طبيب أسنان يحول عيادته إلى متحف لطب الأسنان ..

ميرةميرة المشرفة العامة
طبيب أسنان يحول عيادته في دمشق إلى متحف لتراث طب الأسنان
يضم آلات حفر أسنان عمرها مئات السنين وأدوات للعلاج


2420.imgcache
الطبيب أبو شعر ومقتنياته النادرة في عيادته
(«الشرق الأوسط»)>


دمشق: هشام عدرة
قبل نحو 45 عاما افتتح طبيب الأسنان السوري الدمشقي منير أبو شعر عيادته في وسط دمشق، بعد أن أنهى دراسته الجامعية، ومنذ ذلك التاريخ كان هاجسه الملح وعمله في معالجة مرضاه هو السفر الدائم والبحث في أي مكان بالعالم يمكن أن يصل إليه لاقتناء كل ما له علاقة بطب الأسنان عبر العصور والحضارات المتعاقبة، وكيف كانت الشعوب تعالج أسنانها من التسوس والأمراض التي تصيبها. فتمكن أبو شعر (66 عاما) من جمع آلاف المقتنيات ذات الصلة، وبأحجام وأنواع وتواريخ مختلفة، تبدأ من آلات بسيطة يدوية كانت تستعملها الشعوب قبل آلاف السنين وحتى آلات الحفر التي تعمل بالأرجل وأصبحت من الماضي والتراث مع دخول آلات الحفر الكهربائية.



وقرر أبو شعر تحويل عيادته إلى متحف عرض فيه ما أمكنه عرضه من هذه المقتنيات، ويستقبل فيه الناس مجانا، كما يشارك في بعض منها بمعارض تراثية علمية وتوثيقية، ويبرر الطبيب منير أبو شعر ابن حي الميدان الدمشقي العريق لـ«الشرق الأوسط» هوايته الغريبة هذه بجمع كل هذه الأدوات التراثية في متحفه الشخصي قائلا إنه تأثر بأسرته التي عملت وما زالت بصناعة النسيج اليدوي والآلي حاليا، وتأثر كثيرا بوالده الذي عرف عنه ولعه بالتراثيات. لكن من خلال تخصصه العلمي في طب الأسنان. يقول أبو شعر «بعد نيلي شهادة الثانوية العامة كان حلمي أن أدرس في كلية الفنون الجميلة، لكن والدي ورغم تعلقه بالتراث عارض رغبتي هذه بشدة قائلا إن الفن سيجبرك على بيع كل شيء حتى معطفك لأنه لا يطعم خبزًا، فقررت الانتساب لكلية طب الأسنان بجامعة دمشق بحب ورغبة لأن قناعتي هنا أن هذه المهنة علم وفن، وهذا ما قرأته في أدبيات الفرنسيين، حيث أطلقوا على هذه المهنة فن طب الأسنان، لذلك جعلتها هواية وليست مهنة، وقررت الإبحار فيها عبر تاريخها. ولعل ذلك كان المحفز الأول لي لجمع كل هذه المقتنيات وبجهد شخصي».

في أحد متاحف القاهرة شاهد أبو شعر آلة حفر أسنان كان الفراعنة يستعملونها.. «وعندما رجعت إلى دمشق صممت مثلها، وبعد ذلك كنت أبحث أينما اتجهت وأينما حللت وفي أي مدينة أزورها عن تحفة نادرة لها علاقة بالطب بشكل عام وطب الأسنان بشكل خاص. فكثيرا ما كنت أسافر وبحوزتي حقيبة واحدة وأعود إلى دمشق وأنا أحمل حقيبتين بعد أن أكون قد ملأتهما بأدوات قديمة».

وأبرز ما يضم متحف أبو شعر حاليا الأجهزة التي كان يستعملها طبيب الأسنان قبل اختراع الكهرباء، حيث كانت هذه الأجهزة تدار برجل الطبيب مع غياب المخدر والمسكنات والأدوية وأجهزة الأشعة، وترينا هذه الأدوات كم كان يعاني الطبيب من صعوبة في العمل عليها. وكان يطلق على كرسي طبيب الأسنان كرسي الاعتراف لما يتحمله المريض من ألم أثناء المعالجة وأثناء حفر أسنانه. وهذه الأدوات التي يمتلكها عمرها يزيد على 100 سنة. كذلك لديه أدوات ومواد كان يستخدمها طبيب الأسنان عمرها مئات السنين. وتوجد لديه آلات قديمة كانت تستخدم لصنيع الأسنان والأطقم عمر بعضها 300 سنة، مصنعة في بريطانيا. ويمتلك بشكل عام حاليا أكثر من 3000 قطعة تتعلق بتراث طب الأسنان ومنها «ما اقتنيته بالشراء أو من خلال الإهداء والبحث في مختلف البلدان. ولدي صندوق سمع كان يستعمله أطباء الأسنان لتسلية مرضاهم حتى ينسوا آلامهم أثناء المعالجة، حيث لم تكن المسكنات معروفة». ومن خلال زياراته للكثير من البلدان، يقول أبو شعر إنه لا يوجد مثيل لمتحفه مطلقا حيث يوجد فقط من يمتلك قطعا قليلة يضعها كديكور في عيادته أو مكتبه، لذلك يسعى أبو شعر حاليا لدخول سجل غينيس للأرقام القياسية من خلال امتلاكه لأكبر متحف شخصي علمي في مجال طب الأسنان في العالم. حتى إن المتاحف القديمة العامة والوطنية لا تمتلك ما يمتلكه أبو شعر، كما يقول.. «فلو زرت متحف الطب والعلوم مثلا في مبنى البيمارستان النوري بدمشق القديمة وشاهدت مقتنياته في مجال طب الأسنان ستتأكد أنني أملك في متحفي مقتنيات أكثر منها بكثير، سواء القديمة التاريخية منها أو التي تعود لأوائل القرن الماضي».

ولديه جهاز حفر أسنان نادر صنعته إحدى الشركات اليابانية قبل 100 سنة وحاولت هذه الشركة، كما يقول، استرداده بأي مبلغ من المال يطلبه.. «لكني اعتذرت لها لأنني لا أبيع حلمي، حيث أرى نبض التاريخ في متحفي، وأمامي أسمع نبضه وأشم رائحته، وهو هوايتي ومتعتي الروحية التي ليس لها حدود، لذلك أعتبر متحفي كنزي وسلوتي وحفلا صامتا متكلما».

وعموما يضم المتحف الأشياء المنقرضة التي لفظتها التكنولوجيا وأحالتها إلى عالم الذكريات والتي عفا عنها الزمن وأحيلت إلى التقاعد. كما يضم كتبا ومعاجم وصورا ونشرات وشهادات وملصقات وكل ما يتعلق بطب الأسنان منذ بداية القرن العشرين، ومنها صور لأول دفعة تخرجت في معهد طب الأسنان في الجامعة السورية الذي كان مقره بمبنى التكية السليمانية، وتعود لعام 1920. ولديه صورة حفل تخرج لأول طبيبة أسنان سورية. ولدى الطبيب أبو شعر خطة لنشاطات قادمة لمتحفه، حيث تلقى دعوات لإقامة معرض لها في الأردن ولبنان وبعض البلدان الأخرى خاصة أنه اعتمد في تنظيمه للمقتنيات على الطرق المعروفة بالعرض المتحفي، حيث يوجد شرح عن كل مقتنى منها وتاريخه وغير ذلك من المعلومات. ويخبر الطبيب أبو شعر «الشرق الأوسط» أن مآل متحفه الشخصي النادر مستقبلا هو جامعة دمشق التي يفخر بأنه تخرج فيها، حيث خصصت إدارتها مكانا كبيرا ليضم مقتنياته التي جمعها، وليكون مفتوحا أمام الجميع، الطلبة والناس.. «ومع أن ولدي الأكبر طبيب أسنان فهو يعمل معي جاهدا للحفاظ على متحفي وتنفيذ وصيتي الرئيسية وهي أن هذا المتحف مآله إلى جامعتي الأم، جامعة دمشق».

التعليقات

  • jekjek عضو مميز
    تم تعديل 2010/10/29
    شي حلو كتيييييييييييييييير ورائع ..هالموضوع عطاني حماس

    مشكورة ميرة ع الموضوع ............
  • ميرةميرة المشرفة العامة
    تم تعديل 2010/10/29
    نورت حكيم ..
    وان شالله الحماس دائما موجوووووود ..
  • dr.Alidr.Ali مدير عام
    تم تعديل 2010/10/30
    هؤلاء الناس هم المؤسسين ............. غنقدم لهم حبنا و اخترامنا الشديدين
    و أذكر أيضاً في حماة الدكتور ادوار الظريف و هو خريج من أوائل الدفعات لكلية طب الأسنان جامعة دمشق و قد أهدى كلية طب الأسنان في جامعة البعث كرسياً سنياً قديماً و تم وضعه في مكان بارز مع لمحة عن حياة الطبيب
  • dr.Hazemdr.Hazem مدير عام
    تم تعديل 2010/10/30
    هاد من حب المهنة ...بارك الله فيكي أخت ميرة على المقال ...
  • ميرةميرة المشرفة العامة
    تم تعديل 2010/10/30
    مشكورين على المرور العطر ...