وقاية طبيب الأسنان من أخطار المهنة

بواسطة د. عمار المصري
يتعرض طبيب الأسنان و الكادر الطبي المساعد له للكثير من المخاطر و حتى ذويهم و أهلهم قد لا يكون لهم مهرب في بعض الأحيان من هذه المخاطر و التي يفرضها الاحتكاك اليومي معهم ( ما يصطلح عليه بالانتقال الأفقي ) أو حتى من العاملة الصحية الحامل إلى جنينها في بعض الأحيان ( الانتقال العمودي ) .
و قد شملت هذه الأخطار مختلف مجالات الحياة اليومية للعامل الصحي سواء النفسية منها و الاجتماعية و الصحية و حتى القانونية .
و من خلال الانتباه و الوعي الزائد في الآونة الأخيرة تجاه هذه الأخطار فقد تم طرح الكثير من المشاكل و الحلول و الاقتراحات و التدابير للعمل على درء هذه المخاطر و الحيلولة دونها أو حتى تلطيفها إن حدثت .


معدات الوقاية الشخصية Personal Protection
إن استعراض المخاطر الإنتانية المختلفة التي يواجهها كل من طبيب الأسنان والكادر المساعد والعاملين الصحيين بشكل عام - وبالرغم من القول المسلم به حول كون الطريقة الوحيدة للوقاية من الإنتقال الإنتاني هو باعتبار كل مريض في العيادة السنية بكونه حاملاً لعامل ممرض إنتاني - يتوجب على الطبيب إتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات الوقائية للسيطرة على الإنتان في العيادة بما يتناسب مع الإجراء العلاجي المقدم وحسب حالة المريض المتوقعة .
وتشمل هذه الإجراءات ما يلي:
تقييم المريض Patient Evaluation
يلقى الكثير من المرضى استحساناً من الطبيب عندما يأخذ وقتاً قصيراً لاستجوابهم حول القصة المرضية شريطة ألا تكون مفصلة جداً بحيث تكون مزعجة للمريض. والهدف منها أولاً أخذ فكرة عن الحالة الصحية الحالية العامة له وإن كان يعاني من مرض عام معين والهدف الثاني هو محاولة لتحديد المرضى الحاملين لعوامل إمراضية قابلة للإنتقال وتحديد المرضى المنتمين للمجموعة عالية الخطورة مثل عاملي بنوك الدم – متعاطي المخدرات– مرضى وكوادر العمل في سياق غسيل الكلية Hemodialysis والمرضى الذين يحتاجون بشكل مستمر لنقل الدم أو عوامله مثل مرضى الناعور أو الفوال والاتصال الجنسي العشوائي بالإضافة إلى المسافرين المتنقلين عبر الدول.
ومن الضروري ملء بطاقات خاصة لكل مريض مع القصة المرضية العامة والسنية علماً بأن هذه المعلومات ليست بالضرورة قاطعة أو دقيقة مع الحاجة إلى الإعتماد على فحوص دموية أو غيرها , لذلك يتوجب اعتبار كل مريض ناقل للعدوى حتى يثبت العكس.
يجب ألا ننسى ضرورة إعادة تقييم مرضانا كل فترة (سنوياً مثلاً ) مع استشارة الطبيب التخصصي دوماً حيثما يلزم الأمر.
إن الإنحلال الخلقي إضافة إلى تحسن وسائط النقل وسرعتها , أدى ذلك كله إلى سرعة وسهولة انتشار الإنتان عبر العالم , إضافة إلى حالات سوء السيطرة على الإنتان مع عدم التوافر المناسب للصادات الحيوية واستعمالها , كله يفرض ضرورة الدقة في الإجراءات الوقائية المُتبعة.
العناية الفردية Individual Personal Care
وتبدأ من ضرورة غسيل اليدين بشكل جيد بصابون مطهر أو بمحاليل مطهرة وبأنواع تحول دون إثارة الجلد وإحداث مشاكل تحسسية فيه ويكون ذلك قبل البدء بعلاج كل مريض وبعد الإنتهاء من العلاج .
ضرورة الحفاظ على الأظافر مقصوصة بشكل دائم.
ضرورة عدم ارتداء الجواهر والحلي من ساعات وخواتم وأطواق.
ضرورة استخدام أحذية خاصة بالعيادة أو مكان العمل مع إمكانية تطهيرها دائماً.
استخدام أغطية معقمة أو قابلة للتعقيم ,
ويفضل استخدام الأرواب ذات الأكمام الطويلة والياقة المرتفعة .
التلقيح و التمنيع Vaccination and Immunization
حيث يتوجب على كل العاملين في المجال الصحي أن يأخذوا اللقاحات المناسبة لحمايتهم و تمنيعهم تجاه العديد من الأمراض القابلة للانتقال إليهم .
التقنيات الحاجزية Barrier Techniques
حيث تشكل حاجز فيزيائي بين الجسم و مصدر الإنتان و منها :
1. القفازات Gloves :
فارتداؤها يحمي من التماس بين الجلد ( و ما قد يحتويه من إصابات مجهرية ) مع كلٍ من الدم و اللعاب ، كما أنها تحمي من النقل المباشر للعامل الممرض إلى داخل النسيج عبر الإصابة بالأدوات الحادة .
يتوجب غسيل اليدين قبل ارتداء القفازات و بعد نزعها و قبل البدء بعلاج مريض آخر .
لا يُنصح أبداً بغسيل أو تطهير القفازات , بل يتوجب تغيرها , و ذلك لإمكانية حدوث تفرقات غير منظورة في بنية القفازات .
ضرورة اختيار الأنواع الجيدة من القفازات , إذ لوحظ أن أكثر من 80 % منها قد تتعرض للإنثقاب أثناء العمل و أن نصفها يصبح نفوذاً للجراثيم بعد عدة ساعات من العمل لذلك يُنصح بتغييرها كُل ساعة أثناء الأعمال الطويلة .
للقفازات أنواع عدة و هي :
· قفازات النايلون ( الشفافة ) .
· قفازات اللاتكس النظيفة و غير المعقمة Latex ( لإجراء الفحص العام ) .
· القفازات المعقمة و المستخدمة أثناء الإجراءات الجراحية أو في التي يُتوقع فيها حدوث انثقاب .
· القفازات ذات التحمل الكبير و التي غالباً ما تستخدم عند تنظيف الأدوات و التعامل مع المواد الكيميائية .
و لا ننسى طبعاً ضرورة تضميد أي جروح أو بثور أو قرحات على الجلد قبل ارتداء القفازات .
و إذا تمزق القفاز أثناء العلاج , يتوجب التخلص منه و غسل اليدين ثم ارتداء قفاز جديد غيره .
2. الأقنعة Masks :
- عند تحضير الأسنان تنطلق جزيئات محمولة هوائياً صلبة من أجزاء السن و سائلة من دم و لعاب و ما يحتويانه و تمتلك هذه الجزئيات و التي تكون بقطر أكبر من ( 50 نانومتر ) قوى نافذة أكبر من القوة الاحتكاكية للهواء و تكون ذات طبيعة مرنة .
إن أكبر تركيز للعضويات و الجزيئات الناجمة عن الرذاذ يتواجد على بُعد 2 قدم إلى الأمام من المريض و إن القطيرات المتوضعة على السطوح المختلفة تترك بعد تبخر الماء منها النواة الممرضة التي تحملها و تكون بقطر أقل من / 50 نانومتر /.
و لوحظ في الدراسات أنه بعد / 35 دقيقة /من تشغيل التوربين لمدد تتراوح من 1,5 - 50 دقيقة من الإجراءات العلاجية لوحظ زيادة و قدرها 250 % عن المستوى الموجود قبل البدء بالعلاج
و بعد تشغيل أجهزة التقليح فوق الصوتي و لمدة 30 دقيقة حدث زيادة في التعداد الجرثومي بمقدار وصل إلى 3000 % .
وهكذا فإن ارتداء الاقنعة أمر ضروري لكل المساعدين الموجودين في ساحة العمل مع الطبيب و ذلك لأنها تحمي من خلال التماس المباشر بين الرذاذ و ما يحمله من الأغشية المخاطية الفموية و الأنفية , كما تحمي من استنشاق العوامل الممرضة عبر الهواء و التغلغل الرطوبي .
الأقنعة تتكون من ألياف صناعية وأحيانا ً زجاجية و الأنواع الحديثة تحجز جزئيات تصل إلى 0.3 نانومتر حيث تشكل كفاءة حجز تصل إلى 99 % .
يتوجب نزعها و تغييرها كل 20 دقيقة عمل .
و في الحالات التي تكون الإمراضية فيها كبيرة و خطيرة مع توقع زمن احتكاك طويل نسبياً مع المريض يمكن استعمال النوع Particulate Respirator Masks (PRM) و التي تتمتع بانطباق أكبر على الوجه و لكنها غير مريحة و التنفس فيها صعب و بالرغم من انطباقها المحكم و بنيتها فإن وجود خرق فيها سيعمل على تشكيل نفق مناسب جداً لعبور العضويات الممرضة, لذلك فهذه الأنواع تحتاج إلى تدريب جيد عليها و لاستخدامها في ظروف خاصة .
3. النظارات الواقية Protective Eye-Glasses :
حيث تعمل على الحماية من الأجزاء الكبيرة المتطايرة و ما قد تسببه من أذى . إضافةً إلى عملها على منع وصول قطرات الرذاذ المتطايرة من التوربين أو السيرنغ و الحفرة الفموية إلى الأغشية المخاطية للعين .
يتوجب غسلها و تطهيرها بعوامل غير ضارة بخواصها و ذلك بين مريض و آخر , إضافة ًإلى غسلها لدى تلوثها .
و هنالك ما يسمى بقناع الوجه و الذي يعمل على تغطية الوجه من الجبهة و حتى أسفل الذقن .
و يجب ألا ننسى في الحالات الخاصة ضرورة استخدام النظارات الواقية للمريض أيضاً منعاً للتلوث بالإنتان .
4. الحاجز المطاطي Rubber Dam :
ويستخدم للإقلال من الرذاذ المتطاير من المريض و التسرب الجرثومي المرافق و طبعاً إضافةً لحماية المريض كما أنه يقلل من التماس المباشر مع بقية النُسج .
5. الثياب Clothing :
تحدثنا عنها في سياق الوقاية الشخصية .
6. أغطية السطوح Surface Coverings :
يكون الكثير من السطوح في العيادة السنية عرضة للتلوث أثناء العمل سواء بالرذاذ اللعابي أو الدموي , إضافةً لأصابع الطبيب ، لذلك يتوجب على السطوح المختلفة في ساحة العمل أن تكون غير نفوذة للماء – صقيلة ملساء غير خشنة – قابلة للتطهير – لا تحتوي على تفاصيل معقدة صعبة المنال و الوصول إليها عند التطهير .
كما يتوجب أن تُغطى برقاقات الألمنيوم أو أغطية بلاستيكية نبوذة ليتم نزعها باستخدام اليدين المغطيتين بالقفازات طبعاً و يتم التخلص منها عند الانتهاء من العلاج لُتسبدل بمجموعة جديدة و من هذه السطوح :
- قبضات الضوء – مساند الرأس – مآخذ القبضات – وحدات التحكم – ساق القبضة – رأس سيرنغ هواء / ماء – سطح الصينية – مفتاح الجهاز – الأشعة .....
- استخدام إجراءات الوقاية هذه مع كل مريض
7. الحواجز البلاستكية المختلفة :
كالتي تستخدم في سياق استخدام رأس الإبر ذات الاستعمال الواحد حيث تساعد الطبيب على التخلص منها دون فرصة تأذيه .
و كذلك هنالك أدوات تستخدم للتخلص من الأدوات الحادة الأخرى مثل شفرات المشارط و غيرها .
8. الحواجز الكيميائية لإنقاص الرذاذ الملوث و لإنقاص الحمل الممرض في الفم :
و ذلك بجعل المريض يتمضمض و يغسل فمه بالماء أو بمادة مطهرة مثل كلورهيكسيدين غلوكونات بتركيز 0.12 % حيث وجد أنه ينقص التعداد الجرثومي إلى 90 - 98 % و ذلك لمدة تزيد عن 5 ساعات بالمقارنة مع استعمال المضامض المائية فقط أو الحاوية على الكحول .
9. الحواجز الإجرائية لإنقاص الرذاذ الملوث :
و ذلك باللجوء إلى :
غسيل القبضة بتشغيلها بين المريض و الآخر لمدة 30 ثانية و كذلك بتشغيلها قبل بدء العمل صباحاً لمدة 3 دقائق و بعد الانتهاء منه في نهاية الدوام .
التخلص من النفايات الحادة و الصلبة مثل إبر – شفرات و غيرها , يكون بوضعها ضمن حاويات غير قابلة للإنثقاب و كذلك الأمر بالنسبة للمخلفات الأخرى بحيث تكون غير قابلة للتسرب .
10. أجهزة التخلية عالية الطاقة و أجهزة التهوية و حيدة الاتجاه
High potential vacuum / ventilation
و هي ليست حواجز حقيقية و لكنها تعمل على الإقلال من الحمل الجرثومي و الممرض العام سواء من داخل الحفرة الفموية بالنسبة لأجهزة التخلية العالية الطاقة بإقلالها من اللعاب والرذاذ و الدم و منع المريض من الانتقال كل لحظة إلى المبصقة لينثر ما بفمه في كل مكان هذا إذا ما رأى المبصقة أصلاً .
و ضرورة سحب الماء النظيف عند استخدام الماصة بين الحين والآخر أثناء العمل.
أما بالنسبة لأجهزة التهوية وحيدة الإتجاه و خاصةً تلك القادرة على تغيير هواء الغرفة كاملاً 6 - 12 مرة خلال الساعة الواحدة .
أجهزة التحميض الخارجية ( المستقلة عن الغرقة المظلمة )
يتم التعامل معها وفق ما يلي :
1. وضع الأفلام بكأس بلاستيكي أو ورقي بعد الإنتهاء من تصويرها .
2. نزع القفازات ثم نقل الكأس إلى داخل الجهاز .
3. ارتداء القفازات ثم إدخال اليدين و فتح الأفلام كلها وبطريقة بحيث يتم وضع الفيلم على السطح الداخلي النظيف للعلبة دون لمسها بالقفازات .
4. التخلص من الأغلفة الخارجية ثم نزع القفازات ( درءاً للكهرباء الساكنة ) لمتابعة عملية التحميض .
الحواجز الميكانيكية في سياق إنقاص الرذاذ الملوث :
و تشمل تصميم الجهاز السني و محتواه من تقنيات تحول دون انتشارالإنتان و سنتكلم عن ذلك بشيء من التفصيل :
إن المرضى الخاضعين للمعالجة السنية و كذلك الطبيب و الكادر المساعدة معرض للإنتقال الإنتاني إليهم عبر أنابيب المياه المستعملة في الوحدة السنية و ما لذلك من خطر على السليمين منهم و بشكل أكبر على أولئك الذين ينتمون للمجموعات عالية الخطورة .
و تمَّ البحث عن تطبيق وسائل تعقيم أو تطهير مصادر المياه هذه بشكل متكامل مع الجهاز أو بشكل منفصل و خاصةً في سياق الإجراءات العلاجية الجائرة .
في بداية السبعينات قام et al Abel في مركز الصحة السنية في بريطانيا بدراسة عن طريق أخذ عينات من ماء رذاذ التوربين و بفاصل كل ساعتين و قاموا بإجراء زرع جرثومي لهذه العينات , فكانت النتائج بعد 48 ساعة من العمل تشير إلى :
· وجود مستويات من الجراثيم أعلى من المستويات المقبولة في ماء الشرب و بشكل كبير .
· لوحظ ان مستوى الجراثيم في العينة الصباحية قبل البدء بالعمل كانت أكبر مما هي عليه في فترة الاستعمال , كما لوحظ هذا الإرتفاع أيضاً بعد خمود الجهاز في فترات الراحة عند الظهيرة .
و في دراسة et al Gross لوحظ وجود مستويات غير مقبولة من التلوث البكتيري في انابيب المياه المغذية لكل من التوربين وأجهزة التقليح فوق الصوتية , كما يلاحظ وجود ارتفاع كبير بعد أيام عطلة نهاية الأسبوع , و بالرغم من ذكرهم بأن عملية تشغيل التوربين مثلاً لمدة دقيقتين قبل البدء بالعمل صباحاً سوف يخفض 98 - 99.2 % من محتواها إلا أن ما يتبقى من البكتريا ما يزال فوق المستوى المقبول .
وهكذا و نتيجةً للمتابعة و الجهود المبذولة بين كلٍ من أطباء الأسنان و الشركات المصنعة و الأبحاث العلمية الحثيثة حول موضوع ارتفاع التواجد الجرثومي في خطوط تغذية مياه الأجهزة و خطر الإنتان العابر تم التوصل إلى أن هذا التواجد الجرثومي يرتفع فيها بسبب :
· الركودة في خطوط المياه .
· العَوَد الفيزيائي للسوائل الناجم عن الوقوف المتقطع للجريان المائي ضمن الجهاز .
و بالتالي تداركت هذه الدراسة الكثير من النقاط بما فيها الأنابيب الداخلية لنظام تزويد المياه , حيث ذكرت عدة نقاط مثل الرائحة الصادرة عن أول دفعات رذاذ تصدر عن الجهاز عند بداية تشغيله صباحاً , و كذلك الإنسداد المرافق أحياناً لنظام جريان الماء , و أيضاً العوامل الممرضة المتشكلة داخل الأنابيب
و ذكرت الدراسة وجود مادة صلبة قد تعمل على انسداد الأنابيب في الأجهزة , و تبين بالفحص أنها عبارة عن مادة هلامية خاملة
و من العوامل المؤدية لتشكلها :
· طبيعة المادة البلاستيكية المستخدمة في الأنابيب .
· عمر هذه الأنابيب .
· طبيعة الجريان داخل الأنابيب ( فيما إذا كانت مستقيمة أو بشكل لولبي ) .
و تبين أن هذه العوامل تعمل على نزع رواسب من اللمعة الداخلية للأنابيب و تساهم في تشكل السدادة .
لذلك تبرز من هنا أهمية جودة المادة المصنوعة منها الأنابيب و كذلك زمن استعمالها و شكلها و ما له من تأثير في تخفيف تمركز الإنتان ضمنها .
منقول من موقع dentalgates

التعليقات

  • تم تعديل 2008/12/01
    مشكور كتير د.علي عالنصايح المفيدة
    وجزاك الله خير