ضفاف العاصي

water_wheel.jpg
هناك رأي يقول ان تسمية ناعورة الدهشة يعود الى الدهشة التي يصاب بها الناظر حين يتأمل مشهد الناعورة وخلفها البساتين الممتدة ووراءها هضبة البرناوي الشديدة الانحدار والتي تقف كغيمة كبيرة تحتضن البساتين والنهر.

على أية حال هنا لوحة طبيعية متكاملة يشكل النهر عنصرا رئيسيا فيها ، وتضاف اليه البساتين والناعورة والهضبة ، لنتصور اننا شطبنا منظر البساتين خلف الناعورة ، لاشك ان المشهد سيختلف تماما ، وستتحول الناعورة الى مجرد دولاب خشبي كبير بدون قيمة جمالية.

خلال خمسين عاما ارتكبنا من الحماقات بحق ضفاف النهر وبيئته مايكفي، تركنا الأراضي القاحلة والصخرية في حماة وحولها وحولنا آلاف الدونمات من البساتين الجميلة حول النهر الى أبنية قبيحة من كتل الاسمنت، يكفي ان نتذكر ان البساتين في يوم ما كانت مكان ساحة العاصي وجزءا من المرابط، ومكان معظم المساحات المحيطة بالقلعة، وحديقة أم الحسن وجوارها، وأسفل هضبة الشريعة حتى النهر، وخلف السجن القديم حيث لم يكن الناظر الى النهر والواقف قرب البلدية يرى سوى البساتين والخضرة، وحين تطل من هضبة البرناوي اليوم تجد البساتين المتبقية مساحات قليلة مخترقة من كل الجهات كما قال الشاعر (تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد).

كمجتمع، كان الهم البيئي والجمالي في آخر اهتماماتنا واذا استمرينا على هذا المنوال في السنوات القادمة فلن يجد الزائر لحماة أي شيء يدعوه للدهشة سوى قذارة نهر ملوث وكتل من البناء التجاري الرث تكاد تصل الى ضفة النهر.

وفي اماكن أخرى يتم ازالة البساتين لشق طرقات لامعنى لها، وبناء مطاعم ومقاهي لامداد النهر بالأوساخ ليل نهار وتلويث الجو بدخان الشوي، وأصوات الموسيقى والأغاني الرخيصة.

لسنا هنا في معرض البحث عن ضحية نحمله مسؤولية تدمير بيئة حماة الطبيعية الجميلة والتي قيل عنها انها ذات مسحة أندلسية، في الحقيقة كلنا مسؤولون، المهم اليوم أن تدرك النخب الثقافية ضرورة وأهمية نشر الوعي البيئي، وان يتكاتف الجميع لوقف التدهور الحاصل.

ضفاف نهر العاصي تشكل عنصرا جماليا حيويا يتكامل مع النهر والنواعير، هذه الضفاف يفترض أن تبقى مساحات خضراء، والمحافظة على البساتين المتبقية يجب أن تصبح هما عاما ومسألة لاتخضع للمساومة.

دعونا نفكر في ازالة تدريجية للمنشآت التي تشوه ضفة النهر مع تعويض مجز لأصحابها، وتوسيع مفهوم حرم النهر في الضفتين بحيث يقتصر حرم النهر على زراعة الأشجار والورود والمساحات الخضراء، ويمكن انشاء ممرات للمشاة لايزيد عرضها عن ثلاثة أمتار داخل المساحات الخضراء.

تقوم البلدية الآن بتنفيذ جدار حجري على ضفة النهر قرب السجن القديم، وهي فكرة مقبولة، لكن تم تجريف مساحة واسعة كطريق من أصل البساتين التي كانت تحتضن الضفاف، وكان من الانسب ترك البساتين تصل لضفاف النهر، فنهر العاصي ليس كنهر النيل، وسوف تقل كثيرا جماليته اذا تم نزع المساحة الخضراء لضفافه سواء من أجل شارع أو من أجل منشآت تفتقر للقيمة الجمالية.

في المدن الأوربية يكتفون في مثل هذه الحالات بممرات مشاة ضيقة منارة بطريقة مناسبة ضمن المنطقة الخضراء.


هذه المقالة منقولة ، وضعتها لأن الحفاظ على مدينتنا مسؤولية كل أفراد المجتمع .

التعليقات

  • Dr.AhmadDr.Ahmad مدير عام
    تم تعديل 2008/06/20
    شكرا ياقوت بالفعل الاهمية الجمالية لنهر العاصي تكمن في البساتين المحيطة به و لكن هذا الكلام يجب أن يصل لاهله أولا حتى يتمكنوا من تنفيذ ما هو ضروري

    و مع ذلك و رغم كل ذلك تبقى مدينة حماة من اجمل مدن سوريا و هذا ليس بشهادتي و انما بشهادة بعض اصدقائي الذين زاروا حماة
  • dr.joandr.joan عضو ماسي
    تم تعديل 2008/06/21
    أصيل ياقوت
    شكراً........
  • كورن وولكورن وول عضو نشيط
    تم تعديل 2008/06/22
    dr.Hazem كتب: »
    أصيل ياقوت
    شكراً........

    قصدك "أصيلة"

    شكراً إلك على كل حال
    ...:)
  • الرجل البخاخالرجل البخاخ عضو ماسي
    تم تعديل 2008/06/22
    مشكور أخي ياقوت
  • jekjek عضو مميز
    تم تعديل 2008/06/26
    حيك ياقوت ...يا اخي بعد حماة مافي

    يعطيك العافية