تشخيص وعلاج التسمم-بوجه عام-

a.kannouta.kannout عضو ماسي
تم تعديل 2009/02/24 في علم السموم Toxicology
:تشخيص التسمم:

يبنى التشخيص على أمور عديدة هي ظروف الحادث والمشاهدات المسجلة في مكان وقوعه ثم العلامات المرضية التي ظهرت على المتسمم بالإضافة إلى نتائج التحاليل.

(1) ظروف الحادث وفحص المكان: إن أكثر الأمور إثارة للشبهة بالتسمم هو حدوث أعراض مرضية حادة متشابهة عند أشخاص تناولوا طعاماً أو شراباً واحداً. وجود بعض المواد الكيماوية أو الدوائية السامة في الغرفة. أو وجود زجاجات فارغة تستعمل لحفظ هذه المواد.

(2) العلامات المرضية: معظم الأعراض والعلامات التي تبدو على المتسمم ليست مميزة فيحدث كثيراً اعتبار حالة التسمم على أنها مرض طبيعي والعكس ممكن أيضاً إذ قد يشك بالتسمم في عدد من الأعراض الحادة التي تنتهي بالوفاة السريعة مثل التهاب البنكرياس النزيفي ، انثقاب معوي مما يؤدي إلي التهاب بريتوني حاد أو نزيف حاد في الدماغ مما يؤدي إلى غيبوبة. وأعراض التسمم متنوعة ويمكن تلخيصها في عدة نقاط أهمها:

(أ) الأعراض المعوية: وتتمثل في الغثيان والقيء والمغص والإسهال وهذه تقريباً تعتبر عامة في معظم التسممات وقد يدل لون القيء على نوع السم فالأزرق عند التسمم باليود والأصفر عند التسمم بحمض النيتريك أو البيكريك والأسود عند التسمم بالسموم الأكالة والأحمر دليل علي وجود أنزفة بالأغشية المخاطية وممكن الحدوث في حالات التسمم بالأسبرين ويدل القيء الذي يضيء في الظلام علي التسمم بالفسفور (وهو من المواد الشائعة الاستعمال في القضاء على الفئران) وللقيء رائحة خاصة مميزة مثل حالات التسمم بالسيانيد (رائحة اللوز المر) والفسفور اللاعضوي (رائحة الثوم).

(ب) الأعراض الكبدية: أكثر حدوثاً عند التسمم بالكلوربرومازين والفينيل بيوتازون وأدوية موانع الحمل والفوسفور والكلوروفورم والهالوثين ، وتتجلى في اليرقان (jaundice) في مختلف درجات الشدة وتضخم في الكبد.

(ج) الأعراض الكلوية: وتتجلى في قلة البول أو انقطاعه واحتوائه على البروتين والدم والإسطوانات (casts)، وهذه الأعراض أكثر شيوعاً مع التسمم بالزئبق وحمض الكربوليك (الفينيك) والأوكساليك وغيرها كما يظهر السكر في بول المتسمم بالأسبرين.

(د) الأعراض التنفسية: وتتمثل في السعال والزرقة وضيق التنفس مع الاحتقان والأوديما (oedema) الرئوية، وتتمثل هذه الأعراض خاصة في حالات التسمم بالأبخرة والغازات المهيجة ، كما يبطأ المعدل الطبيعي للتنفس في التسمم بالمورفين والباربيتيورات وغيرها من المهدئات والمنومات ، بينما يسرع في التسمم بالأتروبين والكوكايين والأسبرين والسيانيد وغيرها (المعدل الطبيعي للتنفس في البالغين حوالي 16 مرة في الدقيقة.

(هـ) الأعراض الدماغية: وتظهر نتيجة إصابة الجهاز العصبي المركزي وتأخذ أشكالاً متعددة:

*الغيبوبة (coma):كما هو الحال في التسمم بالمنومات والمهدئات والمورفين والكحولات والمبنجات العامة (general anesthesia) وغيرها.

*التشنجات (Convulsion ): كما هو الحال في التسمم بالإستريكنين والكوكايين والأمفيتامين والنيكوتين وخافضات السكر الدموي والمبيدات الحشرية ومضادات الهستامين في الأطفال وغيرها.

*الهياج (الهوس Mania): وهو يصادف التسمم بالكحولات والأتروبين والكوكايين والحشيش والأمفيتامين وغيرها.

(و) الأعراض الدموية: تتجلي في أشكال مختلفة من فقر الدم كما تغير بعض السموم تركيب الهيموجلوبين فيحوله أول أكسيد الكربون إلى كاربوكسي هيموجلوبين (carboxyhaemoglobin) وتحوله المركبات النيتيرية إلي ميتهيموجلوبين (methaemoglobin) وكلاهما غير صالح لنقل الأكسجين.

(3) التحليل: وهو الطريقة الوحيدة التي تؤكد التشخيص ويتم البحث عن السموم فيها بمرحلتين:

(أ) عزل السم واستخلاصه.

(ب) تعيين نوع السم وكميته.
:معالجة التسمم:
ليس من اللازم الوصول إلي تشخيص دقيق لنوع السم قبل البدء في العلاج بل الواجب التمييز بين التسمم بالسموم الأكالة والتسمم بغيرها في بادىء الأمر. ويعرف ذلك من تاريخ الحالة الذي يدل علي ظهور أعراض الألم المحرق من الفم إلي المعدة والقيء المتوالي بمجرد تناول السم. كما يعرف أيضاً من وجود علامات تأكل علي الملابس وحول الفم والرقبة وفي الشفتين وداخل الفم والحلق.

فإذا كان السم من النوع الأكال كان العلاج قاصراً علي إعطاء الترياق (المضاد للسم antidote) الذي يكون غالباً مواد ملطفة أو حامية للأنسجة من ازدياد التآكل كاللبن وزلال البيض بالإضافة إلي علاج عام للصدمة العصبية(neurogenic shock) الناشئة عن الألم الشديد وفقد السوائل بالقيء المتوالي وذلك بإعطاء المريض جرعة كافية من المورفين (5 - 10 مجم) ثم حقنه بمحلول الملح أو الجلوكوز 5 % في الوريد.

وإذا استثنينا السموم الأكالة فإن علاج الحالة يكون بما يلي:

(1) إخراج السم من المعدة:

(أ) تنبيه القيء: في كثير من الحالات يقيء المريض من أثر السم وعندئذ لا داعي لزيادة تعب المريض بتنبيه القيء. ومن الممكن تنبيه القيء بطريقة ميكانيكية وذلك بتكرار لمس الجدار الخلفي للبلعوم بخافض لسان خشبي أو يد ملعقة. ويمكن تنبيه القيء بمواد مقيئة ويعتبر أفضل وأقل أعراضاً جانبية وذلك باستخدام شراب عرق الذهب (syrup of Ipecac) حيث إنه ينبه مركز القيء في المخ (Chemoreceptor Trigger Zone) فيعطى البالغون 30 مللي لتر وهو ما يعادل ملء 2 ملعقة كبيرة, بينما يعطى الأطفال من عمر سنة إلى 12 سنة 15 مللي لتر، والأطفال من عمر 6 شهور إلى سنة 5 مللي لتر، ومن الممكن تكرار الجرعة مرة أخرى إذا لم يحدث قيء بعد نصف ساعة ولا تكرر الجرعة بعد ذلك حتى إذا لم يحدث قيء بعد الجرعة الثانية، ويجب ألا يعطى شراب عرق الذهب نهائياً للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 شهور وكذلك في حالات التشنج و الغيبوبة والتسمم بالسموم الأكالة أو الطيارة، كما لا ينصح باستخدام محلول مركز من كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) لأنه يؤدي إلى رفع نسبة الصوديوم في الدم مما قد يؤدي إلى نزيف في المخ وتشنجات.

(ب) غسيل المعدة: قد لا تجدي المقيئات إذا كان مركز القيء مخدراً أو مشلولاً كما في حالات التسمم بالمخدرات أو التسمم بحمض الفينيك وعندئذ لابد من غسيل المعدة. ويمنع منعاً باتاً غسل المعدة في حالات السموم الأكالة تجنباً لحدوث تمزق بالبلعوم أو المعدة مما يؤدي إلي حدوث مضاعفات خطيرة قد تودي بحياة المريض.

ويجري ذلك بإدخال أنبوبة من المطاط إلي المعدة عن طريق الفم ويستحسن أن تكون مصنوعة من مطاط خاص طولها حوالي 100 - 150 وقطرها حوالي 1- 5 ,1 سم.

(2) وقف امتصاص السم: وذلك بإعطاء:

(أ) الفحم النباتي النشط: بجرعة تتراوح من 50 إلي 100 جرام

(ب) المسهلات (cathartics): مثل سترات الماغنسيوم وسترات الماغنسيوم والسوربيتول (sorbitol), ويعتبر السوربيتول من أفضل المسهلات ومن الممكن أن يضاف إلي الفحم النشط والجرعة حوالي 1-2 ملليليتر من السوربيتول بتركيز 70% لكل كيلو جرام من وزن الجسم.

(3) الترياقات (antidotes): الترياق هو الدواء الذي يعطي للمتسمم لتخليصه من الآثار السيئة الناجمة عن تناول السم . وتقسم الترياقات إلي ثلاثة أنواع :

(ا) الترياق الميكانيكي: هو الدواء الذي يؤثر بطريقة ميكانيكية كالفحم النشط الذي يمتز (adsorb ) بعض السموم ويمنع امتصاصها وزلال البيض والحليب وغيرهما من المواد التي تقي الغشاء المخاطي للجهاز الهضمي من تأثير السموم الأكالة والمهيجة وزيت البارافين الذي يفيد في التسمم بالمواد التي تذوب في الدهون لأنه يذيب هذه السموم ويمنع امتصاصها من الجهاز الهضمي.

(ب) الترياق الكيميائي: هو العلاج الذي يتحد مع السم فيحوله إلي مركبات غير سامة أو قليلة السمية مثل برمنجانات البوتاسيوم الذي يؤكسد أشباه القلويات فيفقدها سميتها والبال (BAL) الذي يتحد بالزرنيخ فيمنع تأثيره السام.

(ج) الترياق الفسيولوجي: وهو الذي يؤثر في الجسم تأثيراً فسيولوجياً يعاكس تأثير السم كالأتروبين الذي يعاكس تأثير بعض المبيدات الحشرية.

(4) طرد السم من الجسم: تهدف هذه المعالجة إلي تسريع إفراغ السم من الجسم وهي الطريقة الوحيدة الناجحة في كثير من حالات التسمم ويمكن تحقيق ذلك بطرق مختلفة:

(أ) الإفراغ الكلوي:
وهي الطريقة المفضلة شريطة أن تكون الكلية الطريق الطبيعي لطرد السم ومستقلباته وأن تكون وظيفتها جيدة، وذلك عن طريق إدرار البول بحقن المانيتول ويحتاج الأمر في بعض الحالات إلي تغيير التوازن الحمضي القلوي للبلازما والبول لزيادة سرعة إفراغ السم كما هو الحال في التسمم بالباربيتورات (Phenobarbital) حيث يزيد من إخراجه من الجسم مع زيادة قلوية البول) (alkalinization) والعكس صحيح في حالة التسمم بالأمفيتامين.

(ب) الغسيل البريتوني: (peritoneal dialysis) يشترط أن يكون السم قابل للنفوذ بسهولة وأن يكون مقداره في الدم عالياً ويلجأ إلي هذه الطريقة عند وجود فشل كلوي مثل في حالة التسمم بالأسبرين والكحول الميثيلي وغيرها.

(ج ) الغسيل الدموي (hemodialysis): ويعتبر أكثر كفاءة من الغسيل البريتوني ويشترط أن يكون مقدار السم في الدم بنسبة عالية وأن يكون درجة تماسكه بالبروتين والدهون قليلة أما إذا كانت حالة تماسكه بالبروتين والدهون عالية يفضل في هذه الحالة وضع بروتين أو دهون في سائل الغسيل ليسهل عملية إخراج السم مثل حالات الباربيتيورات قصيرة المفعول.

(د) جهاز تنقية الدم بالإدمصاص (hemoperfusion): وهي طريقة لاستخلاص السم من الجسم عن طريق الفحم النباتي النشط أو الراتنجات (resin) ويفضل استخدامها للسموم ذات الوزن الجزيئي العالي ودرجة تماسكه بالبروتين والدهون عالية وتركيزه في الدم بنسبة قليلة مثل حالات التسمم بمضادات الاكتئاب والفينوثيازين.

(5) معالجة الأعراض: وهو معالجة الأعراض الناتجة عن تناول السم مثل إعطاء مسكنات في حالات الألم ومهدئات في حالات التشنجات واستخدام التنفس الصناعي في حالة الفشل التنفسي .