أحلام بريئة...

أحلام بريئة...


بقلم: د. جمال دباس : دكتور في قسم التقويم بجامعة حلب


كانت تعد النجوم في السماء نجمةً نجمة... قاطعها بصوت طفولي حنون: " كم نجمةً صار لديك....؟".


لم تجبه وبقيت عيناها مسمرتان في سماءٍ صافية تتلألأ فيها النجوم وكأنها تسافر بين كل نجمة ونجمةٍ إلى عالم مليءٍ بالسحر والخيال... فجأةً, رأت الأمير الصغير (بطل رواية سانت إكسبيري) على عربته الفضائية, أومأ لها برأسه لتركب إلى جانبه واستقرت على عربته لتطوف أرجاء الفضاء مستمتعةً بأحلام يتجسد كل واحد منها على كوكب مختلف...

في ذلك السفر البعيد, صارت أحلامها تتجسد واقعاً على كل نجمة تهبط عليها...!

أصبحت أميرةً يزين رأسها تاج مرصع بالماس فوق شعر ذهبي ربط بعنايةٍ كأنه شلة من حرير.. تطوف حولها الوصيفات وهي تنظر من النافذة إلى البعيد حيث يقبع أميرها على نجمة مذكرةٍ بعيدة...

سافرت إلى نجمة أخرى لترى نفسها عروساً تزف بأحلى حلةٍ بيضاء وموكب ملائكي ساحر.. لكن صورة عريسها كانت غائبة في البعيد على تلك النجمة التي تقصد...

على نجمةٍ أخرى رأت حديقة رائعة فيها من الألعاب ما يشدها هي لتتسلى بها, أطفالها كانوا يرتعون حولها, يمرحون ويلعبون كما يحلو لهم. لكن صورة أبيهم كانت غائبة في مخيلتها لن تراها واضحة حتى تصل إلى نجمته البعيدة! تلك النجمة المذكرة التي ليس على سطحها سواه, بقامته الممشوقة وجسده القوي وعضلاته المفتولة ونظراته الحنونة.. كان عائماً في حديقة من الورود ليجمع باقةً يقدمها لها عندما ستهبط على نجمته..!

سافرت من نجمة لأخرى وحين شارفت على الهبوط فوق النجمة المذكرة, دبت في جسدها رعشة قوية وخوف من اللقاء الأول... دوّى في أذنيها ذلك الصوت الطفولي الحنون: "كم نجمةً صار لديك..؟"

عادت إلى نفسها فوجدت نظراتها مسمرة في سقف العيادة.. نظرت إلى مصدر الصوت, رأته هو كما كان وكما تعرفه بردائه الأبيض وصوته الوقور الهادئ يبتسم لها قائلاً:

" في الجلسة القادمة نتابع العلاج.. "

أغمضت عينيها برهة قصيرة لتحتفظ بتلك الصور وكأنها لا تريد أن تفقدها إلى الجلسة القادمة...

التعليقات

  • تم تعديل 2009/09/21
    شكرا جزيلا
    بارك الله فيك
  • Dr.AhmadDr.Ahmad مدير عام
    تم تعديل 2009/09/22
    حسيت حالي مكانها
    كلمات من القلب إلى القلب

    لك الشكر دكتور للنقل المميز و جزيل الشكر أيضا للدكتور عباس على الموهبة الرائعة
  • تم تعديل 2009/09/22
    مشكور أخي على هالكلمات الرائعة والاختيار الأروع
  • تم تعديل 2009/09/22
    جد هو دكتور رائع وموهوب

    الله يوفقو

    مع اكتر من اختصاص
  • محمد حلبيةمحمد حلبية عضو ماسي
    تم تعديل 2009/09/23
    شكرا أخي محمد على الكلمات الروعة و الله يبارك فيك و بالدكتور جمال و كلامته كلها إنسانية و رقة ...... و لكن عنجد أثرت في الفضول لما قلت (في الجلسة القادمة نتابع العلاج) شو قصة البنت هو مرض أم الأمر مجرد خيال ؟؟؟
  • تم تعديل 2009/09/23
    أخ عمار الدكتور عباس له عيادة سنية وقد سمح لنفسه وهو يعالج فتاة في عيادته أن يدخل لعقلها ويفكر بماذا تشعر هذه الفتاة أثناء العلاج ثم إن مقالته تجمع بين الأدب وعلم النفس ففي المقالة سلوك متعلم لدى الفتاة وهو نوع من الإيحاء الإيجابي

    هذا فهمي والله أعلم
  • تم تعديل 2009/09/23
    ياي
    والله ما كنت متخيلة انو في حدا باله طويل لهالدرجة
    بس عنجد متل ما بقولوالأدب يزيد من عمق النظرة إلى الحياة
    لو ماكان اديب كانت هالبنت مرقت عليه متل ما مرق غيرا
  • تم تعديل 2009/09/23
    ماشالله كلمات روعة......

    مشكور دكتور
  • تم تعديل 2009/09/23
    يقول عبد السلام العجيلي: لا بد لكل طبيب أن يكون شاعرا


    كلام صحيح جد
  • محمد حلبيةمحمد حلبية عضو ماسي
    تم تعديل 2009/09/23
    ممممم هم يمكن ا عبد السلام العجيلي معو حق و الشعر ما بينكتب إلا من الواقع أو الأمل إللي يعيشو الناس و ما في أحسن من الطبيب ليشو ف هالآلام عند الناس و أنوعهن و عالمهن الخاص ......

    أما قصة الفتاة دكتور قصة روعة بوركت يداك قد أجدت الاختيار و الحمد الله طلعت الأمور خيال و بس لأنو بلشت خاف تكون إبرة الليدوكائين هيك تعمل بصاحبها هههههههه شكرا كتير دكتور مرة تانية لك مني أجمل تحية
  • تم تعديل 2009/09/26
    أهلين أخي عمار ومشكور على المرور
  • تم تعديل 2009/09/27
    عنجد ياهيك الدكاترة يابلا ........شكرا لك عمشاركاتك الرائعة والمميزة وشكرا للكاتب الرائع من الواضح انو عميق ورقيق بنفس الوقت
    بلغيه اعجابنا بكلماته
  • تم تعديل 2009/09/27
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
  • تم تعديل 2009/09/27
    صحيح ريمي

    لسا عندي مقالات للدكتور ان شا الله بحاول ضيفها عن قريب

    مشكور تمام عالمرور