[FONT="]نزار قباني في رسالة إلى مسلح[/FONT]
[FONT="]
هل أدى موتي إلى إطالة حياتك؟
[/FONT]
[FONT="]عزيزي المسلح: لا تستغرب أن أناديك: يا عزيزي.. فأنا لا أستطيع أن أكره، إن الكراهية ليست مهنتي.. ربما تكون قد قتلتني.. أو قتلت طفلاً من أطفالي.. أو تكون قد أطفأت الشمس و القمر و الحياة...[/FONT]
[FONT="]و لكنني رغم هذا الحزن الكبير الذي يملأ أيامي.. و رغم هذا الرعب الذي صار جزءاً من حياتي اليومية.. فإنني لا أستطيع أن أكرهك، فالكراهية ليست مهنتي.[/FONT]
[FONT="]عزيزي المسلح: أبعث إليك بهذه الرسالة شاكراً... مودعاً... فقد جاء الوقت الذي يحق لك فيه أن تأخذ إجازة... و يحق لنا فيه أن نسترد أعمارنا الضائعة...[/FONT]
[FONT="]إنني لا أعرف اسمك الحقيقي .. و لا عنوانك الحقيقي .. فجأة نسيت الخبز و الملح و العشرة الطيبة، و طويت بساط المودة، و وضعت البارودة بيني و بينك، و بدأت تكلمني بلغة أخرى هي لغة العنف.[/FONT]
[FONT="]لغة العنف هي اللغة الوحيدة في العالم التي ليس لها قواعد و لا أصول.. و لا أبجدية.. و لا يضطر المرء كي يتعلمها للذهاب إلى المدرسة.. ثم هي لغة غير موجودة في الكتب و القواميس، و إنما هي موجودة فقط في ملفات تجار السلاح.[/FONT]
[FONT="]ليس في نيتي أن أناقشك.. أو أحاسبك، و لكنني أكتفي بسؤالك: هل أنت سعيد بما فعلته..؟![/FONT]
[FONT="]هل ساعدك هدم بيتي على تعمير بيتك..؟![/FONT]
[FONT="]و هل أدى موتي إلى إطالة حياتك..؟![/FONT]
[FONT="]إذا كان موتي قد حقق لك ربحاً، فأنا مستعد أن أموت مرة ثانية.. و ثالثة.. و رابعة.. و عاشرة حتى تصير حياتك أطول و أجمل..[/FONT]
[FONT="]و إذا كان جوع أطفالي قد أدى شبع أطفالك، فإنني أعتبر التعويض عادلاً.. و لكن جردة سريعة لحساب هذه الحرب تثبت أن خسارتك تعادل خسارتي، و موتك بحجم موتي.. و بدلاً من أن يزداد عدد أولادي، و عدد أولادك و يكبر الوطن..[/FONT]
[FONT="]كنت تظن أنك بالسلاح تلغيني.. و تسجل هذا الوطن في الدوائر العقارية باسمك وحدك.. و لكن.. ماذا تفعل بكل هذا الوطن الجميل وحدك؟! تخزنه؟ تقدده..؟ تنقعه و تشرب ماءه..؟ّ![/FONT]
[FONT="]ماذا تفعل بالبحر، و الثلج و المطر، و الحبق و بساتين اللوز و التفاح و عرائش العنب؟![/FONT]
[FONT="]ألا تعتقد أنك ستفجر وحدك في وطن لا تسمع فيه إلا صوتك، و لا ترى فيماء ينابيعه إلا وجهك..؟[/FONT]
[FONT="]ألا تعتقد أن سمك البحر، و غلة البيدر، و خبز التنور، و ضوء الشمس، و عيون النساء، تكفيك و تكفيني.. إن أي وطن تحلم به، سيكون وطناً كيميائياً، إذا لم أسكن فيه.[/FONT]
[FONT="]إن كرسيك على المائدة لا يزال خالياً، فاترك بارودتك خارج الغرفة، و اجلس معنا.. فلدينا خبز كثير.. و حب كثير.. و قصائد جديدة سأنشدها لك عندما نلتقي.[/FONT]
[FONT="]
نزار قباني 5/5/ 1978[/FONT]
[FONT="]
*[/FONT][FONT="]المقاطع مأخوذة من رسالة نزار قباني تحت العنوان السابق، منشورة في كتابه شيء من النثر/ص161/ و النص طويل و قد كتب أثناء الحرب الأهلية اللبنانية.[/FONT]
[FONT="]
مقال لجريدة الثورة العدد 14559[/FONT]
[FONT="]ص 19 بتاريخ 15 حزيران 2011[/FONT]
التعليقات
بالفعل كلام يلامس واقع الحال........
مشكورة
بصراحة الكلام يلامس واقع الحال لأن الحال لم يتغير منذ ذلك الوقت !!!
وحان وقت التغيير ّ
يسلموا ايديكي
شو يدنا نقول لا حول ولا قوة إلا بالله .... الله يبدل الحال بأحسن ويرجع الأمن والأمان متل أول يارب .
بـــــارك الله بدك اختي سما ع النقل الرائع ....
هو الوطن الذي اوانا سنينا طويلا وان لنا ان نرد له الجميل....