اختلاطات قلع الأسنان وتدابيرها الاختلاطات الموضعية (1)

مقدمة Introduction:
إن اختلاطات قلع الأسنان متعددة ومتنوعة، فبعضها يمكن أن يحدث حتى عند تطبيق العناية القصوى أثناء القلع، ولكن يمكن تجنب بعضها الآخر إذا تم تطبيق الطريقة الصحيحة المتبعة للتعامل مع الصعوبات المشخَّصة أثناء التقييم الدقيق قبل القلع، وهذا ما يمكن تحقيقه بواسطة الطبيب الذي يلتزم بالمبادئ الجراحية أثناء القلع. وفي ما يلي سنتناول أهم الإختلاطات الموضعية والعامة التي يمكن أن تحدث أثناء قلع الأسنان أو بعد القلع وكيفية تدبيرها.
أولاً: الاختلاطات الموضعيةLocal Complications :
1. الفشلFailure :
- الفشل في تأمين التخدير Failure to Secure Anaesthesia:
يحدث الفشل في تأمين التخدير عادة بسبب التقنية الخاطئة في التخدير أو الجرعة غير الكافية من المادة المخدرة. فمن الصعب قلع السن بشكل جيد ما لم يكن للطبيب والمريض ثقة تامة بالتخدير ودوره بالعمل المراد إجراؤه، وعند استخدام التخدير الموضعي يجب اختبار فعاليته وتأثيره قبل البدء بالقلع. وبعد التوضيح للمريض أنه على الرغم من أنه يمكن أن يشعر بضغط فيجب ألا يشعر بأي إحساس بحدّة المسبر الكليل الذي يُدفع بقوة داخل العنق اللثوي على السطوح الدهليزية واللسانية للسن المراد قلعه، فإذا لم يشعر المريض بشيء يكون قد تم تأمين التخدير، أما في حال شعوره بالضغط دون الألم يكون قد تم تحقيق التسكين ولكن يشير الألم إلى ضرورة حقن كمية إضافية من المحلول المخدر.
- الفشل في قلع السن باستخدام الكلابة أو الرافعة Failure to Remove The Tooth with Either Forceps or Elevator:
في حال فشل الطبيب في إحداث استجابة عند تطبيق قوة معتدلة باستخدام الكلابة أو الرافعة عندها يجب وضع هذه الأدوات جانباً والبحث عن سبب الصعوبة في القلع، وفي معظم الحالات يكون قلع السن أفضل باللجوء لتجزئته.
2. الكسور Fractures:
- كسر تاج السن المراد قلعه Fracture of Crown of Tooth Being Extracted :
قد يكون كسر تاج السن أثناء القلع أمر لا يمكن تجنبه إذا كان السن ضعيفاً بسبب النخر أو وجود حشوة ترميمية كبيرة أو المعالجة اللبية، وهنا يجب تنبيه المريض قبل البدء بالقلع باحتمال انكسار السن أثناء القلع. ومع ذلك فإنه عادة ما يحدث بسبب تطبيق قوة زائدة أو غير مدروسة، أو التطبيق غير الملائم للكلابة على السن كتطبيق فكي الكلابة على التاج بدلاً من الجذر أو بشكل لا يتوافق مع المحور الطولي للسن. فعندما يختار الطبيب الكلابات ذوات الرؤوس العريضة جداً والتي لا تتناسب مع شكل محيط عنق السن فإنها تعطي نقطة تماس واحدة فقط وهنا يمكن أن ينكسر السن عند إمساكه. وإذا لم تُمسك قبضتي الكلابة معاً بثبات فإن فكي الكلابة يمكن أن ينزلقا من على الجذر وينكسر تاج السن. إن السرعة هي السبب الأساسي لجميع هذه الأخطاء التقنية والتي يمكن تجنبها عندما يعمل الطبيب بشكل نظامي ومنهجي. وإن تطبيق قوة زائدة كجهد للتغلب على المقاومة عند القلع هو إجراء غير مبرَّر ويمكن أن يؤدي لكسر تاج السن.
