استقصاء السبيل البولي INVESTIGATION OF THE URINARY TRACT

إن من الأمور السارة في الجراحة البولية هو أنه بعد أخذ التاريخ المرضي وفحص المريض، يوجد عددٌ من وسائل الاستقصاءات قد تستخدم بذكاء لمعرفة الحالة التشريحية والفسيولوجية للسبيل البولي، والوصول إلى تشخيص دائمًا تقريبـًا. لذلك يندر جدًّا أن تكون فكرة الجراحة الاستقصائية العمياء ضرورية. وهكذا، فإن العمليات تخطط بدقة متناهية، وهذا هو سبب نسبة النجاح العالية في الجراحة البولية.

            ومن الوجب أن يتذكر المرء أن مضاعفات مرض الكلى المجموعية جمة، وأنه من المهم أن نتذكر أن البيلة الدموية قد لا تنتج عن مرض أولي في الجهاز البولي، ولكن عن مرض مجموعي آخر. ووجود اعتلال الغدد اللمفية أو تضخم الكبد والطحال قد يشير إلى أن النزيف ثانوي لقلَّة الصفيحات thrombcytopenia، وقد يوحي تاريخ تناول مسكنات بشكل زائد إلى نخر حليمي. ويجب تبني سياسة  أخذ سيرة مرضية تامة للمريض وتناول واسع في طلب الاستقصاءات له.

            وإذا نظر الواحد بشكل أوثق إلى السبيل البولي، فإنه يمكن الحصول على معلومات وافرة بفحص البول المبدئي.

 

البول Urine

التغطيس المختبري Lab-stix (Bayer diagnostics). هو أسهل اختبار وأكثر تواترًا. فهذا الفحص التغطيسي يعطي معلومات عن وجود الزلال والسكر والكيتون في الدم. وكذلك يعطي مؤشرات حول الباهاء pH والكثافة النوعية.

           

الشكل 56-2 بويضة المنشقـَّة shistosoma. ويدل وجود شوكة على بويضة حية. (د. نوال درويش.)

           

            مجهري Microscopy. لتقصي وجود خلايا دم حمراء وخلايا دم بيضاء وجراثيم وبلورات واسطونات casts وبيض المنشقـَّة schistosoma (الشكل 56-2). وإذا وجدت خلايا حمراء في البول يمكن فحصها، إن كان مناسبـًا، فحصـًا مجهريـًّا ذا طور تبايني phase contrast microscopy  لرؤية ما إذا كان لها ‘ظواهر شَوَهيـَّة dysmorphic features’. وإذا ثبت ذلك فقد تكون الخلايا من أصل كبيبي glomerular.

                كيميائي حيوي Biochemistry. لتقصي الكهارل electrolytes والسكر والبيليروبين bilirubin  والهيموجلوبين والميوجلوبين. وإذا وجد مرض الحصى، فقد يستدعى قياس نتاج الكالسيوم في 24 ساعة، وربما الأكسلات واليورات.

            جرثومي Bacteriology. يمكن أن تستخدم زراعة بسيطة لاستكشاف الخمج ويفضل أخذ عينة وسط البول لأنها تتجنب التلوث وتخلو من مخاطر القثطرة. وفي بعض الأحيان، يلزم استخدام وسائط media خاصة، وظروف لاحيوائية anaerobic، للتمكن من عزل بعض الكائنات. وعند البحث عن السل (التدرن)، يجب زراعة عينات صباحية مبكرة في وسيط لوينشتاين-جنسن Lowenstein-Jenesn.

            الخباثة Malignancy. إن استخدام صبغة بابانيقولا Papanicolaou للكشف عن وجود سرطان عنق الرحم في موضعه in situ قد تم تبنـِّيها بحثـًا عن الخلايا المتقشرة exfoliative من الجهاز البولي كما أن لها مكانًا للكشف عن خباثة الظهارة البولية urothelial malignancy.

 

اختبارات المهام الكلوية Tests of renal function

بفضل الاحتياطي الكبير من الأنسجة الكلوية، فقد يحدث تلف جسيم في الأنسجة قبل أن يصبح التلف الوظيفي ظاهرًا. ويمكن أن تصاب المهام الكلوية بالعطب بثلاث طرق رئيسة: فقد يقل جريان البلازما للكلى وتتلف الكبيبات glomeruli أو تصاب مهام النبيبات tubules بالعطب. وفي حالة فرط ضغط الدم الأساسي essential hypertension، يكون الخطأ الرئيسي في جريان البلازما الكلوية. وفي حالة التهاب كبيبات الكلى glomerulonephritis، يكون التأثير الرئيسي في نقص معدل الرشح الكبيبي glomerular filtration، بينما تقع الطامة الكبرى في حالة التهاب الكلوة والحويضة pyelonephritis على المهام النببية. وفي حالة الضغط العكسي الناتج عن الانسداد، يصبح كل شيء معطوبـًا.

            وأبسط اختبار للمهام الكلوية هو يوريا الدم (5.2 -5.6 ملمول) والكرياتنين المصلي (40-130 ملمول). ويمكن الحصول على قياس أدق للرشح الكبيبي بحساب تصفية الكرياتنين، حيث يجمع بول 24 ساعة وفي أثنائها تقاس عينة مصل من أجل الكرياتنين. وتحسب النتيجة باستعمال المعادلة ت ح\ب حيث (ب) تمثل تركيز الكرياتنين في البول، و (ح) حجم البول، و (ب) تركيز البلازما. ويمكن عمل هذا الآن باستعمال إيثيلين ثنائي أمين  رباعي حمض الأستيك الموسوم بكروم-51 ethylenediaminetetra-acetic acid (EDTA).

            ويندر أن تكون هناك دواع إلى قياس جريان الدم الكلوي في الممارسة البولية السريرية. وأبسط فحص لوظيفة النبيبات هو الكثافة النوعية. وإذا ما احتجنا إلى معلومات بتفصيل أكثر، يمكن فحص إفراز الشوارد ions مثل الصوديوم، أو البحث عن وجود بيتا-2-جلوبيولن صِغري beta-2-microglobulin أو الأنظيم النبيبي ن-أسِـتايل- بيتا-د-جلوكوزأمايد N-acetyl-beta-glucosamide (NAG).

 

الأشعة - الدراسات التباينية Radiology-contrast Studies

ان صورة البطن العادية قد تكشف عن ثروة من المعلومات حول المريض. ويجب أن يعتمد أسلوب روتيني للتأكد بداية من أن الصورة أخذت بطريقة تبين اليمين من الشمال، مع التذكر بأن الكبد يقع إلى اليمين، وأن فقاعة معدية هوائية تقع إلى اليسار. وإلقاء نظرة سريعة على العمود الفقري والعظام، قد  يكشف عن وجود جنف scoliosis وسنسنة مشقوفة spina bifida ومرض تنكسي في الفقرات القـَطـَنية ونقائل وكسر سابق في عظام الحوض والتهاب الوركين. وكل هذه يمكن أن يكون لها دلالات هامة بالنسبة للجهاز البولي. ويجب مراقبة ظلال الأنسجة الرخوة، والبحث عن حدود العضلة القـَطـَنية psoas الكبيرة. وكذلك يمكن تقدير ظلال الكلوتين والمثانة، ويجب البحث عن وجود حصيات على طول مواقع السبيل البولي.

            صورة الجهاز البولي الوريدية Intravenous urogram (تصوير الجهاز البولي urography تصوير الحويضة الوريدي intravenous pyelogram (IVP)) (الشكل 56-3). إن فحص الجهاز البولي شعاعيـًّا يعتبر الركن الأساسي في الاستقصاء منذ وضع استعمال مواد التباين في أوائل الثلاثينيات في موضع الاستعمال. وتعتمد هذه الطريقة على الرشح الكبيبي لمادة دياترايزويت الصوديوم sodium diatrizoate. ويجب أن نذكر أن هذه المادة مولدة للأرجية allergenic.

            وقبل زرق أي مادة ظليلية، ينبغي على من يعطي المادة أن يستفسر عن أي سيرة أرجية وربو وتأتب atopy وأكزيما. ومن المهم أن يعرف إذا سبق أن زرقت مادة ظليلية من قبل وإذا حصل أي انفعالٍ لها. فقد يكون الانفعال إذا حدث مجرَّدَ شعورٍ بالتبيغ flushing. وطبعـًا قد يكون أكثر وضوحًا بظهور انتبار wheal، وفي حالاته القصوى، بحدوث وذمة رغامية laryngeal oedema ووهط وعائي circulatory collapse. لذلك فإنه لأمر حيوي أن تكون المعدات والعقاقير اللازمة لإنعاش المريض متوافرة في المكان عند إجراء أي من هذه الفحوصات. وفي حالة وجود ضعف في المهام الكلوية، فإن المعلومات التي يمكن الحصول عليها بالتصوير الظليلي محدودة فقط.

 

الشكل 56-3 تصويرجهاز بولي  وريدي سويٌّ يبين حياط الكلوتين جميعـًا مع الجهاز الجامع والحالبين العلويين موضحة بوسيط التباين.

 

            التحضير Preparation. يعطى المريض في العادة مادة ملينة laxative قبل إجراء هذا الفحص، ويطلب منه الامتناع عن شرب السوائل لمدة 6-8 ساعات قبل الدراسة، ومن الأمور الحيويةة ألا يعرَّض مريض النقيوم المتعدد multiple myeloma للتجفاف، لأن ذلك قد يعجل بحدوث قصور كلوي حاد.

            الأسلوب Technique. تزرق المادة الظليلية (Urografin or Niopam 370) في وريد مناسب في الساعد، ويجب مراقبة حدوث انفعال مراقبة دقيقة باستمرار في أثناء دوران الميليلترات الأولى القليلة التي تُزْرَق. ثم تؤخذ أفلام أولية مبكرة لتوضيح طور صورة الكلوة nephrogram، وهنا تجري المقارنة بين الكلوتين، لأن التأخر في عمل إحداهما يدل على وجود تضيق في الشريان الكلوي، أو على وجود اعتلال كلوي انسدادي في جهة واحدة. وبعد دقائق قليلة، تفرغ المادة الظليلية في الجهاز الجامع، وتبدأ في الظهور في كؤوس الكلوة وحويضتها. وتبين الصور المتأخرة الحالبين والمثانة. وفي نهاية الدراسة، يطلب من المريض أن يبول، وتؤخذ صورة نهائية لمنطقة المثانة. ومن المهم أن نتذكر أن صورة الجهاز البولي الوريدية ما هي إلا مجرد تمثيل طبوغرافي لحدث ديناميكي. (الشكل 56-3).

            تصوير الحويضة المتجِّه إلى  الأمام Antegrade pyelography. عندما يوجد شك في تشخيص أمر غير طبيعي في السبيل البولي العلوي، يدعو البعض بثقب الكلوة بواسطة الإبرة تحت سيطرة تخطيط الصدى مع حقن مادة التباين في الجهاز الجامع مباشرة. وعمومًا يفضل أن يترك هذا عند التخطيط لدراسة الضغط أو لإجراء نزح علاجي.

            التصوير الرجوعي الحالبي الحويضي Retrograde ureteropyelography. هذا الفحص الذي يقتضي بدايةً ادخال قثطار حالبي دقيق (الشكل 56-4) في فتحة الحالب، يحتاج عادة إلى تخدير عام، خاصة في الرجال. وتحقن مادة ظليلية في الحالب في حالة الشك بوجود آفة في لـُـمْعـَة lumen الحالب (الشكل 56-5).

 

الشكل 56-4 قثطار حالبي على وشك دخول فتحة الحالب اليسرى. مشهد من خلال المنظار.

 

 

 

 

 

ومن المهم أيضًا، إيضاح الحالب العلوي قبل إجراء عملية رأب الحويضة pyeloplasty في حالات انسداد الموصل الحويضي الحالبي (انظر الفصل 57). وفي أثناء إجراء هذا الفحص يمكن إظهار التشريح باستعمال شاشة تلفزيونية image intensifier، ولكن يجب الحصول على تسجيل دائم إذا كان ذلك ممكنًا. وفي بعض الظروف غير العادية، يكون جمع البول من كل فتحة بمفردها أمرًا قيِّمـًا وقد يسرع إعطاء مدرٍّ للبول هذا الجزء من الاختبار. ويسمح التطبيق الجديد لهذه الطريقة بإدخال قثطار تبرز منه فرشاة صغيرة، وهذه تسمح بالحصول على مسحات من ورم مريب في الغشاء المخاطي، وباستعمال هذا الأسلوب، لا يكون التشخيص مؤكدًّا فقط، بل يمكن كذلك وضع درجة الورم من قبل اختصاصي خلوي متمرس.

 

الشكل 56-5 صورة حالب رجوعية تبين الجهاز الجامع. يوجد في داخل الحويضة عيب شفيف للأشعة - حصاة حمض يوريك.

 

            التصوير الشرياني الكلوي Renal arteriography (الشكل 56-6). في البداية طُوِّرَ التصوير الشرياني الكلوي كأداة تشخيصية، وحديثًا أضيفت إليه بعض التطبيقات العلاجية. وإن زرق المادة الظليلية في الشريان، قد يكون ذا قيمة في بيان التشريح المرضي للشريان الكلوي عند البحث عن تشخيص تضيق الشريان الكلوي أو عصيدة atheroma وخيمة أو أم دمِّ aneurysm الشريان الكلوي aneurysm. وقد يكون من المفيد توثيق تشخيص سرطان الخلية الكلوية، وقد استعملت حديثًا لتحديد موقع النزيف سواء أكان من رضح كلوي أم شوه شرياني وريدي arteriovenous malformation. في مثل هذه الحالات، يمكن بيان وعاء دموي نازف أو ناسور، ويمكن بعد ذلك صمّهما embolisation باستعمال سدادة صغيرة من رغوة هلامية gel foam أو مادة مشابهة. ويظهر أن رواج صم الكلوة المصابة في السرطان الخلوي مؤخرًا قبل استئصالها قد فقد شعبيته. والتطبيق العلاجي الثاني، هو رأب الوعاء عبر اللـُـمْعـَة tansluminal angioplasty في حالة تضيق الشريان الكلوي، وهنا ينفخ بالون في داخل المنطقة الضيقة.

            وهناك طريقتان لإجراء التصوير الشرياني وهما عبر القـَطـَن ورجوعيـًّا.

(أ)

 (ب)

(ج)

الشكل 56-6 تصوير شرياني انتقائي كلوي يميز بين كيسة وورم. (أ) تصوير حويضة وريدي يبين كؤوسـًا مشوهة تشبه ساق العنكبوت. (ب) تصوير شرياني يبين أنها كيسة (المنطقة الصافية). (ج) تصوير شرياني يبين الأوعية الدموية الشاذة في أحد الأورام.

            تصوير الأبهر عبر القـَطـَن TransIumbar aortgraphy ويجري تحت تخدير عام، حيث تزرق إبرة في الأبهر البطني فوق الشرايين الكلوية تمامًا. (مستوى الفقرة القـَطـَنية الأولى)، وتحقن المادة الظليلية، وتؤخذ أربعة أفلام بتتابع سريع. ولتقليل الحوادث، تزرق كمية قليلة من المادة الظليلية وتؤخذ صورة للتأكد من أن الابرة في مكانها الصحيح (انظر ‘الأخطار‘ فيما بعد).

            التصوير الشرياني الرجوعي Retrograde arteriography. باستعمال إبرة سيلدينجر* (انظر الفصل الحادي عشر). تزرق الإبرة  في الشريان الفخذي، ثم يسحب المرود stilette، ويمرر سلك مرشد رأسه طري في داخل الشريان، وتسحب الإبرة،  ويضغط على الشريان لتجنب النزيف، بينما يُدَكـَّك قثطار شرياني عتيم للأشعة  فوق السلك المرشد، ويوجه من خلال الجلد والثقب الشرياني داخل الشريان. ويدفع القثطار إلى المستوى المطلوب، ثم يحقن السائل التبايني (Hypaque). ويمكن الحصول على تصوير شرياني كلوي انتقائي selective، باستعمال قثطار معقوف يوجه إلى داخل الشريان الكلوي (الشكل 56-6).

            ويكفي 6-7 مل من السائل التبايني عادة للتصوير الشرياني الانتقائي و30 مل دفعة واحدة في الأبهر. وأخطار هذا الإجراء هي النخر النبيبي tubular necrosis والشلل النصفي وغالبًا ما يكون مؤقتًا. وقد تم التخلص منها باستعمال السوائل التباينية الحديثة، ولكن ربما يحدث  تأذٍ في  صفيحة عصيدية plaque of arheroma ويحدث انصمام وأم دمٍ مسلـِّخة dissecting aneurysm.

 

            التصوير الشرياني بالطرح الرقمي Digital subtraction arteriography  (DSA). إن إدخال التحسينات على التصوير الشعاعي قد أزال الحاجة إلى تصوير الأبهر عبر القـَطـَن، ويمكن الحصول على تصوير مقنع لتشريح الأوعية الكلوية بحقن مادة التباين عبر الوريد. ومع ذلك، عندما تكون هناك حاجة لمعلومة دقيقة، فإن الزرق قد يتم في الشريان عبر الشريان الفخذي كما وصف أعلاه، ولكن يمكن استعمال إبرة دقيقة أكثر، وهذا يقلل رضح الشريان الفخذي، ويستبعد حاجة المريض للبقاء في المستشفى ليلة بعد الإجراء.

            تصوير المثانة Cystography. إن تصويرالمثانة البسيط المتضمن زرق مادة ظليلية من خلال قثطار يدخل في المثانة، نادرًا ما يكون ضروريـًا هذه الأيام، إلا في حالات استقصاء الأطفال، أو الشك بوجود قناة ناسورية أو رضح مثاني. وتصوير المثانة التبولي micturating cystogram، يستخدم عند البحث عن وجود جزر بولي مثاني حالبي vesico-ureteric reflux. ويكون المريض عادة طفلاً ويجب إدخال قثطار دقيق، ثم تملأ المثانة في جو هادئ ومريح، ثم ينزع القثطار ويراقب المريض بالأشعة في اثناء تفريغ المثانة مع ملاحظة عمل عنق المثانة خاصةً، ووجود جزر بولي. وبإضافة أجهزة لمراقبة ضغط المثانة، يمكن أن تجمع من هذا الاختبار مزيد من المعلومات أكثر فائدة، وتصبح الدراسة البولية الحركية urodynamic مناسبة بشكلٍ مثالي (أنظر الفصل 58).

            تصوير الإحليل Urethrography. إن تصوير الإحليل (الشكل 56-7)، ذو قيمة خاصة في الحصول على معلومات عن طول تضيق الإحليل ووجود توسع أو رَتـْج فوق التضيق، أو فشل المادة التباينية في المرور من التضيق. ويكشف أيضًا وجود قنوات متوسعة في حالات التهاب البروستاة المزمن، خاصة التهاب البروستاة التدرني. والمانع الوحيد لاستعمال هذه الطريقة وجود نزيف إحليلي. ويجب اختيار المادة الظليلية بعناية فائقة، لأن وجود شق بغشاء الإحليل، يسهل دخول المادة إلى الدورة الدموية.

 

الشكل 56-7 تصوير الإحليل الصاعد يبين تضيقـًا شديدًا في الإحليل البصلي. يوجد توسع فوق التضيق، وتمر المادة التباينية عبر الإحليل البرووستاتي إلى المثانة.

            وتحمل مادة الليبيودول lipiodol في طياتها خطر انسداد وريدي زيتي، ولذلك يجب عدم استعمال هذه المادة مطلقًا. ولكن الأسوأ منها مادة الباريوم إذا حقنت حيث حدثت وفيات نتيجة استخدامها في حالات تمزق الإحليل.

            ولذلك، يجب أن تكون المادة غير ضارة إذا وصل جزء منها إلى الدورة الدموية، ويجب ألاً يكون الحقن سريعًا وقويًا. وللأغراض العامة، تحقق مادة أومبراديل اللزجة Umbradil viscous V الغرض أكثر ما يمكن، وهي مادة هلامية تُعْصَر من أنبوبة مثبتة في نهاية حقنة إحليلية، وتحقن بسهولة، وتحتوي على المخدر الموضعي ليجنوكائين lignocaine. ويصبح الحقن مُرْضِيًا تمامـًا باستخدام جهاز ناتسون* الموصول مع ملقاط للقضيب penile clamp.

 

الشكل 56-8 البنيات في أرضية الإحليل الخلفي. (نقلاً عن ج.س. إينزورث- ديفيس، FRCS - لندن)

           

            التصوير الوريدي Venography. تستخدم هذه الطريقة لتبين إذا كان الورم السرطاني الكلوي قد انتشر في الوريد الكلوي، أو حتى في الوريد الأجوف السفلي. ولكن يمكن الحصول على هذه المعلومة بطرق أحسن، إما بواسطة فائق الصوت ultrasound، أو تفريسة التصوير المقطعي المحوسب CT scan، وهكذا يتم تفادي الأساليب الباضعة invasive.

 

تخطيط الصدى Ultrasonography

إن نوعية الصورة التي يمكن الحصول عليها بواسطة تخطيط الصدى، قد أحدثت ثورة في استقصاءات الجهاز البولي. ويمكن التمييز بين السائل والأنسجة الصلبة، ومن ثمَّ التمييز بين الكيسة والورم. ويمكن تحديد حجم الكلوة وسماكة قشرتها كما يمكن ايضاح الكؤوس calyces على حدة، وكذلك توسع الجهاز الجامع collecting system. (وهكذا يمكن تشخيص المَوَه الكلوي خلال ثوان). وهذا الاستقصاء أبْعَدَ الساعات المؤلمة التي كانت تصرف في إجراء  الصور المقطعية أو صور الجهاز البولي التسريبي عند التعامل مع القصور الكلوي الحاد.

            ويمكن الحصول على مناظر محدودة فقط للحالب، لأن عظام الحوض تعترض الطريق. ويمكن إمعان النظر في المثانة للبحث عن وجود بول مثابر، أو ربما عن امتلاء معيب filling defect.

            تخطيط صدى البروستاة عبر المستقيم Transrectal Ultrasonography أصبح تقريبًا، باستعمال مجسات probes داخل المستقيم، استعمالاً روتينيًا في الجراحة البولية. وإذا كان هناك شكوك حول الخباثة عند الفحص الشرجي أو كان مستضد البروستاة النوعي prostatic specific antigen (PSA) غير سوي، فإن تخطيط الصدى عبر المستقيم يكون مطلوبـًا عندئذ. إن ظواهرتخطيط الصدى في السرطان ليست خاصة تمامًا، ولكن الفرد ينظر إلى عدم انتظام الشكل وترتيب الأصداء الهندسي في داخل البروستاة. ويمكن كذلك الحصول على معلومات حول غزو المحفظة. وهناك تطبيق علاجي إضافي حيث يمكن أخذ خزعات دقيقة بمساعدة فائق الصوت لتحديد الموقع الدقيق.

 

التصوير المقطعي المحوسب Computed tomography (الشكل 56-9).

إن التتقييم يالحاسوب وعرض مقطع عرضي لصور للجسم في مستويات مختارة، قد ألغى تقريبًا الحاجة للتصوير الشرياني، بالتأكيد كأداة تشخيص. وعندما يثور الشك خاصة حول نوعية كتلة في الكلوة، فإن الصور التي يمكن الحصول عليها مفيدة بشكلٍ خاص، لأن أنسجة الجسم المختلفة لها وحدات هاونسفيلد* معينة.

            وعند تقييم سرطانة كلوية محتملة، يعطي  التصوير المقطعي المحوسب معلومات حول:

                 ·   حجم الورم وموقعه.

                 ·   وجود عقد لمفية متضخمة عند نقير hilum الكلوة.

                 ·   غزو الوريد الكلوي والوريد الأجوف السفلي.

            وقد تفيد أيضًا الصور المقطعية المحوسبة في تحديد مرحلة سرطان المثانة وسرطان البروستاة. وربما كان أهمَّ دور مفيد لهذه الطريقة وضعُ الدرجات المبدئية ومتابعة المرضى الشبان المصابين بسرطان الخصية.

 

الشكل 56-9 صورة مقطعية محوسبة تبين ورما في الكلوة (انتبه : تقرأ الصورة المقطعية المحوسبة من جهة قدمي المريض، وهنا يوجد ورم كلوي أيمن على يسار الصورة).

 

التصوير بالرنين المغناطيسي Magnetic resonance imaging

لم يثبت أن استقصاء أمراض الكلوة والمثانة والبروستاة بالتصوير بالرنين المغناطيسي أفضل من تفريسة التصوير المقطعي المحوسب الجيدة بشكل عام. وعلى كل حال، فالأكثر إثارة في هذا الموضوع هو وضع التفرس المقطعي ببث البوزيترون positron في موضع الاستعمال، ويبدو أنه واعد في تحديد مراحل الخباثات بشكلٍ خاص.

 

التفرس بالنظائر المشعة Radioisotope scanning

لقد أضيف بُعْدٌ جديد باستخدام النظائر المشعة مثل 99mTc-DTPA و99mTc-MAG3 و 131I-hippuran. ويرشح DTPA بواسطة الكبيبات، ويرشح MAG3 وهيبيوران ويفرزان بواسطة النبيبات. ويمكن الحصول على معلومات بخصوص المهام الكلوية التفريقية، وتقييم سبل جريان الدفق outflow المتوسعة (الشكل 56-10). وكذلك، إن تفريسة العظم بالنظير المشع استقصاء روتيني لتحديد مراحل الخباثة.

            وفي السنوات القليلة الأخيرة، تركز الاهتمام بشكل كبير بحقن DTPA وإضافة الفروسامايد frusemide عند النظر في الحالات المشتبه بأنها انسداد حوضي حالبي. ومهما بلغت القياسات العلمية، لا يمكن الحصول على جواب واضح في نسبة صغيرة من الحالات. وفي مثل هذه الحالة، يلزم إجراء اختبار التروية بالضغط المتجه إلى الأمام antegrade pressure perfusion test كما ابتكرها ويتاكر*. وتجربة ويتاكر تتضمن ثقب الجهاز الجامع بإبرة دقيقة، ثم تروى بمعدلات مختلفة. وخلال هذا الجريان إلى الداخل، تتم مراقبة مستمرة للضغط في حوض الكلوة، ويلزم إبقاء قثطار لإزالة الخطأ الناجم عن ارتفاع الضغط داخل المثانة. وارتفاع الضغط غير الطبيعي يدل على وجود انسداد.

 

الشكل 56-10 تفريسة كلوية بالنظير المشع (أنظر الشرح).

 

التنظير Endoscopy

منذ وضع المنظار عام 1877 بواسطة نتز* في موضع الاستعمال، قدر الجراحون أهمية فحص المثانة بالعين، وأن نطاق الآلات المتوافرة الآن تتجاوز أغرب أحلامه.

            ويمكن تنظير المثانة والإحليل إما بأداة صلبة أو لينة، وإما بتخدير موضعي أو عام. وإذا ما تقرر عمل تنظير تشخيصي بسيط للمثانة فإن استعمال المنظار الليفي، مع دهن الإحليل قبل ذلك بمادة هلامية مخدرة (25,. بالمائة جلوتونات كلورهيكسيدين chlorhexidine glutonate) في 1 بالمائة ليجنوكائين lignocaine هو أسلوب بسيط جدًا، ويعطي دقة في التشخيص للذين لديهم خبرة. وفي الحقيقة، إن تنظير المثانة بالمنظار الليفي، قد أحدث ثورة في متابعة مرضى سرطانة المثانة، بتجنب الكثير من إدخالهم غير الضروري إلى المستشفى وإعطائهم تبنيجًا عامًا. ولكن الكثير من صغارالسن من كلا الجنسين لا يحتملون هذا الأسلوب لفحص الإحليل والمثانة بشكل جيد.        لهولاء المرضى، أو عند التفكير بعمل شيء مثل خزعة المثانة أو كي ورم مثاني، يكون من الأسهل إعطاء مخدر عام لمدة قصيرة، واستعمال الأداة الصلبة.

            ومهما كان الأسلوب المتبع، يجب أن نتذكر أن الفحص هو لكل من الإحليل والمثانة. ويجب أن لا تدخل الأداة في الذكر بشكل أعمى، بل يجب أن يشمل التقييم المبدئي فحص الإحليل مع العناية بتوجيه الأداة عبر البروستاة إلى المثانة. ويجب اتباع أسلوب منظم لفحص المثانة بملاحظة المثلث trigone وموقع الحالبين، وفحص الظهارة البولية والمظاهر الأخرى مثل التربق trabeculation وتكوّن الرتوج فحصـًا دقيقـًا.


 

*  س.ي. سيلدينجر S.I. Seldinger، ولد 1921. أختصاصي أشعة سويدي.

*  فولك ناتسون Folke Knutsson، معاصر. مدير قسم الأشعة، المستشفى الجامعي، اوبسالا، السويد.

* سير جودفري هاونسفيلد Sir Godfrey Hounsfield، FRS، معاصر. رائد التصوير المقطعي المحوسب في شركة الأدوات الموسيقية الكهربائية EMI.

*  روبرت ويتاكر Robert Whitaker، معاصر. مستشار جراحة مسالك بولية في مستشفى أدينبروك، كمبردج، انجلترا.

*  ماكس نتز Max Nitze، استاذ جراحة المسالك البولية، برلين، المانيا، بالتعاون مع بنيش Beneche، نظاراتي من فينا، أنتجا عام 1877، أول منظار للمثانة.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة