التضييق البوابي الضخامي عند الرضَّع HYPERTROPHIC PYLORIC STENOSIS OF INFANTS

 

السببيات Aetiology. تحدث هذه الحالة بمعدل ثلاث أو أربع حالات لكل 1000 ولادة، وسببها غير معروف. وقدمت عدة نظريات، ولكن أكثرها قبولاً، هو أن سببها لاارتخائية achalasia (قصور أولي في ارتخاء البواب). وفي نسب قليلة (حوالي 7 بالمائة) من الحالات، يظهر الشذوذ عند عائلات بعينها، وبتكرار أعلى مما يمكن تعليله بعامل الصدفة. وعند هذه العائلات، يحمل أحد الأبوين ندبة عملية أجريت لعلاج تضيق البواب الضخامي عندما كان رضيعًا، وفي حوالي 50 بالمائة، تحمل الأم هذه الندبة. وإذا ما أخذ بعين الاعتبار أن غالبية المصابين من الذكور، فإن هذه النسبة العالية من الأمهات تعتبر متميزة. وفي هذه العائلات وبنفس الطريقة يصاب الأخ في 10 بالمائة من الحالات، وتصاب الأخت في 2 بالمائة من الحالات.

الشكل 44-8 تضيق البواب عند الأطفال الرضَّع. مقاطع طولانية ومستعرضة في المعدة لتوضيح الضخامة العضلية الفائقة. لاحظ الانتهاء المفاجىء.

الشكل 44-9 تمعجات مرئية في حالات التضييق البوابي الضخامي، ومن غير المعتاد أن تكون الموجات التمعجية بهذا الوضوح. (من ألان كارك Alan Kark، لندن.)

 

المرضيات Pathology. يكون عضل الغار البوابي دائمـًا متضخمًا. ويزداد التضخم باتجاه سفلي حتى يصل أوجه في الألياف الدائرية في البواب، وهناك تصل السماكة لدرجة يصبح معها الغشاء المخاطي للبواب مضغوطـًا، وفي كثير من الأحيان لا تسمح اللـُمْعَة إلا بمرور مسبار probe دقيق. وحسب التقديرات المجراة خلال العمليات الجراحية، فإن هناك تناسبًا طرديًا بين حجم كتلة البواب وبين طول زمن الأعراض. وتنتهي الضخامة بصورة مفاجئة، ويكون الاثناعشر طبيعيًا.

الظواهر السريرية Clinical features. تتميز هذه الحالة بأن المولودين الأول من الذكور هم أكثر الأطفال الرضَّع عرضة للإصابة بهذا المرض.

 وتبلغ نسبة ظهور الأعراض ذروتها بين الأسبوعين الثالث والسادس من العمر، ومع ذلك، قد تبدأ الأعراض قبل هذا الوقت، وقد يتأخر ظهورها حتى الأسبوع السابع. ويستند التشخيص على الأمور التالية:

القياء Vomiting وهو العرض الذي يجيء به جميع المرضى، وبعد يومين إلى ثلاثة أيام من ظهوره، يصبح التقيؤ قويـًا وقاذفـًا projectile، ولا توجد الصفراء في القيء، ويصبح الطفل شديد الجوع مباشرة بعد التقيؤ.

التمعج المرئي Visible peristalsis ويظهر بعد إرضاع الطفل، ويعبر أعلى البطن من يساره إلى يمينه (الشكل44-9). ولملاحظتها، يجب توفر إضاءة جيدة، كما يجب مراقبة البطن خلال الإرضاع وحتى يبدأ الرضيع بالتقيؤ.

وجود كتلة Presence of a lump ويعتبر جس البواب المتضخم خطوة أساسية للوصول إلى التشخيص. ويجب أن يقوم الجراح بالجس تحت الكبد، وأن تكون يداه دافئتين، ومن الأمور المساعدة، فحص الرضيع أكثر من مرة. هذا ويصبح الجس أكثر يسرًا عند الإرضاع.

الإمساك Constipation غالبًا ما يكون موجودًا، ويكون البراز صغيرًا وجافـًا ويشبه براز الأرنب، ومن المهم الاستفسار من الأم حول الحفاظات، لمعرفة ما إذا كانت غير مبتلة، لأن ذلك يعني أن الرضيع جفيف dehydrated، وأن الحالة ملحة urgent.

نقص الوزن Loss of weight. وهو من أكبر علامات تضيق البواب  الضخامي وقعـًا على النفس، وأكثرها وضوحـًا، ولن يمر وقت طويل، قبل أن يصبح الرضيع هزيلاً وجفيفـًا.

وفي كثير من الأحيان، تعقب تغييرَ نوع الإرضاع هدأةٌ remission. ولذا يتكرر تغيير الغذاء، مما يسبب التأخر في التشخيص. وعند الوصول أخيرًا للتشخيص الصحيح، تسوء حالة الرضيع المصاب بدرجة تثير الشفقة.

وتحدث هذه الآفة بنسب ليست نادرة عند الرضَّع الخُدَّج premature infants، وفي هؤلاء، تبدو أعراضها متناقضة ظاهريًا. فبدلاً من الشهية النهمة، هناك قهم anorexia. وبدلاً من القياء القوي القاذف، هناك قَلـَـس regurgitation. وفي الأحوال الطبيعية للخدج تظهر تمعجات مرئية، وعندما تظهر كعلامات مرضية فمن المرجح أن تهمل. وفي هذا الخضم الهائل من الظلمات، تظهر صخرة تشخيصية بارزة ألا وهي سهولة جس البواب المتضخم عند هؤلاء الرضع الخدج ذوي البطون غير مكتملة التكوين.

 

التصوير الشعاعي Radiography. يجب الوصول للتشخيص بالفحص السريري الدقيق، لذا فإنه نادرًا ما تكون هناك حاجة للأشعة. وحتى يكون تشخيصيـًا، يجب أن تبين صور وجبة الباريوم تضيقـًا مستمرًا، مع استطالة قناة البواب.

التشخيص التفريقي Differential diagnosis. يجب تفريق تضيق البواب الضخامي من الحالات التالية: (1) نزيف داخل القحف intracranial haemorrhage؛ (2) رَتَق atresia الاثناعشر؛ (3) انسداد معوي عال مثل الانفتال الولادي volvulus neonatorum  (انظر الفصل 50). وفي (1) و(3)، يكون التقيؤ ممزوجًا بالصفراء.

المعالجة Treatment. يعتقد غالبية اختصاصي الأطفال بأن الجراحة هي العلاج الأمثل؛ لأن ذلك يصلح العيب في الحال وبشكلٍ تام، وتصبح حالة الطفل جيدة خلال 24 ساعة. وعند إدخال وليد جفيف، يجب إعطاؤه محلول دكستروز-ملحي dextrose-saline عن طريق الوريد، لاستعادة توازن الماء والكهارل (والشوارد). ويؤدي ذلك إلى تحسن فائق في حالته العامة: إذ تمتلئ العيون الغائرة؛ والوجنات واليوافيخ المنخسفة depressed fontanelle، ويصبح الجلد والغشاء المخاطي الجاف أكثر رطوبة، ويزداد نتاج البول.

 

العلاج الطبي Medical treatment

في الحالات المضاعفة بالخمج In cases complicated by infection، ينصح بالمعالجة الطبية، خاصة في الفم، لأن ذلك يزيد في نسبة حدوث التهابات المعدة والأمعاء في فترة ما بعد الجراحة. وعند السيطرة على الالتهابات، يجب إعادة النظر في أمر الحاجة للمعالجة الجراحية.

في الحالات تحت الحادة In subacute cases يبلغ المريض شهرين من عمره قبل أن تصبح الأعراض واضحة. وإذا قلت ثمالة المعدة gastric residue نتيجة التدبير الطبي، فيمكن توقع الشفاء بوسائل غير جراحية، وإلا فإن المعالجة الجراحية مطلوبة.

 

المعالجة الجراحية Surgical treatment. بعد تصحيح التجفاف، يجب إجراء الجراحة من دون تأخير. إذ إن نسبة الشفاء في الحالات المبكرة، قد تصل إلى 100 بالمائة.

عملية رامستيد* Ramstedt's operation. التحضير الأولي Preliminary preparation. يجب غسل المعدة عدة مرات بمحلول ملحي، ويجرى الغسيل للمرة الأخيرة قبل ساعة من العملية. وتُمَصُّ المعدة مباشرة قبل العملية وتستمر عملية المصِّ هذه خلال العملية. ويحتل منع النافض chilling مكانة كبرى، لذا يجب الإبقاء على درجة الحرارة عالية في قاعة العمليات (27° مئوية)، ويجب لفُّ جسم الوليد بالصوف مع الإبقاء فقط على أعلى البطن مكشوفـًا.

 

          العملية الجراحية Operation. ينصح باستخدام التخدير الموضعي فقط عندما تكون الحالة العامة للرضيع جيدة، وفي حال عدم توافر اختصاصي تخدير متمرس في تخدير الأطفال الرضَّع. ويُفْتَحُ البطن عن طريق شق شبكة الحديد grid-iron incision، في الربع العلوي الأيمن منه. وبعد ذلك، يتم إخراج البواب المتضخم من خلال الشق، ويتم لفه ليظهر السطح العلوي للبواب، ويمكـِّن هذا من اختيار مكان للشق، فيه أقل قدر من الأوعية الدموية. وللتأكد من الحد السفلي للبواب المتضخم، يقوم الجراح بغلف invaginate الاثناعشر حول سبابته. ومن ثم تُشَقُّ المصلية من الحد السفلي المشار إليه وعلى طول الكتلة (الشكل44-10). وبما أن البواب المتضخم شبيه بالأجاص (الكمثرى) غير الناضج في تماسكه، فإنه يمكن شق الغلاف العضلي باستعمال تسليخ كليل blunt dissection. وعند فصل حافتي الشق بملقط شرياني، يبرز الغشاء المخاطي من خلال الفلح cleft الذي تم عمله بالعضلة المتضخمة (الشكل 44-11). ويجب أخذ أقصى درجات الحيطة لعدم ثقب الغشاء المخاطي، وهذا أكثر عرضة للحدوث عند فصل ألياف العضلات المضيقة

 

الشكل 44-10 عملية رامستد Ramstedt's peration.

الشكل 44-11 تظهر العضلات المتضخمة مفصولة، مع بروز الغشاء المخاطي عبر الشق.

الواقعة في أسفل الشق بجانب قبو الاثناعشر (الشكل 44-8). وللتأكد من عدم حدوث ثقب، يجب ضغط بعض الغاز من المعدة إلى الاثناعشر، وإذا تبين وجود ثقب، يمكن إغلاقه باستعمال ثلاثة إلى أربعة خيوط متقطعة من القصابة catgut الدقيقة، ودخول الهواء بحرية من المعدة إلى الاثناعشر، دليل على أن قص العضلات المضيقة كان تامـًا. ويجب أن يكون الإرقاء haemostasis شديدًا ودقيقـًا. وحال انتهاء العملية، يجب إزالة الصوف من حول الرضيع تفاديًا لحصول فرط الحرارة hyperthermia.

المعالجة التالية Aftertreatment. يُعطى الرضيع وجبة لا تتعدى 5 مليلتر بعد ساعة من انتهاء العملية، وبعد ذلك يمكن زيادة حجم الرضعات تباعـًا وبسرعة، وفي العادة، يستعيد الطفل رضاعته بشكل طبيعي خلال 48 ساعة، وإذا لم يحصل القياء خلال ذلك الوقت، فإن الممارسة في أغلب المستشفيات تقتضي إخراج الرضيع من المستشفى خلال مدة 48 ساعة. وإذا تم ثقب الغشاء المخاطي عارضيًا أثناء العملية، يجب عدم إعطاء الرضيع أي شيء عن طريق الفم إلا بعد 48 ساعة.

 المضاعفات Complications.

1. حمى بعد العملية Postoperative pyrexia. وهي شائعة نسبيًا، ولا تؤدي إلى عواقب وخيمة في أغلب الأحيان. وإذا طالت مدتها، تستعمل كمادات فاترة.

2. التهاب المعدة والأمعاء Gastroenteritis. ويمكن التقليل منها بالتنظيف الكامل لكل الأدوات المستعملة للرضع، وعزل الرضيع، وإخراجه إلى البيت في أسرع وقت مناسب.

3. انفتاح الجرح Disruption of the wound، وهو نادر الحدوث، وأكثر عرضة للحدوث في الرضَّع الهزيلين، وقد قلل استعمال الشقوق، من نوع شق شبكة الحديد، من حدوث هذه المضاعفة.

تضيق البواب الضخامي عند البالغين Hypertrophic pyloric stenosis in adults وله كينونة أكيدة. ويمكن تشخيصها خطأ كسرطانة البواب، وعند إجراء تشخيص مؤكد لها، يمكن معالجتها (بنتائج جيدة) بواسطة رأب البواب pyloroplasty، أو بمفاغرة معدية معوية (انظر لاحقـًا). أما إذا كان هناك شك في تشخيصها، فمن الأفضل إجراء عملية بيلروث* نوع 1 لاستئصال المعدة biliroth I gastrectomy. ويُبين الفحص المجهري للعينة تليف الضفيرة العضلية المعوية، (وهذا مغاير للحالة المشابهة عند الأطفال الرضَّع).


 

* ولهلم كونراد رامستد Wilhelm Conrad Ramstedt، 1867-1963. جراح عيادة روفائيل منستر، ألمانيا، أجرى أول عملية بضع لعضلة البواب عام 1911م بالرجوع إلى قيود الكنيسة وجد أن جده قد أخطأ في كتابة اسم العائلة الحرفي (M) وتحول عام 1920 إلى التسمية الصحيحة.

* كريستيان ألبرت ثيودر بيلروث Christian Albert Theodor Billroth، 1829-1894.  أستاذ الجراحة، فينا، النمسا.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة