كيسات الفك CYSTS OF THE JAW (الشكل 32-18)

تحدث كيسات مختلفة في الفكَّيْن، وستوصف تلك التي يحتمل أن يواجهها الجراح العام. وفي معظم الحالات، تتألف الكيسة من محفظة ليفية يغطيها من جهتها الداخلية نسيجٌ ظهاري epithelium. ويشار إلى الطبقتين معًا على أنهما بطانةُ الكيسة.

 

الشكل 32-18 رسمان يبينان بعض كيسات الفك: (1) كيسة قرنية عديدة المساكن مع كيسات وليدة؛ (2) كيسة عظم وحيدة؛ (3) كيسة خارج جريبية حاوية للسنّ؛ (4) كيسة حول قمِّية (كيسة سنّية أو كيسة جذرية)؛ (5)كيسة حاوية للسنّ.

 

          الكيسات حول القمِّية، أو الجذرية، أوالسنّية Periapical, radicular or dental cysts. تنشأ هذه الكيسات في قمم الأسنان ذات اللب المنخور. وهي مبطنة بظهارة حرشفية مطبَّقة stratified squamous epithelium مستمدة من حطام مالاسيز* الظِهاري epithelial debris of Mallassez . وحالما تتكون هذه الكيسات تنمو ببطءٍ مسببةً ارتشافَ العظم المحاذي، وفيما بعد تـَوَسُّع الفك. وإذا لم تعالج، فإنها تصبح كبيرة لتشمل الجزءَ الأكبر من جسم الفكِّ السفلي، أو معظمَ الجهة الواحدة بما في ذلك فرع الفكِّ السفلي. وفي الفكِّ العلوي، تكبر الكيسات حتى تملأ جيبَ الفكِّ العلوي وصماخَ meatus الأنف السفلي، قبل أن تسبب توسُّعًا عيانيًا. ويجب تمييزها شعاعيًا من سرطان الغار antrum.

          الكيسة الحاوية للسنّ Dentigerous cyst. وتنشأ نتيجة انفصال ظهارة الميناء enamel epithelium المتقلصة، عن سطح تاجِ سنٍّ لم تبزغ، مع  تجمع سائل في الفجوة بينهما. وهي تنمو بطريقة تشبه الكيسات حول القمة، ما عدا أنها تزحزح السنَّ التي ترتكز إليها. وتتزحزح السنُّ عادة إلى عمق الفكِّ، وتمنعها الكيسة من البزوغ. وترتكز بطانة الكيسة عادة حول عنق السنّ، بحيث يبرز التاج داخل تجويف الكيسة. وأحيانًا يكون جانب التاج فقط محاذيًا لتجويف الكيسة. والأرحاء الثوالث third molars العليا التي لم تبزع بعد، هي التي تشاهد في صورة الأشعة مُزاحَةً عاليًا نحو أرضية الحجاج، وتكون مشمولة عادة في كيساتٍ حاويةٍ للأسنان.

          المعالجة Treatment. قد تعالج الكيسات حول القمِّية وكذلك الكيسات الحاوية للأسنان، إما بـفـَصْعِ enucleation البطانة من التجويف العظمي وإغلاق الجرح إغلاقًا أوليًا، أو بالتوخيف marsupialisation. وعند توخيف الكيسة، تنفَّذ فتحةٌ واسعة في العظم الرقيق الذي يغطيها وفي بطانتها جميعًا، وتـُثـْـنـَى السديلةُ الجراحية في مخاطية الفم إلى الداخل حتى تلتقي مع حافة البطانة المقطوعة. ويحشى التجويف مبدئيًا. وقد يحتاج الأمر فيما بعد إلى سِدادةٍ خاصة لتُبقي الفتحة مُشرعةً. وحالما يخفُّ الضغط، يبدأ التجويف بالامتلاء. وقد تعالج كيسات الفكِّ العلوي الكبيرة التي تشغل معظم الجيب، بنزع بطانة الكيسة وإزالة الحاجز بين التجويف العظمي والغار antrum. ثم يخاط جرح الفم بعناية.

          وفي حالات الكيسات حول القمِّية، يجب معالجة السنِّ الميتة المؤذية إما بقلعها أو معالجة جذرها. وفي بعض الأحيان يمكن الاحتفاظ بالسنّ المتورطة في كيسةٍ حاويةٍ للسنّ، إذ يتم حفزه حتى يبزغ. وهناك عددٌ لا بأس به من التفاصيل الفنية المتعلقة بهذه العمليات، التي يجب على المعالج أن يألفها حتى يضمن النجاح.

 

          الكيسات القرنية Keratocysts. وتمتلك هذه الكيساتُ طبقةً رقيقةً من الظِهارة المتقرنة keratinised في جهتها الداخلية، كما تمتلك بطانتُها عددًا من الظواهر المتميزة التي يتعرف عليها اختصاصي الأمراض النسيجية. وتنشأ هذه الكيسات من خيوط ظهارية ثمالية residual strands of epithelium من صفيحة الأسنان. وينشأ بعضُها بين الأسنان المنتصبة، والبعضُ الآخر خلف الرحى الثالثة في قاعدة الناتئ المنقاري coronoid process. وتدعى الكيسات في هذه المواقع، الكيسات الأولية primordial. وتنشأ كيسات أخرى من حطام سيريس* الظهاري epithelial debris of Serres (أي بقايا الصفيحة السنّية فوق تاج السنّ مباشرة)، وتغلـَّف السنُّ  في أثناء نموها، وهكذا لا تميز شعاعيًا من كيسة حاوية للسنّ dentigerous؛ ومع ذلك، تبقى هذه الكيسات منفصلة عن تاج السنّ، بجريبةٍ سنِّية، وبذلك تدعى كيساتٍ حاويةً للسنّ خارج الجريبة extrafollicular. وقد تنشأ الكيسات القرنية منفردةً أو من بؤراتٍ متعددةٍ في الصفيحة السنّية، وقد تنشأ في مجموعاتٍ لتشكل كيسةً عديدةَ المساكنِ multiloculor أو بشكل فردي في أماكن مختلفة في كلا الفكَّين. وفي حوالي نصف الكيسات، تتكاثر البطانة الظهارية داخل المحفظة الليفية، وقد تنشأ كيساتٌ وليدة daughter cysts بهذه الطريقة. وتنزع هذه الكيسات للرجعة بعد الجراحة في حوالي 40 بالمائة من الحالات، وبطانتها دقيقة جدًا في الغالب وتتمزق بسهولة، وأي جزء يترك منها يبدأ بتكوين كيسةٍ جديدة. كما يمكن أن تبقى الكيسة الوليدة (خاصة إذا كانت مجهرية)، أو تتكون كيسات جديدة من بقايا ظهارية في الصفيحة السنِّية المحاذية، أو في جزء آخر منها. إن الفصع enucleation ببذل جهدٍ فائق حتى يتم تجنب تأذي البطانة وضمان استئصالها استئصالاً تامًا، يقلل نسبة الرجعة recurrence، كما أن المعالجةَ التحفُّطيةَ الحَذرِةَ كافيةٌ عادة. وأيُّ كيسة راجعة أو جديدة، تنشأ عند مصاب بكيسات متعددة المساكن، تعالج بنفس الطريقة. ويشاهد أحيانًا مريضٌ لديه عنقود كبير من الكيسات القرنية، ومثل هذه الكيسات المتعددة المساكن، لا تعالج بسهولة بالطرق التحفظية، ويفضل في معالجتها أن تستأصل قِطْعَةُ الفكِّ المصابة، وتغيّر بطـُـعمٍ عظمي bone graft. ويجب بذل العناية حتى لا تتكسر العينة، لأن الرجعة في الطعم العظمي وصفت في التقارير الطبية، وربما نشأت من جسيمات غطائية تم نثرها في الجرح.

          الكيسات المتعددة-متلازمة وَحْمَة الخلايا القاعدية Multiple cyst-basal cell naevus syndrome. هناك متلازمة تصيب أجهزة عديدة، وهي غالبًا وراثية، وقد تكون الشكوى الأولى فيها كيساتٌ قرنيةٌ في الفكّ. وتبدأ في الظهور عندما تبزغ الأسنان الدائمة. كما تنشأ في الجلد في سنٍّ متأخرة، وَهَدَاتٌ راحيَّة وأخمصية، ودخيناتٌ milia حول الجفنين، ووحمةُ خلايا قاعدية basal cell naevus، وسرطانُ خلية قاعدية basal cell carcinoma حقيقي. وقد تظهر أيضًا كيساتٌ بَشَرَانيَّةٌ epidermoid cysts متعددةٌ تحت الجلد. وقاعدةُ الجمجمة القصيرة، والفكُّ السفلي الأفقم proganthic، وتجسيرُ السرج التركي bridging sella turcica، وتكلُّسُ المنجل flax، والسنسنةُ المشقّوقه spina bifida، والأضلاعُ المشقّوقة، ما هي إلاّ بعض الشذوذات الهيكلية التي يمكن أن توجد في هذه الحالة. وقد تم ذكرُ عيوبٍ كثيرة أخرى بين ظواهرها النادرة.

          الكيسات الأنفية الحنكية Nasopalatine cysts. تنشأ هذه الكيسات في قنوات القواطع، فتُحْدِث تجويفًا عظميًا كرويًا خلف القواطع العليا الوسطى (الشكل 32-19). وتتألف من محفظةٍ ليفية تبطنها ظهارةٌ من جهتها الداخلية، وتكون في بعض الحالات ظهارةً حرشفية مطبَّقة stratified squmous epithelium، وتكون في أخرى ظهارةً تنفسية في طبيعتها فيها خلايا عمودية وأخرى تفرز مخاطًا وثالثة مهدَّبة. ويندر أن تصل الكيسات الأنفية الحنكية إلى حجمٍ كبير، ولكنها قد تفعل ذلك إلى درجةٍ يظهر فيها التورم في خط وسط الحنك، أو ينفخ الصفيحةَ الشفوية السنخية alveolar. وتنشأ الكيسات من ظهارة القنوات الأنفية الحنكية، وتعالج برفع سديلة حنكية ونزع بطانة الكيسة.

 

الشكل 32-19 (أ) رسم توضيحي للمظهر الشعاعي لكيسة أنفية حنكية (قناة القاطعة). وتشاهد كيسة حول قمِّية فوق القاطعة العليا اليمنى الوحشية. (ب) مقطع في عظم القواطع يبين العلاقة بين كيسة أنفية حنكية، والقواطع، والحنك، والقنوات القاطعة.

 

          الكيسات الأنفية الشفوية Nasolabial cysts. وتنشأ خارج عظم الفكِّ العلوي، ولكنها قد تسبب انخسافًا في سطحه. وهي ترفع جناح ala الأنف، وتجعل الجزء العلوي من الثنية الأنفية الشفوية مستوية، وتكوِّن تورمًا متموجًا flucuant في التَلَم sulcus الشفوي، وتنتفخ في صماخ meatus الأنف السفلي. وقد تنشأ الكيسات من الزعنفة الظهارية epithelial fin، أو من الظهارة المحصورة بين الارتفاعين الأنفي الوحشي والفكـِّي العلوي عند اندماجهما. وهي تنزع إلى أن تكون مبطنة بظهارة تنفسية، وغالبًا ما تحتوي على سائل مخاطاني mucoid مثل الكيسات الأنفية الحنكية. ويتم تسليخ الكيسة الأنفية الشفوية من خلال شقّ في مخاطية التَلَم الشدقي العلوي.

          الكيسة العظمية الوحيدة Solitary bone cyst. وهذه تشبه الكيسات العظمية الوحيدة في العظام الطويلة. ويحدث معظمها في الفكِّ السفلي في منطقة الضواحك والأرحاء أكثر من منطقة القواطع أو الفرع ramus. ويكون التجويف العظمي كرويًا أو بيضاويًا في البداية، ولكنه ينتفخ إلى الخارج في شكلٍ مفصَّص lobulated، تاركًا وراءه حروفًا ridges على الجدران. وتلتف الكيسة، بشكل خاص، إلى أعلى بين جذور الأسنان المحاذية (الشكل 32-20). ويحدث توسُّعٌ في الفكِّ في وقت متأخر، كما يشكل الغطاء من العظم تحت السمحاق subperiosteal حروفًا على سطح التجويف أيضًا. وليس للكيسة بطانةٌ تـُسلـَّخ dissectable، ولكنَّ لها طبقةً رقيقةً من نسيج ضام فوق سطح تجويف العظم. ويبين الفحص النسيجي ارتشافًا محدودًا في العظم، لا بل ترسبًا عظميًا. وتنزف الكيسات من جدرانها بسهولة من الأوعية ذات الجدران الدقيقة عند رشف الكيسة. ورشف العينات الكبيرة بلطافة، بينما تسمح إبرة ثانية بدخول الهواء إلى الكيسة، يَكـْـشِفُ عن سائلٍ أصفر اللون يحتوي على مستويات عالية من البيليروبين bilirubin. وإذا تم رشفُ الدم وتنبيذُه cetrifugation، ظهر لون السائل الطافي بلونٍ أصفر بسبب البيليروبين، ويتجلط السائل على العكس من سوائل كيسات الفكِّ الأخرى. وإذا أزيل جزءٌ من الجدار العظمي وخيطت سديلة الأنسجة الرخوة في مكانها، فإن ذلك يحفز شفاء هذه الكيسات عند البالغين، ولكنها قد ترجع في فترة الطفولة أو المراهقة المبكرة. وقد تمثل هذه الكيسات زيغًا aberration موضعيًا في نمو العظم.

 

الشكل 32-20 كيسة عظمية وحيدة وقد زخزحت الرحى الثانية السفلية.

          سوائل الكيسات Cyst fluids. وقد يساعد الرشف aspiration في تفريق كيسات الفكِّ، إذ تحتوي الكيسات حول القمِّية periapical والكيسات حاملة السنّ dentigerous cysts على سائل صافٍ أو ضارب إلى اللون البني، كما تحتوي على بلّورات الكوليستيرول. أما سائل الكيسة القرنية keratocyst، فإنه أبيض بلون القشدة وهو يشبه القيح، ولكنه عديم الرائحة، بينما يكون سائل الكيسات الأنفية الحنكية والأنفية الشفوية ساطعًا أو مخاطانيًا mucoid.

          مضاعفات الكيسات الفكـِّية Complications of jaw cysts. يتورم الوجه أو الفكّ في داخل الفم، عندما تنمو الكيسة. ويسبب ضغط الكيسات على جذور الأسنان المحاذية تزحزحَها جانبًا. وتمنع الكيساتُ حاملة السنّ ونوعُها خارج الجريبي extrafollicular dentigerous cysts الأسنانَ المتورطة من البزوغ. ولكنَّ بزوغَ الأسنان المحاذية التي لم تبزغ بعد، قد يعاق بسبب الكيسة التي تنشأ في الفكَّين عند الأشخاص الصغار في السنّ. وقد تصبح محتويات الكيسة مخموجة، وإذا كانت كبيرة فإن ذلك له مخاطر كافية. ومن الواضح أن الكيسة الكبيرة تسبب ضعف الفكِّ السفلي كما يمكن حدوث كسور مرضية فيه.


 

* لويس تشارلز مالاسيزLouis Charles Mallassez ، 1862-1910. جراح واختصاصي علم أمراض باريسي. وصف بقايا ظهارية في الغشاء حول السنّ عام 1885 .

* إتيين رينود أغسطين سيريسEtienne Reynaud Augustin    Serres ، 1786-1868. أستاذ التشريح والتاريخ الطبيعي في جاردين دو بلانتيه، باريس.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة