التورمات المميزة سريريًا Clinically discrete swellings

التورمات المميزة سريريًا شائعة، وتوجد عند 3-4 بالمائة من البالغين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. وهي أكثر عند النساء منها عند الرجال بثلاثة إلى أربعة أضعاف.

          التشخيص Diagnosis. تدعى التورمات المميزة في غدة لا تُجَسُّ  نواحيها الأخرى، تورماتٍ منعزلة isolated أو وحيدة  solitary.؛ في حين أن الإصطلاح المفضل بالنسبة لتورم مماثل في الغدة التي يوجد فيها ما يدلُّ على شذوذٍ سريري عام، عادةً على شكل فصٍّ مجسوس بالجانب المقابل contralateral، هو تورمٌ سائد dominant، وحوالي 70 بالمائة من التورمات المميزة سرسريًا منعزلة (وحيدة) سريريًا، وحوالي 30 بالمائة منها سائدة سريريًا. والنسبة الحقيقية للتورمات المنعزلة أقل تقريبًا من التقديرات

 

الشكل 37-15 انتشار العيدات الدرقية المكتشفة بالجس (الخط المستمر) أو بتصوير فائق الصوت US أو بالفحص بعد الوفاة (الخط المتقطع). (نقلا عن مازافيري Mazzaferri).

السريرية. فالتصنيف السريري شخصاني subjective في النهاية، ويبالغ في تواتر التورمات المنعزلة بحق. وعندما تُكشف مثل هذه الغدة في أثناء الجراحة أو تُفحص بفائق الصوت ultrasound أو التصوير المقطعي المحوسب computed tomography أو التصوير بالرنين المغناطيسي، تبين العقيدات غير المجسوسة سريريًا. ونسبة حدوث العقادة الدرقية الحقيقية إذا قورنت بما يكشف سريريًا بالجس مبينة بالشكل 37-15. وبيان وجود مثل هذا الشذوذ الطفيف ليس ضروريًا لأن معالجة التورمات المنعزلة سواء أكانت معزولة أم سائدة متشابهة.

          وتكمن أهمية التورمات المنعزلة في خطورة وجود الورم neoplasia، إذا قورنت بتورمات درقية أخرى. فحوالي 20 بالمائة من التورمات السريرية المنعزلة، يثبت في النهاية أنها سرطانية، إضافة إلى أن 30-40 بالمائة منها يثبت أنها غدوماتٌ جريبية follicular adenomas. والتورمات الباقية حميدة، وغالبيتها مناطق تنكسٍ غرواني colloid degeneration. وبالرغم من أن نسبة حدوث الخباثة أو الغدوم الجريبي في التورمات السريرية السائدة dominant، نصف نسبتها في التورمات المنعزلة، فإن الأمر جوهري ولا يمكن إغفاله.

          الاستقصاءات Investigations. المهام الدرقية Thyroid function. يجب تحديد الحالة بقياس الهرمونات الدرقية والموجهة الدرقية TSH المصلية. وإذا ارتبط فرط الدرقية بتورم منعزل، فإن ذلك يشير إلى ‘غدومٍ سمِّي toxic adenoma’ أو مظهرٍ من مظاهر الدراق السمي المتعدد العقيدات. والجمع بين السمية والعقادة مهم وهو يشكل الاستطباب الوحيد للتفرس النظائري لتحديد المنطقة أو المناطق ذات العمل المفرط.

          عيارات الأضداد الذاتية Autoantibody titres. إن حالة الأضداد الذاتية مهمة في تحديد أيٍّ من التورمات يمكن أن يكون مظهرًا من مظاهر التهاب الدرقية اللمفاوي المزمن.

          التفريسة النظائرية Isotope scan. كان التفريس النظائري فحصًا أساسيًا للتورمات الدرقية المميزة لتحديد نشاطها الوظيفي بالمقارنة مع الغدة المحيطة، ويعتمد ذلك على قبط النظير isotope uptake. وتصنف التورمات بالتفريس إلى حارةٍ hot (مفرطة النشاط)، مثلا ‘غدوم سمي’، أو ساخنة  warm(نشطة أو فعالة)، أو باردة cold (خاملة). فالعقيدة الحارة هي التي تقبط النظير المشع، بينما لا يفعل ذلك النسيج الدرقي المحيط بها. والنسيج الدرقي المحيطي في هذه الحالة غير فعال، لأن العقيدة تنتج هرموناتٍ درقية بمستويات مرتفعة، إلى درجة أنها تحبط إفراز الموجهة الدرقية TSH. والعقيدة الساخنة تقبط النظير المشع مثلما يفعل النسيج الدرقي من حولها. والعقيدة البادرة لا تقبط النظير المشع.

          وحوالي 80 بالمائة من التورمات المميزة باردة، ولكن 20 بالمائة منها خبيث فقط، ويفتقر استعمال هذا المعيار في استدعاء العملية إلى التمييز الدقيق. وقد هُجِرَ التفرُّسُ النظائري الروتيني إلا عندما تكون السمية مصحوبة بالعقادة.

          تخطيط الصدى Ultrasonography. ويستعمل بشكل واسع ليدعم الفحص السريري في تحديد الخصائص الفيزيائية للتورمات الدرقية. وبالرغم من أن تخطيط الصدى قد يبين العقادة تحت السريرية وتكوين الكيسة، فإن الأولى ليست لها أهمية سريرية والأخيرة تتضح بالرشف الذي يجب أن يكون روتينيًا في جميع التورمات المنعزلة.

          رشف الإبرة الدقيقة الخلوي Fine needle aspiration cytology (FNAC). لقد أصبح رشف الإبرة الدقيقة الخلوي راسخًا بوصفه استقصاء مفضلاً للتورمات الدرقية المنعزلة. واستجابة المرضى له استجابة ممتازة، وإجراؤه سهلٌ ويتم بسرعة في العيادة الخارجية، ويمكن إعادته بيسر. وكان هذا الأسلوب شائعًا في البلاد الإسكندنافية لأكثر من 30 عامًا، ولكنه أصبح منتشرًا في بقية أوروبًا وأمريكا الشمالية في العقد الأخير.

 

الشكل 37-16 رشفة خلوية - مظاهر غير ورمية مع خلايا جريبية قليلة وغرواني (= عقيدة غروانية colloid nodule).

 

          وتشمل الحالات الدرقية التي يمكن تشخيصها برشف الإبرة الدقيقة الخلوي FNAC العقيدات الغروانية (الشكل 37-16)، والتهاب الدرقية، والسرطان الحليمي (الشكل 37-17)، والسرطان اللبي medullary، والسرطان الكشمي anaplastic، واللمفوم lymphoma، ولا يستطيع رشفُ الإبرة الدقيقة الخلوي التمييزَ بين غدومٍ جريبي follicular adenoma حميد (الشكل 37-18) وسرطانٍ جريبي follicular carcinama لأن هذا التمييز لا يعتمد على المظهر الخلوي، وإنما يعتمد على معايير نسيجية تتضمن غزوَ المحفظة والأوعية.

 

الشكل 37-17 رشفة خلوية. سرطان حليمي مع تنوع خلوي نموذجي ومحتويات نووية. (Dr M. McKean, Aberdeen, Scotland.)

 

          ومع أن درجة الدقة في رشف الإبرة الدقيقة الخلوي عالية، كما أشارت إليه تقاريرُ لوهاجن* Lowhagen وزملائه في مستشفى كارولينسكا وهم روادُه، وتقاريرُ مؤلفين آخرين، فإنه لم يكن ممكنًا تحقيق دقة عالية دائمًا، خاصة إذا تم تحليل النتائج بنزعة نقدية critically. وهناك عدد قليل جدًا من القراءات الإيجابية الخاطئة false positive بالنسبة إلى الخباثة، ولكنه توجد نسبة واضحة من القراءات السلبية الخاطئة false negative بالنسبة إلى الأورام الحميدة والخبيثة جميعًا.

          ويعوَّل على رشف الإبرة الدقيقة الخلوي في التورمات المتكيسة بدرجة تقل على ما يعوَّل عليه في التورمات المصمتة soild. وغالبًا ما يظهر في السائل الكيسي بلاعمُ macrophages وخلايا متنكسة degenerate وتؤخذ عيِّنة أخرى بعد الرشف، من جدار الكيس إذا أمكن، للدراسة الخلوية. ويختفي عدد قليل نسبيًا من الأكياس بصورة دائمة برشفةٍ أو أكثر، ويجب استئصال الأكياس الراجعة خوفًا من خطورة الخباثة.

         

الشكل 37-18 رشفة خلوية: ورم جريبي يبين خلوية متزايدة مع نمط جريبي. (Dr V.M.M. Williams,  Aberdeen, Scotland.)

 

          الأشعة Radiology. إن صورة الصدر وصورة مدخل الصدر ضروريتان فقط إذا كان هناك دليل على انحراف الرغامى tracheal deviation أو انضغاطها أو امتداد خلف القص retrosternal.

          التفريسات الأخرى Other scans. يعطي التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي تفاصيل تشريحية ممتازة ولكن ليس لهما دور كاستقصاء من استقصاءات الخط الأول.

          تنظير الحنجرة غير المباشر Indirect laryngoscopy. يبين حركة الأحبال الصوتية ويستخدم بشكل واسع قبل الجراحة، مع أن ذلك يكون عادة لأسباب طبية قضائية أكثر منها سريرية.

          خزعة الإبرة الواسعة (تروكت) Large-bore (Trucut) needle biopsy. إن دقةَ تشخيص خزعة تروكت عاليةٌ، ولكن استجابة المرضى لها متدنية، وقد ترافقها مضاعفاتٌ مثلُ الألم والنزف وإيذاء الرغامي وشلل عصب الجنحرة الراجع recurrent laryngeal nerve palsy. واستعمالها التطبيقي قليل في التقييم الروتيني إلا في الخباثة الواسعة موضعيًا التي لا تستأصل جراحيًا (إما سرطانًا كشميًا anaplastic أو لمفومًا) حيث يمكن أن تجنـِّب خزعةُ تروكت الجراحةَ.

          وداعي الجراحة الأساسي هو خطورة الأورام الذي يشمل الغدومات الجريبية follicular adenomas إضافة إلى التورمات الخبيثة. وسبب الدعوة إلى استئصال جميع الأورام الجريبية، هو أنه يندر أن يكون التمييز بين الغدوم الجريبي والسرطان الجريبي ممكنًا بالفحص الخلوي. ويعتمد التمييز عادة على دليلٍ نسيجي لوجود غزو محفظي capsular invasion أو غزو الأوعية الدموية. ولا يمكن التمييز بينهما برشف الإبرة الدقيقة الخلوي FNAC، على الرغم من أنه في بعض الأحيان، قد تكون الظواهر النووية شاذة إلى درجة توحي بتحول خبيث. وعلى هذا الأساس، يجب استئصال حوالي 50 بالمائة من التورمات المنعزلة، وحوالي 25 بالمائة من التورمات السائدة، بسبب خطورة وجود الورم. وحتى لو كان الفحص الخلوي سلبيًا، فإن عمر المريض وجنسه وحجم التورم قد تكون دواعي نسبيةً  للجراحة، خاصة إذا كان التورم الكبير سببًا في الأعراض. وبعض المرضى يشعرون بسعادة أكبر إذا استؤصل التورم حتى لو كان الفحص الخلوي سلبيًا.

          وهناك معايير سريرية مفيدة تساعد في الاختيار للجراحة حسب خطورة تكوُّن الورم neoplasia والخباثة. فالمنسوج الصلب hard texture وحده لا يُعتمَد عليه، لأن التورمات الكيسية المتوترة قد تكون صلبةً إلى درجة تثير الشك، ولكن التورم الصلب إذا كان غير منتظم، وفيه علاماتُ تشبُّثٍ واضحة غير عادية، يدعو إلى ريبة كبيرة، كما أن الدليل على وجود شللٍ في عصب الحنجرة الراجع، الذي توحيه البحة والسعالٍ غير الانسدادي والذي يؤكده تنظير الحنجرة غير المباشر، يكاد يكون واصمًا pathognomonic. واعتلال العقد اللمفية العنقي العميق على طول الوريد الوداجي jugular الداخلي بصحبة تورم مريب سريريًا يكاد يشخص السرطان الحليمي papillary تمامًا. وعلى أيّ حال، لا توجد هذه المظاهر لدى معظم المرضى، ولكن هناك عوامل خطورة ترتبط بالجنس والسن. فنسبة حدوث سرطان الدرقية عند النساء هي حوالي ثلاثة أضعاف نسبته عند الرجال، ولكن احتمال وجود السرطان في التورم المنعزل عند الذكور أكبر مما هو عند الإناث، ويندر أن يُسوَّغ عدم استئصال تورماتٍ كهذه عند الرجال. وتزداد خطورة السرطان في أيّ حدٍّ من حَدَّي العمر الأصغر والأكبر، فالتورم المنعزل عند المراهقين في الجنسين، يجب تشخيصه تشخيصًا مبدئيًا على أنه سرطان. وتزداد الخطورة أيضًا كلما تقدم العمر بعد سن الخمسين، وبدرجةٍ أكبر عند الذكور.

          الكيسات الدرقيةThyroid cysts  . أظهر رشف الإبرة الدقيقة الخلوي الروتيني أن 30 بالمائة من التورمات المنعزلة سريريًا تحتوي سوائل، وهي بذلك متكيسة كليًا أو جزئيًا. والتورماتُ المتكيسةُ المتوترةُ صلبةُ المِجَسِّ، ويمكن خلطـُها سريريًا بالسرطان. وقد يظهر النزف في الكيسة مع تاريخ تورم مؤلم مفاجئ ينصرف بدرجة أو أخرى خلال أسابيع إذا لم يعالج. وينتج عن الرشف دم متحول ولكن عودة التجمع متواترة. وتنتج حوالي 50 بالمائة من التورمات المتكيسة إما عن تنكس غرواني colloid degeneration، أو من منشأ غير واضح عند غياب الخلايا الظهارية epithelial في بطانتها. وبالرغم من أن معظم الكيسات الباقية نتيجة تنكُّسِ الغدوم الجريبي (الشكل 37-19)، فإن حوالي 10-15 بالمائة منها خبيثةٌ نسيجيًا (30 بالمائة عند الذكور، و10 بالمائة عند الإناث). وكثيرًا ما يرافق السرطان الحليمي التكوُّن الكيسي (الشكل 37-20).

          ومعظم المرضى المصابين بتورمات منعزلة هم مع ذلك إناث بين سن 20-40، وخطورة الخباثة عندهم، بالرغم من

 

الشكل 37-19 تورم درقي كيسي بسيط كما يظهر، كان جداره يتألف من نسيج ورمي جريبي.

الشكل 37-20 تكوين الكيسة في سرطان حليمي.

أهميتها، منخفضة، ودواعي الجراحة ليست واضحة. وخزعة رشف الإبرة الدقيقة هي الاستقصاء المناسب الذي يساعد في الاختيار.

          دواعي الجراحة Indications for operation في التورمات الدرقية المنعزلة هي:

          ·       تكوُّن الورم (خزعة رشف إبرة دقيقة إيجابي، شكّ سريري)

- السنّ

- الجنس الذكري

- منسوج قاسٍ

- تشبُّث fixity

- شلل عصب حنجرة راجع

- اعتلال عقد لمفية lymphadenopathy

- كيس راجع

          ·       غدوم سمي toxic adenoma

          ·       أعراض انضغاطية

          ·       تزويق cosmesis

          ·       رغبة المريض


 

* تورستين لوهاجن Torsten Lowhagen، معاصر، رئيس مشارك، شعبة علم الخلايا cytology،  قسم أمراض الأورام، مستشفى كارولينسكا، ستوكهولم، السويد.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة