السموم المعدنية-الرصاص-

a.kannouta.kannout عضو ماسي
تم تعديل 2009/03/26 في علم السموم Toxicology
السموم المعدنية

الصفات العامة للسموم المعدنية:

تعرف هذه المجموعة من السموم بالسموم المهيجة أيضاً لما لها من تأثيرات موضعية مهيجة علي الأسطح الملامسة لها كالجلد والأغشية المخاطية بالإضافة إلي الآثار البعيدة علي الأعضاء الداخلية للجسم كالقلب والكبد والكلي. ويكون السم الناشئ عن هذه السموم عادة علي صورتين التسمم الحاد وينشأ نتيجة تراكم جرعات صغيرة علي مدي فتره زمنية طويلة وتظهر أعراض التسمم الناشئ عن هذه السموم عادة بعد فتره زمنية تطول أو تقصر حسب حالة السم والمعدة ونوع الطعام الموجود فيها. ويتم إفراغ هذه السموم من الجسم عادة عن طريق طرحها في البول وقد يستمر وجودها في البول مدة طويلة حتى بعد التوقف عن تعطيها. معظم هذه السموم يعاد إفرازها في القناة المعدية المعوية حتى وإن لم يتم تعاطيها بطريق الفم فالزرنيخ يعاد إفرازه في القولون النازل والزئبق في الأعور. جميع هذه السموم لا تتأثر بالتعفن ويسهل كشفها في الجسم بعد الموت حتى في وجود تعفن شديد.

(1)التسمم بالرصاص: يدخل الرصاص في العديد من الصناعات فهو شائع الاستعمال في صناعة بطاريات السيارات والبويات ومواد البناء والسبائك ومن مركباته العضوية خلات الرصاص وهو شائع استخدامه طبياً كعلاج موضعي للكدمات ومركب رابع إيثيل الرصاص (tetraethyl lead) المستخدم كإضافة محسنة لخواص وقود السيارات.

امتصاص مركبات الرصاص: عند تعاطي مركبات الرصاص بالفم فإن امتصاصه يتم ببطء من الأمعاء أما في حالة أبخرة الرصاص المنصهر فيتم امتصاصه من الرئتين وكذلك عند استنشاق غبار الرصاص وأما في حالة رابع إيثيل الرصاص فإن هذا المركب يمتص من الجلد والأغشية المخاطية بالإضافة للاستنشاق.

أعراض التسمم بالرصاص: التسمم الحاد بالرصاص نادر الحدوث وتظهر أعراضه في حالة تعاطي مركباته بالفم علي شكل طعم معدني قابض بالفم، وفي حالة تعاطي خلات الرصاص قد يكون الطعم حلواً قابضاً أيضاً مما حدا إلي تسمية هذا المركب باسم سكر الرصاص ويعقب هذا الإحساس بفترة زمنية الشعور بالغثيان والهبوط والقيء مصحوبة بمغص شديد وإمساك وتتشابه هذه الأعراض إلي حد بعيد مع حالات البطن الحادة وتدخل ضمن التشخيص التفريقي لها.

أما أخطر أعراض التسمم بالرصاص عموماً فهو ما يعرف باسم مرض دماغ الرصاص (lead encephalopathy) وينشأ نتيجة ارتفاع نسبة الرصاص بالدم إلي درجة كبيرة تسمح بعبوره الحاجز الدموي الدماغي مما يؤثر علي الجهاز العصبي وتظهر الأعراض علي شكل نوبات تشخيصيه صرعية تتبعها غيبوبة قد تؤدي بحياة المتسمم. وقد ينشأ التسمم الحاد أثناء علاج حالات التسمم المزمن بالرصاص بالمواد المستخلبة (chelating agents) للرصاص من العظام حيث يصل مستوي الرصاص في الدم إلي نسب التسمم.

أما أعراض التسمم المزمن بالرصاص فتتجلى بعدة أشكال منها قلة التوصيل العصبي المؤدي في النهاية إلي اعتلال عصبي حركي علي شكل سقوط بمفصلي الرسغ والكاحل. وكنتيجة لتعطيل الرصاص لعمل الإنزيمات المسئولة عن تخليق مادة الهيم الأولية بالدم فيحدث فقر دم (anaemia) وتتراكم المواد الأولية لتخليق الهيم (haem) في كريات الدم الحمراء علي شكل بقع تصطبغ باللون الأزرق وتسهم في المساعدة علي تشخيص التسمم المزمن بالرصاص من خلال فحص عينات الدم.

ومن أعراض التسمم المزمن بالرصاص في الجهاز الهضمي تكون خطوط زرقاء في حواف اللثة عند التقائها بالأسنان وخاصة إذا لم تكن هناك عناية بتنظيف الفم والأسنان أوفي وجود تجاويف بالأسنان وتنشأ هذه الخطوط الزرقاء نتيجة تفاعل غاز كبريتيد الهيدروجين الناتج من تحلل فضلات الطعام بفعل الجراثيم في الفم مع مركبات الرصاص المفرزة في اللعاب وتكون كبريتيد الرصاص الذي يترسب عند اتصال اللثة بالأسنان ويصحب التسمم المزمن بالرصاص وجود مغص وآلام تشنجيه بالبطن تعرف باسم مغص الرصاص (lead colic) ويتميز هذا النوع من المغص بتحسن شدته بالضغط علي البطن وبالمواد المضادة للتقلصات. كما يحدث إمساك شديد في هذه الحالات. ويؤثر الرصاص علي الكلي في شكل خلل بأنابيب الكلية من حيث قدرتها علي إعادة امتصاص الجلوكوز والأحماض الأمنية والفوسفات. لذا يوضع التسمم بالرصاص في الاعتبار كتشخيص تفريقي في حالات ظهور السكر بالبول ولاسيما في الأطفال ويؤدي التسمم المزمن إلي قصور بالكلية ينشأ عنه ارتفاع في ضغط الدم ويحدث التسمم بالرصاص عقماً لدي الرجال والنساء كما قد يتسبب في إجهاض الحوامل وهناك علاقة بين التسمم بالرصاص في الأطفال وبين ظهور أعراض قصور عصبي وخلل عصبي حركي وتخلف.

تشخيص التسمم بالرصاص: عند تشخيص التسمم بالرصاص يكون تقدير مستوي الرصاص بالدم دليلاً علي الامتصاص ويكون تأثير الرصاص علي تخليق الهيم دليلاً علي آثاره. وتقدير كمية البروتوبورفيرن (protoporphyrin) في كريات الدم دالاً علي التأثير وزيادة إخراج حمض الأمينوليفيولينيك (aminolivolinic) في البول يدل علي قصور تخليق مادة الهيم. كما يعتبر مستوي الهيموجلوبين المنخفض المصحوب بوجود بقع زرقاء في كريات الدم الحمراء دليلان علي التسمم بالرصاص.

معالجة التسمم بالرصاص: يكون إبعاد المريض عن مصدر التسمم أساساً أولياً في علاج حالات التسمم بالرصاص ويتم ذلك في بعض الأحيان عن طريق تغيير طبيعة العمل بحيث يتوقف تعرض المريض إلي جرعات جديدة من الرصاص.

وتعتمد السياسة العلاجية للتسمم بالرصاص علي عدم السماح بتجاوز مستوى الرصاص بالدم حداً يفوق قدرة الكلي علي إخراجه حتى لا يتسبب في عبور الرصاص الحاجز الدموي الدماغي وبالتالي حدوث أخطر مضاعفات التسمم بالرصاص وهو مرض دماغ الرصاص. وعليه فعند ارتفاع مستوي الرصاص بالدم ارتفاعاً كبيراً يوجه الرصاص إلي العظام لترسيبه وتخزينه بصفة مبدئية حتى يتجاوز المريض المرحلة الحادة من التسمم ثم يبدأ بعدها في سحب كميات صغيرة محسوبة من الرصاص المخزون بالعظام بواسطة مواد استخلابية (chelating) إلي مجري الدم ومنها إلي الكليتين حيث تخرج مع البول. وتستغل خاصية تشابه سلوك الرصاص بالجسم مع سلوك الكالسيوم في توجيهه للترسيب بالعظام حيث يعطي المريض فيتامين د ومواد قلوية لتشجيع الترسيب بالعظام ونستخدم لهذا الغرض إيديتات الصوديوم (sodium EDTA) كمادة استخلاب مختارة وتعطي حقناً بالوريد في محلول كلوريد الصوديوم 9,.% بمعدل يصل 40 ملليجرام مرتين يومياً وتستمر فترة العلاج من ثلاثة إلي خمسة أيام وتحسب الجرعة للأطفال بواقع 20 ملليجرام /كيلوجرام مقسمة إلي جرعات وفي الأطفال يبادر إلي العلاج بالمواد الإستخلابية إذا تعدي منسوب الرصاص في الدم 80 ميكروجرام في الديسيليتر حتى وإن لم توجد أعراض ظاهرة.