شفاء الأنسجة Healing of Tissues

غالباً ما ينتج عن الأذية النسيجية موت خلوي وبشكل لاحق تخرب نسيجي . ويعتبر الشفاء Healing عبارة عن استجابة الجسم الحيّ للأذية في محاولة لاستعادة البنية والوظيفة الطبيعيتين . وتشمل عملية الشفاء آليتين منفصلتين :
1- الترميم أو التجدد ( Regeneration ) وهو يحدث عندما يعتمد الشفاء على تكاثر للخلايا البرانشيمية وهي عادة ما ينتج عنها ترميم كامل للأنسجة الأصلية .
2- التندب ( الترميم ) ( Repair ) وهو يحدث عندما يعتمد الشفاء على تكاثر عناصر النسيج الضام وغالباً ينتج عنه تليف وتندب .

1- الترميم أو التجدد ( Regeneration ) :
تتميز بعض الخلايا البرانشيمية بعمر قصير وبعضها الآخر بمدى عمري طويل . ولكي تحافظ على بنية مناسبة للأنسجة فإن هذه الخلايا تخضع لسيطرة منظمة دائمة من قبل دورتها الإنقسامية ( دورة حياة الخلية Cell cycle ) وكما هو معروف بأن دورة حياة الخلية تمر بأربعة مراحل وبعدم انقسام جميع خلايا الجسم بإيقاع أو سرعة واحدة . فبعض الخلايا الناضجة لا تنقسم على الإطلاق بينما البعض الآخر ينتهي من عملية الإنقسام خلال 16 – 24 ساعة .
وتبعاً لقدرتها على الإنقسام والتكاثر والإعاضة يمكن تقسيم الخلايا إلى ثلاثة مجموعات :
1- الخلايا غير المستقرة ( المتقلبة ) Labile Cells :
تتصف هذه الخلايا بإستمراريتها في الانقسام والتكاثر بطريقة مضبوطة لاستبدال الخلايا التي تم استهلاكها نتيجة النشاط الفيزيولوجي الطبيعي. وهذه الخلايا تشمل الخلايا الظهارية للجلد ، باطن الرحم ، القناة التنفسية ، السبيل الهضمي ، و السبيل البولي بالإضافة للخلايا المولدة للدم في نقي العظام وخلايا العقد اللمفية والطحال .
2- الخلايا الثابتة : Stable cells :
تحتفظ هذه الخلايا بقدرة كامنة على الإنقسام حتى حين ظهور الحاجة إلى ذلك التكاثر ولها نموذجين :
A- الخلايا البرانشيمية الغدية كما في الكبد أو البنكرياس : تنقسم وتنشط بسرعة عندما يتخرب قسم من العضو أو عندما يستأصل قسم منه وذلك لتستعيض عن الخلايا التالفة .
B- الخلايا المشتقة من الأنسجة الميزانشيمية مثل الخلية المولدة للعظم والمولدة للغضروف حيث أنها تنقسم انقسامات بطيئة في الأحوال العادية ولكنها تنشط حين وجود داعٍ للترميم كما هو الحال كوجود كسر في العظم .
3- الخلايا الدائمة Permanent cells :
تفقد هذه الخلايا قدرتها على الإنقسام منذ الولادة وهذه تتضمن : خلايا الجملة العصبية بالإضافة للخلايا العضلية القلبية .
ولا بد من الذكر بأن عملية التجدد لأي نمط من الخلايا البرانشيمية يتضمن آليتين :
1- تكاثر الخلايا الأصلية من حافة الأذية ومن ثم حدوث هجرة لتعبئة الفراغ الناجم عن الأذية .
2- تكاثر الخلايا المهاجرة مع حدوث تمايز ونضوج لاحقين بحيث يمكن استعاضة النسيج الأصلي من حيث الشكل والوظيفة .

2- التندب أو الترميم Repair :
يحدث التندب في حال كان حدوث التجدد مستحيلاً و هو عبارة عن استبدال النسيج المتأذي بنسيج ليفي . وهي تمر بمرحلتين :
A- تشكل النسيج الحبيبي .
B- تقلص الجروح .
والتندب يعتمد على مشاركة الخلايا الميزانشيمية المؤلفة للنسيج الضام من خلايا أرومية وخلايا ليفية والخلايا الناسجة بالإضافة إلى الخلايا البطانية وبالعات الكبير والصفيحات الدموية وفي بعض الأحيان الخلايا البرانشيمية للعضو المتأذي .
فعملية الإصلاح تبدأ بإزالة الأنقاض في المراحل المبكرة حيث تستهل بعملية تمييع وإزالة للمواد الخلوية الميتة والأنقاض الأخرى . ومن ثم يحدث تشكل نسيج حبيبي وهو نسيج غرير التوعية ويحوي على نسج واصلة حديثة التشكل تتألف من شعريات دموية وأرومات ليفية ويقوم بملئ الفراغات المتشكلة من تميع الأنقاض الخلوية وفي مرحلة لاحقة يتشكل الكولاجين بواسطة الأرومات الليفية وكلما ازدادت كمية الكولاجين في النسيج الحبيبي يصبح هذا النسيج أقل توعية وأقل خلوية وبذلك يحدث التندب ، يتلو ذلك حدوث تقلص للجرح ينتج عنه تشوه في البنية الأصلية .



شفاء الجروح Wound Healing :
يشكل شفاء جروح الجلد مثالاً نموذجياً عن عملية التجدد والتندب وهذا قد يتم إنجازه بطريقتين:
A- الشفاء بالمقصد الأول .
B- الشفاء بالمقصد الثاني .

A- الشفاء بالمقصد الأول ( Healing by first Intention ) :
ويحدث إذا كان الجرح يتمتع بما يلي :
1- نظيف وغير مصاب بالإنتان .
2- أن يكون شقاً جراحياً .
3- ألا يكون هناك نقص كبير للخلايا والأنسجة أي الضياع المادي قليل .
4- أن تكون حواف الجرح متقاربة عند إجراء الخياطة .
يبدأ الترميم فورياً بتشكل علقة دموية تختم حواف الجرح ويتبع ذلك تكوّن نتحة التهابية مصلية ليفينية مترافق مع ترسب للكريات البيضاء المفصصة يتلوها وحيدات النوى واللمفاويات والمصوريات وذلك خلال الأربع وعشرين ساعة الأولى من بداية الأذية .
بعدها تأخذ الخلايا المولدة لليف والليفية بالتكاثر و التي تسير على مسار خيوط الليفين والتي تصل بين حافتي الجرح ، تفرز هذه الخلايا في اليوم الثالث تقريباً مادة طليعة الغراء التي تحتوي على عديدات السكاكر المخاطية والتي تتحول إلى ألياف غرائية ، بعد 7 – 8 أيام تصبح الألياف الغرائية المرممة مرنة ومقاومة .
و بشكل متزامن تتكاثر الخلايا البطانية للأوعية الدموية الشعرية لتشكل حبالاً من الخلايا البطانية التي تصل طرفي الجرح و من ثم تنفتح لمعة الحبال فيسري الدم بين طرفي الجرح. إن مادة التريفون Trephone المحررة من الخلايا المتخربة تحرض الخلايا السليمة على الانقسام. كما يوجد العديد من العوامل الهرمونية والخمائرية التي تساعد على سرعة ترميم النسج و بشكل خاص السيتوكينات:
A- عامل النمو الصفيحي المنشأ مسؤول عن هجرة و تكاثر الخلايا العضلية الملساء و مصورات الليف
B- عامل النمو البشروي (EGF ) الذي يحرض على تكاثر البشرة من خلال ارتباطه مع مستقبلات عامل النمو البشروي الموجود على سطح الخلايا الظهارية.
C- عامل النمو لبالعات الكبير المسؤول عن تحريض الخلايا المصورة لليف و الخلايا البطانية.
D- عامل النمو التحولي بيتا المسؤول عن جذب الخلايا الالتهابية.

B- الشفاء بالمقصد الثاني Healing by second Intention :
ويحدث إذا تمتع الجرح بما يلي :
1- جرح مفتوح مع ضياع مادي وفي بعض الأحيان اختلاطات جرثومية .
2- وجود كمية كبيرة من الأنسجة التالفة .
3- حواف الجرح غير متقاربة بواسطة الخياطة الجراحية وإنما تركت مفتوحة .
الحوادث الأساسية للشفاء بالمقصد الثاني هي : مماثلة لتلك للشفاء بالمقصد الأول لكن تختلف بكون الأنسجة التالفة والضياع المادي أكبر وبذلك تكون كمية النسيج الحبيبي المتشكلة أكبر كي تستطيع ملئ الفراغ الناجم عن الأذية أو الجرح . وعادة تبدأ عملية الشفاء من قاعدة الجرح باتجاه الأعلى ونظراً لكون عملية الشفاء بالمقصد الثاني بطيئة فغالباً ما ينتج عنها ندبة معيبة مقارنة بالشفاء السريع في حالة المقصد الأول .
وتحدث الندبات المعيبة في حالة :
1- كمية النسيج الحبيبي غزيرة جداً فتظهر فوق مستوى حافتي الجرح مما يؤدي إلى حدوث النزف أو تأخر عملية اندمال النسيج البشروي السطحي .
2- انكماش الألياف الغرائية مما يؤدي إلى غؤر الندبة .
3- فرط تكاثر الألياف الغرائية والنسيج الضام الندبي مما يؤدي إلى تشكل الجدرة وخاصة عند الزنوج ( Keloids ) .

* العوامل التي تؤثر على عملية الشفاء :
يوجد نوعين من العوامل المؤثرة في سير آلية الشفاء :
A- العوامل الموضعية Local factors وتشمل :
1- الإنتان : حدوث الإنتان يؤدي إلى تأخر وإعاقة في عملية الشفاء .
2- التروية الدموية الضعيفة تؤدي أيضاً إلى إعاقة في عملية الشفاء .
3- الأجسام الأجنبية بما فيها الخيوط الجراحية التي من الممكن أن تتداخل وعملية الشفاء .
4- الحركة .
5- التعرض للإشعاعات المؤنية والتي تؤخر تشكل النسيج الحبيبي .
6- التعرض للضوء فوق البنفسجي يساعد في عملية الشفاء .
7- نمط وحجم وموقع الأذية يحدد فيما إذا كان الشفاء سيحدث بشكل كامل أو يترك ندبة .

B- العوامل الجهازية Systemic factors وتشمل :
1- العمر : الشفاء يحدث بشكل أسرع عن صغار السن واليافعين منه عند الكبار .
2- التغذية : عوز البروتين والفيتامينات له دور مبطىء في عملية الشفاء .
3- الانتانات الجهازية أيضاً تعيق عملية الشفاء .
4- حقن السيتروئيدات له فعالية مضادة للإلتهاب .
5- الإضطرابات الإستقلابية كالداء السكري غير المضبوط فهؤلاء المرضى لديهم تأهب أكبر لحدوث انتان مع ضعف في التروية الدموية .