أمراض القلب الصمامية  VALULAR HEART DISEASE

يعتمد عمل الصمامات الأذينية البطينية على سلامة حلقة الصمام ووريقاته leaflets وحباله الوترية chordae tendineae والعضلات الحليمية papillary muscles. ويؤثر الخلل الوظيفي في عنصر أو أكثر من هؤلاء بشكل عكسي في كفاءة الصمام. وتسمح الصمامات الهلالية semilunar للدم بأن يترك البطين في أثناء الانقباض وتمنع قَلـَسه regurgitation في أثناء الانبساط. ويسمح شكل الصمام التكويني بذلك، وقد يؤثر تمزق الوريقات أو الحلقة annulus في عمل الصمام. ولا يسبب صمام القلب في حالته السوية أي إعاقة للجريان الأمامي ولكنه يمنع القَلـَس إلى الجوف الداني (الشكلان 41-6و 41-7).

 

أمراض الصمام التاجي MITRAL VALVE DISEASE

التضيق التاجي Mitral stenosis

التضيق التاجي أحد عواقب الحمى الرثوية rheumatic fever باستثناء التشوهات الولادية النادرة التي تظهر في سن الرضاع. (الشكلان 41-8 و 41-9). وتصبح وريقتا الصمام في أثناء مرحلة الشفاء من الحمى الرثوية ملتصقتين أحدهما بالأخرى في حافتيهما الحرتين بحيث ينسد الصوار commissure. وهذا يضيق فتحة الصمام وينشأ انسداد مجدد عندما تصبح الشرفتان سميكتين وقاسيتين. وقد توجد هناك درجة من القَلـَس إذا لم يتمكن الصمام من الانغلاق في أثناء الانبساط. وهذا أكثر مرض التهابي شائع يصيب صمامات القلب في جميع أنحاء العالم، ولكن النسبة انخفضت في العقود القليلة الماضية، على الأرجح نتيجة جمع من تحسن الإسكان والمعالجة المبكرة للأخماج العنقودية بالصادَّات وربما لتغير فَوْعَة virulence الجرثومة. وتصيب الحالة الحادة جميع أجزاء القلبولكن

 

 

الشكل 41-6 حجرتا القلب اليسراوان كما تشاهدان من اليسار.

التأثيراتِ الدينميةَ الدمويةَ المثابرةَ الكبرى تكون نتيجةَ إصابة الصمامات. والصمام التاجي أكثر صمام يصاب، وتصاب والموجودات المرضية الخاصة هي سماكة شرفات الصمامات مع دمج الوريقات والأوتار.

 

الشكل 41-7 تغيرات الضغط في جهة القلب اليسرى. الوسمات الرأسية على فترات 0.2 ثانية.

 

دينميات الدم Haemodynamics. ينسد عبور الدم من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر ويرتفع الضغط في داخل الأذين الأيسر. ويرتفع الضغط في الأوردة والشعيرات الرئوية، وإذا زاد عن الضغط الجرمي oncotic pressure، تحدث وذمة رئوية حادة. وبمرور الوقت، يتم وقاية الرئة بتقلص الشُرَيـْـنات الرئوية الدانية. ولكن ذلك يؤدي إلى ازدياد العبء على البطين الأيمن الذي يفشل بالنهاية. ويؤدي ارتفاع الضغط الوريدي المجموعي إلى وذمة محيطية peripheral oedema.

ومن مضاعفات التضيق التاجي الخطيرة حدوث الرجفان الأذيني artial fibrillation. وقد ينبيء ذلك عن حدوث الأعراض وقد يؤهِّب تضخم الأذين الأيسر إلى تكوُّن الخَثَرة thrombus.

الشكل 41-8 تضيق تاجي رثوي وخيم أحدث فوهة ‘فم السمكة’. لاحظ الأذين الأيسر المتوسع والسميك. (Professor M.J. Davies.)

 

الشكل 41-9 الصمام التاجي ينظر إليه من جهة الأذين الأيسر (يسار) وفي مقطع طولاني (يمين). (أ) الصمام سوي ومتحرك ويفتح على مصراعيه في الانبساط. (ب) الصوارات دمجت ولكن الشرفات ما زالت مرنة والأحبال سليمة. تتوتر الشرفات في بداية الانبساط بشكل مفاجيء (ما يدعى ‘صكة الانفتاح opening snap’)، يدخل الدم عبر الفوهة الضيقة محدثًا نفخة ملعلعة، ويغلق الصمام مع صوت أول مرتفع. وبَضْع الصِوار commissurotomy فعال سواء أكان ببضع صمام جراحي مغلق أم توسيع بالوني أو عملية مفتوحة. (ج) الصمام صلب ومتكلس والآلية مثل القـُمـْع. استبدال الصمام هو الحل العملي الوحيد.

الظواهر السريرية Clinical features. ربما تكون هناك علامات قصور قلبي أيمن وقد يكون النبض غير منتظم إذا حدث رجفان أذيني. وقد تبين أصوات القلب صَكـَّة الانفتاح opening snap إذا كان الصمام ما زال مرنـًا، وتُسمع في التضيق التاجي الصرف نفخةٌ انبساطية متدحرجة rumbling diastolic murmur. وقد يكون عنصر P في صوت القلب الثاني عاليًا بناءً على وخامة فرط الضغط الرئوي.

 

الشكل 41-10 الصمام التاجي. الأبهر والبطين صغيران نسبيًا نتيجة تدني النتاج القلبي المزمن. الأذين متوسع وقد يرجف ويصبح راكدًا ويحتوي على خثرة. ويمتلئ البطين من نافورة هائجة يمكن كشفها كنفخة انبساطية أو هرير في القمة.

 

الاستقصاءات Investigations. تصوير الصدر الشعاعي Chest radiography. يكون حياط الأبهر aortic صغيرًا والشريان الرئوي بارزًا. ويتضخم الأذين الأيسر (وأحيانًا إلى درجة ضخمة) ويبدو البطين الأيمن متضخمًا أيضًا. ويستثنى البطين الأيسر إذا لم يكن هناك مرض في الصمام الأبهر ويكون حجمه سويًا أو صغيرًا (الشكلان 41-11، 41-12).

تخطيط كهربائية القلب Electrocardiography. يؤدي تضخم البطين الأيمن إلى مركب QRS طويل في اتجاهات leads البطين الأيمن (ارتفاع Q و R مجتمعين > 30 مم في الاتجهات V1-V3). وقد تكون موجة P مثلومة أيضًا بصورة مميزة (P تاجية) إذا كان هناك نظم جيبي sinus rhythm. ويكون في التضيق التاجي طويل الأمد رجفانٌ أذيني، ولا تشاهد موجات P.

دواعي الجراحة Indications for surgery. تستدعى الجراحة للأعراض الوخيمة التي توجد عادة إذا كان فارق الضغط

 

الشكل 41-11 صورة صدر شعاعية لتضيق صمام تاجي طويل الأمد تبين أذينـًا أيسر هائلاً.

الشكل 41-12 الضغوط في القلب الأيسر في الصمام التاجي. S1 وS2 هما صوتا القلب الأول والثاني؛ OS هي ‘صكة الانفتاح opening snap’. تمثل المنطقة المظللة فرق الضغط عبر الصمام.

عبر الصمام (أثناء الانبساط) 10 مم زئبق أو أكثر. وتستدعى الجراحة أيضًا لوقاية مستقبل المريض تحت ظروف معينة، حتى إذا لم يكن المريض يشكو. وتحدد إنذارَ المريض وخامةُ التضيق وحجمُ الأذين واستهلالُ الرجفان الأذيني وارتفاعُ ضغط الشريان الرئوي، وخطورةُ الانصمام embolism غير متوقعة من أذين رجفاني كبير. وتحمل العملية درجة خطورة متدنية خاصة إذا لم تكن هناك حاجة لاستبدال الصمام، وتكون احتمالات النجاح كبيرة وبالتالي يتحسن الإنذار prognosis.

ويفضل تجنب الجراحة في أثناء الحمل ولكنها قد تكون ضرورية إذا لم يستطع القلب القيام بالأعباء المفروضة عليه. وقد تكون صمامات أخرى مصابة ويجب تقييم أهميتها الملائمة بالنسبة لحالة المريض. والعمر ليس من موانع الاستعمال ولكن خطورة الجراحة تزداد بتقدم العمر. وقد يستفيد الصمام المرن المتحرك من بَضْع الصمام بالبالون baloon valvotomy ولكن عودة التضيق محتملة. وتحتاج الصمامات القاسية المتكلسة إلى استبدال.

 

القَلَس التاجي Mitral regurgitation

إن أي مرض يؤثر في سلامة جهاز الصمام (الحلقة والوريقات والحزم الوترية والعضلات الحليمية) يؤدي إلى القَلـَس التاجي. وهناك أسباب عديدة ولكنها يمكن أن تصنف بشكل عام تحت أربعة عناوين:

1. تنكسي (صمام رخو-تنكس مخاطي في الوريقات)

2. إقفاري (تمزق العضلات الحليمية)

3. رثوي (وريقات صلبة لا تستطيع المصاقبة coapt).

4. التهاب شغاف القلب endocarditis (تدمير الوريقات بعملية الخمج).

ويمكن تحمل درجات القَلـَس البسيطة. وحتى القَلَس الوخيم الذي يتطور ببطء قد يسبب عجزًا بسيطًا (الشكل 41-13). ويقذف البطينُ الدمَ إلى أذين أيسر مطاوع كبير، وقد يتأثر الضغط الشعيري الرئوي بدرجة قليلة. وتوجد هناك نفخة انبساطية شاملة pansystolic murmur فوق القمة وقد لا تكون هناك علامات أخرى إذا تطورت العملية ببطء وتكيف البطين الأيسر إلى عبء الحجم المفروض عليه. ومن ناحية ثانية، لا يتم تحمُّل القَلـَس التاجي الحاد بدرجة جيدة لأن الأذين صغير وقد يصاحبه إقفار في عضلة البطين اليسري (مثلاً، مع تمزق العضلات الحليمية). وقد توجد عندئذ دلائل سريرية وشعاعية على وجود وذمة رئوية حادة.

 

الشكل 41-13 دينميات الدم في القَلـَس التاجي. هناك نفخة انقباضية شاملة مرتفعة ويتضخم الأذين الأيسر. ويتضخم البطين الأيسر كعاقبة لحجم العبء القاصي.

الشكل 41-14 مثال على مناطرة الضغطين البطيني الأيسر والأذيني الأيسر المتواقتين في مريض قَلـَس تاجي.

 

الاستقصاءات Investigations. تخطيط كهربائية القلب Electrocardiography. ولا يساهم هذا في التشخيص بالرغم من إمكانية وجود تضخم بطيني (الشكل 41-14).

تصوير الصدر الشعاعي Chest radiography. ربما تكون هناك ضخامة القلب cardiomegaly ومجالات رئوية مكتظة plethoric (الشكل 41-15).

تخطيط صدى القلب Echocardiography. ويوثـِّق ذلك التشخيصَ ويقيـِّم درجة القَلـَس.

دواعي الجراحة Indications for operations. قد يشكو المرضى الذين لديهم دينميات دموية متشابهة من أعراض متباينة جدًا وتشمل الدواعي الحاسمة الأعراض الوخيمة وفرط ضغط الدم الرئوي والتهاب شغاف القلب endocarditis العصىِّ على السيطرة. وحتى في المرضى اللاأعراضيين، فقد يكون من المهم إجراء العملية وقايةً للمستقبل إذا بدأ البطين الأيسر في التوسع. والهدف هو المحافظة على الصمام، ولكن إذا لم يكن بالمستطاع جعله كفِـيـًّا برأب الصمام الجراحي، فإن من الضروري استبداله.

 

الشكل 41-15 مظاهر تصوير الصدر الشعاعي في القَلـَس التاجي.

 

عمليات الصمام التاجي  Mitral valve operations

بَضْع الصمام التاجي المغلق Closed mitral valvotomy. كانت هذه عملية الصمام الأول التي أجريت بشكل شائع والتي فرَّجت انسداد التضيق التاجي بشكل فعـَّال متواتر. ويتم الوصول للقلب عن طريق بَضْع صدر أيسر، ويوضع خيطان صاران في قمة البطين الأيسر وفي الزائدة الأذينية اليسرى. ويتم إدخال إصبع في زائدة الأذين الأيسر ويقيم الصمام التاجي بجسِّه مباشرة. ويُغـْـرَز موسِّعٌ خاص (تَبْز*) عبر قمة البطين الأيسر وعبر الصمام التاجي (الشكل 41-16). ويفتح الموسِّع وتفصل الصِوارات commissures المندمجة. وقد يحصل بعض القَلـَس، وربما تطلب الأمر إعادة العملية بعد 10-15 عامًا. وللحصول على أفضل النتائج، يجب أن يكون الصمام مرنًا كما يتم الحكم عليه سريريًا بالصوت الأول وصكة الانفتاح opning sanp العاليين، ولكن يستعمل الآن دائمًا تخطيطُ صدى القلب ذو البعدين. ومعدل الوفاة بالأيدي المتمرسة يقل عن 1 بالمائة. ويندر أن تجري العملية الآن في البلدان المتطورة لأنه يمكن تحقيق نتائج مماثلة ببَضْع الصمام ببالون خلال الجلد percutaneous balloon valvulotomy (الشكل 41-17).             

 

الشكل 41-16 موسِّع تَبْز Tubbs لبضع الصمام التاجي المغلق.

 

التصليح المفتوح Open repair. المفضل حاليًا إجراء بَضْع صمام مفتوح مع المجازة القلبية الرئوية تحت البصر مباشرة. وهذا يسمح بقطع الصوارات بدقة أكبر. ويمكن تصليح الصمام في القَلـَس بعدة أساليب تعتمد على المرضيات المستبطنة. ويمكن تصحيح توسع الحلقة برأب الحلقة الدائرية annuloplasty ring (الشكل 41-18). كما يمكن تصليح الوريقتين المدمرتين بتامورٍ ذاتي واستئصال النسيج المتدلي مع التصليح المباشر لضمان تصاقب الوريقتين. كما يمكن تقويم الحبال والعضلات الحليمية. وهناك توجه نحو محاولة الحفاظ على صمام المريض نفسه ولكنه يستبدل إذا لم يكن تصليحه ممكنًا.

الشكل 41-17 بَضْع صمام تاجي بالبالون خلال الجلد. أدخل بالون INOVE خلال الوريد وعبر الحاجزين الأذنيين. وبمجرد عبوره خلال الصمام التاجي ينفخ البالون.

الشكل 41-18 تصليح الصمام التاجي باستخدام رأب كاربنتير* للحقلة Carpentier annuloplasty. منظر جراحي للتصليح بعد إتمامه. (بإذن من FRCS, A. Morday.)

استبدال الصمام Valve replacement. لقد أدخلت تعديلات عديدة على استبدال الصمامات منذ بدء استعماله في الخمسينيات. وهناك صنفان رئيسيان لاستبدال الصمامات: حيوي وميكانيكي.

الصمامات الحيوية Biological valves. إن أكثر صمام يشيع استعماله هو صمام خنزيري محفوط بالجلوتارالديهاد، الذي يمتطي حلقة وإطارًا مُعَدَّيْـنِ للخياطة، وله دينمياتٌ دموية شبيهة جدًا بالصمام البشري، ولكنه يتنكس بمرور الوقت. وفائدته الكبرى أنه لا يحفز التخثر ولذلك لا يلزم إعطاء مضادات تخثر. ومداه الزمني المحدود وعدم حفزه للتخثر يجعلانه مناسبًا للمرضى المسنين. والدواعي الأخرى تشمل السيدات في سن الحمل وأولئك الذين يُمْـنـَعون من استعمال الوارفرين. وفي هذه المجموعات يصبح استبدال الصمام ضروريًا خلال 10-15 عامًا.

وتستعمل الصمامات البشرية (الطعوم المثلية homagrafts أحيانًا في المرضى الصغار سنًا ولكن توزيدها محدود والعملية أصعب تقنيـًّا.

الصمامات الميكانيكية Mechanical valves. هناك ثلاثة تصاميم شائعة الاستعمال (بيورك* وستار* ): القفص والكرة cage and ball، والقرص المائل tilting disc  وذو الوريقتين bi-leaflet (الشكل 41-19). ومساوئها الرئيسية هي أن عناصر الصمامات تحفز التخثر، لذلك يحتاج المريض إلى مضاد تخثر مجموعي، عادة وورفرين. وهذا يعرض المرضى طوال حياتهم إلى اختبارات دم وأدوية ومضاعفات خطر النزف الدائم (داخل الدماغ والرعاف والنزيف المعدي المعوي). ويتعرض جميع المرضى الذين لديهم صمامات بديلة إلى خطورة حدوث التهاب الشغاف endoiarditis.

 

نتائج المعالجة Result of treatment

إن معدل الوفاة الجراحية في استبدال الصمام المنتخب تعادل حوالي 5 بالمائة (الشكل 41-20). ويعتمد ذلك بشكل كبير على حالة عضلة القلب وحالة المريض العامة (بما في ذلك عمره). وأيُّ مرضيات مرافقة مثل التهاب الشغاف وأمراض القلب الإقفارية تزيد الخطورة.

 

الشكل 41-19 مجموعة من أنماط الصمامات: (أ) خنزيري؛  (ب) صمام قرصي؛ (ج) ذو وريقتين bileaflet؛ (د) كرة وقفص. (من Disorders of the Cardio vascular sysatem، Edward Arnold.)


 

*  أوزوالد سيدني تبز Oswald Sidney Tubbs. جراح سابقًا، مستشفى سانت بارثولوميو، لندن، المملكة المتحدة.

*  آلان كاربينتير Alan Carpentier، معاصر. جراح، مستشفى بروسيه، باريس، فرنسا.

*  فيايكينج بيورك Viking Bjِrk، معاصر، جراح سويدي.

*  ألبرت ستار Albert Starr، معاصر. أستاذ الجراحة، جامعة أوريجون، بورتلاند، الولايات المتحدة الأمريكية.

 

العصبية
الصدرية
القلبية
الوعائية
الهضمية
الغدية
الجلدية
الجهاز الحركي
البولية التناسلية
العينية
الانتانية
الثدي
المناعة و غرس الأعضاء
علم الأورام
آفات العنق
الجراحة - أساسيات
أسنان و لثة
مواضيع طبية متنوعة
اليد
القدم
الوجه
الخدين
اللسان
الفكان
الأنف
الأذن
الغدد اللعابية
البلعوم و اللوزات
الحنجرة