الحروق الحرارية HEAT BURN

إن وصول المصاب بحادث حرق إلى قسم الطوارىء هو من أكثر الأحداث المثيرة في الممارسة الجراحية. إن الإصابة المفاجئة ورؤية الأذية والألم والخوف وانفعال المشاهدين تتضافر جميعـًا حتى تخلق جوًا من التوتر. وقد تمنع حاجةُ المريض الفورية إلى إنعاش وتفريج الألم تقييمَه المعتاد مؤقتًا بأخذ السيرة المرضية والفحص السريري. ومع ذلك، إن لآلية الحرق أهمية كبرى في تقييم شدة الحرق المحتملة، ويجب الاستفسار عنها بالتفصيل بمجرد أن تسمح حالة المريض بذلك، وتؤخذ المعلومات من المريض أو من طرف ثالث.

          وتقييم درجة إصابة الأنسجة سريريًا من عمق السطح المحروق ومساحته.

عمق الحروق Depth of Burns.

حروق سماكتها جزئية Patrial skin thickness (سطحية)، وتمتد خلال البشرة إلى أكثر جزء سطحي من الأدَمة dermis فقط. وتتميز هذه الحروق بالعمليات الانفعالية في الأدَمة المتبقية (حمامي erythema ونفطات blisters) وبأنها تلتئم تلقائيًا من دون تندب، مع أن بعض التغيرات في قوام الجلد الملتئم واصطباغه قد تحدث.

حروق الأدَمة العميقة Deep dermal burns: وتمتد أكثر عمقًا في الأدَمة ولكن مع الاحتفاظ بما يكفي من بنيات اللواحق الجلدية skin appendages في الأدَمة المتبقية لتسمح بالالتئام الذاتي منها. ولكن تأذي الأدَمة يسبب التندب.

حروق سماكتها تامة Full thickness (عميقة). تدمر الحروق العميقة كلَّ عناصر الأدَمة. لذلك لا توجد حمامي انفعالية reactive erythema، ويكون لون الجلد أبيض في الغالب وقد يكون متفحمًا إذا كانت الإصابة شديدة. ولا يوجد حسٌّ جلدي لشكة الدبوس بسبب فقدان تعصيب الجلد.

مساحة الحرق Area of burns

القاعدة السريرية التقريبية التي تستعمل بشكلٍ شائع هي قاعدة التسعات rule of nines، وتخدم كمؤشر تقريبي لمساحة سطح الجسم (الشكل 10-31).

إصابة الحرق - الآلية Heat injury - mechanism

تحدد كميةُ الأنسجة المصابة إنذارَ المريض وتعتمد على:

          ·       درجة حرارة العامل الحارق.

          ·       طريقة انتقال الحرارة سواء بالملامسة أو الاشعاع الحراري أو اللهب.

          ·       فترة الملامسة.

الأسماط Scalds تسبب إصابة جلدية محدودة ومميزة (الشكل 10-32) . ودرجة حرارة الماء المغلي (100؛ م) أو البخار ثابتة، والعامل الأكبر الذي يحدد شدة الإصابة هو فترة الملامسة. وفي المنازل، يسبب الماء المتناثر من الغلايات أو أواني الطبخ  إصابات شائعة في الأطفال. وكما هو الحال في كل إصابات الحروق، يكون الأشخاص الأقل قدرة على حماية أنفسهم (الصغار جدا والكبار جدًا والسكارى) أكثر عرضة للإصابة. والأطفال الذين يتسلقون للقبض على ثنية غلاية كهربائية أو يد إبريق قد يبللوا أنفسهم بماء مغلي، وكلما كان الحجم أكبر كانت الإصابة أشد من حيث المساحة والعمق. وقد يسبب، حتى فنجان قهوة أو شاي، سمطًا كبيرًا. وللتنبؤ بالنتيجة، قد يكون من المجدي معرفة ما إذا أضيف الحليب، مما يسبب خفض الحرارة، على الرغم من أن هذا قد يبدو تافهًا للوالد المتوتر. والوجه والرقبة وأعلى الجذع والأطراف هي المناطق التي يكثر أن يشملها الحرق. ومع أن القطرات المتناثرة تبرد بسرعة مما يقلل فترة الأذى، فإن أسوأها قد تترك ندبًا دائمة. والغمر في الماء المغلي أو التعرض المطول للبخار في بعض الحوادث الصناعية (إذ ربما تكون درجة حرارة البخار الذي يسخن فوق العادة أكثر من 100ْم) خطيران بشكلٍ خاص ويسببان حروقًا أعمق على الأرجح.

حروق الدهن Fat  burns. إن درجة حرارة دهن أو زيت الطبخ أعلى بكثير (180ْم) من الماء المغلي، وكذلك فإن الدهن الساخن يبرد ببطء فوق سطح الجلد. لهذا تسبب القطرات المتناثرة حروقًا عميقة.

حروق اللهب Flame burns قد تنجم عن حوادث متنوعة: حريق المنازل وحريق الملابس وتناثر البترول فوق الجلد ولهيب غاز البيوتين. وتحدث عادة في مناطق محصورة وقد يصحبها أذى الاستنشاق (الشكل 10-33).

ومن المهم أن نعرف إذا ما اشتعلت الملابس وكيف أطفىء اللهب (هل احترقت الملابس؟). يمكن لبعض الأقمشة أن توفر الحماية، ولكن إذا احترقت الملابس، فإن طول فترة ملامسة اللهب للجلد تزداد. وقد يحترق القماش المعيق للهب تحت ظروف قاهرة.