التهاب الصفاق الحاد ACUTE PERITONITIS

 

تعود جميع ضروب التهاب الصفاق تقريبًا إلى غزو الجراثيم لتجويف الصفاق. وهذه العبارة صحيحة لدرجة أنه عند ذكر مصطلح التهاب الصفاق من دون تحديد، فإن المعنى المقصود هو التهاب الصفاق الجرثومي. وأغلب حالات التهاب الصفاق الجرثومي متعددة الجراثيم polymicrobial، وعادة توجد كل من الأحياء الدقيقة الحيوائية واللاحيوائية. ويستثنى من ذلك التهاب الصفاق الأولي (التهاب الصفاق التلقائي) حيث يشاهد خمج صافٍ بجراثيم عنقودية أو مكورة رئوية، أو مستدمية haemophilus.

الجرثوميات Bacteriology

جراثيم من القناة الهضمية Bacteria from the alimentary tract. عادة يسبب الخمجَ ذريتان two strains أو أكثر. وأكثر الغزاة شيوعـًا هي الأشريكية القولونبة Escherichia coli، والعقديات الحيوائية واللاحيوائية aerobic and anaerobic streptococci، والعصوانيات bacteriodes. وتوجد المطثية الولشية Clostridium welchii بصورة اقل، وأقل منها حدوثًا العنقودية staphylococci، أو الكلبسيلة* الرئوية Klebsiella pneumoniae (عصوية فريدلاندر* Friedlنnder’s bacilli) . والعديد من ذريات الاشريكية القولونية، والعصوانية والمطثية الولشية تنتج سمومًا تسبب علة شديدة أو حتى  الوفاة، وذلك عندما تغزو سطحًا ممتصًا واسعًا (صدمة الذيفان الداخلي endotoxic shock).

العصوانيات The bacteroides. في وقت حديث فقط عرفت أهمية وكثرة وجود العصوانية كمسببة لالتهاب الصفاق. وهذه الكائنات الحية غرام سلبي لابوغية nonsporing، وعلى الرغم من وجودها بكثرة في الأمعاء السفلى، فإنها تَعْـصَى على الاكتشاف، وذلك  بسبب لاحيوائيتها على نحو صارم strictly anaerobic، ولأنها تنمو ببطء في أوساط الاستنبات cultre media، إلا إذ وجد ضغط  كاف لثاني أوكسيد الكربون في جهاز الاستنبات اللاحيوائي  (جيليسبي*). وتلقى المزرعة جانبـًا في كثير من المختبرات إذا لم يكن هناك  نمو خلال 48 ساعة. وهذه الكائنات الحية مقاوِمة للبنسلين والستربتومايسين ولكنها حساسة للميترونيدازول وكليندامايسين ولينكومايسين ومركبات السيفالوسبورين الحديثة. ومنذ أن استعمل الميترونيدازول (فلاجيل Flagyl) على نطاق واسع، فإن اخماج العصوانية bacteriodes infections قد نقصت كثيرًا.

جراثيم ليست من السبيل الهضمي Bacteria NOT from the alimentary tract. من الأمثلة على ذلك، التهاب الصفاق   بالمكورات البنية gonococci وعقدية بيتا الحالـَّـة للدم beta-haemotytic streptococci والمكورات الرئوية pneumococci، والمتفطرة السلية Mycobacterium tuberculosis. ومنذ استعمال الصادَّات antibiotics، فَقَدَ التهاب الصفاق الذي تسببه العقدية بيتا الحالـَّـة للدم العديد من صفاته المميتة والمخيفة. أما عند السيدات والشابات، فإن التهاب صفاق الحوض من خلال أنبوب فالوب* Fallopian-tubes، يشكل نسبة مرتفعة من أخماج الصفاق خارج الجهاز الهضمي، مثلاً بالمكورات البنية والعقدية، ولكن العصوانيات bacteroides توجد أيضـًا بشكل سوي في السبيل التناسلي الأنثوي.

 

مسارات غزو الجراثيم لحيز الصفاق

of peritoneal space Paths of bacterial invasion

          · خمج مباشر

- عبر ثقب في جزء ما من القناة المعدية المعوية.

- عبر جرح نافذ في جدار البطن.

- نتيجة المداخلة الجراحية مثل أنابيب النزح وأنابيب الديال والمواد الغريبة.

          · امتداد موضعي

- من عضو ملتهب مثل التهاب الزائدة والتهاب المرارة.

- هجرة الجراثيم من أوعية أنابيب فالوب.

- عبر جدارالمعي مثل الفتق المختنق.

          · عبر مجرى الدم     

- كجزء من الإنتان الدموي العام.

          وحتى عندما يبدأ التهاب الصفاق ‘المعقم’ (مثل ثقب المثانة داخل الصفاق أو تدمي الصفاق haemoperitoneum)، فإنه سرعان ما يصبح مخموجـًا  بسبب هجرة  الكائنات الحية عبر جدران الأمعاء، ولا يمضي وقت طويل (عادة ساعات) قبل أن يتحول الوضع إلى التهاب الصفاق بكل ما تعنيه الكلمة. وأكثر ثقوب الإثناعشر معقمة في البداية وحتى عدة ساعات، وكذلك تكون كثير من ثقوب المعدة معقمة أولاً، أما ثقوب الأمعاء فعادة  تكون مخموجة منذ البداية. وتزداد نسبة الأحياء الدقيقة اللاحيوائية إلى الحيوائية مع مرور الوقت. وتعكس الوفيات ما يلي:

             ·    درجة تلوث الصفاق وزمنه،

             ·    عمر المريض،

             ·    صحة المريض العامة،

             ·    طبيعة سبب التهاب الصفاق.

 

العوامل الطبيعية التي ترجح توضُّع التهاب الصفاق

Natural factors which favour localisation of peritonitis.

وهذه العوامل إما أن  تكون تشريحية أو مرضية أو جراحية.

التشريحية Anatomical. باستثناء الأحياز تحت الحجاب، فإن كيـس الصفــاق الأعظم greater sac of the peritoneum ينقسـم إلى  الحوض وتجويف الصفاق الأصلي. وينقسم الأخير بدوره إلى جوبتين، واحدة فوق القولون وجوبة تحت القولون وذلك بواسطة القولون المستعرض ومسراقه، وهذا يمنع انتشار الخمج من جوبة إلى أخرى. ولكن عندما تطفح الجوبة فوق القولون، كما يحصل عادة في حالة ثقب قرحة المعدة، فإن السوائل تنسكب عن  القولون المستعرض لتصل إلى الجوبة تحت القولون، أو عن طريق الميزاب جنيب القولون الأيمن right paracolic gutter، لتصل  إلى الحفرة الحرقفية iliac fossa اليمنى، ومنها إلى الحوض. هذا وتساعد الوضعة posture في توجيه تجمعات السوائل إلى الحوض، كما في نظام شيرين* لعلاج التهاب الزائدة المثقوبة (الفصل 52).

المرضيات Pathological. تتحكم الطريقة التي تتشكل بها الالتصاقات حول العضو المصاب بشكل كبير بالمسار السريري ويفقد الصفاق الملتهب مظهره البراق، ويصبح أحمر اللون مخمليًا. وتظهر رقاقات الفبرين fibrin، وتسبب التصاق عُرَى الأمعاء بعضها ببعض  ومع جدار البطن. ويتدفق  السائل المصلي الغني بالكريات البيض والأضداد antibodies، وسرعان ما يصبح السائل عكِرًا، وإذا حصل التوضُّع localizayion يتحول ذلك السائل العكِر  إلى قيح صريح frank pus، ويعاق  التمعج peristalsis في العُرَى المصابة، وذلك يساعد في منع انتشار الخمج إلى عُرَى أخرى غير مصابة، ويشكل الثرب الكبير حاجزًا جوهريـًا مهمـًّا ضد انتشار الخمج، وذلك بتغليفة والتصاقة بالبنيات الملتهبة.

جراحية Surgical. كثيرًا ما تستعمل أنابيب النزح بعد المداخلات الجراحية لتساعد على توضُّع (وخروج)  التجمعات داخل البطن. ولكن قيمتها العلاجية مشكوك فيها. وبعض أنواع أنابيب النزح، مثل المطاط الأحمر، معروف بأنها تسبب زيادة نضح الصفاق وأنها طريق للغزو الجرثومي.

العوامل الطبيعية التي تسبب انتشار التهاب الصفاق

Natural factors which tend to cause diffusion of Peritonitis

هناك عدة عدة عوامل طبيعية تحفز الانتشار وهي:

          · إن نشأة التهاب الصفاق بسرعة أو ببطء عامـل رئيسي في انتشار ذلك الالتهاب. فإذا انثقبت زائدة ملتهبة أو أي حشي مجوف في وقت  مبكـر، قبـل أن تتحرك أي من آليات الحماية، تتدفق محتويات الأمعاء بشكلٍ حر إلى تجويف الصفاق، وهكذا تكاد تنتشر فورًا إلى مناطق واسعـة (الشكل 49-1). ويرافق الثقبَ الأدنى من الانسداد، أو الثقبَ من انفصال تفاغري مفاجئ التهابٌ صفاقي عام، ومعدلُ وفيات مرتفع.

 

(الشكل 49-1 انفجار مفاجئ، خاصة إذا تولد عن استعمال مسهل، فإنه يسبب حدوث التهاب صفاق جرثومي فوري واسع الانتشار.

 

          · يعيق أكل الطعام أو حتى شرب الماء، التوضُّع localization عن طريق إثارة العمل التمعجي peristaltic، ويسبب تناول المسهلات أو استعمال الحقنة الشرجية حركة تمعجية عنيفة، وبالتالي انتشارًا واسع النطاق للخمج الذي لولا ذلك لبقي الخمج متوضِّعـًا.

          · قد تكون فوعة virulence الجراثيم المسببة للخمج كبيرة، لدرجة تجعل التوضُّع صعبـًا أو مستحيلاً.

          · الثرب صغير عند الأطفال.

          · التعامل العنيف غير الحكيم مع التجمعات المتوضِّعة مثل كتلة الزائدة أو خرَّاج حول القولون.

          · نقص المقاومة الطبيعية (العَوَز المناعي) قد ينتج هذا عن العقاقير (مثل الستيرويدات)، والمرض (مثل متلازمة عَوَز المناعة المكتسب AIDS) ، أو سن الرضاع، أو الشيخوخة.

الظواهر السريرية Clinical features

التهاب الصفاق المتوضِّع  Localised peritonitis  يرتبط ارتباطـًا وثيقـًا بالآفة المسببة له، كما أن أعراضه وعلاماته الأولية هي نفس أعراض وعلامات تلك الآفة، وعندما يصبح الصفاق ملتهبـًا ترتفع درجة الحرارة، وترتفع سرعة النبض بصفة خاصة، ويزداد الألم، ويكون عادة مصحوبـًا بالقياء. أما أهم العلامات فهي الاحتراز guarding، والصَمَل rigidity في جدار البطن فوق المنطقة المصابة، مع إيلام ارتدادي release tenderness. وإذا نشأ الالتهاب فوق منطقة الحجاب، فقد يشعر المريض بألم في رأس المنكب (ألم حجابي phrenic pain). أما في حالات التهاب صفاق الحوض الناتج عن زائدة ملتهبة  في موضع حوضي، أو عن التهاب البوق salpingitis،، فغالبا ما تكون العلامات البطنية طفيفة، وقد يوجد إيلام عميق في إحدى الربعين البطنيين السفليين أو فيهما جميعـًا، إلا أن الفحص المستقيمي أو المهبلي غالبًا ما يظهر إيلاما شديدًا نتيجة التهاب الصفاق الحوضي. ومع العلاج المناسب، يشفى التهاب الصفاق المتوضِّع عادة ؛ ويعقب ذلك تكوُّن خرَّاج في حوالي 20 بالمائة من الحالات. وقد ينتشر التهاب الصفاق المتوضِّع في قلة من الحالات. وعلى العكس من ذلك، عندما تكون الظروف مؤاتية، فإن التهاب الصفاق المنتشر قد يتوضَّع، غالبـًا في الحوض وفي أماكن أخرى من تجويف البطن. وقد تبقى كمية كبيرة من الصفراء متجمعة تحت الكبد، وساكنة حتى مرحلة متأخرة.

التهاب الصفاق المنتشر Diffuse peritonitis (مرادف: عام generalised). الطور المبدئي Initial phase. يشعر المريض  بألم شديد يسوء بالحركة أو التنفس. ويحس به المريض أولاً في مكان الآفة الأصلية، ثم ينتشر باتجاه خارجي من ذلك المكان. وقد يحدث  قياء، وعادة يستلقي المريض ساكنًا. وفي الحالات النموذجية يوجد عند الجس إيلام وصَمَل وذلك عندما يمتد الالتهاب إلى صفاق جدار البطن الأمامي. وأما في الحالات التي لا يتأثر فيها صفاق جدار البطن، مثل التهاب صفاق الحوض، أو نادرا التهاب صفاق الكيس الصغير lesser sac، فإن الإيلام والصَمَل يكونان قليلين أو غائبين. وقد يشكو المريض المصاب بالتهاب صفاق الحوض من أعراض بولية، ويوجد إيلام أثناء الفحص المستقيمي أو المهبلي. وقد تسمع أصوات معوية  قليلة لفترة قصيرة ولكنها تختفي عند بداية العِلـَّـوْص الشللي paralytic ileus. ويرتفع النبض تدريجيًا إلا في حالة إغراق الصفاق بسائل مهيج، إذ عندها يكون الارتفاع في النبض فجائيا، وتكون تغيرات درجة الحرارة متقلبة، وقد تكون تحت المستوى الطبيعي.

الطور المتوسط Intermediate phase. ربما يخمد التهاب الصفاق، بحيث ينخفض النبض. ويقل الألم والإيلام تاركًا البطن طريـًّا وصامتـًا silent. (وقد تخدع هذه العلامات المعاين أو المراقب بسهولة). وقد يتوضَّع الالتهاب مؤديـًا لتكون خرَّاج أو أكثر، مع تورم وإيلام فوق المنطقة المصابة.

الطور النهائي Terminal phase. إذا لم يخمد الالتهاب أو يتوضَّع، يبقى البطن ساكنًا وينتفخ (يتمدد) باطراد، وقد ينجم عن ذلك  فشل دوراني مع أطراف  باردة ورطبة، وعيون غائرة، ولسان جاف، ونبض خيطي (غير منتظم)، ووجه قلق مشدوه (سحنة أبقراط* Hippocrates facies) (الشكل 49-2). وفي النهاية يفقد المريض وعيه. وبالتشخيص المبكر والعلاج الكـَفِـيِّ، يندر أن تشاهد هذه النهاية في الممارسة الحديثة للجراحة.

     

الشكل 49-2 السحنة في حالة التهاب الصفاق المنتشر النهائي.

    

المساندة التشخيصية Diagnostic aids. لا تغني الاستقصاءات عن الحاجة إلى التأكيد على دقة أخذ السيرة المرضية وإيجاد العلامات السريرية وهي الإيلام والاحتراز gaurding والصَمَل rigidity مع بطن صامت ينتفخ تدريجيـًا. وليس من الحكمة الاعتماد على عَرَض أو علامة واحدة؛ لأن كل واحدة منها مثيرة  للجدل.

وقد توضح مجموعة من الاستقصاءات تشخيصـًا مشكوكـًا بأمره. ولكنها غالبًا ما تزيد التشخيص لـُـبْـسـًا. وعادة ينتج عن التهاب الصفاق كثرة الكريات البيض leucocytosis  ولكن ذلك  قد يتأخر لعدة ساعات.

رشف الصفاق  التشخيصي Peritoneal diagnostic aspiration. قد يكون مفيدًا، ولكنه عادة غير ضروري.  وبعد رشح جلد البطن بمخدر موضعي، يجرى رشف كل ربع من أرباع البطن بإبرة دقيقة. ويدل الرشف الذي يحتوي على الصفراء على  وجود قرحة معوية مثقوبة. أما وجود القيح  فيدل على  التهاب الصفاق الجرثومي، ويرشف الدم في نسبة عالية من المرضى الذين لديهم نزف داخل الصفاق. وعندما يفشل الرشف، فإن إدخال كمية  قليلة من محلول الملح المعقم مع إعادة الرشف بعد بضع دقائق، قد ينتج سائلاً له قيمة تشخيصية.

صورة البطن الشعاعية A radiograph of the abdomen (الشكل49-3) قد تكشف وجود هواء حر، أو يؤكد وجود عُرَى متوسعة من الأمعاء، مملوءة  بالغاز، مع مستويات سوائل متعددة. وإذا كان المريض عليلاً جدًا بحيث  يصعب أخذ  صورة في وضع منتصب erect لبيان وجود غاز حر متجمع  تحت  الحجاب، يمكن  لصورة  استلقاء جانبية lateral decubitus أن تفي بالغرض بشكل مماثل.

الشكل 49-3 غاز تحت الحجاب في حالة ثقب حر مع التهاب الصفاق. (د.س.ب. .رينولدز، مستشفى لندن، انجلترا.)

قياس الأميليز المصلي Serum amylase estimation قد يؤكد تشخيص التهاب النكرياس، شريطة التأكد بأن القيم المرتفعة للأميليز كثيرا ما  توجد بعد حدوث  كوارث بطنية أخرى وبعد العمليات الجراخية  مثل قرحة الإثناعشر المثقوبة.

تخطيط الصدى Ultrasonography. وهو أكثر الاستقصاءات قيمة في بيان وجود تجمع سوائل أو قيح داخل الصفاق. ويمكن جمعها برشف موجَّه guided aspiration لأي تجمع يوضحه التخطيط.

تفريسة النظائر An isotope scan له قيمة في الحالات الخطيرة بالفعل.

 

المعالجة Treatment

لايمكن التأكيد بقوة كافية، في أية حالة مشكوك بأمرها، أن سياسة المداخلة الجراحية المبكرة تـُـفـَـضَّـل على سياسة ‘انتظر وشاهد wait ansd see’ إذ يموت عدد أكبر من المرضى نتيجة التأخير مقارنة بفتح البطن غير الضروري. وهذه القاعدة صحيحة على وجه الخصوص في حالات التهاب  البطن بعد العمليات الجراحية.

ويتألف العلاج من ثلاثة أجزاء وهي:

             ·   العناية العامة بالمريض،

             ·   تحييد المصدر الموضعي،

             ·   غسل الصفاق.

  العناية العامة بالمريض General care of the patient.  السوائل الوريدية Intravenous fluids. غالبًا ما يكون لدى هؤلاء المرضى نقص في حجم الدم hypovolaemia مع اضطراب في الشوارد (الكهارل). لذا يجب استعادة حجم البلازما، وتصحيح تركيز الشوارد (الكهارل). ولا غنى عن استعمال خط القثطار الوريدي المركزي central venous line لمناطرة استعادة السوائل الدقيقة. وقد تكون هناك حاجة لتصحيح نقص بروتينات الدم، وذلك لأن الصفاق الملتهب يسرب البروتينات بشكل مستمر مفجع. وإذا تأخر شفاء المريض لمدة أكثر من 7-10 أيام، فإن التغذية الوريدية ضرورية.

أنبوبة أنفية معدية A nasogastric tube يتم إدخالها  إلى المعدة التي يجري رشفها. ويستمر الرشف حتى يشفى العِلـَّـوْص الشللي الناتج عن التهاب الصفاق. ويبدأ إعطاء المريض كميات محسوبة من الماء عن طريق الفم عندما تصبح الكميات المرشوفة قليلة. ثم يبدأ بالتغذية عن طريق الفم  تدريجيا إذا ما أصبح البطن لينـًا ومن دون إيلام وعندما يعود صوت الأمعاء لطبيعتة. ومن المهم عدم إطالة العِلـَّـوْص بإغفال هذه المرحلة.

الصادَّات Antibiotics. يمنع استعمال الصادَّات  تكاثر الجراثيم، ويمنع اطلاق الذيفان الداخلي endotoxins. ونظرًا لكون الخمج عادة ممزوجـًا، يمكن مبدئيـًا إعطاء صادَّات وسيعة فعالة ضد الجراثيم الحيوائية واللاحيوائية مع ميترونيدازول metronidazole زرقًا بالوريد.

لائحة توازن السوائل Fluid balance chart  يجب البدء بوضعها فورًا بحيث يمكن معرفة النتاج اليومي daily output من رشف المعدة والبول وتقدير الكميات المفقودة عن طريق الرئتين والجلد والبراز. وبهذه الطريقة  يمكن حساب كمية السوائل اللازم أخذها مع ضمان إعطائها. ويجب فحص مكداس الدم وكهارل الدم، والبولينا طوال  فترة الشفاء.

التسكين Analgesia. ويُمَرَّض المريض في وضع الجلوس، ويفرَّج ألمه قبل العملية الجراحية وبعدها. وحالما يتم تشخيص الحالة، يعطى المورفين  بجرعات صغيرة متكررة لمدة 48 ساعة، ويسمح التحرر من الألم للمريض بالحركة المبكرة، كما يسمح بإجراء العلاج الفيزيائي الكافي في فترة ما بعد العملية الجراحية، وذلك لمنع انخماص الرئة القاعدي basal collapse، وخثار الوريد العميق deep vein thrombosis، والانصمام الرئوي pulmonary embolism.

الأكسجين Oxygen.  وخاصة عند وجود صدمة إنتانية septic shock، قد تكون هناك حاجة لإجراءات خاصة من أجل الدعم القلبي والتنفسي والكلوي. ويمكن أن يساعد إعطاء الأكسجين بعد العملية الجراحية في منع حدوث الصدمة الإنتانية وإبطال مفعول تأثيراتها وخاصة متلازمة الكرب التنفسي الكهولي adult respiratory stress syndrome (ARDS). واذا استمرت قلة الدم oligaemia بالرغم من استعادة السوائل بكمية كافية فقد تكون هناك حاجة لاستعمال الدوبامين dopamine ومدرات البول diuretics.

تحييد المصدر الموضعي Neutralisation of local source. يجب إجراء العملية الجراحية حالما يكون المريض لائقًا للتخدير، وذلك إذا كانت الحالة تستجيب للعلاج الجراحي، مثل ثقب زائدة ملتهبة، أو رتج ملتهب diverticulitis أو قرحة هضمية مثقوبة أو مرارة ملتهبة مُواتية gangrenous أو نادرًا، انثقاب الأمعاء الدقيقة. و يتم هذا عادة خلال بضع  ساعات. أما في حالات التهاب الصفاق الناتجة عن التهاب البنكرياس أو البوق أو حالات التهاب الصفاق الأولي primary الناشئ عن المكورة العقدية أو الرئوية فإن العلاج التحفظي هو الإجراء المفضل (إذا أمكن  تشخيص الحالة بصورة أكيدة).

غسل الصفاق Peritoneal lavage. إذا كانت الجراحة لعلاج التهاب الصفاق العام أساسية، فبعد التعامل مع السبب يجب استكشاف تجويف الصفاق بأكمله بواسطة المحجم sucker، ومن ثم  ينشف البطن بماسحات swabs إذا كان ذلك ضروريـًا، حتى تتم إزالة جميع النضحات المصلية القيحية سseropurulent exudate. وقد تبين أن  استعمال أحجام  كبيرة  من  محلول  ملحي  المشبع  بالصادَّات (1-2 ليتر) فعال جدًا  في تنظيف الصفاق (ماثيسون*).

 

الإنذار  Prognosis.

مع العلاج الحديث، يصحب التهابَ الصفاق المنتشر معــدلُ وفيـات يقدَّر بحوالـي 10 بالمائة، حيث تكون العوامل المميتة هي:

          · سمدميـة جرثوميـة

          · عِلـَّـوْص شللي

          · التهاب قصبي رئوي

          · عدم اتزان الكهارل

          · فشل كلوي

          · تجمعات غير منزوحة

          · كبت نقي العظم

          · تعطل الأجهزة  المتعددة

مضاعفات التهاب الصفاق Complications of peritonitis

إن جميع مضاعفات الخمج الجرثومي الشديد قد تحدث، أما  المضاعفات الخاصة بالتهاب الصفاق  فهي كالتالي:

الانسداد المعوي الحاد الناتج عن التصاقات الصفاق Acute intestinal obstruction due to peritoneal adhesions. ويعطي  عادة ألمًا بطنيًا مغصيًا مركزيًا، مع دليل شعاعي على  وجود مستويات غاز وسوائل air fluid levels، تقتصر على الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة. وهذا أكثر شيوعـًا في حالات التهاب الصفاق المتوضِّع. ومن الضروري تفريق ذلك عن العِلـَّـوْص الشللي.

العِلـَّـوْص الشللي  Paralytic ileus. يعاني المريض عادة من ألم بسيط، وتشاهد عرى مملوءة بالغاز مع مستويات سوائل موزعة في كل الأمعاء الدقيقة والغليظة في صورة الأشعة. وفي حالة العِلـَّـوْص الشللي، تقل أو تختفي أصوات الأمعاء، أما  في حالة الانسداد المعوي،  فتعلو أصوات الأمعاء ارتفاعـًا.

 

 

الشكل 49-4 مواضع شائعة للخرَّاجات الثمالية: (1) تحت حجابي؛ (2) جنيب القولون؛ (3) حفرة حرقفية يمنى؛ (4)  حوضي.

 

          الخرَّاجات الثمالية  Residual abscesses. عادة ما يشغل الخرَّاج المتكون بعد التهاب الصفاق المتوضِّع أو المنتشر أحد الأمكنة المشار إليها في (الشكل 49-4).  وقد تكون أعراض وعلامات التجمع القيحي مبهمة جدًا، وتتألف من مجرد شعور بالإنهاك وفقدان الشهية وفشل النمو. أما ارتفاع الحرارة (غالبًا بدرجة مخفضة) وتسارع القلب وكثرة الكريات البيض والإيلام المتوضِّع فهي أيضًا شائعة. وفي وقت لاحق، قد  تتكون كتلة مجسوسة. وإذا كان الخرَّاج داخل الصفاق مجسوسًا، يجب مناطرته monitored يوميـًا بفحصه بعناية ورسم حدوده على جدار البطن. وفي أغلب الحالات، وبمساعدة الصادَّات، يصغر الخرَّاج شيئا فشيئًا،  ويصبح في النهاية غير مجسوس. أما في حالات أخرى فلا تخمد الخرَّاجات، أو تزداد حجمًا، عندئذ يجب فتحها. وفي كثير من الأحوال، وبعد الانتظار لعدة أيام، يلتصق الخرَّاج بجدار البطن، مما يمكِّن نزحه من دون فتح تجويف الصفاق العام. وأما في حالات الخرَّاجات الثمالية الأكثر عمقـًا، فإن وضع أنابيب النزح عبر الجلد تحت سيطرة التنظير التألقي fluoroscopy أو سيطرة تخطيط الصدى ultrasonographyic control قد يكون فعالاً جدًا. ويجب أن يكون استقصاء النزح المفتوح  لتجمع داخل الصفاق استقصاءً حذرًا وكليلاً blunt بالإصبع للإقلال من خطر حدوث الناسور المعوي.


 

*  ثيودور ألبرخت إدوين كليبس Theodor Albercht Edwin Klebs، 1834-1913. أستاذ الجرثوميات في  براغ وزيورخ وكلية طب راش في شيكاغو، إلينوي، الولايات المتحدة الأمريكية.

*  كارل فريدلاندر Carl Friedlander، 1847-1887. محضر تشريح، مستشفى برلين، فريدركشين، ألمانيا.

* وليام ألكسندر جيليسبي Wlliam Alexander Gillespie، معاصر. أستاذ الجراثيم السريرية (سابقا)، جامعة بريستول، بريطانيا.

* غابرييل فالوبيو (فالوبيوس) Gabriele Fallopio (Fallopius)، 1523-1563. أستاذ التشريح، والجراحة والنبات، بادوفا،  إيطاليا

* جيمس شيرين James Sherren، 1872-1945. جراح، مستشفى لندن ، لندن. بريطانيا.

 * أبقراط، أبو الطب باعتراف الجميع، ولد في جزيرة كوس اليونانية القريبة من تركيا عام 460 قبل الميلاد وتوفي عام 375 قبل األميلاد.

* ن.أ. ماثيسون N.A. Matheson، معاصر. جراح، مستشفى أبردين الملكي، اسكوتلندا.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة