التوسع الشرياني (أمهات الدم)  ARTERIAL DILATATION (ANEURYSMS)

 

تُدعى التوسعاتُ الموضعية في قِطَعٍ من الجهاز الشرياني أمهاتِ الدم. وهي إما أن تكون أمهاتِ دمٍ حقيقيةً تحتوي على ثلاث طبقاتٍ من الجدار الشرياني في كيس أمِّ الدم، أو أمهاتِ دمٍ كاذبةً لها طبقةٌ واحدةٌ من النسيج الليفي كجدارٍ للكيس، مثل أمِّ الدم التي تعقب الرضح (الشكل 11-44) وأمِّ الدم الجرثومية mycotic. و‘mycotic أي فطري’ تسمية خاطئة لأن السبب ليس فطرًا ولكنه خمج جرثومي. وقد تُجمَّع أمهاتُ الدمِ تبعًا لأشكالها (مغزلية fusiform وكيسية saccular (الشكل 11-45)، ومسلِّخةdissecting )، أو تبعًا لسببياتها aetiology (من تصلب عصيدي، ورضحية traumatic، وجرثوميةmycotic ، وإفرنجيةsyphilitic ، ومن مرضٍ مغرائي collage disease (متلازمة مارفان* Marfan syndrome)).

            وقد تحدث أمهات الدم في جميع أنحاء الجسم في الأوعية الكبيرة، مثل الأبهر والشرايين: الفخذي femoral والمأبضي popliteal وتحت الترقوة subclavian والسباتي carotid، أو في أوعية أصغر مثل الشرايين: المخي cerebral والمساريقي mesenteric والطحالي splenic والكلوي renal. وغالبيتها أمهاتُ دمٍ حقيقيةٌ مغزليةٌ تصلبيةٌ عصيدية.

            الأعراض Symptoms. وقد تسبب جميعُ أمهات الدم أعراضـًا بسبب التوسع أو الخثار أو التمزق أو تصدير الصِـمَّات emboli. وتتوزع الأعراضُ حسب الوعاءِ المصاب أو المنطقةِ التي يغذِّيها أو الأنسجةِ التي تضغط أمُّ الدمِ عليها. وقد تسبب الصِـمَّات من أمِّ الدم الأبهرية إقفارًا في الأباخس toes. ويسبب الانسدادُ الخثاري في أمِّ الدم المأبضية مُوات القدم.

 

الشكل 11-44 أمُّ دمٍ كاذبة في السباتي الأصلي تتمدد بسرعة وسببها جرحٌ طعني. لاحظ (عاليا) الإطراقَ ptosis وتقبُّضَ الحدقة myosis والخَوَصَ enophthalmos في متلازمة هورنر Horner's syndrome* الناجمة عن قطع العصب الودي العنقي المتزامن.

الشكل 11-45 أمُّ دمٍ كيسية في الشريان الكعبري.

ظواهر أمِّ الدمِ السريرية Clinical features of an aneurysm

داخلية المنشأ Intrinsic. يكتشف تورمٌ فيه نَبَضانٌ توسعي expansile pulsation في مسار أحد الشرايين. ويقلُّ النبضانُ إذا أمكن ممارسةُ ضغطٍ عليه من الناحية الدانية، كما ينضغط الكيسُ نفسُه (كثيرًا ما تكون أمهات الدم الكبيرة مملوءة بخُثار جداري وقد لا تقبل الانضغاط)، ويعود للامتلاء بنبضتين أو ثلاث  نبضاتٍ إذا أُزيل الضغطُ الداني. ويمكن جسُّ هريرٍ thrill، ويبين التسمُّعُ auscultation لغطًا bruit في بعض الأحيان.

            خارجية المنشأ Extrinsic. وتصاب فيها بِنْياتٌ مجاورةٌ أو قاصية. وهكذا يسبب الضغطُ على الأوردة أو الأعصاب وذمةً قاصيةً أو تغيرًا حِسِّيًا. وفي الحفرة المأبضية popliteal fossa، يسبب الضغطُ مُواتا في النهاية. وقد تُصاب أحيانًا العظامُ والمفاصلُ والأنابيبُ مثلُ الرغامى trachea وأحيانًا المريء، ولكن البِنياتِ المرنةَ مثلَ القرص بين الفقرتين intervertebral disc، فإنها تتحمل ضغطًا مطولاً في الغالب.

 

التشخيص التفريقي  Differential diagnosis

تورم خلف الشريان. قد يندفع الشريان إلى الأمام، كما يندفع شريان تحت الترقوة subclavian بضلعٍ عنقي، وبذلك يصبح بارزًا. وتمُيَّز هذه الحالة بالجسِّ الحذر.

                تورم فوق الشريان. النبضانُ المنقول transmitted pulsation عرضةٌ لأن يُعْتَقَدَ خطًا على أنه ينجم عن التوسع expansion. ومع ذلك فإن تغيير وضع المريض قد يقلل النبضان. وهكذا إذا تم فحصُ كيسةٍ بنكرياسية في وضع السجود (الركبة الصدري genupectoral)، فإنها تبتعد عن الأبهر وبالتالي يصبح النبضانُ أقلَّ وضوحًا.

            الأورام النابضة Pulsating tumours. مثل الغرن العظمي bone sarcoma، وورم ناقضة العظم osteoclastoma، وبعض النقائل metastases خاصة من سرطان الكلوة.

            خُرَّاجAbscess . من الأمور الأساسية قبل تنفيذ شقّ في أيّ تورم يعتقد أنه خراج، مثلا في جدار الصدر (الشكل 11-43) أو في الأربيةgroin  أو الإبط أو الحفرة المأبضيةpopliteal fossa ، التأكـُّدُ من أن ألتورم لا ينبض! لقد وقع الكثيرون في هذا الخطأ مرارا.

            الشريان الأفعواني Serpentine artery. مثل الشريانين: الغُفْل innominate والسباتي carotid.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الشكل 11-46 أمُّ دمٍ أبهرية وقد سبب حتَّ عظمِ القصِّ، وتشرف على التمزق. (المرحوم ريموند هيلزبي FRCS ليفربول.)

 

أمهات الدم الأبهرية البطنية

 ABDOMINAL AORTIC ANEURYSMS

يتم العثور على أمهات الدم الأبهرية البطنية، وهي أكثر أنواع أمهات الدم الأبهرية، لدى 2 بالمائة من المواطنين عند فتح الجثثautopsy : وتنجم 95 بالمائة منها عن التصلب العصيدي، ويحدث 95 بالمائة منها تحت مستوى الشريانين الكلويين.

            أمهات الدم الأعراضيةSymptomatic aneurysms . وتسبب أعراضًا طفيفة مثل ألم الظهر وألم البطن، أو أعراضًا شديدة مفاجئة عندما تتوسع وتتمزق.

            أمهات الدم اللاأعراضية Asymptomatic aneurysms. وتوجد بشكلٍ عارضي incidentally عند الفحص الجسدي أو الشعاعي أو بفائق الصوتultrasound .

تمزق أمهات الدم البطنية Ruptured abdominal aneurysms

تتمزق أمهات الدم البطنية من الأمام داخل تجويف الصفاق (20 بالمائة)، أو من الخلف داخل الحيز خلف الصفاق (80 بالمائة). وبـَـقِـيَ أقل من 50 بالمائة من المرضى المصابين بالتمزق على قيد الحياة حتى وصلوا إلى المستشفى.

            التمزق الأمامي Anterior rupture. ويؤدي إلى نزيفٍ حُرٍّ في داخل تجويف الصفاق. ويصل قلة من هؤلاء المرضى إلى المستشفى، ويعاني أولئك الذين يصلون من فترة طويلة من نقص ضغط الدم والصدمة؛ وبالتالي تكون نتائج الجراحة سيئة.

            التمزق الخلفي Posterior rupture. ويُحدِث دميومـًا haematoma خلف الصفاق (الشكل 11-47). وهناك وقت قصير عند كثير من هؤلاء المرضى عندما يؤدي الجمعُ بين نقصِ ضغط

 

الشكل 11-47 عملية لعلاج دميوم خلف الصفاق من تمزق امِّ دمٍ أبهرية. يُبنَّج المريض (على طاولة العمليات بعد وضع الملاءات - إذا كان عنده صدمة شديدة). ومن خلال شقّ وَسَطي بطني طويل، يُزاح المِعى الدقيق إلى جهة المريض اليمنى للكشف عن الأبهر والدميوم haematoma الذي يقع وراء الصفاق الخلفي. ويُجسُّ النبضان الأبهري من خلال الدميوم في أعلى نقطة منه، ويتم إدخال يدٍ في كل جهة من جهتي الأبهر. وبالضغط عليه بإصبع وإبهام، يوضع الملقاط العالي على الأبهر ويتم غلقه ثم تتابع العملية كما هي في العادة. ويظهر في هذه الصورة الملقاط في نهاية أمِّ الدم الدنيا وقد انتشر الدميوم من الأخدود جنيب القولون paracolic gutter ليحيط بأمِّ الدم والانشعاب الأبهري.

الدم نقصًا متوسطًا ومقاومةِ الأنسجة خلف الصفاق، إلى توقف النزف. ويحتفظ  المريض بوعيه، ولكنه يتألم كثيرًا. وإذا لم تُجْرَ له عملية جراحية، يكون معدل الوفاة 100 بالمائة. أما البقيا survival بعد الجراحة، فهي تزيد على 50 بالمائة.

ولتحقيق هذه النتائج الأفضل، يجب وضع التشخيص مبكرًا. وتتضمن الظواهرالسريرية ألما شديدًا مفاجئـًا في الظهر، تصحبه في بعض الحالات فترةٌ قصيرة من فقدان الوعي. والنبضُ الفخذي ضعيفٌ أو غائب في إحدى الأربيتين أو فيهما معًا. وتُجَسُّ كتلةٌ نابضة في البطن، وتوجد علاماتٌ تدل على الصدمة. وتجُرى العملية كما يلي: يجب غرزُ خَطَي تسريبٍ infusion جيدين وخطٍّ  لقياس الضغط الوريدي المركزي CVP، ويُرسل الدم للمضاهاة cross-match مباشرةً مع 10 وحدات دم. ويُرفع ضغط الدم الانقباضي إلى 100 مم زئبقي تقريبًا بتسريب محلول ملحي وسوائل موسِّعة للحجم volume expander (انظر الفصل 4)، ويجب ألا يسمح برفع ضغط الدم ارتفاعًا كبيرًا بأي حال من الأحوال لأن ذلك قد يثير نزفًا عصيـًّا على السيطرة من جديد. ويمرر قثطار بولي. فإذا أصبح المريضُ مستقرًا بالرغم من أنّه متألم، فإن العمليةَ تحتمل التأجيلَ حتى يتمَّ  تجهيز الدم بعد مضاهاته، ولكن يجب نقل المريض إلى غرفة العمليات فورًا حتى تبدأ الجراحة في الحال إذا نشأت مشكلات دينمية دموية. ويجب أن نتذكر دائمًا أن المعالجة الحاسمة لأمِّ الدم المتمزقة هي الجراحة وليس الإنعاش.

 

أمهات الدم من دون تمزق

Abdominal aneurysms without rupture

كثيرًا ما يشكو المرضى من الألم، وعادة ما يحسونه في الظهر في المنطقة القَطَنية وأعلى البطن. إضافة إلى ذلك فقد يحدث الألم في الفخذِ والأربيةِ نتيجةً لانضغاط الأعصاب. وقد تسبب أمُّ  الدمِ البطنية أعراضًا مَعِديَّةً مِعَوِيَّةً وبوليةً ووريدية. وكقاعدةٍ عامة بوجود كتلة نابضة، إذا لم يكن تفسير الأعراض تفسيرًا معقولاً بآفةٍ أخرى ممكنًا، فيجب أن يُفترض أنها ناجمةٌ عن أمِّ دمٍ (حتى يثبت العكس)، وعندها توضع أمُّ الدم في عداد المجموعة الأعراضية.

