 أما إذا كان خفيفا فإنه إحباط سلبي 0
إن التهديد الذي يشعر به الطفلحين يكون طبق الحلوى في مكان مغلق ، يكون خفيفا والإحباط هنا يعتبر إحباطا سلبيا Negative Frustration ، ومثله أيضا الطالب الذي عزف عن تناول كتاب قريب منه بسببوجود غبار عليه ، ويحتاج للمطالعة مؤقتا 0 فهذا أيضا إحباط سلبي لأن التهديد الناتجخفيف وبسيط 0 أما التهديد الذي يشعر به الشخص حين يعرف أنه إذا خرج من المنزل فإنهناك من يدبر له مكيدة للتربص به ، فهذا تهديد قوي ، والإحباط إيجابي 0 ومثله أيضاالطفل الذي يمنعه والده من الخروج للنزهة وينذره بأنه سيعاقبه بشدة إذا خرج 0
3
ـالإحباط الداخلي والإحباط الخارجي :
ويتم هذا التصنيف للإحباط استنادا إلى مصادرالعائق ومكان تواجده 0 فإذا كان العائق الذي يعيق الفرد من إشباع الدافع في داخلالشخص ( وبنيته الجسمية أو النفسية ) عندها يكون الإحباط داخليا Internal أما إذاكان العائق في المحيط الاجتماعي والطبيعي فعندها يكون الإحباط خارجيا External ،فالشخص الذي تمنعه قيمه وأخلاقه من إرضاء دافع عنده ، أو تمنعه عاهة جسمية عنده منالقيام بنشاط معين ، أو إشباع رغبة ، فإنه يمر بحالة الإحباط الداخلي ، لأن مصدرالإعاقة داخلية : جسمية أو نفسية أو أخلاقية في ضميره 0 أما الطفل الذي يمتنع عنالخروج في نزهة بسبب رداءة الجو أو بسبب تهديد والده له بالعقاب إن خرج ، فهذهالإحباطات خارجية ، الأول ـ خارجي طبيعي ، والثاني ـ خارجي اجتماعي 0
أثارالإحباط ومواجهته والتعامل معه :

يجب أن نذكر أن الإحباط حالة تضايق الفردوتولد لديه توترا ، وأن الفرد يعمل على التخلص من التوتر بطريقة ما ، سعيا وراءالتكيف والدفاع عن الذات 0 ويختلف الأفراد في مواقفهم من الظروف التي تواجههمبالإحباط لدى أول محاولة 0 فبعضهم يقف ويستسلم ويقبل بسهولة وآخرون يستمرون فيالمحاولات ، أملا في التغلب على الصعوبة ، يوجههم في ذلك دافع اشتدت قوته بتأثيرفشل المحاولة الأولى ، وهناك من يتحول عن الظرف إلى آخر ، أو يتحايل عليه ، أويواجهه بالقوة ، وليست حالات السلوك هذه إلا بعضا من أشكال محاولات التكيف التييلجأ إليها الأفراد عادة أمام موقف يواجههم بإعاقة 0 فإذا لم يتم للفرد أن يتغلبعلى الصعوبة ، وإذا بدأ ظهور الإحباط لديه فستكون هناك آثار يمكن أن يخلفها هذاالإحباط ، وإذا سألنا عن الآثار التي يمكن أن يخلفها الإحباط في الفرد ، فإنما نسألعما يحدث لدوافع الفرد من جهة ، كما نسأل من جهة أخرى عما يطرأ على سلوكه من تعديلأو تحويل بغية مواجهة الموقف الإحباطي 0 والعالم الخارجي حولنا مليء بمصادر الإحباط 0 وللإحباط آثار متنوعة بعضها إيجابية ( وهذه حالة نادرة ) وبعضها سلبيا وضارا ( وهذا الأغلب ) :
1
ـ الفشل قد يبعث على الإبداع والنجاح :
وهذا قد أشرت إليهسابقا ، فبعض حالات التهديد والإحباط والفشل تعتبر بمثابة حافز ومثير للإبداع Creativity وسلوك حل المشكلات Problem Solving والواقع أن موقفي التهديد ، وحلالمشكلات متشابهان ، بل ومتطابقان أحيانا Identical ، لأن في كليهما عائق يحول دونتحقيق الشخص لأهدافه ، هذا العائق Barrier دفعه لكي يتغلب عليه 0 فإذا لم يكن هناكمواقف مشكلة Problem Situation فلن يكون هناك حلولا ، وبدون وجود حلول للمشكلات سوفلن يحصل تقدم وازدهار ، بل ستبقى الحضارة في حالة جمود Static ، فالحالة الانفعالية ( التوتر والقلق ) المصاحب للإحباط قد يكون مرغوبا لأنه بمثابة دافع ومحرض للسلوكالإيجابي والمبدع 0 من هنا فإن بعض العلماء يطلق كلمة قلق Anxiety أو وهم وضيق Worry ليدلوا على الإحباط ، والقلق يعمل عمل الدافع 0 إلا أننا نعرف القلق والإحباطإذا زاد عن حده المتوسط ، فإنه يحدث أثارا عكسية ، ويمنع الشخص من النشاط ،وبالتالي الإبداع والنجاح 0
أما إذا تكرر الفشل والإحباط وما يرافقه من قلقزائد فإنه عائق يحول دون العمل والإنجاز ، لأنه يخلق حالة من اليأس والقنوط 0 ومثالذلك ، الطالب الذي رسب مرتين سوف يحاول بذل المزيد من الجهد لكي ينجح ويدفعه ذلكلتفوق أيضا ، لكن لو رسب وتكررت حالات رسوبه مرات عديدة فإنه سينتهي إلى حالة يأس 0
2
ـ الإحباط يؤدي إلى العدوان :
لقد ركز العديد من علماء النفس السلوكيين علىالآثار المصاحبة للإحباط ، وخاصة أثره على السلوك العدواني 0 وقد أجريت تجارب عديدةفي هذا الخصوص من قبل ( دولارد ) 0 وقد توصل هذا العالم إلى أن النتيجة القاتلة وهي : أن الإحباط يؤدي دوما إلى حالة العدوان 0 وأن السلوك العدواني بكل أشكاله تسبقهدوما حالة إحباط وفشل 0
إن العدوان الناتج عن التهديد المرافق للإحباط يأخذأشكالا عديدة وهي :
ــ يكون العدوان لفظيا ( كلمات بذيئة وتعنيف وتوبيخ ) 0
ــ يكون العدوان جسميا ( ضرب ، رفس ، تخريب ) 0
ــ يكون العدوان مباشراموجه إلى مصدر الفشل والتهديد 0
ــ وقد يكون غير مباشر ، أي موجه إلى مصدر آخرغير المصدر الأصلي للفشل 0
3
ـ الإحباط ووسائل الدفاع الأولية :
الإحباط يقودالفرد إلى إتباع العديد من آليات الدفاع النفسية مثل : النكوص ، والتبرير ،والإسقاط ، والنكران 0 فالزوجة التي فشلت ( إحباط ) في حياتها الزوجية ، قد يدفعهاهذا إلى أن تذهب إلى أمها ، وتجلس في حضنها وتبكي ، كما كانت تفعل حينما كانت طفلةصغيرة وبحاجة للحنان ، ( إنها نكصت Regress لمرحلة ماضية ) ، أو تبرر فشلها بأنالسبب عدم تقارب وجهة نظرها مع وجهة نظر زوجها ، أو تسقط ذلك عليه أو أهله بأنهمالسبب في ذلك الفشل الذي حدث 0
4
ـ الإحباط يؤدي إلى الاستسلام واليأسوالاضطرابات النفسية :
إذا تكررت حالات الإحباط والفشل عند الفرد فإنه يخلق عندهحالة من اليأس Hoplessness والاستسلام يرافقها : ضعف الثقة بالنفس ، والشعور بعدمالكفاءة ، والشعور بالعزلة والوحدة Lonelissness وعندما تصل الشخصية إلى هذهالمرحلة تكون عرضة للاضطرابات النفسية فورا في حال تعرضها إلى أي موقف ضاغط أو شدةنفسية Stress ونستطيع نمثل ذلك في هذا الشكل التالي :
تكرار الإحباط ـــــــــــاليأس والاستسلام + موقف ضاغط ـــــــــــ اضطراب نفسي / عقلي 0 ( فشل وقلق مستمر ) ( ضعف الثقة بالنفس ) ( شدة نفسية ) 0 لقد شدد باندورا على أن تكرار الإحباط يؤديإلى الإكتئاب Depressin والعجز المتعلم 0




كيف نواجه الإحباط ؟ :
مواقف الإحباط حتمية ولا يمكن إلغاؤها كلية من حياة الإنسان 0 وكل ما نستطيععمله حيالها هو ، أن نساعد ذلك الإنسان على مواجهتها Cope with ، والتصدي لها ،بحيث نقلل من آثارها السلبية ، وهذه بعض الإرشادات للتقليل من آثار الإحباط :
1
ـيجب تدريب الفرد وتعويده على تحمل قدر معين من الإحباط والفشل منذ الصغر ، دون أنتترك أثرا سيئا فيه 0 فالحياة لا يمكن أن تعطي الإنسان كل ما يريد ، وفي كل وقت 0فالإحباط موقف يجب التدرب على احتماله متى كان حتميا 0
2
ـ يجب أن لا يكون هناكهوة سحيقة بين مستوى طموح الفرد وقدراته 0 أي أن لا يبالغ في طموحاته وأمالهبالنسبة لإمكاناته وقدراته الجسمية والنفسية والمادية 0 وإنما عليه أن يرسم لنفسهأهدافا تقع ضمن دائرة وحدود إمكاناته 0 إن التفاوت بين مستوى الطموح والقدرات منعلامات الشخصية المضطربة 0
3
ـ يجب وضع الخطط والبرامج التي يرسمها الفرد لنفسه ،لكي تساعده على مواجهة المواقف الإحباطية ، لأنها ستتيح له أن يضع في حساباته كلالمتغيرات والاحتمالات ، وهذا يخلق عنده نوعا من الاستعداد للمواجهة والتصدي بحيثلا يفاجأ 0
4
ـ تنمية الفرد لقدراته واستعداداته وخبراته باستمرار ، مما يزيد منكفاءاته ، ويكون أقل عرضة لحالات الفشل 0
هذه بعض الإرشادات النفسية والتربويةالعامة ، التي تساعد الأشخاص على مواجهة الإحباط ولكن إذا نظرنا بشكل عملي للطرقالتي يتبعها الفرد حين مروره بالإحباط ، فإننا نرى أنه يتبع طرقا مباشرة وأخرى غيرمباشرة 0
الطرق المباشرة :
1
ـ زيادة المجهود : ومحاولة تخلص الفرد منالعائق ، فإذا رسب الطالب في الاختبار ، أو المقابلة فإنه سيبذل مزيدا من الجهدللنجاح في المرات التالية ، وإذا أتى طفل وأخذ طفل آخر اللعبة منه ، فإنه سيغضبويعتدي على الطفل لاسترجاع لعبته منه ، وهكذا 0
2
ـ تغيير الطريقة : إذا لم ينفعالجهد الإضافي لإزالة العائق ، فقد يحاول الفرد تغيير طريقة الحل التي كان يتبعهاويتبع طريقة أخرى توصله إلى هدفه 0
3
ـ تغيير الهدف : إذا فشلت الطريقتانالسابقتان يغير الفرد هدفه 0 فإذا فشل الطالب مرات متكررة في كلية الطب ، فقد يحولإلى كلية الهندسة 0 وإذا فشل الفرد على مقعد لمشاهدة فلم سينمائي مرغوب ، فإنه يذهبلمشاهدة فلم آخر أو السهرة بمكان آخر 0
هذه هي الطرق المباشرة كلها شعوريةإرادية تعتمد على التفكير والتروي ، وغالبا ما تنجح في تخليص الفرد من الإحباط 0
الطرق غير المباشرة :
فهي في الواقع أساليب الدفاع النفسية الأولية ( آليات الدفاع ) اللاشعورية مثل : الكبت ، والتبرير ، والنكوص ، والإسقاط 0
1
ـالكبت Repression :
وهو إقصاء للدوافع الخطيرة وإبعاد لها بشكل كامل عن مستوىالشعور 0 ولا يعني أن هذا الدافع المكبوت لم يعد له تأثير على الفرد ، بل العكس هوالصحيح 0 إن الدافع يؤثر في السلوك مثله مثل الدوافع اللاشعورية كلها 0 ويتميزالكبت بمحاولته المستمرة كبح الرغبات الأولية كحل للصراع 0 ويستخدمه كل الناسالأسوياء والمضطربون ، ولكن غالبا بعد دفع الثمن 0 فالطاقة النفسية المستخدمةللدفاع غير متاحة من أجل الوظائف التكيفية ، كالمحاولات العقلية والاجتماعية 0 وفوقذلك ، ففي حالة الكبت يكون الثمن كبيرا 0 إن الدوافع المكبوتة قد تكون سوية وصحية ،ولكنها مُبعدة باستمرار في الشخصية فمثلا إبعاد كل العدوانية قد يحدث شخص سلبيوبليد بدرجة كبيرة 0 إن الكبت أكثر وسائل الدفاع وفجاجة ، وقد أعتبره فرويد مرادفالدفاعات الأنا ، بسبب المكانة التي يحتلها من نشاط اللاشعور والاضطرابات النفسية 0والكبت يتميز عن وسائل الدفاع بخصائص وصفات تميزه بالرغم من تشابهه مع غيره منآليات الدفاع وخاصة الكظم ، فالكبت أكثر عمقا في تأثيره وأكثر دفعا نحو التطرف ،ومكانة في حالات الاضطرابات النفسية ، وأكثر فعالية ، ويتميز الكبت عن الكظم فيالجوانب التالية :
أ ـ التهديد الموجه نحو الذات في الكبت أشد من التهديد الواقعفي حالة الكظم 0
ب ـ الكبت أكثر ارتباطا بالدوافع الأولية والغريزية 0
ج ـطول مدة الكبت أطول من الكظم 0
د ـ العقد النفسية والشحنات الانفعالية المرافقةللكبت أكثر وأعمق مما في الكظم 0
والفرد يحمل العديد من الدوافع التي لا يمكنهإظهارها أمام الآخرين ، كالدوافع العدوانية ، والجنسية في مجتمعات تضع قيودا علىذلك ، فيقوم الفرد بإبعادها من شعوره إلى اللاشعور ، بحيث تبقى بعيدة ومدفونة هناك، وإذا حاولت الظهور يزيد من دفعها وكتمانها فالكبت إذن آلية دفاعية تهدف إلى تحقيقالتوازن والتكيف ، وهو في الواقع آلية دفاع وتكيف مؤقته ، لأنه لا يحل المشكلة ، بليعمد إلى حصرها في إطار فهو ( آلية تحايل ) كما يقول بعض علماء النفس 0
2
ـالإسقاط Projection :
شاع استخدام مصطلح ( الإسقاط ) في علم النفس والتحليلالنفسي ، واستعمل بمعان متعددة 0 فقد أشار ( لابلانش وبونتاليس ) إلى أنه : يستعملبمعنى عام جدا في الفسيولوجيا العصبية ، وعلم النفس للدلالة على العملية التي تزاحفيها واقعة عصبية أو نفسية تتموضع في الخارج إمّا بالانتقال من المركز إلى الأطراف، أو بالانتقال من الشخص إلى الموضوع 0 كما تستعمل بالمعنى التحليلي / النفسي المحض، ليدل على العملية التي ينبذ فيها الشخص من ذاته بعض الصفات والمشاعر والرغباتوالموضوعات التي يتنكر لها ويرفضها في نفسه كي يموضعها في الآخر ، سواء كان الآخرشخصا أم شيئا 0 ويتبين لنا أن الإسقاط عكس التوحد ، ففي التوحد يعمد الشخص إلى تمثلالآخرين وصفاتهم ( إدخال ) في شخصيته لأنه يرغب في تلك الصفات والشخصيات لما لها منمكانة هو يفتقدها 0 أما في الإسقاط فإنه يتخلى عن صفات عنده ( إخراج ) وينسبهاللآخرين لأنه يرغب أن لا تكون عنده 0 فالإسقاط إذن إلقاء اللوم على الآخرين للأخطاءالتي يرتكبها الشخص نفسه ، أو أي تقصير عنده 0 فالطالب يلقي باللوم على معلمه حينيفشل في الاختبار 0 وإذا وقع أحدنا على الأرض ألقى اللوم على الحجارة الموجودة فيالطريق ، ولا نلوم أنفسنا لعدم انتباهنا ، والشخص الذي يشعر بالكراهية والعدوان نحوشخص آخر يقوم بإسقاط دافعه العدواني عليه فيدرك أن هذا الشخص يضمر له العداء فكأنهبذلك يقي نفسه من القلق الذي يثيره دافعه العدواني عنه عن طريق إسقاطه في الغير 0والبخيل يتهم غيره بالبخل ، والجبان يتهم غيره بالجبن ، وكأن العملية نزوع عندالفرد لتأكيد تقديره لذاته وتقدير الآخرين له عن طريق لوم الآخرين بالتقصير الحاصللديه أو حمل الصفات غير المرغوبة على الآخرين وإبعادها عن نفسه أمام المجتمع 0
والإسقاط عملية لا شعورية تحتل مكانة هامة في الروائز الإسقاطية لقياس الشخصية 0 والجانب السلبي والخطر في الإسقاط هي في تطرفه 0 فإذا بالغ الفرد في إلقاء اللومعلى الحظ أو الآخرين أو القوى الخفية فيما يحصل لديه فإنه سيكون بذلك حالة مرضيةكما تظهر عند المصابين بهذيان الاضطهاد والمتابعة 0
وهناك نوعان من الإسقاط تمدراستها تجريبيا عن طريق ( هولميس 198 ) ، والنوعان هما :
1
ـ الإسقاط الكلاسيكي : ويحدث عندما لا يعي الفرد الصفات السلبية التي عنده ( أي تكون خارج نطلق شعوره ) ، ولكي لا يواجهها أو يعيها فإنه يدافع من خلال أنه يعزو وينسب هذه الصفات إلى شخصآخر 0 وعادة ما يكون هذا الشخص غير محبوب من محبوب من قبل الشخص 0
2
ـ إسقاطالعزو أو النسبة Attributive : وهو عكس السابق ، حيث يضفي الشخص ويعزو خاصية أو صفةيعيها ويدركها على شخص آخر 0
وهناك العديد من الدراسات التجريبية التي برهنت علىأن الإسقاط الكلاسيكي يحدث في ظروف ومواقف متنوعة 0
3
ـ النكوص Regression :
هو الرجوع إلى المراحل للحياة والتي لا تتطلب أشياء كثيرة 0 فإذا عجز الفرد علىأن يتغلب على ما يعانيه من صراع وقلق بطريقة إيجابية بنائية ، فإنه قد يرتد إلى بعضالأساليب السلوكية القديمة التي كانت تشبع رغباته ودوافعه في مراحل نموه السابقة ،والتي لا تكون ملائمة لمراحل نموه الحالية 0 فالنكوص نوعا من الانسحاب ، وهو ليسطريقة جيدة ومفيدة للتكيف ، لأنه يؤدي غالبا إلى الإضرار بالفرد ، ويوقف عملية نموالشخصية 0
ونعرف النكوص بأنه : العودة إلى مرحلة مبكرة من النمو 0 أو الرجوعإلى مراحل الحياة الأولى التي لا تتطلب أشياء كثيرة 0
وغالبا ما يكون عودة إلىالمرحلة ما قبل التناسلية في مراحل النمو النفسي / الجنسي عند فرويد 0 ومن أمثلةالنكوص المألوفة ما نشاهده عند بعض الناس من تذكر أيامهم الماضية ، وخاصة أيامالطفولة منها ، وما يشعر به من سعادة فيها ، وزيارته للأماكن التي نشأ فيها أيامطفولته 0 وهذا النوع من النكوص ليس اضطراب في الشخصية لأنه وسيلة دفاعية مألوفةيلجأ إليها الإنسان لما يجد فيها من لذة ومتعة تُبعده عن مشاغل الحياة وصعوبتها 0ولكن هناك أشكال من النكوص تدل على الاضطراب النفسي ، مثلما نشاهد عند بعض الأطفال، حيث يتبعون أشكالا سلوكية لمرحلة طفولية ، مثل التبول اللاإرادي ، والحبو ، ومصالإبهام ، وغالبا ما يحدث عندهم ذلك النكوص ، عندما يهتم الأهل بالمولود الجديد ،فيكون نكوص الطفل بمثابة أسلوب لجذب انتباه واهتمام ورعاية الأهل 0
ويظهر النكوصعند بعض الراشدين ، حيث يتحدثون بأسلوب يشبه الصغار 0 ويعتبر ( يونغ ) أن النكوص هوالعملية الوحيدة التي يقابل بها الفرد المواقف التي تصل صعوبتها إلى حد لا يستطيعالتغلب عليه 0 ويتوسع ( يونغ ) كثيرا في معنى النكوص فيجعله شاملا عددا كبيرا منالآليات الدفاعية التي يقوم بها اللاشعور 0 ويعزو ( يونغ ) كذلك عددا من الظواهرالنفسية المرضية إلى أنها لون من ألوان الارتداد إلى أسلوب كان من مظاهر حياةالطفولة 0
4
ـ التبرير Retionalization :
أحيانا يقوم بعض الأفراد بسلوك غيرمقبول ، أو يفكر بطريقة غير مقبولة تجلب له التهديد ، وبعد ذلك يحاول التخلص منالقلق أو الذنب المرافق بإيجاد تسويغ أو تبرير معقول لهذا السلوك 0 إن هذه الطريقةأو الأسلوب الدفاعي يُسمى ( التسويغ أو التبرير ) وكثيرا ما يسلك الفرد أشكالا منالسلوك الناتجة عن دوافع لا شعورية غير مقبولة ، بحيث يصدر عنه تصرفات غير أخلاقيةومرفوضة من الفرد والمجتمع ، فيحاول أن يفسر ذلك تفسيرا معقولا ويعلله بأسبابمقبولة من المجتمع 0
إذن فالتبرير نستطيعتعريفه بأنه : آلية دفاعية تقي الفردمن الاعتراف بالأسباب الحقيقية غير المقبولة لسلوكه ( الانفعالية غالبا ) وتحميه منالاعتراف بالفشل والخطأ 0 فالطالب الذي فشل في الاختبار يبرر رسوبه بانشغاله بمرضوالديه ، أو باضطهاد أستاذه ، أو بصعوبة الأسئلة 0 ويستخدم التبرير للحفاظ علىتقدير الذات Self – Esteem وتُسمى هذه الطريقة ( العنب الحامض ) فبعد أن فشل الثعلبفي الحصول على العنب بسبب الارتفاع قال عنه : إنه حامض 0 والتبرير عملية لا شعورية، تختلف عن الكذب ، فالكذب يكون مدركا له واعيا أسبابه ودوافعه وسلوكه ، أماالتبرير فإنه عملية لا شعورية أو غير واعية ، ولا يدرك الإنسان أسباب سلوكه 0 منجهة ثانية فإن الشخص الذي يكذب يخدع الغير ولا يخدع نفسه ، أما التبرير فالشخص يخدعنفسه كما يخدع الآخرين 0 ويلاحظ التبرير كثيرا في حياتنا اليومية حين يبرر الشخصفشله وخطأه بأسباب عارضة 0 فحين تعترضنا حجارة لم نلاحظها في الطريق ونكاد نسقطفإننا نلقي اللوم على الحجارة وليس على السبب الحقيقي وهو ( عدم انتباهنا ) 0والعامل الماهر قد يرجع أخطاءه إلى عيوب في الآلة التي يستخدمها 0 والشخص الذيترفضه خطيبته يحاول أن يبرر فشله بذكر كثير من العيوب في خطيبته ، وفريق كرة القدمعندما يخسر من فريق منافس فإنه يبرر هزيمته بسوء التحكيم أو أرضية الملعب وهكذا

التعليقات

  • محمد حلبيةمحمد حلبية عضو ماسي
    تم تعديل 2009/05/02
    شكرا علي على الموضوع الجميل ................
  • تم تعديل 2009/05/02
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

    شي حلو كتير يعطيك العافية
  • الرجل البخاخالرجل البخاخ عضو ماسي
    تم تعديل 2009/05/02
    شكراً شباب على المرور
  • تم تعديل 2009/05/03
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية ................