صحة الهواء
الهواء ضروري جداً للبقاء على قيد الحياة وذلك لاحتوائه على الأوكسجين. إن الهواء من عوامل البيئة الطبيعية الثابتة والمؤثرة على جسم الإنسان ولا يمكن أن تستمر حياة الإنسان بدون الهواء.
الهواء ضروري لتنفس الإنسان ويساهم أيضاً في الاستقلاب الحراري للعضوية. إن تأثير الهواء لا يكون دائماً إيجابياً بل أحياناً سلبياً وذلك لعلاقته بالبيئة ومدى تلوثها هذا وإن أي تغير في محتوى الهواء الكيميائي يؤثر على الجسم.
إذا أردنا أن نقيّم المستوى الصحي للهواء يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الصفات الفيزيائية للهواء (الحرارة، الرطوبة، سرعة الرياح، الضغط الجوي، الإشعاعات الشمسية) وكذلك الكيميائية أيضاً، الدخان الميكروبات. إن الصفات الكيميائية والفيزيائية للهواء لها أثر فيزيولوجي ومرضي على جسم الإنسان.
الصفات الفيزيائية للهواء
1- الضغط الجوي:
إن الضغط الجوي على الكرة الأرضية غير ثابت وغير متساوي وعندما نكون في المرتفعات نلاحظ انخفاض الضغط الجوي وعندما نكون في المنخفضات نجد العكس. تغير الضغط الجوي في محل واحد يعود إلى العوامل الجوية.
إن الأثر الصحي للضغط الجوي يعود بالدرجة الأولى إلى تغير هذا الضغط وإن العوامل المؤثرة على تغيره هي اتجاه الرياح نظافة كمية الرواسب الجوية كل هذه التغيرات يكون لها أثر كبير على الصحة.
أما ارتفاع الضغط الجوي وهذا يعاني منه عمال المناجم والغواصين وعمال بناء الجسور والأنفاق هذا وإن جسم الإنسان الذي يقع تحت تأثير الضغط الجوي المرتفع يتعرض إلى عدة تغيرات فيزيولوجية شأنها أن تنعكس بالأعراض السريرية لمرض كيسون وهو من الأمراض المهنية.
الأعراض السريرية لمرض كيسون:
تظهر هذه الأعراض بعد مضي ساعتين أو ثلاث ساعات في العمل:
1) ألم مؤلم وحاد في مفاصل وعضلات الأطراف العلوية والسفلية وكذلك في عضلات البطن.
2) نتيجة الانسدادات الغازية للأوعية الدموية في الجلد وبالأخص في منطقة البطن تظهر رسوم تشبه رسوم المرمر.
3) الإصابة الخطرة تظهر في الجهاز العصبي أي إصابة النخاع الشوكي فيظهر شلل الأطراف السفلية، اختلال في الجهاز البولي (عدم التحكم في البول).
4) صداع، الشعور بالدوران.
5) اختلال الكلام.
6) الانسدادات الغازية في القلب (البطين) تؤدي إلى الوفاة هذا وعند ارتفاع الضغط الجوي إلى درجة 10مم زئبقي يفقد الإنسان الوعي.
الوقاية من هذا المرض:
- تحديد أوقات العمل بظروف ارتفاع الضغط الجوي.
- ظهور أول أعراض المرض يجب أن ينتقل المريض إلى غرفة خاصة لنستطيع التحكم بالضغط ليها بالتدرج ينقل المريض إلى حالة الضغط الطبيعي.
إن انخفاض الضغط الذي يتعرض إليه الإنسان عند تسلق المرتفعات (الجبال) أو العمل في الجبال والطيران وعند الارتفاع إلى 2500-3000متر لا يظهر أي تأثير على الجسم وربما تظهر على بعض الأشخاص تغيرات بالجهاز العصبي وتزداد بسرعة عمل جهاز الدوران والقلب والتنفس
ولكن على ارتفاع 3500م عن مستوى سطح البحر تظهر عادة التغيرات على أجهزة الجسم وإن الارتفاع الطبيعي عن سطح البحر يعتبر 5000م دون اتخاذ أي إجراء وعند تواجدنا بالارتفاع 7000-8000م يؤدي إلى الاختلال الكبير للجسم وعند الوصول إلى ارتفاع 8500-9000م يستطيع الفرد أن يتنفس بدون جهاز أوكسجين. إن جميع التغيرات التي تظهر على الجسم نتيجة وجود الإنسان بالمرتفعات يسمى هذا المرض بمرض المرتفعات أو مرض الجبال وهذا المرض بسبب عدم كفاية وجود الأوكسجين بالدم وبالتالي فقدانه أو قتله بالأنسجة.
الأعراض السريرية لمرض المرتفعات أو داء الجبال:
1- عدم الاهتمام. 2- الشعور بالنوم والنعاس.
3- ضعف عقلي أي ارتخاء. 4- دوار.
5- إقياء. 6- زيادة في سرعة التنفس.
7- رعاف. 8- فقدان الوعي.
9- ألم في العضلات والمفاصل. 10- ألم في الجيب الجبهي.
2- حرارة الهواء:
تسخن التربة نتيجة امتصاصها لأشعة الشمس وهذه بدورها تسخن الطبقات السفلى من الهواء التي تسير فيها حياة الإنسان وإن التربة تعطي بنسبة 37% من الحرارة التي تستلمها وذلك من أجل تسخين الهواء وإن تغير الحرارة اليومي يتأثر بأشعة الشمس بالإضافة إلى طبيعة المكان ومدة الارتفاع والانخفاض عن مستوى سطح البحر. إن أوطأ درجة حرارة 68.80 تحت الصفر وتكون هذه المنطقة في سبيريا وأعلى درجة حرارة تصل إلى 58.8 في منطقة البصرة.
إن حرارة الجسم ثابتة وذلك لوجود التعادل بين استلام الحرارة وطرحها منه وإن المراكز المنظمة بالدماغ هي التي تحافظ على هذا التوازن ومنظم حرارة الجسم ـ يسمى بالمنظم الكيماوي أي ازدياد الحرارة أو انخفاضها للجسم يعود إلى هذا المنظم وذلك عن طريق الجهاز المركزي أي المركز الحراري يتأثر عن طريق الأعصاب وذلك أن الجهاز العصبي يشير بالتغير الحراري وهذا التغير ينقل عن طريق الخلايا العصبية إلى المركز الحراري. وبالتالي يتغير وبهذا تتغير الحرارة الموجودة بالعضلات (ظهور الشعور بالبرد والرجفان) والحالة هذه تبدأ العضلات بتكوين الحرارة والعكس.
إن ازدياد الحرارة يؤدي إلى:
ارتفاع درجة حرارة الجسم، سرعة النبض، ضعف في عمل جهاز الدوران والقلب، انخفاض في عمل الجهاز الهضمي وبالنتيجة يظهر اختلال في فرز الحرارة.
إن ضربة الشمس وازدياد الأمراض الطفيلية وانتشار الحشرات بالإضافة إلى إثارة الكسل والخمول وأما البرد فيزيد النشاط نتيجة تقلص الأوعية وزيادة الاحتراق وإن البرد يؤثر على بعض الجراثيم.
3- رطوبة الهواء:
بالهواء المحيط وهواء المباني المغلقة نجد بخار الماء وإن مقدار ما يحتويه الهواء من بخار الماء يختلف باختلاف درجة الحرارة وهذا ما يسمح بالرطوبة علماً أن الرطوبة تكون على عدة أنواع:
1) الرطوبة المطلقة: أي الكمية المطلقة بالهواء أي كمية أبخرة الماء الموجودة في متر مكعب من الهواء تقاس بالغرام أو بالميلمتر زئبقي.
2) الرطوبة القصوى: هي أكثر كمية من أبخرة الماء في متر مكعب واحد من الهواء بحرارة وضغط معينين وأن تصل هذه الأبخرة إلى درجة التشبع بالهواء وتزداد بارتفاع درجات الحرارة.
3) الرطوبة النسبية: إن العلاقة (النسبية) بين الرطوبة المطلقة والرطوبة القصوى هي الرطوبة النسبية والدستور التالي يوضع هذه العلاقة:
الرطوبة المطلقة =
a
الرطوبة القصوى =
m
الرطوبة النسبية =
r
إن الرطوبة تؤثر على جسم الإنسان حسب ارتفاع وانخفاض درجة الحرارة.
1. ارتفاع رطوبة الهواء مع انخفاض درجة الحرارة يؤدي إلى زيادة فقدان الحرارة أي الشعور بالبرودة بسبب فقدان الحرارة من الجسم وهذا يؤدي إلى إنقاص مقاومة الجسم وتعرضه للأمراض الإنتانية.
2. ارتفاع رطوبة الهواء مع ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى اختلال في تنظيم الحرارة وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة فعالية الجراثيم.
3. انخفاض رطوبة الهواء مع انخفاض الحرارة لا يؤدي إلى أي تأثير للجسم.
4. انخفاض رطوبة الهواء مع ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى فقدان الجسم للرطوبة وظهور جفاف بالغشاء المخاطي للجهاز التنفسي وظهور سعال جاف.
4- حركة الهواء:
إن حركة الهواء تقاس بالمتر في الثانية وإن سرعة الهواء أقل من متر بالثانية لا نشعر بها ولكن عندما تكون هذه السرعة أكثر تسمى بالرياح. والكل يعلم بأن الرياح هي عبارة عن هواء فوق سطح الأرض وأن أسباب تكوين الرياح هو عدم التوزيع المتساوي للضغط الجوي والحرارة في الهواء وإن حركة الهواء تكون من مناطق ارتفاع الضغط الجوي إلى مناطق انخفاض الضغط الجوي وهناك مقاييس عالمية عديدة لسرعة الرياح وأكثرها استعمالاً هو مقياس بوفير.
إن لحركة الهواء تأثير مباشر على صحة الفرد ومنها المسكن وذلك عند تخطيط المدن وبناء المدارس والمشافي وبناء المعامل. إن سرعة الهواء يمكن أن تؤثر على الحرارة والضغط الجوي وبالتالي يكون التأثير على التنفس أي على الحجم الحراري للجسم بالصيف يكون للرياح تأثير حسن للتخفيف في درجة الحرارة والعكس بالشتاء إن الرياح المعتدلة تؤثر على الجهاز العصبي تأثيراً حسناً وإن الرياح القوية وصوتها يؤثران على الجهاز العصبي تأثيراً سيئاً.
5- الإشعاعات:
أ- أشعة الشمس:
إن المصدر الأساسي في الكرة الأرضية للطاقة والضوء والدفء هي الشمس علماً بأن أشعة الشمس تسخن سطح الأرض وتبخر الماء ولهذا تتكون تغيرات المناخ والطقس. أشعة الشمس هي الأساس لوجود الحياة في الكرة الأرضية وهذا وإن سرعة أشعة الشمس تصل إلى 300.000كم في الثانية وإن درجة حرارة الجزء الخارجي للشمس تصل إلى 6000 درجة هذا وإن الأشعة ما دون الحمراء تكون 59% من أشعة الشمس وإن 1% من أشعة الشمس تكون الأشعة ما فوق البنفسجية وإن 40% تكون أشعة مرئية.
إن الأشعة ما فوق البنفسجية لها تأثير على محتويات الأنسجة وتحطم الألبومين وإن فعالية هذه الأشعة تتعلق بطول موجتها.
إن الضوء هو أحد عوامل البيئة الطبيعية المهمة التي تؤثر على حياة الإنسان وإن تأثير الضوء ليس فقط على البصر بل على الجسم. هذا وإن ضوء الشمس له أثر كبير على نمو الجسم، وبتأثير ضوء الشمس الكيمياوي المحول إلى طليعة الفيتامين (د) والموجود في جسم الإنسان وبتأثير الأشعة فوق البنفسجية تتحول إلى فيتامين (د) وعدم كفاية هذا الفيتامين يؤدي إلى الكساح.
إن ضوء الشمس يزيد في عملية التأكسد (صرف الأكسجين) وهذا يؤدي إلى زيادة نشاط عصبي وعضلي وتنفسي وإن الأشعة ما فوق البنفسجية لها تأثيرها المضاعف للبكتريا وإن قلة الضوء للشمس يؤدي إلى الخمول وعدم قياس الجسم بفاعليته وهو يؤدي إلى أمراض عديدة وإن الوقاية من ذلك:
6. 1- عند تخطيط المدن أو المباني ـ مدارس ـ مشافي ـ دور سكن، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار مسقط الشمس.
7. 2- الحفاظ على عدم تلوث الهواء لأن التلوث يؤدي إلى عدم وصول الأشعة الشمسية وحدوث الضباب كما في المدن الصناعية الكبرى.
ب- الأشعة الراديومية:
عناصر الأشعة الراديومية بصورة رئيسية تتكون ألفا وبتا وغاما إن الخصائص العامة لهذه الإشعاعات تحدد بمدى اختراقها لأي وسط ومدى انحلال ذرات وجزئيات هذا الوسط.
أشعة (ألفا ):
اختراقها للمواد (الوسط) ضئيلة جداً فمثلاً ورقة أو صفيحة ألمنيوم بسماكة 0.05مم إن هذه الأشعة لا تستطيع اختراق المواد ولهذا إصابة الإنسان بهذه الأشعة لا تشكل خطورة إلا أن خطورة أشعة ألفا تتلخص في قابليتها الشديدة إلى تحلل الأجسام ولهذا تشكل خطراً كبيراً على الجسم في حالة دخولها (الإشعاع الداخلي).
أشعة (بتا):
وهي عبارة عن حزمة طائرة للإلكترونات للطاقات المختلفة ولها قابلية كبيرة للتحلل ولكن صفات الاختراق ليست كبيرة فمثلاً سماكة الزجاج أو سماكة صفيحة ألمنيوم لا تتجاوز عدة ميلمترات مثل هذه السماكة من شأنها أن تحجز هذه الأشعة.
أشعة (غاما):
إن هذه الأشعة تمتاز عن أشعة ألفا وبيتا بأنها أقل تحلل لجزئيات وذرات المواد (الوسط) ولكن ميزاتها لها قدرة كبيرة بالاختراق فمثلاً طبقة من الرصاص وبسمك عدة سنتيمترات نجد أن هذه الأشعة ممكن أن تخترق هذه المادة، إن هذه الأشعة ممكن أن تصيب الجسم، الرئة، الجهاز الهضمي، ومن الممكن إصابة الإنسان من مسافات بعيدة الإصابة الخارجية بالإشعاعات.
إن الأخطار تأتي عن طريق تلوث البيئة بالأشعة الراديومية بواسطة طرح فضلات المعامل أو مراكز الأبحاث العلمية بالإضافة إلى التفجير الذري والهيدروجيني ونتيجة تطور استعمال الطاقة النووية في الصناعة ظهر علم حديث بالطب هو الطب الوقائي من الإشعاعات المختلفة إن هذا الطب يدرس مدى التأثير البيولوجي لهذه الإشعاعات على جسم الإنسان علماً بأن الإصابة بهذه الإشعاعات لمرة واحدة هذا وإن الإصابة بالأشعة الراديومية تؤدي إلى إصابة الجهاز التناسلي والعصبي والاستحالات السرطانية وإن العمل الوقائي يتلخص:
- بالفحص الدوري للماء والهواء والتربة.
- دراسة نسبة تركيز الإشعاعات في مكان العمل.
- دراسة نسبة تركيز الإشعاعات في المباني.
- الحفاظ على البيئة من التلوث بهذه الإشعاعات.
6- المناخ والطقس:
إن مهمة الأرصاد الجوية دراسة الخواص الفيزيائية للهواء أي مستوى درجة الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح واتجاهها وحجم الضغط الجوي كل هذه المعطيات من شأنها أن تعطي الخارطة المناخية وخارطة الطقس ويجب أن نفرق بين الطقس والمناخ فالطقس هو عبارة عن الخصائص الفيزيائية للهواء في وقت وزمان محدد من الممكن أن يكون مختلفاً بوقت واحد والطقس يؤثر على صحة الفرد وخير دليل على ذلك الأمراض الموسمية (الفصلية).
أما المناخ فهو عبارة عن نظام الطقس لمدة سنوات لمنطقة جغرافية محددة بالإضافة إلى مستوى ارتفاع هذه المنطقة عن سطح البحر وهكذا نجد أن جميع العلماء مهتمين بتأثير المناخ على عضوية الجسم.
التغير الموسمي للمناخ له أثر كبير على صحة السكان وانتشار الأمراض متعلق بهذا التغير فمثلاً المناطق الحارة تجد فيها انتشار الملاريا والسل وأمراض الجهاز الهضمي المعدية ـ الحمى الصفراء ـ مرض النوم ـ لوجود ذباب تسي تسي أما المناطق الجبلية فلا توجد فيها هذه الأمراض وهناك مناطق مناخية جيدة لصحة الفرد وهي مناطق الجبال والسواحل الجنوبية والشمالية للبحار.
التعليقات