 

دواعي الجراحة Indications for surgery

أمهات الدم الأعراضيةSymptomatic aneurysms : يموت 80 بالمائة من المصابين بأمهات دم أعراضية خلال عام من دون تدخل جراحي. وبإجراء الجراحة، يعيش 80 بالمائة منهم بعد عام. لذلك كانت الجراحة لازمة (في المرضى الكـَـفِـيِّين صحيًا من النواحي الأخرى). وتزداد خطورة العملية، خاصة بوجود فرط ضغط الدم ومرض مَسْلَكٍ هوائي مزمن واحتشاء عضلة قلبٍ حديث وعطَب الوظائف الكلوية. أما السن الزمني، فإنه لا يعيق الجراحة، ولكن عدد المرضى الكـَـفِـيِّين بدرجةٍ جيدة لتحمل هذا النوع من العمليات، قليلون بعد سن الثمانين.

            أمهات الدم اللاأعراضيةAsymptomatic aneurysms : إن أمهات الدم التي يتم العثور عليها بشكلٍ عارضي incidentally عند الفحص السريري أو الشعاعي أو بفائق الصوت US، في مريضٍ كـَـفِـيٍّ صحيًا من النواحي الأخرى، تحتاج إلى التصليح إذا كان قطرُها يزيد على 7 سم في الفحص السريري أو أكثر من 6 سم بفائق الصوت. فنسبة حدوث التمزق السنوية ترتفع من 5 بالمائة في أمهات دمٍ قطرُها 5 سم  إلى 75 بالمائة في تلك ذات قطرٍ يعادل 7 سم أو أكثر. وحيث إن الجراحةَ غير الطارئة تحمل معدل وفياتٍ مقدارُها 2-5 بالمائة، فإن من المكسب أن تُجرى الجراحة عندما يصبح قطر أمِّ الدمِ أكبر من 5 سم، شريطة غياب الموانع الطبية الأخرى للجراحة.

الاستقصاءات Investigations

بعد أخذ قصة مرضية دقيقة وفحص المريض فحصًا دقيقًا، تُجرى الاستقصاءات التالية: يحلل البول لاستبعاد السكري بشكلٍ خاص، ويُقاس الهيموجلوبين ويُجرى تعدادُ دمٍ تام وسرعةُ تثقل الدم ESR، وتـُعيَّن زمرة الدم مع المضاهاة إذا تم العزم على إجراء الجراحة خلال بضعة أيام. ويُجرى مخطط كهربائية القلب ECG واختبارات مهام الكبد، وتُقاس دهنيات الدم والكهارل electrolytes. وتُجرى صورة صدر شعاعية وفائقُ الصوت ultrasound للبطن لتقييم قطر أمِّ الدم (الشكل 11-48).

وقد تكون صورة الأبهر aortogram مفيدة في تعيين حدَّي أمِّ الدم الداني والقاصي قبل الجراحة؛ ولكنها لا تحدد القطر لأن الكيس يكون عادة مليئًا بجُلْطة مطوِّقة تؤدي إلى مظهر صورة أبهرية ضيقة خادعة. ويجب الاشتباه بتورط الشريانين الكلويين بأمِّ الدمِ إذا لم يكن ممكنًا جسُّ حدِّ أمِّ الدمِ الأعلى تحت الرهابة xiphisternum والمريضُ مستلقٍٍ على ظهره (5 بالمائة من الحالات فقط). ويكون تصوير الشريان و/أو التصوير المقطعي المحوسب ضروريين في هذه الحالات (الشكلان 11-49 و11-51).

(أ)

(ب)

الشكل 11-48 صورة فائق الصوت ultrasound لأمِّ دمٍ أبهرية يبيِّن كيسًا مملوءا بجُلْطة كبيرة مع لـُـمْـعَةlumen  مركزية صغيرة (تفريستان مستعرضة وطولانية).

 

العملية الجراحية Surgical procedure (الشكلان11-52 و11-53)

يـُنـَـفـَّذ شقٌّ طويل تام في خطِّ الوسط أو شقٌّ مستعرضٌ في أعلى البطن تحت التبنيج العام، والمريضُ مستلقٍ على ظهره، بوجود قثطارٍ بولي وخطٍّ وريدي مركزي في موقعيهما. وتُزاح الأمعاء الدقيقـة إلى اليمـين، ثمّ يعيَّن الأبهـر. ويُفتح الصفـــاق الخلفي الذي يغطي الأبهر ويُعيَّن حدُّ أمِّ الدمِ الأعلى. ويتم البحث عن المستوى بين الأبهر والوريد الأجوف السفلي تحت الوريد الكلوي الأيمن. ثم يُسلَّخ الشريانان الحرقفيان iliacs من البِنيات المجاورة، ويعطى الهيبارين، وتوضع الملاقط الخاصة فوق أمِّ الدم وتحتها. ويُفتح أمُّ الدمِ طولانيًا إلى يمين الشريان المساريقي mesenteric السفلي، وتتم السيطرة على النزيف الرجوعي retrograde من الأوعية القَطَنية والمساريقية بغُرَزٍ توضع من داخل كيس أمِّ الدم. ثم يُخاط الطعم graft خياطةً نهائية نهائية end to end داخل كيس أمِّ الدم (برولين 00). وبعد ذلك يُنزع الملقاط العلوي، ويتم تحقيق الإرقاء haemostasis، ثم تُخاط النهاية السفلية إلى الانشعاب الأبهري aortic bifurcation بطريقة مشابهة. وتُنزع الملاقط بحذر إلى كل رِجْلٍٍ على حدة لأن نقص الضغط ولانظمية القلب cardiac arrhythmia قد يحدثان إذا نُزعت الملاقط بشكلٍ سريع. ويُخاط كيس أمِّ الدمِ فوق الطعم (الشكل 11-54)، ويُغلق الصفاقُ الخلفي لإقصاء الطُعم وخطِّ الخياطة عن الأمعاء (حتى تقلَّ خطورةُ تكوين ناسور). ثم يُغلق البطن طبقةً طبقة.

المضاعفات بعد الجراحةPostoperative complications  

من أكثر المضاعفات التي تشيع عقب تصليح أمهات الدم الأبهرية البطنية، مضاعفاتٌ تنفسية (تصلُّدُ consolidation فصٍّ سفلي وانخماصٌ atelectasis ورئةُ الصدمة). ويحدث النزف في حالاتٍ قليلةٍ نسبيًا، شريطة ألا يستمر دواء مضاد التخثر أكثر من ‘فترةِ بعد

العملية’ المباشرة، وأن يكون الإرقاء مُرْضيًا في نهاية العملية. ويحدث إقفار القولون colonic ischaemia نتيجة نقصان التزويد الرادف في 10 بالمائة من الحالات، ويفشل في الانصراف تلقائيًا في 0.2 بالمائة فقط من الحالات.

            ويندر مشاهدةُ القصور الكلوي وخمجُ الطعم وتَفَزُّر الجرح wound dehiscence عقب العمليات غير الطارئة. ولكنها ربما تضاعف عملياتِ تصليح أمهات الدم المتمزقة. ومن المضاعفات الأخرى، اختلالٌ جنسي وظيفي وتكوُّن الناسور الأبهري الاثناعشري وإقفارُ النخاع الشوكي.

 

الشكل 11-49 صورة وعائية لأمِّ دمٍ أبهرية بطنية. يقع عنق أمِّ الدمِ تحت الشريانين الكلويين.

            الناسور الأبهري الاثناعشري Aortoduodenal fistula. وهو مضاعفةٌ نادرة، ولكنه يعالج بنجاح. ويعقب جراحةَ استبدال الأبهر البطني. ويجب أن يُشتبَه به إذا حدث قُياءُ دمٍ haematemesis أو تغوُّطٌ أسود melaena في الأشهر أو السنوات التي تلي الجراحة. والنتيجة الناجحة تتحقق فقط بالمعالجة السريعة بفصل الأبهري عن الاثناعشر وغلق الثقبين وإقحام جزء من الثرب omentum بينهما.

الشكل 11-50 جُلْطة أزيلت من أمِّ دمٍ أبهري؛ كانت هذه الجُلْطة سبب إعطاء فكرة خاطئة عن قطر أمِّ الدمِ بتصوير الشريان.

 

الشكل 11-51 صورة مقطعية محوسبة للبطن تبين أم دمٍ أبهرية. لقد تمت تقوية الدم الذي يمر خلال الجُلْطة بدواء تبايني ويظهر أبيض اللون.  

 

أمهات الدم المحيطية Peripheral aneurysms

أمهات الدم المأبضيةPopliteal aneurysms . وتشكل أمهات الدم المأبضية 70 بالمائة من كل أمهات الدم المحيطية. وثلثاها موجود

 (أ)

 (ب)

الشكل 11-52 (أ) كيس أمِّ دمٍ بعد فتحه وقد وُضع طعم داكرون أنبوبي في موضعه؛ (ب) لقد خيط الطعم الانبوبي في موقعه ونزعت الملاقط الوعائية.

بالجانبين. وثلاثة أرباعها ينشأ لها مضاعفاتٌ خلال 5 سنوات إذا عولجت تحفظيًا. ويستدعي الأمر فحص الأبهر البطني فحصًا دقيقًا إذا عُثر على أمِّ دمٍ مأبضية لأن ثلثها يرافق أمهاتِ الدم الأبهرية. وتظهر أمهات الدم المأبضية على شكل تورمٍ خلف الركبة، أو بأعراضٍ تنجم عن مضاعفاتها: مثل إقفارٍ شديدٍ يبدأ فجأةً عقب الخثار، أو تقرحٍ إقفاري في الأباخس بسبب الصِـمَّات وتستدعى الجراحة التي يُرَجَّح أن يسبقها انحلال الخثرة داخل الشريان، علىعجلٍ لمنع البتر إذا وجدت المضاعفات، ولمنع المضاعفات في الحالات اللاأعراضية. وقد يكون التشخيص صعبًا، ويعتمد على جسِّ كتلةٍ نابضةٍ خلف الركبة. وكإرشادٍ عام، إذا أمكن جسُّ النبض المأبضي بسهولةٍ في مريضٍ غير نحيل، فإن وجودَ أمِّ دمٍ مأبضية، يجب أخذُها بعين الاعتبار. وقد يساعد فائقُ الصوت US وتفريسةُ التصوير المقطعي المحوسب CT scan، في توثيق التشخيص.

 

الشكل 11-53 تصليح أمِّ دمٍ (نهائي-نهائي end-to-end في داخل كيس أمِّ الدمِ). الغرزة الأولى تقع عند "الساعة 2"، يـُـتـْرَك ثلثا القطر من الخلف (1). ثم تنفـَّـذ الخياصة المتصلة الخلفية (2) وتستكمل (3). يبدأ خط الخياطة الأمامي عند الغرزة الأولى (4) ومن ثم يستكمل هذا الخط (5).

                المعالجةTreatment . وتتم بطُعم مجازةٍ bypass graft مع ربط أمِّ الدم، أو باستعمال طُعمٍ متداخل inlay graft ، أي تصليح موضعي، وهو تطبيقٌ حديث لعملية ماتاس* لرأب أمِّ الدم التقويمي  Matas' reconstructive aneurysmorhaphy.

            وهذه الطريقة تطبَّق غالبًا في معالجة أمِّ دمٍ كاذبةٍ نتيجة الرضح، حيث تكون فتحتُها صغيرةً وليس فيها خمج (الشكل 11-44).

 

الشكل 11-54 طُعمٌ أبهري. تفريسة مستعرضة تبين الطُعمَ في الفراش الأبهري المتوسع.

 

            أمهات الدم الفخذية Femoral aneurysms. أمهات دم حقيقية، وهي ليست شائعة في الشريان الفخذي. وتحدث المضاعفات في أقل من 3 بالمائة منها. وهكذا تكون معالجتُها تحفظيةً مبدئيًا. ابحث عن أمِّ دمٍ في أماكن أخرى، فأكثر من نصفها تصحب أمهاتِ دمٍ أبهريةٍ أو مأبضية.

            أمهات الدم الكاذبة: وتحدث في الشريان الفخذي عند 2 بالمائة من المرضى بعد الجراحة الشريانية في هذا الموقع. والتمزقُ فيه شائع، وأغلبُه خمجيُّ المنشأ. وهكذا، يُستدعى العلاج الجراحي. والتصليح الموضعي مع إعادة المفاغرة reanastomosis في الأربية تحت غطاء من الصادَّات المناسبة، قد يكون ناجعًا، ولكنّ المجازةَ البعيدةَ عن المنطقة المخموجة مع استئصال الجزء المخموج من الطعم لاحقـًا، وتغطيةَ المنطقة بسديلةٍ تحتوي على عضلة الخياطيةsartorius ، هي الطريقة الوحيدة الكفيلة بمنع المشكلات الجديدة.

            أمهات الدم الحرقفية Iliac aneurysms (الشكل 11-49). وتحدث عادةً مقترنةً مع أمهات الدم الأبهرية، ويندر أن تحدث بمفردها. وعندما تكون وحيدةً، فإنه يصعب تشخيصُها سريريًا، وهكذا تظهر 50 بالمائة منها بعد أن تتمزق بالفعل. والمعالجة الجراحية مطلوبة لإجراء مجازة، وإقصاءِ أمِّ الدمِ بربطها فوق التوسع وتحته.

            أمهات دم الأبهرِ الصاعد وقوسِه Aneurysms of the ascending aorta and arch. وتحتاج إلى مجازةٍ قلبية لإجراء عملية تقويمها. وهذه إضافة إلى أمهات الدم المسلِّخة  dissecting في الأبهر الصدري، وأمهات الدم الكاذبة الرضحية في ذلك الموقع، ستبحث في الفصل 41.

الشكل 11-55 فائق صوتٍ US يبين أمهتي دمٍ حرقفيتين بالجانبين..

 

الناسور الشرياني الوريديArteriovenous fistula (AVF)

قد تكون الاتصالات بين الشريان والوريد (أو الأوردة) إما شَوَهـًا ولاديـًّا congenital  malformation، أو مكتسبةً نتيجة رضحٍ من جرحٍ نافذٍ أو ضربةٍ حادة. ويتم إحداث النواسير الشريانية الوريدية جراحيًا في السواعد والسيقان في المرضى حتى يتلقوا ديالاً كلويـًّا renal dialysis (انظر الفصل 57). وتمتلك كلُّ الاتصالات الشريانية الوريدية تأثيراتٍ بنيويةً وأخرى فسيولوجية.

            التأثيرات البنيوية Structural effects. وهي تأثيرات جريان الدم الشرياني في الأوردة مما يسبب تأثيرات مميزة، حيث تصبح الأوردةُ متوسعةً ومتعرجةً، وجدرانُها سميكة (تتشَرْيَن arterialised (الشكل 11-56)). وتجعل هذه التأثيراتُ الآفةَ منتشرةً، كما تجعل العملياتِ الجراحية صعبةً.

            التأثيرات الفسيولوجيةPhysiological effects . إن الجمعَ بين تسريبٍ من جهازٍ شرياني عالي الضغط، وإيابٍ وريدي معزَّز، وزيادةٍ في الضغط الوريدي، تؤدي إلى زيادة سرعة النبض والنتاج القلبي cardiac output. فضغط النبض يرتفع إذا كانت هناك تحويلةٌ دائمة. ويحدث تضخمٌ بطيني أيسر، وفيما بعد قصورٌ قلبي. وقد يسبب الناسورُ الولادي عند صغار السن، فرطَ نموِّ الطرف. ويؤدي إلى حدوث قرحات غير مؤلمة من الإقفار النسبي تحت التحويلة في الرِجْـل.

            سريريًا Clinically، ربما يوجد تورمٌ نابض إذا كانت الآفة سطحيةً نسبيًا. ويُكشَف عن الهرير thrill بالجسّ، ويبيِّن التسمعُ لغطـًا bruit له ضجيجٌ مستمر. وقد تُشاهّد الأوردةُ المتوسعةُ وجريانُ الدم السريعُ فيها. ويؤدي الضغط على الشريان في ناحية الناسور الدنيا إلى نقصانِ حجم التورم وتوَقـُّـفِ الهرير واللغط وانخفاضِ سرعة النبض (وتعرف العلامة بشكل متباين على أنها علامة نيقولادوني* Nicladoni's sign (1875) أو علامة برانهام* Branham's sign (1890). وعودةِ ضغط النبض إلى السوي.

            تصوير الشرايين Arteriography. ويوثِّق وجودَ الآفة. ومما يلفت النظرَ فيها سرعةُ حدوث الامتلاء الوريدي. ويصعب غالبًا تعيينُ موقع الناسور الفعلي.

 

 

 

 

 

 

الشكل 11-56 أمُّ دمٍ شريانية وريدية بعد الرضح في المعصم. لاحظ الأوردة المتشرينة البارزة (الدوالي).

 

            المعالجة Treatment. الآفات الولادية مستقرة. وينصح بالانصمام العلاجي من قبل اختصاصي الأشعة، أو الاستئصال   فقط في التشوهات الشديدة أو النزف الراجع. وكثيرًا ما يكون من الحكمة الاستعانة بجراح تقويم حتى يتم الاجتثاثُ والتقويمُ المناسبان. أما ربط الشريان المغذي فلا يقدم فائدة دائمة وقد يكون مؤذيًا لأنه يتعرض للمعالجة بالانصمام.

            وتَنزِع الآفات المكتسبة إلى أن تتنامى، وتكون الجراحة مطلوبة لذلك. وتُفصَّل الأوعيةُ وتُصلَّح في أثناء العملية إذا أمكن بالخياطة ويُستأصل الكيس البيني. وإذا فشل ذلك يُربط الشريان والوريد اللذان يغذيان الآفة فوقها وتحتها معًا (ربطة رباعيةquadriple ligation ). وقد يتطلب الأمرُ طعومًا وريديةً أو طعومًا من الداكرون.


 

* انطونين برنارد جان مارفانAntonin Bernard Jean Marfan، 1858-1942. أستاذ طب الأطفال، مستشفى  أمراض الأطفال، باريس، فرنسا. وصف المتلازمة عام 1896 .

* يوهان فريدريك هورنر  1831-1886. أستاذ طب وجراحة العيون، زيوريخ، سويسرا. وصف المتلازمة التي تحمل اسمه عام 1869. وقد لوحظت تأثيرات قطع السلسلة الودية العنقية سابقا من قبل فرانسوا بورفوار دو بيتيت (1664-1741) عام 1710 .

* رودولف ماتاسRudolph Matas ، 1860-1957. نيوأورلينز، الولايات المتحدة. أدخل عملية رأب أمِّ الدم عام  1902.

*  كارل نيكولادوني Carl Nicoladoni. جراح من فيينا في القرن التاسع عشر.

* هـ. هـ. برانهام H. H. Branham. جراح، الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة