المِطَثـِّيـَّات CLOSTRIDIA

 الكـُزاز Tetanus

 

تقدر حالات المرض التي تحدث في العالم سنويًا ما بين 000 300 و000 500 حالة، بمعدل وفاة كلي يترواح بين 40 و45 بالمائة. وتحدث 200 حالة سنويـًا في المملكة المتحدة، والمرض أيضًا غير شائع نسبيًا في باقي أوروبا، والاتحاد السوفيتي، وأمريكا الشمالية. وتتحمل العبءَ الأكبر لهذا الخمج المبرح بلدانٌ أخرى في العالم، ويتحمله بشكل خاص الأطفال والولدان neonates (تكزُّز الوليد tetanus neonatorum)، والمسنين. وستؤدي برامج التوعية التي تدعو إلى أخذ التمنيع الفاعل active immunization الشامل إلى خفض عدد الحالات، وبالتالي خفض معدل الوفيات بشكل بارز. لقد قضى ذوفان الكـُزاز tetanus toxoid (يعرف الآن بلقاح الكـُزاز) عمليًا على الكـُزاز في الجيوش خلال الحرب العالمية الثانية. واليوم، إذا بدأ التطعيم الفعال بدقة وتم الحفاظ عليه في شخص ما، فمن المرجح أنه لن يموت حتى بوجود الكـُزاز السريري.

         المِطـَـثـِّـيـَّة الكـُزازية Clostridium tetani، الكائن الحي المسؤول، عبارة عن عُصَيَّة غرام إيجابي لا حيوائية anaerobic، ولها أبواغ انتهائية terminal spores (مظهر عصا الطبل drumstick appearance ولأنها موجودة في السماد والتربة (خاصة في مناطق حدائق المدن) فإنها تغزو أي جرح. وتتكاثر وتنتج ذيفانًا toxin  قويًا في أي جرح رضِّي عميق إذا وجدت أنسجة ميتة وأجسام غريبة وجراثيم أخرى. وقد يصاحب هذا الخمجُ الإصاباتِ النافذةَ من حافر الحيوانات، وقد تكون الوخزةُ من شوكة وردة في حديقة ورود مسمَّدة جيدًا، اللدغةَ القاتلة لعامل حديقة (بُستنجي) كهل مواظب. والذيفان الخارجي exotoxin الذي تنتجه العُصَيَّة في موقع التلقيح يحبط الكولين إستيريز cholinestrase في الصفيحة الانتهائية المحركة motor end plate، مما يسبب زيادة الأسيتايل كولين acetyl choline موضعيًا، وبالتالي حالة تشنج عضلي متوتر ثابت. وينتقل الذيفان الخارجي في داخل الأعصاب إلى الجهاز العصبي المركزي ويسبب فرط استثارية  hyperexcitability بالغة في العصبونات المحركة motor neurones في خلايا القرن الأمامي anterior horn، مثيرة بذلك تشنجات انعكاسية متفجرة وشاملة في العضلات، استجابةً للمنبهات الحسية sensory stimuli. وبمجرد أن يستقر الذيفان في النسيج العصبي، لا يمكن معادلته بالترياق  antitoxin بتاتًا.

فترة الاستهلال Period of onest. كلما قصرت المدة بين العَرَض الأول والتشنج المنعكس الأول، كلما ساء الإنذار prognosis. (لقد عاش أبقراط في الفترة ما بين 460-377 قبل الميلاد، ويعتقد أنه كان أول من أدرك هذه الحقيقة.) وإذا نقصت المدة عن 48 ساعة، يُرَجَّحُ حدوث الوفاة. ولابد من التذكير بأن الجروح التي تحتوي على جراثيم الكـُزاز ربما تكون ملتئمة بالفعل وتم نسيانُها لشهور أو سنوات قبل ان تهيئ بعضُ التغيرات (المجهولة) الظروفَ الملائمة للكائن الحي حتى يتكاثر وينتج الذيفان toxin (الكـُزاز الكامن latent tetanus).

  الأعراض والعلامات Sympotms and signs. يسبق عسرُ البلع dysphagia وتيبسُ الفك والآلامُ الشديدة في الرقبة والظهر والبطن، التشنجاتِ العضليةَ المتوترة. وابتسامة الكـُزاز الساخرة (التكشيرة السردونية risus sardonicus) دليل على بداية التشنج العضلي المتوتر. وتزداد صعوبة التنفس والبلع زيادة مترقية، وتحدث اختلاجات انعكاسية reflex convulsions تشمل جميع العضلات وتسبب آلامًا شديدة وتشنجًا ظهريًاopisthotonus (التشنج الظهري opisthotonus = مشدود للخلف، تتشنج باسطات الرقبة والظهر والرِجْلَيْن فيتشكل انحناء خلفي) وقد تؤدي إلى تمزق العضلات. والتشنجات تلقائية، ولكن، يمكن إثارتها بمنبهات بسيطة مثل الضجيج أو الحركة، وعندما تكون شديدة، فإنها تمنع التنفس وتسبب الزُراق cyanosis. وتبقى التشنجاتُ العضلية المتوترة موجودة بين الاختلاجات الانعكاسية، وهكذا يتم تمييز الكـُزاز من تسمم الستريكنين strychnine poisoning. وترتفع درجة الحرارة، ويتسارع النبض، ويتبع ذلك عادةً قصورُ النفس، ومن ثم الوفاة في أثناء حدوث هجمة زُراقية إذا لم يبدأ العلاج.

وفي المرحلة المبكرة، يمكن أن تُشخَّص أعراضُ الكـُزاز وعلاماته خطًا على أنها التهابُ اللوزتين أو نزلةٌ وافدة flu أو وَثْيُ الظهر backstrain أو حالاتٌ بطنية علوية حادة.  لذلك كان  لفحص المريض بدقة بحثًا عن أيّ جرح أهميةٌ بالغة.

المعالجةTreatment . يحتاج الأمر إلى العزل isolation والهدوء، والراحة، ونزح القيح، وغسل الجرح. ويعطى جلوبيولين إنساني مضاد للكـُزاز  human antitetanus globulin(مثل Humotet) بالعضل للحدِّ من تأثيرات الذيفان الحر، ويجب استعماله بجرعة مقدارها 250-500 وحدة لتغطية الفترة اللازمة لتأسيس المناعة الفاعلة active immunity بإعطاء الذوفان toxiod (طعم الكـُزاز tetanus vaccine أو الممتز adsorbed) بالعضل. وتُسْتدعَى الصادَّات antibiotics بما فيها البنسلين والمترونيدازول إضافة إلى إجراءات أخرى لحماية الرئتين.

المرحلة الأولى Stage 1. وفي البداية تحتاج الحالة البسيطة التي يوجد فيها فقط، صَمَلٌ متوتر tonic rigidity، إلى تركينٍsedationm  وإرخاء relaxation باستعمال العقاقير، مثل برومازين promazine بجرعة تصل إلى 200 مغم بالعضل، وباربتيورات barbiturate أو ديازيبام diazepam (5 - 50 مغم بالوريد). وتكون الحاجة إلى هذه الأدوية 4 مرات في كلِّ 24 ساعة.

المرحلة الثانية Stage 2. وتحتاج الحالة المرضية الشديدة مع عسر البلع والتشنج الانعكاسي إلى وضع أنبوب أنفي معدي nasogastric، ويستمر إعطاء التركين. ويكون القوتُ والحاجةُ إلى التغذية بالوريد وصيانةُ المدخول البروتيني المتوازن والمهامُ الكلوية والقلبية من أولويات المعالجة. ويجب أخذ إمكانية فغر الرغامى tracheostomy بعين الاعتبار إذا واجه المريضَ أيُّ صعوبة في التنفس. وتشمل العنايةُ الدقيقة بأنبوب فغر الرغامى المصَّ suction والترطيب  humidification (انظر الفصل 35).

  المرحلة الثالثة Stage 3. يحتاج  الاختلاجُ الزُراقي الشديد في المريض المخطر إلى كَوْرَرَةٍ curarisation (لغاية 40 مغم تيوبوكورارين tubocurarine بالوريد مبدئيـًا، ومن ثم بالعضل للحفاظ على الارتخاء). ولابد من التذكير بأن المريض المكورر curarised، بالرغم من أنه لا يستجيب، فهو واع وحساس، ويستطيع أن يسمع كل ما يقال. ويجب توفير تنفس متقطع ضغطه إيجابي intermittent positive pressure respiration، كما تكون هناك حاجة إلى رعاية تمريضية حثيثة مع تركين متزايد، حيث قُدَّر أن هذه الحالات قد تحتاج إلى 350 إجراءً تمريضيًا يوميًا. والهدف تقليل خطر الموت من التشنجات أو ذات الرئة  pneumoniaكلما أمكن، مع التيقن من أن كمية قاتلة من الذيفان قد سببت أذى شديدًا للعصبونات المحركة motor-neurones والدماغ مع التهاب عضلة القلب myocarditis وقصور وعائي circulatory failure متزامنين. وإذا حدث الشفاء، يمكن فطم المريض عن جهازالتهوية ventilator (بعد حوالي 14 يومـًا شريطة ألا ترجع  الاختلاجات عند زوال مفعول المرخيات relaxants).

النتائجResults . مع الاهتمام بالعناية التمريضية، وإعطاء الصادَّات الاتقائية prophylactic antibiotics، والتمنيع الفاعل والسلبي  active and passive immunizationضد الكـُزاز، وإذا استدعى الأمرُ فغرَ الرغامى والكوررة والمساندة التنفسية، فإن معدل الوفاة يمكن خفضه إلى ما يقارب 15 بالمائة. ومع ذلك، فإن النتائج في الصغار جدًا والكبار جدًا ما زالت سيئة. والتيتانوسبازمين tetanospasmin الذي ينتجه الخمج لايكفي لتوليد استجابة مناعية، ولذلك فإنه يوصى بإعطاء مساق من التمنيع.

 

المُوات الغازي Gas gangrene

 

إن الجروح التي تسمح للنبيت الجرثومي الغائطي faecal flora عند المريض أو للأبواغ المِطـَـثـِّـيـَّة clostridial spores  في التربة، بالدخول للأنسجة، قد تسبب أخماجًا لا حيوائية تنتج الغاز anaerobic gas producing infection. والجراحة حول مفصل الورك وبتر الرِِجْل موضع خطر بالغ من هذه المضاعفة بعد الجراحة، مثل الجروح الميدانية (انظر الفصل الثاني). والمِطـَـثـِّـيـَّة الحاطمة Cl.  perfringens (الولشية* Welchii)، هي سبب هذا الخمج عادة ، إلا أن مِطـَثــِّيـَّات أخرى  بما فيها المِطـَـثـِّـيـَّة النوفية Cl. novyi (المِطـَـثـِّـيـَّة الموذِّمة Cl. oedematiens) والمِطـَـثـِّـيـَّة المنتنة Cl. septicum قد تكون السبب. وتوجد المِطـَـثـِّـيـَّة الولشيةCl. welchii  في الغائط، وبالتالي توجد في العجان perineum، وأحيانًا بوصفها نبيتاَ طبيعياَ normal flora في المهبل vagina. وتنتج المِطـَـثـِّـيـَّات الذيفان، منها ذيفان ألفا a-toxin الذي يعتقد أنه مهم في إمراض pathogenesis المُوات الغازي.

ويؤثر غزو المِطـَـثـِّـيـَّة لعضلة مصابة بالرضح، في العضلة كلها من أصلها إلى مَغْرِزِها insertion، مما يسبب نخرًا necrosis كريه الرائحة في حُزَم العضلة التي تفقد قلوصيتها contractility، ويصبح لونها أحمر قاتم أو أخضر أو أسود في مظهره. وإذا حدثت الإنتانمية septicaemia، يتم إنتاج الغاز في أعضاء كثيرة، خاصة في الكبد (الذي يسيل دمًا مزبدًا "الكبد الرغويfoaming liver " عند فتح الجثة necropsy).

وقد يصيب الخمج الأنسجة تحت الجلد وحدها؛ ويبدأ النخر ذو الرائحة الكريه الذي ينتشر انتشارا واسعًا في الغالب، في هامش جرحٍ بطني أو صدري.

الظواهر  السريريةClinical features . يكون الجرح متوترًا، وتنزُّ حافتاه الناتئتان بين القُطَب سائلاً لونه بني ورائحته كريهة. ويتغير لون الجلد - لون كاكي - نظرًا لانحلال الدم haemolysis المترافق، ويمكن بيان علامة الفرقعة crepitus. (تبدو الفرقعة بالفحص كفرشة الشعر القديمة). وتبين الأشعة السينية الغاز في داخل العضلات أو تحت الجلد. ويبدو المريض صافيَ الذهن بشكل مضلل بالرغم من أنه شاحبُ اللون وسمِّي، ونبضُه مرتفع.

المعالجة Treatment، تحتاج حتى تكون فعالةً إلى عملٍ فوري وبالتحديد:

1. جرعة قصوى من البنسلين (تصل إلى 2 غم كل 4 ساعات) - وهو العلاج المفضل تقليديًا على الرغم من أن الدراسة الحديثة تقترح نتيجة أفضل باستعمال كلينداميسين clindamycin وميترونيدازول metronidazole.

2. نقل الدم blood transfusion.

3. كشف مجموعات العضلات المصابة كلِّها  بشقوق طويلة، أو في الخمج تحت الجلد، نزح المنطقة نزحًا متعددًا واستخراج الخشارة  sloughبشقوق متعددة في النسيج تحت الجلد.

4. استعمال أكسجين مفرط الضغط hyperbaric إذا توافر. ويقال إنه يساعد في فترة ما بعد الجراحة.

          وكان ينصح باستعمال المصل الضدي antiserum ولكن نتائج الخبرة السريرية كانت متباينة، لقد نضب المخزون الآن والاهتمام قليل بإعادة انتاجه.

 

التهاب القولون بالمِطـَـثـِّـيـَّة ذو الغشاء الكاذب  Clostridial pseudomembranous colitis.

 

هذا إسهال حاد غزير يصاحب الصادَّات، ويُحدِث تغيرات مميزة في القولون، ويتم التعرف عليه بالتنظير السيني sigmoidoscopy إذا وجد غشاء كاذب، وفيما بعد تخشر sloughing  مخاطية القولون. ويُنْتِجُ الكائنُ الحي المسؤول، مِطـَـثـِّـيـَّة ديفيسيل (العنيدة) Cl. difficile، ذيفانًا يتفاعل بشكل متصالب مع ترياق antitoxin  مِطـَـثـِّـيـَّة سورديليCl. sordelli  مؤديًا إلى التهاب قولوني خطير، وأحيانًا مميت. ويمكن الكشف عن الذيفان بتأثيرة المَرَضي على الخلية cytopathic في مزرعة الخلايا وكذلك بعُدَدٍ kits تجارية لمقايسة الامتصاص المناعي المرتبط بالأنظيمات enzayme-linked immunosorbent assay (إليزا ELISA). ويمكن زراعة الكائن الحي من الغائط ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن له دورًا مَرَضيًا. وقد تم تمييز سلسلة من الأمراض تمتد من الإسهال المصاحب للصادِّات antibiotic associated diarrhoea (AAD) إلى التهاب القولون المصاحب للصادَّات antibiotic associated colitis (AAC) إلى التهاب القولون ذي الغشاء الكاذب. ونسبة حدوثها عالية عند المرضى الأكبر سنـًّا، خاصة إذا ما استعملت الصادَّات الوسيعة (أمبيسيلين وسيفالوسبورين) أو كلينداميسين clindamycin، مع أن معظم الصادَّات قد ثبت تورطها.

وتشمل المعالجة إيقاف العلاج بالصادَّات حيثما أمكن واتخاذ الإجراءات العامة الداعمة وإعطاء ميترونيدازول أو فانكوميسين vancomycin بالفم. والنكسة موثـَّقة جيدًا وقد تحتاج إلى مساقات علاجية أخرى، ولأن الكائن الحي يكوِّن الأبواغ spores، فإنه يعيش جيدًا في بيئة المشافي ويشكـِّـل في بعض المراكزمشكلة خطيرة. والكائن الحي ينتقل بسهولة عن طريق اللمس باليدين.


 

* وليم هنري ولش William Henri Welch، 1850-1934. أستاذ علم الأمراض،  جامعة جونز هوبكنز، بالتيمور، ميريلاند - الولايات المتحدة الأمريكية. اكتشف الكائن الحي المسبب للمُوات الغازي gas gangrene عام 1892.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة