التغيرات المناخية و ظاهرة الإحتباس الحراري

التغيرات المناخية و ظاهرة الإحتباس الحراري
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ظاهرة لم نكن نسمع عنها من قبل.. وبدأت الأوساط المهتمة بالعالم تسليط الضوء على تلك الظاهرة لما لها من تأثيرات على كل شيء على وجه الأرض.
"الاحتباس الحراري أو الانبعاث الحراري أو التغير المناخي" هذه كلها مرادفات للظاهرة التي أربكت العالم أجمع منذ أكثر من نصف قرن، وبدأ العالم يهتم لما لها من تأثيرات اقتصادية وبيئية وأمنية، ولم يكن العالم يدرك أن الأخطر من كل ذلك أن هذه الظاهرة ربما يكون لها تأثيرات صحية غاية في الخطورة يجب تداركها ومعالجتها قبل فوات الآوان. وأخذت الجهات المهتمة بالصحة كمنظمة الصحة العالمية (WHO) الموضوع بجدية وصرامة عندما بدأت الدلائل الخطيرة تشير إلى ضلوع التغيرات المناخية في جريمة تغيير خريطة الأمراض ومن ضمنها الأمراض المعدية في العالم كله.

إن شعار يوم الصحة العالمي لهذا العام إن دل على شيء فإنما يدل على مدى اهتمام العالم كله بهذه الظاهرة وتأثيراتها الصحية، ويركّز يوم الصحة العالمي، في عام 2008، على ضرورة حماية الصحة من الآثار الضارة الناجمة عن تغيّر المناخ. وموضوع "حماية الصحة من تغيّر المناخ" يضع الصحة في صميم الحوار العالمي بشأن تغيّر المناخ. وقد اختارت منظمة الصحة العالمية هذا الموضوع اعترافاً منها بأنَّ تغيّر المناخ يطرح أمام امن الصحة العامة العالمي أخطاراً لم تكن محل اهتمام العالم من قبل ولكنها الآن أصبحت على قائمة أولوياتها.
وقد تنبهت المنظمة إلى الأخطار الصحية الناجمة عن تغير المناخ والتي تتراوح بين ارتفاع مخاطر الظواهر المناخية القصوى وبين التغيرات التي تطرأ على ديناميكيات الأمراض المعدية، والجدير بالملاحظة أن كثيراً من أبرز الأمراض المعدية، الفتاكة تتأثر وتزيد شراستها بالتغير بالمناخ؛ وبالتالي فإن معدلات وقوعها وانتشارها يمكن أن تتغيّر بتغيّر المناخ.
لعل أبرز ما وصفت به ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي (Global Warming) هو أنها تضع العالم فيما يشبه الصوبة الزجاجية، هذا التشبيه يوضح شكل العالم الجديد ومعاناته بوضعه أو سجنه داخل "صوبة زجاجية" فيما يعرف أيضاً بظاهرة البيت الزجاجي (Greenhouse Effect). ولو تخيلت أنك تعيش داخل صوبة زجاجية، فإنه من الطبيعي أن تدخل إليك أشعة الشمس الخارجية وتخزين تلك الأشعة داخل الصوبة دون السماح لها بالنفاذ مرة أخرى؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الحرارة داخل تلك الصوبة مقارنة بخارجها وهذا ما يحدث الآن.
إن ما يقوم بعمل الصوبة الزجاجية هو الغازات المنبعثة بنسب أعلى من النسب الطبيعية التي تحافظ على توازن درجات الحرارة على كوكب الأرض، وهذه الغازات تسمح بدخول أشعة الشمس ولا تسمح بنفاذ معظمها وبالتالي تحتبس الحرارة على كوكبنا محدثة ما سماه العلماء بظاهرة "الاحتباس الحراري".
هذه الغازات التي تمتص الحرارة فتحتفظ بها هي غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان، والأوزون وأكاسيد النتروجين ومركبات الكلوروفلور وكربون، بالإضافة إلى بخار الماء وإن كان الأول هو أهم هذه الغازات وأكثرها تأثيراً.
إلا أن وجود هذه الغازات، وخاصة ثاني أكسيد الكربون، ضروري للمحافظة على استمرار الحياة بشكلها الحالي، إذ بدونه قد تصل الحرارة على الأرض إلى أقل من 15 درجة تحت الصفر.


الدكتور إلياس بطرس