عندما يحدث الكسر التاجي Coronal Fracture فإن الطريقة المستخدمة لإزالة الجزء المتبقي من السن ستُحدد عن طريق كمية الجزء المتبقي من السن وسبب حدوث الكسر، وأحياناً فإن التطبيق الإضافي للكلابة أو الرافعة سيمكننا من قلع السن وفي بعض الحالات يجب استخدام طريقة القلع عبر السنخ Trans-alveolar Method .
- كسر جذر السن المراد قلعه Fracture of Root of Tooth Being Extracted :
يمكن التقليل من حدوث كسور الجذور التي تفاجئنا أحياناً أثناء القلع عندما يؤخذ بعين الإعتبار صعوبة شكل جذر السن المراد قلعه. إن العوامل المسببة لكسر التاج يمكن أن تسبب أيضاً كسر الجذور وإن تجنب هذه الأخطاء ستقلل من حدوث هذا الإختلاط، وعلى الرغم من أن جميع أجزاء الجذور يجب إزالتها بشكل عام فمن الحكمة الإبقاء عليها في حالات محددة. ويمكن تعريف ذروة الجذر Root Apex بأنها الجزء الذروي من الجذر الذي لا يتجاوز طوله الأعظمي 5 مم، وقد يكون من الضروري إزالة كميات كبيرة من العظم للوصول لمثل هذه الذرى وإزالتها. ونادراً ما تسبب الذرى المتبقية للأسنان الحية عند المرضى ذوي الصحة الجيدة مشاكلاً كالإنتان أو رد فعل على أنها جسم أجنبي، وفي معظم الحالات يجب أن تُترك إلا إذا كانت متوضعة في أماكن تكون فيها عُرضة لأن تصبح مكشوفة عند وضع الأجهزة السنية أو حدوث أعراض.
يشمل قلع الثلث الذروي من الجذر الحنكي للرحى العلوية إزالة كمية كبيرة من العظم السنخي، كما يمكن أن يتعقد الوضع بدفع هذا الجزء داخل الجيب الفكي أو خلق اتصال فموي جيبي، لذا من المفضل ترك مثل هذه الأجزاء في معظم الحالات وتترك تحت المراقبة، وعندما يستطب إزالتها يجب أن يسبق هذا الإجراء الفحص الشعاعي ومن ثم إزالتها بواسطة طبيب ذو خبرة باستخدام الطريقة عبر السنخ Trans-alveolar Method. وكذلك الأمر عند قلع الثلث الذروي للأرحاء السفلية حيث لا يؤدي قرار إزالة هذه الذرى إلى أذية العصب السني السفلي.
عندما ينكسر السن أثناء القلع يجب أن يحاول طبيب الأسنان التحقق من السبب بواسطة الوسائل السريرية وأحياناً الشعاعية في بعض الحالات. وعادة ما يقدم فحص جزء السن الذي تم إزالته دليلاً مفيداً لمعرفة كلاً من حجم وتوضع الجزء المتبقي من السن، بعد ذلك يجب تقييم كلاً من الزمن والتسهيلات المتطلبة لإتمام عملية القلع، فإذا كان أحد أو كلا هذه المتطلبات غير متوفر يجب أن لا يحاول الطبيب إزالة الجزء المتبقي، ولكن يجب عليه إزالة أي نسيج لبي مكشوف وتغطية هذه الأجزاء بضماد من أكسيد الزنك والأوجينول. بعد ذلك يجب وضع الترتيبات لإزالة تلك الأجزاء بواسطة الطبيب نفسه أو بمساعدة زميله تحت الظروف التي تؤمن النجاح. ونادراً ما يكون الألم التالي عرضاً لمثل هذه الحوادث إذا تم اتباع هذه الطريقة ولم تُمزّق الأنسجة الداعمة بالمحاولات العقيمة وغير الملائمة والعجولة لإتمام عملية القلع.
- كسر السن المجاور أو المقابلFracture of Adjacent or Opposing Tooth :
يمكن تجنب كسر السن المجاور أو المقابل أثناء القلع، حيث يبين الفحص الدقيق قبل القلع فيما إذا كان السن المجاور للسن المراد قلعه منخوراً أو مرمماً بحشوة كبيرة. وإذا كان السن المراد قلعه هو دعامة لجسر فهنا يجب تقسيم الجسر بالأقراص الماسيّة الفاصلة قبل القلع، كما يجب إزالة النخور والحشوات الناقصة أو الزائدة من الأسنان المجاورة ووضع الحشوات المؤقتة قبل القلع. ويجب أن لا تُطبق أي قوة على أي سن مجاور أثناء القلع، وأن لا تُستخدم الأسنان الأخرى كنقطة ارتكاز للرافعة إلا في حال قلعها في نفس الجلسة. ويمكن أن تنكسر الأسنان المقابلة إذا خضع السن المراد قلعه لقوة غير مُسيطر عليها وارتطمت الكلابة بها، لذا فإن تقنيات القلع المسيطر عليها بحذر تمنع حدوث هذا الإختلاط.
يمكن أذية عدة أسنان أثناء إجراء القلع تحت التخدير العام بواسطة الإستخدام الطائش لفواتح الفم Mouth Gags والدعامات Props. ويجب ملاحظة وجود الأسنان المرممة بحشوات كبيرة أو الأسنان المتحركة وكذلك التيجان والجسور وأخذها بعين الإعتبار من قبل المخدِّر، حيث يجب تجنب مثل هذه الأسنان أثناء إدخال فواتح الفم أو الدعامات، ويفضل إذا أمكن عدم استخدام فواتح الفم. كما يجب وضع فواتح الفم والدعامات تحت الرؤية المباشرة أو توجيهها بواسطة طبيب الأسنان في حال إدخالها من قبل المخدِّر الواقف خلف المريض.
- كسر العظم السنخيFracture of Alveolar Bone :
إن كسر العظم السنخي هو اختلاط شائع لقلع الأسنان، حيث يبين فحص الأسنان المقلوعة التصاق شظايا من العظم السنخي بعدد منها. وهذا يمكن أن يكون بسبب الاحتواء العرَضي للعظم السنخي بين فكّي الكلابة
أو نتيجة لتطبيق قوى زائدة على الصفيحة السنخية سواءً الدهليزية أو اللسانية أو بسبب شكل الجذور أو شكل السنخ أو التغيرات المرضية في العظم نفسه.
يمكن الوقاية من كسر الصفائح السنخية ولا سيما الصفيحة الدهليزية بتثبيت السنخ أثناء القلع وقلقلة السن أو الجذر بشكل جيد قبل إزالته بواسطة الكلابة أو الرافعة حتى لا نضطر لتطبيق قوة كبيرة لإزالته. ويجب إزالة النتوءات العظمية الحادة باستخدام مقراض العظم وتنعيم الحواف العظمية بمبرد العظم. وعادةً ما يختلط قلع الأنياب بكسر الصفيحة الدهليزية وخاصة عندما يكون العظم السنخي ضعيفاً بسبب قلع الرباعية و/أو الضاحك الأول قبل قلع الناب، وإذا تم التخطيط لقلع الأسنان الثلاثة هذه في نفس الجلسة فإن احتمالية حدوث كسر الصفيحة الدهليزية ستقل في حال قلع الناب أولاً. ويُنصح بإزالة أي شظية من شظايا العظم السنخي التي فقدت أكثر من نصف اتصالها السمحاقي بواسطة مسكها بملقط وعائيHaemostatic Forceps وتسليخ النسج الرخوة عنها برافع سمحاق Periosteal Elevator.
- كسر الحدبة الفكيةFracture of Maxillary Tuberosity :
يمكن أن نشعر أحياناً بحركة العظم الداعم والحدبة الفكية مع السن أثناء قلع الأرحاء العلوية وخاصة الرحى الثالثة العلوية، هذا الحدث عادة ما يكون بسبب اتساع الجيب الفكي وشموله الحدبة الفكية والذي يكون شائعاً عند وجود رحى علوية مُفردة وخصوصاً إذا كان السن متطاولاً.
عندما يحدث الكسر من الهام جداً المحافظة على السمحاق لتأمين التروية الدموية منعاً لحدوث التموت وتُثبت الحدبة المكسورة بالجبائر، أما إذا كانت الحدبة الفكية قد فقدت ترويتها الدموية فيجب وضع الكلابة جانباً ورفع شريحة مخاطية سمحاقية دهليزية كافية، بعدها يجب تحرير الحدبة المكسورة والسن من الأنسجة الرخوة الحنكية بواسطة التسليخ الكليل ورفعها من الجرح، بعد ذلك تُقرّب شريحتي النسج الرخوة على حواف الجرح باستخدام الخياطة المربعةMattress Suture التي تقلب الحواف وتترك في مكانها لمدة عشرة أيام.
إذاً الشرط الأساسي للإبقاء على الجزء المكسور من الحدبة هو ضمان بقاء اتصاله مع السمحاق لكي لا يتموت العظم. ونستأصل الحدبة الفكية المكسورة عندما:
·يفقد الجزء المكسور من الحدبة الفكية اتصاله مع السمحاق.
·يكون الجزء المكسور من الحدبة صغيراً جداً، حيث يُقلع السن مع الجزء المكسور.
·يكون الألم هو السبب الرئيسي لقلع السن دون إمكانية تخفيف الألم بفتح الحجرة اللبية مثلاً.
إذا حدث هذا الإختلاط في أحد طرفي الفك العلوي يجب تنبيه المريض أنه من المحتمل أن يكون الطرف الآخر من الفك عرضة لحدوث مثل هذا الإختلاط عند إجراء قلع مشابه. وعندما تبين الصور الشعاعية قبل القلع إحتمالية حدوث هذا الإختلاط فمن الممكن تقليل خطر كسر الحدبة الفكية عن طريق قلع السن بحذر ودقة تامين.

- كسر الفك السفليFracture of Mandible :
يمكن أن يحدث كسر الفك السفلي كاختلاط لقلع السن عند تطبيق قوة مفرطة أو خاطئة أو عند وجود تغيرات مرضية تُضعف الفك، لذا يجب عدم استخدام القوة الزائدة عند قلع الأسنان. ففي حال لم يستجب السن للضغط المعتدل عندها يجب البحث عن السبب ومعالجته. وغالباً ما يحدث كسر الفك السفلي عند قلع الأرحاء الثالثة السفلية نتيجة لتطبيق قوى وحشية مفرطة عند استخدام الروافع وخاصة إذا كان توضع الرحى غير مستحب، ويحدث الكسر هنا في منطقة الزاوية لأنها المنطقة الأضعف.
يمكن أن يصبح الفك السفلي ضعيفاً بسبب تخلخل العظام الشيخوخيSenile Osteoporosis والضمور Atrophy والتهاب العظم والنقي Osteomelitis والمعالجة الشعاعية السابقةPrevious Therapeutic Irradiation أو بعض الإصابات العظمية Osteodystrophies كالتهاب العظم المخرِّب Osteitis Deformans وسوء التصنع الليفي Fibrous Dysplasia وهشاشة العظام Fragilitas Ossium. وهناك بعض العوامل المؤهبة أيضاً لحدوث الكسر كالأسنان غير البازغة والأكياس Cysts والأورام Tumours وفرط نشاط جارات الدرقHyperparathyroidisim .
وبوجود أحد هذه الحالات يجب محاولة إجراء القلع فقط بعد إجراء تقييم سريري وشعاعي دقيق وتحضير الجبائر Splints قبل القيام بالعمل الجراحي. ويجب إعلام المريض قبل العمل باحتمال حدوث كسر الفك السفلي، وفي حال حدوث هذا الإختلاط يجب البدء بمعالجته حالاً. لهذه الأسباب فإن أفضل تعامل مع مثل هذه الحالات يكون في مراكز جراحة الفم والفكين. وفي حال حدوث الكسر في العيادة السنية يجب تطبيق دعم خارج فموي Extra-oral Support كوضع رباط ضاغط حول الفك ويستند على الرأس ومن ثم إرسال المريض فوراً إلى المستشفى حيث تتوفر التسهيلات العلاجية اللازمة.
- انكسار الأدواتFracture of Instruments :
يمكن أن تنكسر الأدوات المستخدمة في القلع نتيجة لتطبيق قوى كبيرة أو ضعف مقاومة معدن الأداة، وإن أكثر الأدوات تعرضاً للكسر هي السنابل الدوارة والروافع، حيث تزال القطع المكسورة إذا بقيت في العظم بتحضير حفر حولها ليسهل إزلتها.