علاج قرحة المعدة والاثناعشر المزمنة غير المُضَاعَفَة  TREATMENT OF CHRONIC UNCOMPLICATED GASTRIC AND DUODENAL ULCERS

 

العلاج التحفظي CONSERVATIVE MANAGEMENT

هناك اتفاق على أنه عند غياب المضاعفات التي تشكل خطرًا على الحياة، تعالج القرحة المعدية المزمنة أو القرحة الاثناعشرية المزمنة، والمثبتة بالتشخيص، بادئ ذي بدء تحفيظـًا (طبيًا). ولا مجال للشك بأن التعاون الوثيق المستمر بين الطبيب الداخلي والجراح، ينعكس إيجابيًا في مصلحة المريض، ويتحسن مستوى التعاون، عندما تتولد لدى كل منهما مفاهيم واضحة بشأن العلاج التحفظي والجراحي. وبالرغم من تشابه طريقتي العلاج في بعض جوانبها، إلا أن بينهما فوارق مهمة.

 

أهداف العلاج التحفظي Aims of conservative treatment

يهدف العلاج التحفظي إلى تفريج الأعراض، وهذا، غالبًا وليس دائما، مرادف لشفاء القرحة. وقد تستمر الأعراض المثالية للقرحة في غياب العثور على أُقـْـنـَـتِها its crater، كما أن بعض القرحات الصريحة (10 بالمائة) تعتبر عمليًا عديمة الأعراض. إن حمض المعدة العامل الرئيسي المثير للقرحة، والسيطرة على إفراز الحمض من أساسيات العلاج. وبعد أن تم استحضار عقاقير قادرة على إحصار إفراز الحمض بطريقة منتقاة ومتخصصة زادت كفاءة العلاج التحفظي من دون تأثير على التاريخ الطبيعي لهذا الاضطراب المزمن - حسب ما يمكن التحقق منه بالتجربة والاختبار.

القرحة المعدية المزمنة Chronic gastric ulcer. إن التحقق من التشخيص قبل بدء العلاج أمر أساسي، لهذا يجب معاينة القرحة والحصول على خزعات منها بواسطة التنظير ويجب إرسال عينات من أجل اختبار CHO لأجل الكشف عن الجرثومة الملتوية البوابية Helicobacter pylori. أما بصفة عامة، فإن أفضل الطرق لتقييم حجم القرحة هي التصوير الشعاعي. وحال التأكد من أن القرحة حميدة، يبدأ العلاج التحفظي الهادف لتفريج الأعراض. وبالرغم من إفراز الحمض دون المستوى الطبيعي، إلا أن إحصار مستقبلات هـ2 H2 بواسطة السيميتيدين أو الرانيتيدين، سيؤمن شفاءً في أكثر من نصف المرضى، خلال ستة أسابيع. ويجب تجنب العوامل المثيرة للقرحة، ومنها المهيجات الكيماوية مثل الأسبرين والكورتيكوستيرويدات ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية والكحول. ويجب التوقف عن التدخين لأن التدخين يؤخر شفاء القرحة. ولا توجد حميات غذائية خاصة، ولكن يجب تجنب الأطعمة التي تثير أعراض القرحة.

وبعد مضي ستة أسابيع على بداية العلاج، يجب الحصول على دلائل موضوعية على الشفاء. ويعتبر التنظير أبسط اختبار للتحقق من الشفاء، ويعطى تقديرًا دقيقًا للشفاء الجزئي، حتى في حالات الشفاء غير المكتمل. وإذا لم يتوافر الدليل الواضح على شفاء القرحة بعد ستة أسابيع من بداية العلاج، يجب إجراء التنظير، والحصول على خزعات من كل ربع من القرحة. وإذا ما استمرت القرحة وكان لدي المريض جرثومة الملتوية البوابية، عندها يجب استعمال العلاج بحبوب بزموث bismuth tablets وأموكسيسلين amoxicillin وميتروندازول metronidazole، لمدة أسبوعين. وهناك داعِ للمداواة بالجراحة إذا فشلت هذه المعالجة في شفاء القرحة؛ والعملية المفضلة هي استئصال المعدة بطريقة بيلروث-II gastrectomy Billruth II.

قرحة الاثناعشر المزمنة Chronic duodenal ulcer. بالرغم من أن علاقة مسببات القرحة بإفراز الحمض ما زالت مثارًا للجدل، إلا أنه لا مجال للشك بأن (1) هناك ترافقـًا بين القرحة الاثناعشرية النشيطة، وبين زيادة إفراز الحمض، وبأن (2) ألم قرحة الاثناعشر ناجم عن ملامسة الحمض للقرحة نفسها (دراجستدت*). لِمَا تقدم، إن السيطرة على إفراز الحمض أمر منطقي. ويجب التذكر بأن الشفاء التلقائي لقرحة الاثناعشر خلال ستة أسابيع أمر شائع الحدوث، وأن العلاج يهدف لإزالة الألم خلال فترة الشفاء، مع تجنب استمرار بقاء القرحة بسبب وجود الحمض، وتساعد الجرعات التقليدية لمضادات الحمض على زوال الأعراض، ولكنها تعجز عن معادلة الحمض المُفْرَزْ. أما الجرعات الكبيرة لمضادات الحمض (مثل 120 مل يوميًا من مزيج هيدروكسيد المغنيسيوم)، فتعادل الحامض لدرجة كبيرة، ولكنها غير مقبولة تمامًا، بسبب الإسهال المصاحب لهذا النمط العلاجي.

ضواد مستقبلات هـ2 H2-receptor antagonists. يعمل الهستامين على مستوى الخلايا الجدارية كوسيط لإفراز الحمض، وذلك بعمله على مستقبلات هـ2 H2 للهستامين. وقد تم حديثـًا استحضار أدوية تعمل بصفة خاصة على إحْصَارِ هذه المستقبلات، من دون أن تسبب تأثيرات أخرى. وكان أول هذه الأدوية، عقار السيميتيدين (بلاك*)، وتأثيره عبارة عن إزالة الإفراز الأساسي للحمض (الإفراز الاسترخائي). وتُنْقِصُ الجرعة العلاجية الطبيعية لهذا العقار إفراز الحمض المُنَبَّه باستعمال الطعام أو الجاسترين بمقدار النصف. أما الرانيتيدين-المستحضر التالي - فله طيف مماثل من النشاط كالسيميتيدين. واستمر التطور (الفوماتيدين مثلا) بصفة عامة، باتجاه الفكرة التي توحي بأنه كلما زاد نصف الحياة، وكلما احتاج الأمر لجرعات أقل على مدار الأربعة والعشرين ساعة كان العلاج أكثر سهولة. ولموعد الجرعات العلاجية علاقة بموعد أعلى درجات الخطر من هذه الآفة. وتنبه وجبة الطعام إفراز الحمض، ولكنها تعادل (تَدْرأُ) الحمض، لمدة ساعة بعد تناول الوجبة. وبعد انقضاء هذا الوقت، يؤدي استمرار إفراز الحمض إلى انخفاض درجة الـ باهـا pH في المعدة، وحينئذ، تنخفض درجة الـ باهـا pH في بصلة الاثناعشر duodenal bulb. وبالرغم من أن انخفاض درجة الحموضة في بصلة الاثناعشر، سيؤدي إلى قطع إفراز الحمض عن طريق التغذية الراجعة السالبة، إلا أن مرضى قرحة الاثناعشر، على وجه الخصوص، يعانون من قصور في التنظيم الذاتي لإفراز الحمض، كما يستمر إفراز الحمض بعد انتهاء قدرات وجبة الطعام على معادلة الحمض (ملاجيلادا*). أما عمليـًا، فيجب تقليل إفراز الحمض خلال الليل - وأصبحت جرعة السيميتيدين بمقدار 800 مغم عند النوم مقبولة. أما الرانيتيدين - ذو التأثير المماثل، فيعطى بجرعة مقدارها 300 مغم أثناء الليل.

والأوميبرازول عبارة عن مثبط H+/K+ ATPase (أتباز هيدروجين+ / بوتاسيوم+) (مضخة البروتون)، مع نصف عمر طويل، ويحتاج المرء لجرعة واحدة فقط كل 24 ساعة، وهو أكثر فاعلية في إثباط إفراز الحمض. والأوميبرازول ليس من علاجات الخط الأول، ولكنه ذو فائدة في حالات فرط الإفراز الطويل الأجل المؤذي، مثل تقرح المريء الهضمي، وتشَنـُّف الغار antral eversions، أو في ظروف معينة، مثل فرط تنسج خلايا ج في الغار  ومتلازمة زولينجر-إليسون.

 

من جوانب العلاج Aspects of management

العامة والنوعية General and specific. يُبْنَى التشخيص على الدلائل الشعاعية وعلى التنظير (ومن بينها، يعتبر تشوه بصلة الاثناعشر أكثرها تميزًا)، وعلى وجود أعراض القرحة. ولا داعي لإثبات وجود أُقـْـنـَـة القرحة بالتنظير إلا إذا كان هناك شك في التشخيص. وكما هو الحال في قرحة المعدة المزمنة، تستلزم معالجة قرحة الاثناعشر تعديلات غذائية، وتجنب المهيجات. ولا توجد دلائل على أن تدخين السجائر يؤخر شفاء القرحة، إلا أن تقليل التدخين أو التوقف عنه، غالبـًا ما يؤدي إلى تخفيف الأعراض المستمرة للقرحة، ويُنْقِصُ احتمالات رجعة القرحة بعد شفائها.

وفي الوقت الحاضر، من المهم إجراء اختبار للكشف عن وجود الملتوية البوابية، خاصة إذا كانت الاستجابة للمعالجة الأولية سيئة. وإذا كانت الملتوية البوابية موجودة، فيوصف مسار من الأموكسيلين والميترونيدازول لمدة 2-4 أسابيع.

النكوسات Relapses. تستجيب أكثر حالات النكوس لنظام العلاج القياسي. ولا يوجد دليل على أن ضواد مستقبلات هـ 2 (H2) قادرة على تغيير التاريخ الطبيعي للمرض. وتحدث النكوسات، كما هو متوقع، مع العلاج أو من دونه. وقد يلزم استعمال دورتين أو ثلاث من العلاج في العام (العلاج بين النوبات interval). أما العلاج طويل الأمد، (الصيانة maintenance) باستعمال جرعة ليلية، فيعمل فقط على إبقاء الأعراض كامنة، وظاهريًا يمنع النكوس، إلا أن هناك دلائل على أن العلاج طويل الأمد، قد يخفي القرحة الراجعة، وقد تحدث مضاعفات في أثناء علاج المريض حسب هذا النظام.

العلاج المطوَّل Prolonged therapy. في ضوء المعلومات المتوافرة حاليا، تدور الشكوك حول الحكمة في استعمال علاج صيانة طويل الأمد، فإضافة إلى الأعراض الجانبية غير المرغوب فيها (سجلت حالات تثدي الرجال عند استعمال جرعات عالية من السميتيدين)، فهو غير مقبول دائمًا من المرضى، كما أنه باهظ الثمن. وعندما تصبح السيطرة على الأعراض غير ممكنة إلا باستعمال هذا النظام العلاجي، يصبح تقييم المريض لغرض العلاج الجراحي المنتخب، أمرًا يمكن الدفاع عنه.

تحذير Warning. بما أن مرض القرحة الاثناعشرية قد يمتد طوال حياة المريض، فيجب أن يكون الطبيب راضيـًا ذاتيـًا عن التشخيص. فمريض حصى المرارة يعطي أعراضـًا مماثلة. واستمرار الأعراض عند مرضى قرحة الاثناعشر المزمنة الذين يتلقون علاجًا ولا يستجيبون لمضادات الحمض أو ضواد مستقبلات هـ2 H2، يجب أن يثير دائمًا الشكوك حول مرض آخر يسبب هذه الأعراض، ويجب أن يؤدي لاستقصاء الحالة. أما إذا استجابت الحالة سريعًا للعلاج، فإن إعادة التصوير الشعاعي أو التنظير، يعتبر أمرًا غير مفيد وغير ضروري.

العلاج الجراحي SURGICAL TREATMENT

دواعي الجراحة Indications for operation. يصبح هناك داع لإجراء عملية جراحية عندما لا يستمر الشفاء أثناء العلاج الطبي، أو عندما يكون هناك شك حول التشخيص النسيجي للقرحة. وقد توجد القرحة، في حالات قليلة، في منطقة الغار أو في منطقة قبل البواب. وعند تشخيصها شعاعيـًا لأول مرة، تكون قرحات الغار خبيثة في 10 بالمائة من الحالات، وتكون قرحات قبل البواب خبيثة في 20 بالمائة من الحالات، لذا يجب النظر لهذه القرحات بعين الشك، ويصبح الحصول منها بواسطة التنظير، على خزعات من كل ربع من أرباع القرحة أمرًا واجبـًا. وبما أن الحصول على خزعات من هذه القرحات أمرٌ صعب، ويتطلب اختصاصي تنظير ماهرًا، فعند عدم وجود مثل ذلك الاختصاصي، يجب تسليم أمر هؤلاء المرضى للعلاج الجراحي، وذلك لارتفاع خطر كون هذه القرحات خبيثة. والعلاج الطبي من دون توافر الدليل عن طريق الخزعة، غير مبرر في مثل هذه الحالات.

      لقد هبط عدد العمليات التي تُجْرَىَ في المملكة المتحدة لعلاج قرحة الاثناعشر هبوطًا مفاجئـًا. وتُجْرِي أغلب الوحدات فقط عملية  منتخبة أو عمليتين في السنة. ومع ذلك، ليس هذا صحيحًا في دول العالم النامي. ومن الحكمة ترك مريض قرحة الاثناعشر ليكسب عمليته الجراحية؛ إذ عند إجراء عمليته الجراحية في مرحلة مبكرة من المرض قبل أن يعاني من ألم كبير، وقبل حصول مضاعفة، فهناك احتمال كبير لأن يستاء المريض عندما يواجه عواقب المعالجة الجراحية. وبصورة عامة، إن الحقائق التالية توصي بالحاجة للجراحة، وهي:

1. ألم مستعص intractable، أو ألم راجع، مع كثرة الغياب عن العمل، وإخفاق الاستجابة للعلاج الطبي الكافي.

2. المضاعفات، مثل  تضيق البواب، وتشوه المعدة الشبيه بالساعة الرملية، والثقب أوالنزيف.

3. بصورة عامة، عند تواجد القرحات لمدة خمس سنوات، فإن شفاءها غير محتمل (واتكنسون*). لذلك  كانت مخاطر إجراء عملية جراحية تماثل تقريبـًا مخاطر الإصابة بالقرحة لمدة خمس سنوات.

التقييم للجراحة Assessment for operation. بما أن كلاً من النصح بإجراء العلاج الجراحي، ونوع العملية الجراحية المنتقاة لذلك المريض، والإجراءات الجراحية الإضافية، قد تتأثر بنتائج تقييم المريض، فيجب ملاحظة ما يلي:

1. عمر المريض وجنسه وحالته العامة، بما في ذلك أجهزة القلب والدوران والتنفس والكلى.

2. وجود تضيق البواب والنزيف وقرحات الاثناعشر والبواب مجتمعة والفتق الفرجوي وحصى المرارة واضطرابات المعدة والأمعاء الأخرى.

أهداف العمليات Aims of operations. يهدف العلاج الجراحي إلى شفاء القرحة بأعلى درجات الفاعلية مع أقل المخاطر، وأقل التأثيرات الجانبية. وتنوع العمليات التي تجرى لعلاج القرحة، يثبت عدم وجود اتفاق بين الجراحين.

قرحة المعدة Gastric ulcer. لا تصحب قرحةَ المعدة مستوياتٌ عاليةٌ من إفراز الحمض من المعدة:

1. يهدف العلاج الجراحي التقليدي إلى استئصال المنطقة الحاملة للقرحة مع جزء المعدة المستبطن.

2. تحسين تفريغ المعدة.

3. منع المضاعفات.

4. التأكد من إزالة القرحات الخبيثة، وتجنب حدوث مثل هذه التغيرات في القرحات الحميدة.

قرحة الاثناعشر Duodenal ulcer.

1. تهدف العملية للتقليل من ملامسة الحمض للقرحة وذلك بتحويل مجراه من خلال فغرة، كما في التفاغر المعدي المعوي، أو بإزالة جزء من كتلة الخلايا الجدارية كما في استئصال المعدة، أو بتنقيص منبهات إفراز الحمض بقطع المبهم vagotomy واستئصال الغار.

2. تصحيح الجوانب السلبية للقرحة، مثل تضيق البواب، أو النزيف.

3. منع المضاعفات.

الوفيات Mortality. يبلغ المعدل الوطني للوفيات بعد إجراء عملية استئصال المعدة حوالي 2 بالمائة، ويزداد هذا الرقم في المسنين. وتبلغ الوفيات بعد قطع المبهم وإجراء النزح البسيط 0.75 بالمائة. واستئصال المعدة عملية أصعب ويستغرق إجراؤه وقتـًا أطول.

والعواقب الآنيةُ والبعيدة لعملية استئصال المعدة وعملية قطع المبهم مع تصريف المعدة، مُثْبَتَةٌ الآن جيدًا (انظر لاحقـًا).

العمليات الجراحية Operations

يمكن أن يُفْتَحَ البطن لأغراض جراحة المعدة بواسطة شق جنيب ناصف paramedian. وبعد التحقق من التشخيص، والتأكد من عدم وجود أمراض أخرى، يختلف الإجراء اللاحق باختلاف العملية التي سيتم إجراؤها.

 

عمليات قرحة المعدة  Operations for gastric ulcer

إن العملية التقليدية هي عملية بليروث 1 لاستئصال المعدة الجزئي Billruth-I partial gastrectomy.

التقنية Technique. تُحَرَّك المعدة بفصل الشرايين الرئيسية كما هو موضح في الشكل 44-1، ثم يقص الجزء السفلي متضمنًا المنطقة التي تحتوي على القرحة. وبعدها تُقْفَلُ حافة الجزء المتبقي المقطوعة جزئيـًا، مع الإبقاء على فغرة في طرفها السفلي، تتناسب مع لـُمْعَة الاثناعشر. ويمكن تحريك الاثناعشر باستعمال طريقة  كوخر* مع فصل الصفاق حول الحافة المُحَدَّبَةُ للاثناعشر، إلى درجة تسمح بخياطة المعدة مع الاثناعشر من دون توتير (الشكل 44-26)، ويجب أن يكون حجم الفغرة كبيرًا بالقدر المستطاع.

 

الشكل 44-26 عملية بيلروث 1، يبين الخط المنقط دوران المعدة وتحريك الاثناعشر، ومفاغرة قيد الإجراء.

 

ويعقب عملية بيلروث 1 لاستئصال المعدة الجزئي نسبة رجعة القرحة أقل من 1 بالمائة. ويسمح استئصال القرحة بالفحص النسيجي لإثبات أنها حميدة.

عملية بيلروث 2 لاستئصال المعدة Billroth II gastrectomy . وتسمح مع استئصال جزء المعدة الواقع تحت القرحة الحميدة العالية بصورة ثابتة إلى شفاء القرحة. ويقلل هذا النوع من صعوبة العملية ومن المخاطر المترتبة عليها. ويكون الوضع الغذائي بعد العملية أفضل، عند استعمال استئصال تحفظي.

قطع المبهم ورأب البواب Vagotomy and pyloroplasty وينصح بإجرائها كعلاج تحفظي لقرحة المعدة الحميدة. والحصول على خزعة من القرحة مع إجراء الفحص النسيجي على المقطع المجمد frozen section أمر أساسي لإثبات الطبيعة الحميدة للقرحة. هذا ويجري الآن نقاش حاد حول الأسس النظرية لاستعمال هذه العملية. وباستعمال هذه الطريقة، والطريقة السابقة يمكن إغفال وجود قرحة سرطانية.

قطع مبهم المعدة الداني Proximal gastric vagotomy، وقد تم أيضًا وصفه مع استئصال القرحة. ومن فوائد هذه العملية إحداث درجة قليلة من اضطراب وظائف المعدة، وكذلك تأمين دليل خَزعيّ على طبيعة القرحة الحميدة. وتؤدي هذه الطريقة إلى نتائج معادلة لنتائج استئصال المعدة بطريقة بيلروث 1 أو إلى نتائج أفضل.

 

عمليات قرحة الاثناعشر Operations for duodenal ulcer

العملية التقليدية هي قطع المبهم vagotomy مع نزح المعدة أو من دونه.

قطع المبهم (قطع العصب المبهم) مع نزح المعدة. Vagotomy (vagus nerve section) with gastric drainage. إن لقطع جذع المبهم تأثيرين، وهما إنقاص فرط إفراز الحمض وفرط حركة المعدة جميعـًا. وللأسف، يسبب قطع المبهم أيضًا احتباس المعدة gastric retention. ولذا فإن من الأمور الأساسية تصحيح الاحتباس بعمل نوع من ‘الإجراء النزحي’، مثل رأب البواب أو التفاغر المعدي الصائمي. إضافة إلى ما تقدم يمكن أن يعقب قطعَ المبهم نوباتٌ عَرَضِيَّة شديدة من الإسهال.

والأنواع الرئيسية لقطع المبهم هي كما يلي:

قطع جذع المبهم Truncal vagotomy (الشكل44-27). يُفْتَحُ البطن عن طريق شق جنيب ناصف أيمن، ويُثْبَتُ التشخيص، وتُفحص أعضاء البطن الأخرى، ويتم تحريك الفص الأيسر من الكبد، بفصل الرباط المثلث بالقرب من مرتكزه الكبدي. ويُشَقّ الصفاق على الجانب الأيسر للمريء، ومن ثم يُحَاطُ المريء بالسبابة اليمنى (1) لكي تُمَرَّرُ أنبوبة مطاطية طرية لتستعمل من أجل الشد؛ (2) وكي يتم التعرف إلى جذع العصب المبهم الخلفي، وهو أسمك من جذع العصب الأمامي، فإنه يكاد يقع كلـُّه بعيدًا عن المريء. وعندما يكون المريء مشدودًا، يمكن إجراء بحث شامل عن ألياف العصب الأمامي وقطعها جميعًا، ويجب قطع ما مقداره سنتيمتران من العصب الخلفي.

 قطع المبهم الانتقائي Selective vagotomy (الشكل 44-27). تم وصف هذه العملية كوسيلة للوقاية من الإسهال الذي يحدث بعد قطع جذع المبهم، ولكن المتابعة طويلة الأجل لم تدعم ذلك.

وتؤدي كلاَ العمليتين السابقتين، بعد زوال التعصيب denervation، إلى ركود stasis في المعدة وتشنج البواب، وبذلك يجب أن يتضمن كل منهما إجراء نزح للمعدة (انظر لاحقـًا).

 

الشكل 44-27 تشبيه تخطيطي لثلاثة أنواع من قطع المبهم (1) قص جذع المبهم؛ (2) قطع المبهم الانتقائي؛ (3) قطع مبهم المعدة الدانية (قطع مبهم الخلايا الجدارية أو قص المبهم الانتقائي البالغ). (بول هـ. جوردان Dr. Paul H. Jordan، هيوستن، تكساس.)

 

قطع مبهم المعدة الدانية Proximal gastric vagotomy، أو (قطع المبهم الانتقائي البالغ highly selective vagotomy أو قطع مبهم الخلايا الجدارية parietal cell vagotomy) (الشكل44-27). ويحفظ هذا النوع من قطع المبهم أو يُبْقي على تعصيب البواب. وفي أثناء هذه العملية، يتم تحديد كل من عصب لاتارجيه Latarjet الأمامي والخلفي (الشكل44-3)، وتصل هذه الألياف النهائية إلى الجدار الأمامي للمعدة على بعد 5-7 سم فوق البواب. ويجب المحافظة عليها، وبذلك تتم المحافظة على تعصيب البواب. وتُجَرُّ المعدة الآن إلى اليسار، وتُعَرَّى حنيتها الصغرى ابتداء من فوق نقطة دخول هذه الأعصاب وانتهاءً بفؤاد المعدة. ويتم الآن تحديد الجذوع الرئيسية للعصب المبهم وتسحب جانبًا، ومن ثم يُجْرَى تعرية أسفل 5-7 سم من المريء من الألياف العصبية والأوعية الدموية. ولقد تم تَبَـنـِّي هذه العملية على نطاق واسع، لأنها تسبب حدًّا أدنى من اضطراب فسيولوجية المعدة، وفي نفس الوقت تُنْقِصُ إفراز الحمض والبيبسين بدرجة كافية، وتُشْفي القرحة إلى حدٍّ مقبول. ولا يوجد داعٍ لإجراء نزحي.

البضع المصلي العضلي للحنية الصغرى Lesser curve seromyotomy (تيلور*). يتضمن هذا الإجراء بَضْعًا مصليًّا عضليًا في الجانب الأمامي للحنية الصغرى مصحوبا بقطع مبهم خلفي، أو بَضْعًا مصليًا عضليًا في الجانب الأمامي والخلفي للحنية الصغرى. ويؤدي هذا الإجراء إلى إزالة التعصيب المعدي بشكل مماثل لقطع المبهم في الجانب العلوي من المعدة. ولم يتم قبول هذه العملية عالميـًا، ولكنها من بين الطرق الغازية الصغرى minimally invasive method. وباستعمال التنظير البطني، يمكن إجراء بضع مصلي عضلي أمامي مع قص المبهم الجذعي الخلفي.

 

عملية بيلروث 2 لاستئصال المعدة Billruth-II gastrectomy (الشكل 44-28). يجب التوقف عن استخدامها، وذلك بسبب مضارها، فالوفيات بعد إجرائها مرتفعة، ومراضتها morbidity أعظم (لوصف هذه العملية انظر لاحقـًا).

 

الشكل 44-28 عملية استئصال المعدة نوع بيلروث 2، يغلق الاثناعشر ويوصل الجزء الأول من الصائم ببقية المعدة. (1) العروة الواردة، (2) العروة الصادرة.

لمحة تاريخية Historical

أجرى بيلروث Billruth في فينا خلال شهر شباط عام 1881، أول عملية استئصال للمعدة بنجاح. وفي شهر أيلول من تلك السنة، قدم  ولفلر* Wolfler عملية المفاغرة المعدية المعوية. وتكونت عملية بيلروث الأصلية من قطع المعدة الذي يعقبه إجراء تفاغر معدي اثناعشري (تقنية بيلروث 1) وفي عام 1885، قُدِّمتْ عملية بيلروث-II كعملية تجرى على مرحلتين، وكان ذلك بطريق الصدفة أكثر منه بالتخطيط، إذ أُجْرِيَ تفاغر المعدة مع المعي على مريض على حافة الموت نتيجة سرطان البواب، وخلافًا لما كان متوقعًا تحسنت حالته، فَقـُـطَّ جزء معدته تحت المفاغرة، وسريعًا ما تبين أن استعمال التفاغر المعدي الصائمي يمكن أن يكون أكثر يسرًا وأمانـًا من إجراء بيلروث 1. ويوجد الآن أكثر من 40 تحويرًا لتقنية عملية بيلروث 2. وتشمل التحويرات الرئيسية استعمال مفاغرة خلف القولون أو أمامه، واتجاه التمعج في عروة الصائم، وإجراء فغرة بعرض كامل أو بعرض محدود، مع استحداث ‘صمام’.

 

عمليات نزح المعدة Gastric dainage procedure

وهناك أنواع ثلاثة وهي:

التفاغر المعدي الصائمي Gastrojejunostomy. إن المَلْمَحَ الرئيسي لهذا الإجراء، هو إنشاء تفاغر في أكثر أجزاء المعدة تدلّيا dependent، أي الحنية الكبرى على الجدار الخلفي للمعدة. ويمكن الحصول على أفضل النتائج، باستعمال العملية  الخلفية ذات العروة القصيرة والفغرة العمودية الممتدة إلى الحنية الكبرى (الشكل44-29). ويجب أن تكون الفغرة المستعملة في هذه العملية أكبر من تلك المستعملة عند استئصال المعدة. ولقد دعا كل من دراجستيد Dragstedt وتيلور Taylor لإجراء تفاغر أمامي في المنطقة قبل البواب prepyloric area وذلك لأن نسبة رجوع القرحة أقل، وإن رجعت القرحة، فمن الأسهل التعامل معها.

رأب البواب Pyloroplasty. ويهدف إلى إيجاد نزح حر عن طريق قطع حلقة البواب. ويمكن أن تُجْرى بطريقتين، أولاهما طريقة هاينيك*-ميكولكز* Heineke-Mikulicz، وثانيتهما طريقة  فيني* Finney (الشكل44-30، الشكل 44-31).

استئصال الغار Antrectomy. إضافة لكونه إجراء نزح، فهو يزيل المرحلة الهرمونية في إفراز المعدة، ويجرى فيه التفاغر المعدي الاثناعشري أو التفاغر المعدي الصائمي، وتجرى العملية إضافة إلى قطع المبهم، ويجب أخذ الحيطة للتأكد من استئصال جميع مخاطية الغار، ولذلك يُجْرى استئصال نصف المعدة hemigastrectomy.

 

اختيار العملية لعلاج قرحة الاثناعشر

Selecting the operation for duodenal ulcer

جرت مقارنة نسبة الوفيات ونسبة رجعة القرحة، بعد استعمال أنواع مختلفة من العمليات، كما هو موضح في الجدول 44-3. وتحمل العمليات الصغرى في جنباتها نسب وفيات منخفضة، ولكنها تحمل أيضا نسبا مرتفعة لرجعة القرحات. أما العمليات الكبرى، فمنها مخاطر أكبر على الحياة، ولكنها أكثر كفاءة في شفاء القرحة. وتزداد مخاطر العملية عند الطاعنين في السن، وفي المرضى المصابين بأمراض أخرى، وعند إجراء العملية لعلاج حالة طارئة بسبب النزيف. وفي المقابل، تحمل جميع العمليات الاختيارية مخاطر أقل إذا كان المريض صغير السن وحالته مناسبة.

 

 الشكل 44-29 تفاغر معدي صائمي لمايو، وهو خلفي، عمودي مع عروة قصيرة وخلف القولون.

الشكل 44-30 عملية فيني Finney لرأب البواب، يتم تقريب الاثناعشر والغار المتحاذيين ومن ثم يخاط شق على شكل حرف U مقلوب وذلك لإحداث تفاغر معدي اثناعشري واسع.

الشكل 44-31عملية هاينيك- ميكوليكز لرأب البواب. جرح طولاني لمسافة 6سم، يتم إغلاقه عرضيا بطبقة من خياطة جراحية متقطعة معززة برقعة كبيرة من الثرب.

 

الجدول 44-3 نسب الوفيات، ونسبة رجعة القرحات بعد عمليات قرحة الاثناعشر.

 

نسبة الوفيات

(%)

رجعة القرحات

(%)

تفاغر معدي صائمي

أقل من 1%

40%

قطع مبهم + تفاغر معدي صائمي

قطع المبهم + رأب البواب

أقل من 1%

5%

قطع مبهم المعدة الدانية

أقل من 1%

15%

استئصال ثلثي المعدة

2%

1-4%

- قطع مبهم + استئصال الغار (استئصال نصف المعدة)

1%

1%

 

قطع جذع المبهم Truncal vagotomy زائد نزح هي أكثر العمليات التي تجرى  في يومنا هذا، ولكن تسبب إسهالات بعد قطع المبهم post-vagotomy diarrhoea بدرجة كبيرة في 8 بالمائة من المرضى، وفي درجات أقل فيما يقارب 30 بالمائة من المرضى، وتعتبر من المساوئ الجدية لهذه العملية ولا يمكن شفاؤها.

قطع المبهم الانتقائي Selective vagotomy. وقد حلَّ محلّها الآن قطع مبهم المعدة الدانية.

قطع مبهم المعدة الدانية Proximal gastric vagotomy. تصبح تجربة هولاندر Hollander لاختيار عدم اكتمال قطع المبهم إيجابية خلال سنة في أكثر من نصف المرضى. ويجب عدم إجرائها في حالات تضييق البواب، بسبب التليف (الندبات الليفية). وبالرغم من أن إجراءها دقيق ومضن، إلا أن المرضى يحتملونها بيسر، وفيها لا يُسْتَأصَلُ شيء من المعدة. وأهم النقاط التي تميز هذا الإجراء، هي عدم حدوث إسهال، أو إغراق  dumping، أو قياء الصفراء بعد إجرائها، (وجميعها مضاعفات تتناقض مع العلاج الناجع). وهناك نسب مختلفة لتسجيل حدوث رجعة القرحة، وربما تكون بين 10-20 بالمائة، ويمكن معالجة الرجعة هذه بالعقاقير أو جراحة أخرى، ولا يمثل مأساة للمريض.

استئصال المعدة Gastrectomy. ويجب اعتبارها عملية اجتثاثية ablative، ولا تُمَارَسُ كثيرًا في هذه الأيام في علاج قرحة الاثناعشر. وينظر الآن إلى نسبة الوفيات العالية، وتبعاتها طويلة الأمد باعتبارها ثمنـًا ثقيلاً يدفعه المريض في سبيل علاج آفة حميدة نسبيًا.

قطع المبهم واستئصال الغار Vagotomy and antrectomy. يعتبرهما بعض الجراحين بديلاً معقولاً لاستئصال المعدة، وأقل تشويهًا منها. ونسبة الوفيات بعدها مماثلة لتلك التي تعقب استئصال المعدة (الجدول 44-3)، ولكن عقابيلها طويلة الأمد تعتبر أقل بكثير من عقابيل استئصال المعدة.

 

الجدول 44-4 المضاعفات الموضعية لقرحة الاثناعشر المزمنة.

 

المفاغرة المعدية الصائمية Gastrojejunostomy. إن عدم ذكر القيمة العظيمة لهذه العملية بمفردها في علاج بعض حالات قرحات الاثناعشر أمر يدل على الإهمال. ولقد مورست على مدى هذا القرن، وأعطت نتائج عظيمة لمجموعات من المرضى. ونسبة وفياتها منخفضة. ولكن رجعة القرحة بعدها يزداد على مر السنين حتى يصل إلى 40 بالمائة خلال 25 عامًا بعد العملية. ومع ذلك، فلها قيمة في علاج المرضى الطاعنين في السن (خاصة من النساء)، والمصابين بتضييق البواب، الذين تبقى حموضة المعدة عندهم منخفضة بعد عشرة أيام من غسيل المعدة المتأني الدقيق. وليست النتائج عند النساء جيدة بعد استئصال المعدة من نوع بيلروث 2، ولعلاج قرحة اثناعشرية بسيطة، يجب أن يكون تعريض النساء لهذه العملية نادرًا، إذا لم يكن منه مفر.


 

* ليستر رينولد دراجستدت Lester Reynold Dragstedt، 1895-1975. أستاذ الجراحة، جامعة إلينوي، شيكاغو، الولايات المتحدة الأمريكية.

* سير جيمس بلاك Sir James Black، معاصر. اختصاصي علم الأدوية، معامل ولكوم، كنت، بريطانيا.

* ج. ر. مالاجيلادا J.R. Malagelada، معاصر. اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي، مايو كلينيك، روتشيستر، الولايات المتحدة الأمريكية.

* جيفري واتكنسون Geoffrey Watkinson، معاصر. طبيب متقاعد، ويستيرن إنفيرماري، جلاسجو، أسكوتلندا.

* ثيودور كوخر Theodore Kocher، 1841-1912. أستاذ الجراحة، بيرن، سويسرا.

* توماس فنسينت تيلور Thomas Vincent Taylor، معاصر. مانشستر رويال إنفيرماري، إنجلترا.

* أنتون ولفلر Anton wolfer، 1850-1917. أستاذ الجراحة، براغ، تشيكوسلوفاكيا.

* والتر هيرمان هاينيك Walther Hermann Heineke، 1834-1901. جراح، إيرلانجن، ألمانيا.

* يوهان فون ميكوليكز-راديكي Johann von Mikulicz-Radecki، 1850-1905. أستاذ الجراحة، بريسلاو، ألمانيا (الآن روكلاو، بولندا).

* جون ميلر تيربين فيني John Miller Turpin Finney، 1863-1942. جراح، مستشفى جونز هوبكينز، بلتيمور، ميريلاند، الولايات المتحدة الأمريكية.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة