ا.د طريف سرحان الغريري

لقد أوضحت آداب المهنة الطبية كل ما من شأنه يصب في الممارسة الحقيقية للمهنة الطبية وعدم التجاوز على أسسها واللوائح التي وضعتها في سبيل تحقيق أهدافها السامية في خدمة المجتمع بشكل عام والمريض بشكل خاص. أما ما يخص الطبيب بالرغم من فرض آداب المهنة شروطا قاسية عليه اختارته من بين شرائح المجتمع المتميزة كالمستوى العلمي الرفيع والمستوى الاجتماعي المرموق وأودعت لديه كل ما هو مقدس كحياة المريض بكل ما يملك من أحاسيس وأعصاب وما يملك من أسرار وخفايا يضعها بين يدي  الطبيب وضميره الذي يفترض إن يكون أهلا لهذه المسؤولية الثقيلة. ولهذه الأسباب وغيرها سميت بأخلاقيات او آداب المهنة ولم تسميها قانون المهنة كون إن المحاسب على أخطاء الطبيب هو ضميره وأخلاقه وليس القانون. ويبقى الأهم من كل ذلك هو المنحدر العائلي للطبيب ذات المنبت الطيب أو السيئ الذي يلعب دورا هاما في تطبيق لوائح آداب المهنة الطبية. ورجوعا إلى الوراء قليلا نستشهد برأي أجدادنا العظام بما يخص صفات الطبيب كونه شخصا يحمل العلم والأخلاق مناصفة .

تعريف

هي عبارة عن أخطاء يتم ارتكابها في المجال الطبي نتيجة انعدام الخبرة أو الكفائة من قبل الطبيب

الممارس أو الفئات المساعدة أو هي نتيجة ممارسة عملية أو طريقة حديثة وتجريبية في العلاج أو نتيجة حالة طارئة يتطلب السرعة على حساب الدقة أو نتيجة طبيعة العلاج المعقد.

 وعرف القانون الأخطاء الطبية ونص على «يعد خطأ طبياً كل خطأ يرجع إلى أي من الآتي: الجهل بأمور فنية استقر عليها العرف الطبي ويفترض في كل من يمارس المهنة الإلمام بها، الإهمال أو عدم بذل العناية اللازمة، بما في ذلك مراقبة الطبيب لمعاونيه في التدخل الطبي ومسؤوليته عن أعمالهم وأخطائهم متى كانوا تحت رقابته، وفي جميع الأحوال يراعى في تقرير الخطأ الطبي الظروف الخارجية التي وجد فيها الطبيب

إن العمل الطبي هو نشاط يتوائم في كيفية وظروف أدائه مع القواعد والأصول الراسخة في علم الطب، ويتجه في ذاته إلى شفاء المريض، وهو لا يصدر إلا من شخص مرخص له قانوناً بمزاولة مهنة الطب، ومن أهم ما يتطلَّبه القانون لإعطاء هذا الترخيص حصول طالبه على المؤهل الدراسي الذي يؤهِّله لهذه المهنة، اعتباراً بأن الحاصل على هذا المؤهل هو وحده الذي يستطيع أن يباشر العمل الطبي طبقاً للأصول العلمية المتعارف عليها، والأصل في العمل الطبي أن يكون علاجياً أي يستهدف بالدرجة الأولى تخليص المريض من مرض ألمَّ به أو تخفيف حدته أو تخفيف آلامه. يُعَدُّ كذلك من قبيل الأعمال الطبية ما يستهدف الكشف عن أسباب سوء الصحة، أو مجرد الوقاية من مرض، وأن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقاً للقواعد والأصول العلمية المقرَّرة، وعلى ذلك يمكن القول إن العمل الطبي هو عمل مشروع حتى ولو ساءت حالة المريض، ولكن إذا اقترن هذا العمل بخطأ ما سئل الطبيب عنه مسؤولية غير عمدية. بمعنى أن الطبيب غير مسئول عن نتيجة العلاج إذا قام بأداء واجبه كاملا حسب الأصول الطبية.

انواع الاخطاء الطبية

  1. الإهمال الفاضح
  2. ضعف الكفاءة لدى بعض الأطباء
  3. عدم الانتباه والحذر
  4. عدم الالتزام بالقوانين والأنظمة الصحية
  5. إهمال التعقيم
  6. جشع بعض الأطباء وسعيهم لزيادة دخلهم من خلال عيادتهم الخاصة على حساب صحة مرضاهم في المشافي العامة
  7. التقصير والإهمال الفاضح الذي يتصف به بعض  أفراد الكادر التمريضي في المشافي العامة

لا بدّ من التفرقة ما بين المضاعفات الطبية والمشاكل التي هي فوق قدرة تحكّم الجرّاح والطاقم الطبي والتي لا يمكن توقّعها أحياناً أو الوقاية منها، وما بين الأخطاء الطبية الواضحة نتيجة الجهل أو الإهمال أو قلّة النظافة.

أنّ الخطأ الطبي الأوّل هو قيام الجرّاح بعملية ليس مخوّلاً إجراءها أو لا يتقنها أو يُجريها للمرّة الأولى دون إرشاد. كما من الممكن حدوث خطأ ألا وهو نسيان شاشة أو أداة معيّنة داخل بطن المريض. لكن الأهمّ هو حدوث مشكلة مهمّة طبية وإختيار الجرّاح عدم إخبار الأهل والمريض بالموضوع. وهنا تكون مخالفة بالخطّ الأحمر العريض، إذ إنّ الخطأ ليس طبياً فحسب، بل هو خطأ أخلاقي وإنساني بحت!. اذا تمّ نسيان قطعة شاش أو أداة داخل جسم المريض، قد تحدث إلتهابات أو قيح وترتفع الحرارة من دون سبب واضح. كما قد تؤدي بعض الأدوات الحادّة إلى أذية الأمعاء او الكبد وغيرها من الأعضاء الحساسة. لذلك لا بدّ من توخّي الحذر. لكن ما يُطمئن هو تمرّس الطاقم الطبّيّ والإجراءات الوقائية التي تتخذ قبل العملية وأثناءها وحتى بعدها

إنّ ما قد يسوء في غرفة العمليات ويؤدّي إلى مضاعفات هي أولاً مشاكل من جرّاء البنج. إذ من الممكن أن يعاني المرء حساسية تجاه البنج من غير ان يدري، خاصة اذا كان يخضع للجراحة للمرّة الأولى. وهذا الأمر قد يتعقّد إلى درجة حدوث تشنّج في قصبات الهواء، مما يمنع حتى فرصة إعطاء التنفس الصناعي لإسعاف المريض. وهذا الأمر قد يودي بحياته. إلاّ أن مشاكل البنج تضاءلت إلى حدّ الزوال تقريباً، بفضل التطوّر الحاصل والتشديد والتمرّس.

أمّا من حيث المبدأ، فلكلّ جراحة مضاعفات خاصة بها حسب نوعيّتها ومدى خطورتها. إحدى المشكلات هي احتمال حصول نزف طارئ أثناء الجراحات الكبيرة، تزداد خطورته اذا لم يتمّ تأمين دم بديل. لذلك، لا بدّ من تأمين دم قبيل العملية عند طلب الجرّاح للتحضّر لكل الإحتمالات. ويمكن أن تتأثر أعضاء مهمّة بالعملية، إذ تكون مجاورة للعضو الذي يتمّ العمل عليه. ويرى "سليلاتي" أنه من المهمّ الإنتباه أثناء جراحة الغدّة الدرقية مثلاً منعاً لإصابة عصب وتر الصوت (العصب الحنجري الراجع) الذي يسبّب التغير في الصوت

بعد إنتهاء العمل الجراحي، قد يظنّ البعض أن الخطر زال 100% وأنه لا جدوى من توخّي الحذر لأنّ الإجراء الطبي قد إكتمل على خير ما يُرام. لكن لا بدّ من التنويه ببعض المشاكل والمضاعفات التي قد تحدث حتى بعد إنتهاء الجراحة.

انه من الممكن حصول قصور في التنفّس بعد العملية أو إلتهابات في الرئتين مثلاً، وهي كلّها مضاعفات ومشاكل عامة قد تصيب أي شخص. أمّا المشاكل الأخرى، فقد تكون إلتهاب الجرح بحدّ ذاته. وقد يكون بسيطاً ويزول من تلقاء نفسه، أو أشدّ خطورة ويقتضي بإعادة فتح الجرح للعلاج. ومن الممكن حدوث نزف بعد الجراحة خاصة في الأيام الأولى للجراحة ريثما يزول هذا الإحتمال. وقد تحدث إلتهابات داخل مكان العملية وأكثر شيوعاً في منطقة البطن، إذ تكون القطب غير دقيقة او تكون ظروف الجراحة صعبة أو حالة طوارئ.

وإذا لم تكن القطب سليمة وصحيحة، قد تحدث إلتهابات بعد خمسة أو ستة أيام قد تسبّب انتانات مزعجة للمريض و الطبيب و قد تحدث الوفاة في بعض الحالات المتقدّمة أو المهملة أو عند المرضى ذوي المناعة المتدنية بسبب أمراض مزمنة أو علاجات دوائية (حالات نادرة).

اسباب الاخطاء الطبية:

يمكن إيجاز أسباب الأخطاء التي ترتكب من الأطباء بما يلي:

- جهل الطبيب وافتقاره للكفاءة والخبرة اللازمة للتعامل مع الحالة وتشخيصها أو إجـراء العمليـة الجراحية المطلوبة فكثيراً ما يتدخل بعض الأخصــائيين في المستشفيــات في حالات ليـست ضـمن اختصاصهم وقد يخاطرون بالتداخل الجراحي رغم أنهم غير مؤهلين له، كما إن وإمكانات المستشفي لا تسمح بهذه المغامرة التي يدفع فيها المريض حياته.

- كما يتسبب عدد كبير من الأطباء حديثي التخرج في عياداتهم الخاصة في أخطاء جسيمة لقبولهم متابعة حالات معقدة لا يستطيعون التعامل معها بكفاءة.

- بعض الأخطاء المهنية الناتجة عن إهمال وتكاسل الطبيب

ولا يقتصر الأمر في ذلك للأسف على الأطباء الحديثين بل يتحمل مسئوليتها أساتذة كبار يقوم بعضهم مثلاً بإجراء العملية دون أن يتمها حتى النهاية ويترك استكمالها لبعض مساعديه الذين لا يمكنهم الخروج بها إلى بر الامان.

- اللجوء إلى الدجل والاحتيال من قبل بعض الأطباء لجذب المرضى من خلال وسطاء أو من ذكر ألقاب علمية على لافتة العيادة أو إجراء عمليات جراحية بالرغم كونهم غير مؤهلين علميا وعمليا لإجرائها والهدف من ذلك هو الربح الرخيص على حساب حياة المريض.

- كما إن البعض من الأطباء يجرون عمليات صغرى أو كبرى في مؤسسات طبية غير مؤهلة من الناحية الفنية والاعتماد على طاقم تمريض مهمل أو غير كفء لإدارة ومتابعة المريض أثناء وبعد العملية الجراحية الأمر الذي ينجم عنه مضاعفات خطيرة قد تؤدي بحياة المريض.

- عدم التقيد بلوائح وتعليمات آداب المهنة الطبية في كثير من الممارسات الطبية كافتقار الطبيب إلى المعلومات الطبية وعدم متابعته لما يستجد في حقل العلوم الطبية . من خلال قلة الاشتراك في المؤتمرات العلمية التي تقام في مختلف دول العالم.

- التدريب في مؤسسات صحية ذات مستوى متدني سوى كان ذلك من المشرفين عليه من الأساتذة الأطباء أو إهمالهم أو تكاسلهم في تهيئة جيل من الأطباء قادرا على تحمل أعباء الممارسة الطبية من جميع النواحي.

- ضعف الإمكانيات العلمية لبعض كليات الطب أو قبول أعداد كبيرة من الطلبة تفوق الطاقة الاستيعابية والفنية للكلية الأمر الذي يتسيب في تخريج أطباء يفتقرون إلى ابسط مقومات الطبيب العلمية.

- عدم إتباع بعض الدول إلى قوانين رصينة من شأنها رفع المستوى الأدائي للطبيب كمنح الطبيب أجازة ممارسة للمهنة الطبية قبل التدريب لفترة زمنية مناسبة  و تحت إشراف أطباء اختصاص أكفاء وفي مؤسسات طبية تعليمية أو ذات مستوي علمي عالي.

- عدم اخذ النقابات الطبية الشكاوى التي ترفع ضد أخطاء الأطباء بمحمل الجد أو تعاقب الطبيب على خطئه ولكن في النهاية لا ينفذ العقوبة, الأمر الذي يتسبب في استمرار الطبيب في الخطأ بسبب قناعته بعدم وجود رادع حقيقي لمحاسبته على ارتكابه الخطأ.

ملف الاخطاء الطبية وكيفية معالجتها:

إن الأخطاء الطبية كثيرة سواء كانت من الأطباء أو من مساعديهم من الطواقم  التمريضية أو من مساعديهم ولو كانت مثل هذه الأخطاء توثق بإحصائيات دقيقة لكان العدد يفوق مما هو عليه في الدول الصناعية والمتقدمة من الناحية الطبية. ويمكن التطرق إلى بعض الإحصائيات الموثقة من بعض الجهات الغربية وكما يلي:

تشير مجلة بريطانية مختصة بالشؤون الطبية إلى أن عددا قد يصل إلى ثلاثين ألف شخص يتوفون سنويا في بريطانيا بسبب أخطاء طبية .

وأوضح محرر المجلة ريتشارد سميث في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية أن عدد المتضررين سيرتفع إذا ما أضيف إليه من يعانون من عواقب وخيمة من جراء تلك الأخطاء دون أن تصل بهم إلى حد الوفاة، موضحا أن تلك النسبة قدرت مقارنة بالنسبة الأمريكية التي تصل إلى حد مائة ألف شخص هناك يتوفون نتيجة أخطاء يمكن تجاوزها.

وقد أدت هذه الأرقام –  حسب تصريحاته –  إلى ذعر في الولايات المتحدة وذلك أنه يفوق مجموع عدد من يتوفى أو يصاب نتيجة حوادث السيارات والطائرات و الانتحار أو التسمم أو الغرق أو السقوط من الأماكن الشاهقة، ونبه الدكتور سميث إلى عدم إلقاء اللوم بشكل تلقائي على الأطباء وحدهم موضحا أن الأخطاء ليست دائما بسببهم بل إنها قد تحدث بسبب الطاقم الطبي المساعد للطبيب في المستشفيات والعيادات داعيا إلى إعادة النظر في النظام برمته.

ومن موقع إخبار محيط: أعلنت وزيرة الصحة الأميركية دونا شلالا أن حـــوالي 98  ألف شخص يتوفـــون سـنوياً فـي الولايات المتحــــدة نتيجة الأخطاء الطبية التي تعتبر ثامن سبب للوفيات فيها. كما أن الدراسة تشمل حالات لمرضى أعطوا أدوية غير مواتية. ويفيد تقرير لمعهد الطب أن اقل التقديرات الخاصة بالأخطاء الطبية تفوق معدلات الوفيات السنوية بسرطان الثدي أو الإيدز في الولايات المتحدة. وقال مدير الوكالة الأميركية للأبحاث وتحسين الرعاية الصحية جون ايزنبرج ان مستوى الأخطاء الطبية مرتفع بصورة غير مقبولة بتاتا".

في تقرير صدر العام الماضي عن وزارة الصحة في سوريا، اعترفت المصادر الرسمية بوفاة أم واحدة على الأقل يومياً في إحدى المستشفيات الخاصة أو العامة في سورية نتيجة الإهمال أو ضعف الخبرة أو نتيجة الخطأ في التعامل مع التجهيزات الطبية، ويضيف التقرير المذكور أن 90% من الوفيات ناتج عن أخطاء في التشخيص والعلاج وسوء الرعاية.

تلك الأمثلة وغيرها الكثير، إلى جانب ما يمكن جمعه بصورة شبه يومية من وسائل الإعلام المختلفة العاملة في سوريا عن أخطاء طبية مؤلمة أدت إلى الموت أو إلى الإصابة بعاهات دائمة، كل ذلك يثبت حقيقة أن الأخطاء الطبية في سوريا باتت ظاهرة متفاقمة تحتاج الوقوف عليها بجدية.

وقد أكد عدد كبير من المراقبين الاجتماعيين والحقوقيين بأن معدل الأخطاء الطبية في سوريا يفوق بعدة أضعاف نظيره في الدول الغربية، ورغم ذلك يندر أن نسمع عن طبيب سوري وقف أمام القضاء بسبب خطأ طبي، في حين من المعتاد أن يقف الطبيب في الدول الغربية مرات عدة أمام القضاء بسبب الأخطاء الطبية مما يسهم في الحدّ من هذه الأخطاء.

ويعتقد البعض أن السبب الرئيس في تمادي الأطباء السوريين في أخطائهم هو ذاك البند المعنون بـ "خطأ الرجل العادي" في قانون العقوبات السوري، ففي حين يعتبر القانون السوري الطبيب مرتكباً لجرم القتل أو الإيذاء عن غير قصد عند مخالفته إجراءات العلاج لمجرد مخالفته واجبات المهنة حتى وإن لم يخالف القواعد الفنية، فإن القانون ذاته يتضمن بنداً بعنوان "خطأ الرجل العادي" والذي تستطيع نقابة الأطباء إدراج أية حالة تحته، وهو ما يحصل عادةً بسبب محاباة الأطباء بعضهم لبعض ومنع أي خطأ طبي يقع فيه طبيب ما من الوصول إلى القضاء عبر إدراجه تحت بند "خطأ الرجل العادي"، لذا يدعو بعض الحقوقيين السوريين إلى ضرورة الرجوع إلى البند المذكور وتقييده.

في بريطانيا تعد الأخطاء الطبية السبب الثالث للوفاة بعد السرطان و السكتات القلبية , في أمريكا هي السبب الثامن للموت , في روسيا يذهب ضحيتها سنويا حوالي 50 ألف شخص بينما ضحايا حوادث السير أقل من 35 ألف شخص ,في سورية وزارة الصحة لا تنفي وقوع الأخطاء الطبية التي نسمع عادة في وسائل الإعلام وخاصة الصحف اليومية والمواقع الالكترونية على شبكة الانترنت. على سبيل المثال أشار تقرير لوزارة الصحة السورية لوفاة أم سورية يوميا نتيجة الإهمال وضعف الخبرة داخل مشافينا –موقع الملتقى الطبي السوري على شبكة الانترنت 31 \8 \2007

الضرر في المجال الطبي (حسب التصور القانوني والشرعي)

تعددت وجهات النظر في وضع تعريف لمعنى الضرر بصفة عامة ، فقد عرفه العلامة الشيخ الزرقا بأنه (هو ما يؤذي الشخص في نواحي ماديه ومعنويه ) والتعريف المستقر عليه لدى غالبية العلماء حول الضرر هو : (أن الضرر حالة نتجت عن فعل إقداما أو إحجاماً مست بالنقص أو بما يعنيه قيمة مادية أو معنوية أو كلتيهما للشخص المتضرر) ، من خلال هذه التعريفات لمعنى الضرر نرى أن الأنسب والأقرب لمعنى الضرر في المجال الطبي هو التعريف الأخير المتفق عليه بين الباحثين في مجال الطب ، والذي يمكن على ضوء ذلك التعريف العام تحديد معنى الضرر في المجال الطبي بأنه (حالة نتجت على فعل طبي  او عدم فعل طبي مست بالأذى المريض وقد يستتبع ذلك نقصاً في حال المريض أو في معنوياته أو عواطفه)، ويعد حصول الضرر للمريض ركنا أساسياً من أركان قيام المسئولية الطبية حيث إن تلك المسئولية شأنها شأن النظرية العامة للمسئولية تقتضي وجود الضرر لكي يقع الطبيب تحت طائلتها ، فليس مجرد حصول الخطأ من الطبيب كافياً لإقامة الدليل على تحقق المسئولية الطبية ، بل يجب أن يكون هناك ضرر حاصل للمريض بسبب الخطأ الطبي المرتكب من قبل الطبيب.

يقسم الضرر الذي قد يلحق بالمريض نتيجة الأخطاء الطبية إلى ثلاثة أقسام هي:

الضرر الجسدي والضرر المالي والضرر المعنوي

الضرر الجسدي: وهو الضرر الذي يصيب الإنسان في جسمه ، وهو يمثل إخلالاً بحق مشروع للمضرور، وهو حق سلامة الجسم وسلامة الحياة ، ومن واجبات الأطباء والتزاماتهم المهنية أن يحترم الطبيب حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه عند ممارسته العمل الطبي وأن يكون العمل الطبي يهدف إلى مصلحة المريض

الضرر المالي: هو الخسارة التي تصيب الذمة المالية للشخص المضرور، ويشمل هذا الضرر ما لحق بالمريض من خسارة مالية كمصاريف العلاج والأدوية والإقامة في المستشفى ونفقات إصلاح الخطأ أيضاً ، بالإضافة إلى ما فات الشخص المضرور من كسب مشروع خلال تعطله عن العمل بسبب المعالجة وإصلاح الخطأ الطبي ، وهنا يجب التأكد أن الضرر المالي قد يتجاوز الشخص المضرور ، فمثلاً قد يلحق الضرر المالي الأشخاص المعالين من قبل الشخص الذي أصابه الضرر ومثل الزوجة والأبناء وغيرهم ، وهنا تقوم مصلحة من كان يعولهم المتضرر في المطالبة بالتعويض نتيجة إصابة معيلهم .

الضرر المعنوي: يراد به الأذى الذي يصيب الحق أو المصلحة المشروعة للشخص فيسبب ألماً معنوياً أو نفسياً للمضرور لمساسه بالكيان الاعتباري للشخص فهذا النوع من الضرر لا يصيب الإنسان مباشرة في جسده أو ماله بل يصيب الشخص في شعوره وعواطفه وأحاسيسه نتيجة معاناة قد تنتج عن آلام جسدية من جانب أو عن آلام نفسية من جانب آخر ، ومثال ذلك من الأضرار المعنوية أن يذاع عن شخص بأنه مصاب بمرض خطير أو نحو ذلك فهذا الإعلان قد يسيء إلى سمعة الشخص أو يحط من مركزه الاجتماعي أو المالي.

التصور القانوني

 فحسب نظام مزاولة المهن الطبية العالمية (المادة السادسة والعشرون) أنه كل خطأ مهني صحي صدر من الممارس الصحي وترتب عليه ضرر للمريض يلتزم من ارتكبه بالتعويض، وتحدد (الهيئة الصحية الشرعية) المنصوص عليها في هذا النظام مقدار هذا التعويض، ويعد من قبيل الخطأ المهني الصحي مثل الخطأ في العلاج ، أو نقص المتابعة والجهل بأمور فنية يفترض فيمن كان في مثل تخصصه الالمام به وإجراء الجراحات التجميلية و التجريبية غير المسبوقة على الإنسان بالمخالفة للقواعد المنظمة لذلك وإجراء التجارب أو البحوث العلمية غير المعتمدة على المريض, و اعطاء دواء للمريض على سبيل الاختبار.

كما ان استعمال آلات أو أجهزة طبية دون علم بكاف بطريقة استعمالها، أو من دون اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع حدوث ضرر من جراء هذا الاستعمال يمكن ان يودي صاحبه الى تتبع قانوني.

عدم استشارة من تستدعي حالة المريض الاستعانة به, التقصير في الرقابة والإشراف.

 ويقع باطلاً كل شرط يتضمن تحديد أو إعفاء الممارس الصحي من المسئولية.

هكذا ينظر إلى الأخطاء الطبية... والمسؤولية الأخلاقية والقانونية

يعتقد البعض ان الاخطاء الطبية نتيجة اهمال وتهاون ونقص الخبرة والبعض الاخر يظن انه قدر محتم على البشر فلابد من حسم المسالة بالتكوين الاكاديمي للإطارات الطبية وتوفير الوسائل الطبية المتطورة وكشف الغموض عن تجاوزات شركات التوريد للمعدات الطبية ولنعلم ان الطبيب كائن بشري وكلنا خطاؤون.